الخطاطة الموصلية فرح عدنان احمد :
قمت بخط السورة الكريمة (العلق) لأنها اول نداء سماوي يأمر بالعلم
صبحي صبري
مرت الايام والسنين واصبحت الطفلتان الموصليتان فرح وجنة من ابرز الخطاطات في العالم الاسلامي وفي عام 1994 كان لي لقاء مع الخطاطة الموصلية الكبيرة فرح عدنان احمد عزت في اللجنة الاستشارية للثقافة والفنون في نينوى ، حيث اجريت لها لقاءاً مطولاً عن احدى لوحاتها التي وضعت لها عنوان (سورة العلق) ونشر في الصفحة الاخيرة من جريدة (العراق) بتاريخ 20/9/1994 و فيما يأتي نص اللقاء :
• حدثينا عن لوحة سورة (العلق) ؟
- قبل اكثر من عام وبهذا الكم من الكتابات الدقيقة من دون استعمال عملية اللصق والتجميع في الخطوط وانما انجزتها على ورقة كبيرة وبأبعاد (1×1) م وكان اختياري لسورة (العلق) في كتابتي لها ، جاء نتيجة ما لهذه السورة من اثر كبير في نفسي ، لأنها تتكلم عن (الاداة) التي تستخدم في فنون الخط وهي تقول :
(علم بالقلم) وللقلم فضل كبير في نقل الافكار الانسانية الى الاخرين عن طريق التدوين . .
• وماذا عن هذه الانتقالات الخطية والمؤطرة بالزخرفة ؟
- علاقة انواع الخطوط وربطها مع بعضها ، هي علاقة ليست لها سابقة بين الخطاطين ، فأردت من خلالها ان امزج كل ما هو جميل وكأنني انتقي من كل بستان اجمل الزهرات وأصفها بتنسيق في سلة واحدة ، والحركة فيها تعكس افكاري في فلسفة الخلق والتكوين عموماً ولاسيما ان الآية الثانية والثالثة من السورة المتمثلة في بداية اللوحة والمكتوبة بخط الثلث فهي تتكلم عن الخلق ذاته، فالخلق عمل والعمل حركة فعلاقة الحركة ليست فقط شكلية ، او لونية او نوعية، وحسب بل هي انعكاس على معظم الاشياء الموجودة في هذا الوجود ، اما عن استخدامي الزخرفة فهي ليست للزينة فقط وانما لتؤدي اغراضا وظيفية معينة كل حسب موقعها في اللوحة ولونها واسلوبها .
• وشكلها الخارجي يبدو مختلفا عن باقي اللوحات المتعارف عليها ، لماذا ؟
- قمت بتنفيذها بهذا الشكل لكي لا يمل منها المشاهد الكريم لدى عرضها لذا اعطيتها هذا الشكل غير المنتظم ولكنه في رأيي (حلو) مستخدمة فيها كتابة خط الاجازة وهذا النوع من الخطوط له جماليته الكامنة في اتباع المعنى من خلال الفن وهذا ما يلاحظه المشاهد من خلال البسملة وكلمة (اقرأ) التي اردت خطهما بهذه الطريقة لعدة اعتبارات اولا التأثير الكبير في نفوس المسلمين لأنها تعتبر اول نداء سماوي يأمر بالعلم وثانيا لأنها تجذب المشاهد وتقول له من بعيد تعال واقرأ . .
• ولماذا قمت بكبسها على مادة الخشب ؟
- ان المتعارف عليه هو حفظها في اطار خشبي او في اطار زجاجي ، ولكن للزجاج مساوئ فنية كثيرة فهو يقلل من حدة الالوان والاظهار ، فضلا عن انعكاساته وقابليته السريعة على الكسر فحاولت ان اجد تقنية معينة تلائم اظهار جمالها شكليا وذوقياً ولونياً ، فلم اجد غير هذه الطريقة وعمدت على كبسها حفاظا عليها من التأثيرات المناخية وعوامل الزمن . .
وقبل ان نختتم هذا اللقاء لابد ان نشير الى ان هذه اللوحة كانت الفائزة بجائزة مهرجان بغداد الدولي الثاني للخط والزخرفة الاسلامية الذي اقيم في بغداد خلال العام الحالي وكما ان فرح قامت بتصميم وخط كتابة طابع بريدي عراقي متداول.. وان الطابع قد اختير من بين احدى لوحاتها التي شاركت بها في مهرجان بغداد الدولي الاول للخط المقام في العام 1988 واقتصرت الخطاطة فرح في تصميمها للطابع على الكتابة دون الرسم . وبتشجيع من والدها باشرت بتعلم فن الخط منذ الطفولة مع شقيقتها جنة ودرست فن الخط العربي على يد اساتذة كثيرون في الموصل ومنهم حازم عزو ويوسف ذنون وابراهيم المشهداني وسواهم وحرص والدها لأخذها مع شقيقتها الى اسطنبول في عام 1973 لتتلمذ على يد شيخ الخطاطين (حامد الامدي) وكذلك اصطحبها الى مصر للقاء بعميد الخط العربي (سيد ابراهيم) حيث حصلت على الشهادة في الخط العربي من الاستاذين الكبيرين ابراهيم والامدي وهي بعمر (13عاما) ويعد هذا سابقة لأوانها وفريدة من نوعها لأول فتاتين موصليتين عربيتين تنالا الاجازة في الخط من عمالقة فن الخط العربي وهما بعمر (13 و 10 سنوات)، وشاركت في معارض مدرسية وفازت بالجوائز الاولى ومن ثم بمعارض عربية ودولية ومنها في تونس ومصر وتركيا والامارات وايطاليا وكذلك مشاركتهما في مهرجانات الخط الدولية الاربعة المقامة في بغداد في الثمانينيات والتسعينات وتخرجت الخطاطة فرح في القسم المدني / المعهد الفني التكنولوجي في الموصل ثم واصلت دراستها في كلية الآداب قسم الترجمة الفرع الانكليزي في جامعة الموصل وزارت بصحبة والدها المتاحف الخطية والفنية والاماكن الحضارية مثل تركيا ومصر والاردن وسوريا والامارات واليونان وانكلترا والولايات المتحدة الامريكية واليابان وهونك كونك وتايلاند والقت الخطاطة فرح عدة محاضرات في الخط العربي والزخرفة على طلبة القسم المعماري في كلية الهندسة بجامعة الموصل وكذلك على طلبة القسم المدني في المعهد الفني التكنولوجي لمدة 6 سنوات ومنحت اجازة في الخط الكوفي لإحدى الطالبات وهي المهندسة المعمارية حليمة احمد والقت عدة محاضرات في جمعية الخطاطين العراقيين في الموصل وفي بغداد وفي اربيل وفي الاردن منفردة مرة ومرة اخرى مشتركة مع زوجها الفنان والخطاط المبدع عمار الرفاعي الذي اقترنت به في العام 2000 ولها منه ولد اسمته عدنان تيمنا باسم والدها الراحل عدنان احمد عزت .