كتاب جديد صدر في الأردن للدكتور حكمت الحلو
صبحي صبري
ما هو النوم .. هل هو سحر يتجدد فيه الأنسان، أم أنه استراحة وهدنة في مواجهة الحياة و أعبائها ؟.. ما هو الحلم .. و لماذا نحلم ؟ و ما الفرق بين حلم اليقظة و حلم المنام ..؟ هذه الاسئلة و سواها، يطلعنا عليها الكاتب المعروف في المجالات النفسية و الاجتماعية الدكتور حكمت الحلو في كتابه الجديد (سيكولوجية النوم و الأحلام) الذي صدر حديثاً عن دار زهران في العاصمة الأردنية عمان ، الكتاب تضمن تساؤلات عدة حول النوم و الأحلام ، و في بداية الكتاب نقرأ كلمة الاهداء ، التي جاء فيها :
(هذا أثرٌ مني ، أرجو أن يبقى يذكركِ
بأبيك إبنتي الطبـيـبة إسراء)
و نستل مما جاء في مقدمة الكتاب التي كتبها أستاذ علم النفس الدكتور حكمت الحلو :
النوم آلية جسمية نفسية تحصل بصورة دورية منتظمة ومتكررة، فتنتظم معها بنفس الإيقاع كل الاستجابات الفسيولوجية عند الإنسان ، وتمتاز هذه الآلية بالسكون الظاهر، والنقص الكبير في الإحساس بالبيئة المحيطة مقارنة بحالة الصحو؛ وقد بدأت الدراسات التجريبية للنوم مدعومة بالأجهزة والمعدات المتطورة لاسيما جهاز رسم الدماغ ( EEG) Electroncephalograph منذ خمسينيات القرن الماضي، واستطاعت هذه الدراسات أن تقدم نتائج باهرة في مجال مستويات الوعي وحالاته المتغيرة، وكيفية حدوث النوم ، ومستوياته ، والأحلام وآلياتها ؛ فضلاً عن المعلومات الفسيوليوجية الغزيرة التي اكتشفت بدءاً بالموجات الدماغية ، وحركات العين ، وتوتر العضلات، والنشاط الهرموني والعصبي الذي يحصل أثناء وقوع النوم.
ومعلوم أن النوم يساعد على التقليل من الإجهاد النفسي والبدني الذي يتعرض له الإنسان أثناء اليقظة من حركة وعمل وتفكير إذ يقلل من مستويات هرمون الإجهاد ، وهذا بدوره يساعد على الاسترخاء وخفض ضغط الدم لاسيما وأن الإنسان الحالي مثقل ومجهد بضغوط كثيرة قد تؤدي كلها الى تقليص فترات النوم أو تجعل منها فترات غير مريحة وبالأخص إذا قلّت مدتها عن خمس ساعات يومياً، فقد أشار أغلب الباحثين في هذا المجال الى أن عدم كفاية النوم له علاقة بارتفاع الكوليسترول وضغط الدم المسؤولين عن الإصابة بالأزمات القلبية وحدوث الجلطات المميتة ، ففي دراسات كثيرة خرجت النتائج إلى أن الأشخاص الذين لا يحصلون على كفايتهم من النوم تزيد لديهم احتمالات الوفاة بأمراض القلب بأكثر من ضعفين ..
من فضائل النوم الكثيرة أنه يعمل على صيانة الجسم وترميمه، فالجسم يتعرض خلال اليقظة لأضرار عديدة سببها الإجهاد البدني والنفسي والملوثات التي يتعرض لها ، لذلك فهو بحاجة إلى الصيانة والترميم ، وهذا لا يتم إلاّ خلال النوم إذ ينتج الجسم جزيئات من البروتين تساعد على إصلاح الجسم، كما يقوم بتعديل توازن الهرمونات مثل الكورتيزون Cortisone ذلك الهرمون الرئيسي الذي ينظم الجهاز المناعي والخلايا التي تساعد الجسم في محاربة السرطان ، وكذلك هرمون الميلاتونين Melatonin الذي يعمل على منع تدمير الحامض النووي (DNA) وإبعاد شبح السرطان لاسيما لدى العاملين ليلاً بصورة مستمرة ، وكذلك هرمون الاستروجين Estrogen الذي يؤدي بطء إنتاجه إلى نمو الأورام في الثدي والرحم لدى النساء.
و يضيف الدكتور الحلو في مقدمة الكتاب :
من فضائل النوم الأخرى المهمة والكبيرة هو النشاط المخي وبدرجات مختلفة تبعاً لكل مرحلة من المراحل التي يمر بها الإنسان في نومه ، فقد تأكد الآن أن النوم يفيد في مساعدة الدماغ على أداء وظيفته بشكل جيد ويساعد في تحويل الخبرة الى ذاكرة لاسيما خلال فترة النوم العميق الذي يلعب دوراً مهماً في تنمية دماغ الإنسان ، وتتجلّى أهمية ذلك في فترة الاستعداد للامتحان، وفي هذا الصدد يقول البروفسور مايكل سترايكر M.Strieker من جامعة كاليفورنيا: لو أن الطالب راجع دروسه جيداً حتى ينال منه التعب ، ثم ينام فإن المخ سيستمر في العمل أثناء النوم بنفس الطريقة ، كما لو أن الطالب بقي طوال الليل يردد ما درسه.
والنوم بلا شك يحسن الذاكرة وينشطها ولذلك فعندما نحرم أنفسنا من النوم فإن ذلك يؤدي الى صعوبة في التركيز في الدراسة أو في حل المشكلات أو حتى التحدث بشكل جيد مع الناس ، لذلك فالنوم يقضي على أية صعوبات من هذا النوع إذ يعمل الدماغ بشكل أفضل أثناء النوم ويربط الذكريات المتناسبة ببعض ويقوم بتخزينها.
أما عن الأحلام ، يقول الدكتور حكمت الحلو :
الأحلام فهي عالم فريد وواسع وغرائبي يدخله النائم عندما يخلد الى النوم فتنفتح أمامه الكثير من الأسرار والأبواب الموصدة ، ويدخل في أحداث شتى يصعب تفسيرها أو فك رموزها ، ففي الحلم يتغير إحساس الحالم بالزمان والمكان ويأتي بأفعال قد لا يتسنى له الإتيان بها وهو في يقظته ، وقد تستغرق بعض الأحلام ساعات لكنها في الحقيقة ليست أكثر من ثوانٍ معدودة ، ورغم أن العلم قد توصل الى كشوفات متقدمة في هذا المضمار خصوصاً بعد معرفة ما يجري أثناء نوم حركة العين السريعة ، وتسجيل نشاطات المخ وبعض أجهزة الجسم أثناء النوم إلاّ أن الواقع مازال يؤشر قصوراً واضحاً في سبرغور الأحلام ، وفي تحديد بعض مفاهيمها ومعطياتها، ومازالت الحصيلة النظرية والعملية المتعلقة بها قليلة ، وغير مقنعة في بعض الأحيان وتكتنفها التقديرات والتخمينات التي لا يصمد بعضها أحياناً عندما يشتد الجدل ، ويحتدم النقاش.
و الكتاب هو محاولة للولوج إلى عالمي النوم والأحلام ، وتقوم هيكليته على فصلين ، اشتمل الأول على النوم، وتوزعت موضوعاته على مباحث ستة تناولت موضوعة النوم بشكل عام ، ثم دورة النوم ، وساعاته ، ونوم المرأة ، واضطرابات النوم ، وانتهى الفصل بمبحث عن التنويم المغناطيسي وما يتعلق به.
أما الفصل الثاني : فقد تألف من مباحث ثلاث تناولنا في الأول موضوعة الحلم من مختلف الجوانب، ثم عرضنا الرؤيا من وجهة نظر دينية ، وأنهينا الفصل بمبحث عن أحلام اليقظة...
*صورة غلاف الكتاب و صورة الدكتور حكمت الحلو ، بعدسة : محمد عبدالرحمن
للعودة إلى الصفحة الرئيسة