الكتاب العشرون للشاعر معد الجبوري
صبحي صبري
أما ما يتوج منجز الجبوري هذه الأيام فهو كتابه العشرون الذي حمل عنوان (من أوراق الضفة الثالثة - لقطات من الذاكرة) وهو كتاب النثر الأول للشاعر الذي يشير إلى تواصل حضوره في واجهة المشهد الثقافي العراقي والعربي، ويعزز من رسوخ أسلوبه، عبر بصمات صوته المتفرد الخاص.
أصدرت هذا الكتاب الجديد مؤخرا جامعة الموصل ضمن سلسلة الكتاب الجامعي، تحت رقم 63 عن دار ابن الأثير للطباعة والنشر، في ( 268 ) صفحة من الحجم الكبير ( 24×17سم ) وضم ما جادت به ذاكرة الشاعر معد الجبوري من لمحات مشهده الثقافي ومسيرته في الإبداع، عبر دراما الحياة الثقافية التي عاشها، وما تمخضت عنه من رؤى وأحداث وأسماء، خلال أكثر من أربعين عاما. وفي الكتاب توزعت صفحات الذاكرة على أحد عشر مشهدا متنوعا، هي:
1- تجربتي الإبداعية: نص دون عكازات.
2- ملتقى المبدعين الكبار: مهرجان أبي تمام في الموصل 1971
3- مع الإعلام والصحافة في الموصل قبل 40 عاما.
4- حضور وبصمات: كلمات في أصدقاء مبدعين أيام الاحتفاء بهم.
5- من صفحات السفر.
6- من ملف الأيام الساخنة.
7- من أوراقي المطوية.
8- ظواهر لا تكف عن الانتشار.
9- من أصدقائي المبدعين: مشهد الذاكرة والحاضر.
10- قره قوش في الذاكرة : من الغاطس البعيد إلى الإبداع الجديد.
11- مع الراحلين الكبار من أصدقائي الأدباء والفنانين.
هذا .. وانطوى كل مشهد من مشاهد (أوراق الضفة الثالثة) للشاعر معد الجبوري على لقطات عديدة، اتسمت بالإيجاز وتوخي الإيصال، وبأسلوب كاتبها الشاعري الجميل.
**
ـ يا جيرة الحدباء
من المعروف عن الشاعر أبي تمام أنه وليَ أواخرَ حياته بريدَ الموصل، فاستقرّ في المدينة وتوفي ودُفِن فيها.. وحين ألقى الشاعر العراقي حافظ جميل قصيدته في الأمسية الشعرية الأولى لمهرجان أبي تمام الشعري الذي أقيم قي الموصل عام 1971 قدمها بقوله إنه يشترك مع الشاعر أبي تمام في أنه كان يعمل في بريد الموصل فترة من الزمن.
ولأنَّ الشاعر يحمل ذكريات جميلة عن مدينة الموصل، وحنينا إلى ربوعها ، فقد ناجاها وأهلها في مقطع طويل من قصيدته، معلنا أنه كان يؤثر أن تطول إقامته فيها حتى تحينَ وفاتُه. وكان الشاعر حافظ جميل معروفا بغزلياته، فاستهل قصيدته بغزل آخر، هو غزل بالمدينة التي أحبها:
يا جِيرةَ الحدبــاء ، أيّ معرَّةٍ / إن قلتُ : أعشـقُكمْ وأيّ ملامِ!
عشتُ السنينَ بأرضِكمْ لم أدَّكِرْ / غيـــرَ الرِّضا والحبِّ والإكرامِ
نادمتموني ، والشـــبابُ نديَّـةٌ / أيامُــهُ ، كالزهـرِ فـي الأكمامِ
كم كنتُ أوثرُ أن تطولَ إقامتي / ما بينكـمْ حتى يحيـنَ حِمامي
سأظلُّ أذكرُكمْ وأطري فضلَكمْ/ والشاهداتُ مِن السنين أمامي
يا ملهمَ الشعراء، ما قد دبَّجُوا/ في شـعرِهمْ ، مِن ذلكَ الإلهامِ
نمْ في ثرى الحدباء أنجب بقعةٍ / ضمَّتْ رفاتَكَ ، يا أبــــا تَمَّـامِ
والقصيدة ـــــ الأغنية، تقول:
يا خيـرَ ما أجنتِ الأغصانُ والكتُــبُ
يا مُشتَهى كلِّ نفسٍ مسَّها السَّغَبُ
يا بُـرءَ كلِّ فـؤادٍ ، شــفَّهُ الوصـب
يا تيـنُ يا تـوتُ يا رُمَّانُ يا عنـبُ
**
عودة الى الصفحة الرئيسة