نستذكره في الذكرى الأولى لرحيله
صبحي صبري
المخرج المسرحي الفنان شفاء العمري ينتمي إلى الرعيل الأول من الفنانين المبدعين في نينوى تمتد تجربته إلى أكثر من نصف قرن ، قضاها على خشبة المسرح ممثلاً ومخرجاً في مسرحيات جادة رصينة لمؤلفين عالميين وعرب وعراقيين ..عندما تجلس معه تجد أن المسرح بلغته الخاصة يغلب على لسانه ، ويُعَد همه الأكبر.
جلسنا معه ولم يكن هناك مسرح ولا عمل مسرحي ولا صالة ولا جمهور، لكننا عشنا في لقاء سريع هذا الجو مع الفن الأصيل، في التعرف على بداياته فتحدث عنها كمن يقاوم ألما بذكرى حبيبة، فقال:
- المصادفة وحدها هي التي قادت خطاي، وهي خطوات شاب يافع طري، الى قبول تحد جديد لم أكن اعرف قدرتي على تنفيذه ولا صمود تجربتي فيه، ذلك هو تحدي التمثيل في نادي الفنون عام 1963.. تلك التجربة نزعت اعتراف زملائي الجدد بموهبتي ورفعتني إلى مرتبة عضو في الفرقة ذاتها..
هكذا غرقت في مياه المسرح التي ما أزال أعوم لأنجو منها.. زد على ذلك أنني كنت من عشاق السينما وروادها في الأربعينات والخمسينات، حيث تعلقت بعمالقة ونجوم السينما وتعلمت منهم تحديث وتطوير تجربتي..
أديت أدواراً مبكرة منها دور (الجلبي) في المسرحية الشعبية الموصلية ( اللي ما عندو فلس) وهي من تأليف الكاتب الراحل سامي طه الحافظ وإخراج الفنان علي احسان الجراح.
* وكيف تحولت من ممثل إلى مخرج؟
- التمثيل مع حب المسرح دفعاني إلى تنمية ثقافتي المسرحية وثقافتي العامة من خلال القراءة ومشاهدة العروض ودراسة النظريات وقواعد المسرح وكيفية نقل تلك النظريات إلى الخشبة، على أيدي أساطين المسرح العراقي: ابراهيم جلال وبدري حسون فريد وسامي عبد الحميد وبهنام ميخائيل وجاسم العبودي وسواهم. فكونت صداقات فنية ثقافية معهم ، ولكثرة تداخل هذه الاهتمامات عنَّ لي أن أتحرك بضع خطوات على الخشبة لأتحول من ممثل إلى موجه.
بهذه الطريقة تحولت إلى مخرج وبدأت مع المسرحيات الشعبية الموصلية، ثم أغنيت تجربتي بالنصوص العالمية المختلفة الكلاسيكية والملحمية والواقعية، موازنا بين المدارس المسرحية وخصوصياتي، وكانت لي تجارب مع (أوديب ملكا) و(الاستثناء والقاعدة) و(في انتظار اليسار) ثم انتقلت إلى المسرح الشعري ليقوم ما يشبه الثنائي الفني بيني وبين صديق عمري الشاعر معد الجبوري الذي أخرجت له أبرز ما كتب من مسرحيات شعرية.، اضافة الى اعمال مؤلفين عرب مثل معين بسيسو
• ما هي احب اعمالك المسرحية الى نفسك ؟
- اعمالي كلها احبها الا ان لمسرحية ( الزير سالم ) وهي من تأليف الفريد فرج مكانة خاصة في نفسي .. وقبل ان افترق عنك يا صديقي اود ان اضيف الى هذا الحديث الحميم معلومة صغيرة ، هي انني انجزت قبل ايام مسرحية بعنوان ( قصة حديقة الانسان ) ضيفتني فيها دائرة السينما والمسرح وقدمتها باسم الفرقة القومية للتمثيل ، حيث قدمت هذه المسرحية على مسارح الموصل والعاصمة بغداد ولاقت نجاحاً كبيراً ..
*الصورتان هما من مسرحية (قصة حديقة الإنسان) التي أعدها المخرج الراحل العمري عن مسرحية (قصة حديقة الحيوان) تأليف ادوارد البي ، وهي من مسرح اللامعقول ويظهر فيهما الفنان الراحل علي إحسان الجراح بدور (بيتر) و محمد العمر بدور (جيري) و هذه المسرحية هي أخر ما أخرجه المخرج الراحل شفاء العمري للمسرح الموصلي و العراقي .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة