ازهار و نباتات برية في حناجر باعة جوالين
صبحي صبري
الطبيعة الخلابة في أم الربيعين تجود بنباتات عطرية و برية كثيرة عرفت طريقها الى الاستخدامات المختلفة الطبية منها و الحضارية و أصبحت سما منذ بواكير القرن العشرين المنصرم .. لعدد من الباعة المتجولين الذين يحملونها في أكياس و حمالات خاصة مصنوعة يدوياً مما تجود به الطبيعة من نباتات ايضاً ..
هؤلاء الباعة كانوا يجولون في أزقة و شوارع الموصل القديمة لعرض بضاعتهم و التعريف بفوائدها و لأننا افتقدناهم هذه الايام و غابت عنا نداءاتهم الجميلة .. فقد توجهنا إلى جارنا في الحي الذي نسكنه وهو الحاج محمود يونس الطائي البالغ من العمر (72) سنة بأسئلة تعيد إلى الذهن تلك الحيوية لجزء من الطب الشعبي والاعشاب المفيدة .. وقد حدثنا اولاً عن الباعة أنفسهم ، قائلاً :
_ من أصحاب المهن التي انقرضت أو هي في طريقاها إلى الزوال والتي كان يمارسها بعض المواصلة وهم باعة السعد الذي كانوا يطوفون أزقة و شوارع مدينة الموصل و ينادون على بضاعتهم التي كانوا يحملونها (بعلائق) خاصة و يبيعونها بمكيال لا يزيد على (كمشة) وهي ما تسعة راحة اليد .. بالنقود او البدائل كالخبز و البيض و المؤنة .. و ربما كان قسم منهم يحمل عليقة أخرى يضع فيها البجنجل كانوا يجمعونه من الغابات و البراري كنتاج للصيف الذي مضى ، ومن أصحاب المهن الفلكلورية الاخرى باعة النرجس و الجمبد البلدي و الشقيق أي (شقائق النعمان) و الطق طقيق و الكركيما و علك الغزال و الحاج كبي و الطين خاوا و البيبون الذي يستخدم لمعالجة أمراض الشتاء كالزكام و حميات البرد و لأوجاع المعدة .. حيث كان هؤلاء الباعة يفترشون أرصفة الشوارع كشارع غازي بالقرب من مصرف الرافدين و في منطقة السرجخانة ببضاعتهم أو يتجولون في الأسواق المكتظة بالناس وفي الاحياء الشعبية .
*وماذا عن مادة الحاج كبي ..؟
_ الحاج كبي يا جاري العزيز هي قريبة الشكل من البطاطا أو الكماة و تستخرج من باطن الأرض في أيام فصل الربيع و كان يستعملها المواصلة بعد تجفيفها و تقطيعها و طحنها ناعماً لغسل الألبسة الصوفية لاحتوائها على مادة قلوية كما يقول أهل العلم.. تزيل الاوساخ التي من الصعب أزالتها بالصابون العادي.
*اخيراً يحدثنا الحاج محمود يونس الطائي عن ورد الجمبد البلدي و فوائده .. فيقول :
_ الجمبد البلدي (الروز) يجلبه الباعة من ضواحي مدينة الموصل القريبة و المليئة بالبساتين و خاصة جمبد ضاحية كرمليس الشهير برائحته العطرة الزكية حيث كان يستخدمه الموصليون لتعطير الثياب بعد غسلها و توضيبها في الصناديق المخصصة لحفظ الملابس ، فتؤخذ هذه الورود و توضع في أكياس تصنع خصيصاً لها من الخام الرقيق لتنفذ منه رائحة عطرة فتعطر الألبسة كما يصنع من الجمبد البلدي (الروز) ماء الورد بطريقة التقطير والذي يستعمل في مناسبات عديدة ما يزال بعضها ماثلاً في أيامنا هذه .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة