صبحي صبري
في مقهى البجاري الواقعة بالقرب من مبنى المتحف الحضاري بالموصل و تحديداً في الحادي عشر من شهر كانون الاول لعام 1985 .. جلست مع الشاعر الموصلي المعروف عبدالمحسن عقراوي و اجريت معه حواراً ، سألته فيه عن بدايته مع الشعر و ما اصدره من دواوين شعرية .. فضلاً عن أجمل قصيدة كتبها و أحب الشعراء الى نفسه و طموحه في الحياة .. و قد نشر هذا الحوار في الصفحة الثقافية لجريدة (القادسية) بتاريخ 21/11/1985 ..
اليوم اعيد نشره هنا في (بيت الموصل) اعتزازاً و تقديراً لشاعرنا الموصلي الراحل عبدالمحسن عقراوي ، و فيما يأتي نص الحوار :
يعد الشاعر عبدالمحسن عقراوي من شعرائنا المعروفين في العراق ، له عدة دواوين شعرية أصدرها ما بين 1976-1985 وهي: (حصاد الليالي، هشيم الغربة، ملحمة كلكامش، شواطئ العمر).. إضافة إلى مجموعتين شعريتين مشتركتين، وستصدر له ستة دواوين شعرية هي: (شذا السنين، لهيب الدم، صلوات العيون، أشرعة الوجد، أنفاس عاشقة، أوراق منسية)؟
ويعكف الآن على كتابة ملحمة شعرية تزيد على خمسين ألف بيت تتضمن تاريخ الأمة العربية منذ فجرها حتى اغتيال الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.. متخذا من سيرة رسول الله الكريم (محمد) صلى الله عليه وسلم، محورا لها وقد قدم الشاعر الجزء الأول منها للطبع.. وكان لنا معه هذا الحوار
* الكثيرون لا يعرفون عن بداياتك شيئا.. كيف بدأتَ مع الشعر؟
- بدايتي مع الشعر كانت منذ الخمسينات عندما كنت طالبا في المرحلة الإعدادية، والقابلية عندي على كتابة الشعر تكونت منذ الطفولة فقد كنت استمع إلى الأغاني وأحاول تقليدها بعفوية ثم اكتشفت أن هذه الرغبة هي الشاعرية والقابلية على قرض الشعر، فكتبت عدة قصائد بعد تشجيع أساتذتي لي، وأخص بالذكر منهم أستاذي الشاعر ذو النون شهاب.
* هل تذكر أول قصيدة كتبتها، وأين نُشرتْ؟
- نعم وهي قصيدة كتبتها، وأنا طالب في الصف الرابع الإعدادي، واذكر مطلعها:
أملَ السقيم وكعبةَ النسَّاكِ إن الحيـاة جهنم ، لولاكِ
وبعد تصحيحها من قبل أستاذي ذو النون الشهاب، نشرت في (المستقبل) النشرة المدرسية التي كانت تصدرها الثانوية الشرقية عام 1955 تحت عنوان (بين شاعر وشاعرة).
* هل تأثرتَ بشاعر معين؟
- أجل، كان هذا في بداياتي فقد استهوتني المدرسة الرومانسية، والشعراء: (علي محمود طه، واحمد زكي أبو شادي، والدكتور إبراهيم ناجي، ومحمود حسن اسماعيل، وإيليا أبو ماضي.. وغيرهم) وأخذتُ أسير على منوال هذه المدرسة حتى الآن.
كما كنت معجبا وأنا شاب بالشعر الثوري الذي كان يكتبه الشاعر سليمان العيسى، فقد كنا نقرا له ديوانه (رمال عطشى) و (مع الحب) و(شاعر وراء الجدران) رغم أن هذه الدواوين كانت محظورة من قبل السلطات في ذلك العهد.
* ألم يخطر في بالك أن تكتب مسرحية شعرية؟
- الشعر المسرحي جميل ، وهذه الفكرة تراودني، من حين إلى آخر
وسوف أنفذها قريبا إن شاء الله.
* أصدرت دواوين عديدة.. أيها أقرب الى نفسك؟
- ليس هنالك مجموعة أو قصيدة أقرب من غيرها إلى نفسي، فانا أعيش كل قصائدي مثلما أعيش همي اليومي ولكن ديواني الأول (حصاد الليالي) هو كالولد البكر الذي يفرح به أبواه، فقد فرحت به كثيرا عندما رأى النور عام 1976
*القصيدة ماذا تعني عند عبد المحسن عقراوي؟
- القصيدة عندي ترجمة لتجربة معاناة أعيشها وأفرغها على الورق فلكل قصيدة قصةٌ عشتها، وهمٌّ قاسيته.
* عبد المحسن يحب مَنْ مِن شعراء الجاهلية، ومِن المعاصرين؟
- طرفة بن العبد من الجاهلية، ومن المعاصرين: بدوي الجبل ونزار قباني
* لنبتعد عن أجواء الشعر ونسألك: ماذا تحب في الحياة وماذا تكره؟
- أحب البساطة والصراحة والنقاء، وأكره ما يتنافى مع ذلك.
* والطموح؟
- أن أصبح شاعراً ..
اخيراً لابد ان نشير الى ان الشاعر الراحل عبدالمحسن حسين محمد أيوب العقراوي ، ولد في مدينة الموصل و بمحلة شعبية تدعى (عمو البقال) عام 1938 ، أكمل دراسته الابتدائية و الاعدادية في الموصل ، ثم دخل كلية الاداب بجامعة بغداد عام 1958 الا انه لم يكمل دراسته الجامعية لظروف قاهرة جعلته ان يترك مقاعد الدراسة الجامعية ليصبح موظفاً في معمل الغزل و النسيج الحكومي بالموصل ، و عمل محرراً في جريدة (الثورة) ثم محرراً في مجلة (الف باء) و محرراً ادبياً في مجلة (الطليعة) الأدبية و محرراً ايضاً في مجلة (الجامعة) التي كانت تصدرها جامعة الموصل .. وفي عام 1995 غادرنا الى دنيا الاخرة بعد معاناته مع مرض عضال..
الصورة الشخصية للشاعر الراحل عبدالمحسن عقراوي هي بريشة : الفنان التشكيلي سعد نجم*
للعودة إلى الصفحة الرئيسة