صبحي صبري
حل الربيع على ارض ام الربيعين .. و تفتحت أمنا الارض بساطاً أخضر و أزهاراً ملونة ، وانداح الشقيق و الصفو صفير و البيبون على امتداد السهول والمنحدرات ، و تهيأت عوائل الموصل مرة أخرى لهذا المناخ الخاص ، جوياً و نفسياً ، ففي الربيع تتفتح السفرات الى مناطق محددة ، قرب النهر و عيون المياه و الغابات و الشلالات و الدير متي و تحت أشجار الزيتون في بحزاني و بعشيقة و الفاضلية ، بحثاً عن الهواء الطلق و الشمس والجو المفتوح ..
وفي الربيع ، تأخذ العوائل معها قوت السفرة المكون من النواشف مثل كبة البرغل الشهيرة (بالكبة الموصلية) و عروق التنور و الدولمة والبطاطا المسلوقة و البيض و اللحوم مع الطرشي و المخللات والخضراوات و الكرزات مثل حب (القغع) و حب (الشمزي) و (حب الشمس) ، و تنصب النار على ثلاثة حَجرات و يوقد خشب او حطب جمعته العوائل من أشجار الغابات .. ثم يسخن الطعام و بعده توضع السماورات و المناقل لشوي الكباب و التكة والمعلاق (السود و سمان و غاس الافاد ) و القواري و يعد الشاي .. شاي السفرات الذي له نكهة خاصة طيبة ، خاصة عندما يتناوله المرء في حضن الطبيعة ..
و ينتشر الاطفال والشبان للعب بالكرة و الريشة و قفز الحبال ، بينما تتقارب مجاميع العوائل مع بعضها و تتعارف وتعقد اواصر صداقة متينة ربما تتطور إلى الزواج و المصاهرة ، ففي السفرات تنشأ اواصر قربة جديدة ، و غالباً ما تنعقد علاقات فرح في الهواء الطلق ، على انغام الطبل و الزرنة بمصاحبة الدبكات الشعبية بأزياء الموصليين الفولكلورية ، ليس من قبل فرق فنية محترفة و انما من قبل العوائل المطمئنة الى بعضها كما لو انها في بيت واحد ، هذا هو الربيع .. ربيع السفرات ، ربيع الاستراحة ، يبدأ مع بواكير الصباح و مع اطلالة الشمس و ينتهي مع الغروب حيث تنسحب العوائل تباعاً من احضان الطبيعة و الشلالات وعيون المياه و أشجار الزيتون .. فالموصل تعيش يومها في حضرة جمال الربيع و سحر الطبيعة الزاهية الملونة .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة