يصدران في مصر
صبحي صبري
بالامس كنا قد عرضنا عدداً من الكتب التي قام باصدارها ادباء وكتاب وفنانون موصليون معروفون مثل ، كتاب ( الموصل قبل نصف قرن . . . مشاهد وذكريات) للاستاذ الدكتور سمير بشير حديد وكتاب (منافحات استدلالية في الانتصار للقرآن الكريم ) وكتاب (تجليات معاصرة في ثقافة العربية الاسلامية) لمؤلفهما الاستاذ نايف عبوش وكتاب ( العنوان في شعر معد الجبوري) الذي هو اطروحة دكتوراه فلسفة في الادب العربي للدكتورة اخلاص محمود عبدالله وكتاب ( الخط العربي في اضاءات موصلية ) للباحث الخطاط باسم ذنون وكتاب ( الخروج الى الشمس ) للفنان المسرحي رائد معد. .
واليوم نتناول عرض كتابين جديدين لاستاذ علم النفس الدكتور حكمت الحلو اللّذَينِ صدرا مؤخرا عن دار النشر للجامعات في القاهرة ، الاول بعنوان ( مشكلات الاطفال السلوكية في البيت والمدرسة ) الذي يقع في ( 200 ) صفحة من الحجم الكبير ، يقول الدكتور حكمت الحلو في مقدمة الكتاب : الكتاب هو جهد علمي متواضع يضاف الى جهود باحثين اخرين ادلوا بدلوهم في هذا المجال ، آمل ان يسد ثغرة ويكون اضافة مهمة يغني المكتبة العربية ويكون عونا لكل اب ومربٍ ومعلم وهم ينهضون بمهمة تربية ابناءهم من النشء الجديد ، وقد سعيت الى ان يكون هذا الكتاب مركزا في طرحه ومنظما في تقديمه ، وقد توزع على اربعة فصول رئيسية تصدر كل فصل منها عرض لواحدة من مراحل النمو في الطفولة وفقا لترتيبها :
اولا: مرحلة الرضاعة (مرحلة المهد) من سنة - سنتين
ثانيا: مرحلة الطفولة المبكرة (مرحلة الحضانة ورياض الاطفال) من ثلاث سنوات – خمس سنوات
ثالثا: (مرحلة الطفولة الوسطى ) من ست سنوات – ثمان سنوات
رابعا: (مرحلة الطفولة المتأخرة ) من تسع سنوات - اثنتا عشرة سنة
ثم عرضت فيما بعد مشكلات كل مرحلة من هذه المراحل، اذ طرحت كل مشكلة وشخصت اسبابها ، وقدمت الاساليب العلاجية المناسبة لها ، وقد تم التوسع في طرح بعض المشكلات زيادة عما تقدم تبعا لاهمية المشكلة ، عندما وجدت ان الحاجة تقتضي هذا التوسع .
اما الكتاب الثاني فقد حمل عنوان:
(قراءات سيكولوجية في النمو الخلقي) ويقع الكتاب في (110) صفحة من الحجم الكبير ايضا . . وفي مدخل الكتاب كتب الدكتور الحلو كلمة موضحا فيها ما يتضمنه الكتاب ، بقوله : لكل مجتمع قيمه الخلقية التي اتفق افراده على صحتها وعلى ضرورة تطبيقها والالتزام بها ، ولضمان ذلك فقد وضعت قوانين خاصة تحكم اسلوب التطبيق وتعاقب الخارجين على هذه القيم ، كما ان في كل مجتمع اعرافا وتقاليد يلتزم الافراد بتطبيقها دونما حاجة الى القانون وقوته ، وهذه القيم والاعراف والتقاليد يتعلمها الفرد منذ نعومة اظفاره ، فهو يستدخلها ويستدمجها باستمرار، ثم يقوم بتعميمها على حالات مشابهة ، وهكذا تنتظم لديه الصورة القيمية والخلقية في مجتمعه بشكل تراكمي وعن طريق التعديل والتحوير لكل سلوك لا ينسجم وهذه القيم والاعراف .
والطفل عند ولادته لا يمتلك أي معيار قيمي او اخلاقي خاص به ، لانه لا يدرك مفاهيم الجماعة ولا يفهم اعتبارات الصواب والخطأ ، لكنه ما يلبث ان يتعلم هذه المفاهيم من خلال العلاقات الاجتماعية داخل اسرته وبالذات من خلال ارتباطه بوالديه ، وعليه يمكننا ان نقول : ان اللبنات الاولى للبناء الخلقي هي تلك التي يرسيها الوالدان ، وبعد ان يتعلم المشي والكلام وينطلق من بيئته الصغيرة هذه ( الاسرة ) الى البيئة الاكبر ، ويتصل بجماعة الاقران ويتعلم معاييرهم فانه يبدأ بمطابقة سلوكه مع هذه المعايير رغبة منه في تقييم سلوكه وفقا لهذه المعايير ، وعندما يصل الى المراهقة فان المجتمع يبدأ بمطالبته لكي يكون ذا سلوك منسجم ومتطابق مع النظم السائدة في المجتمع، ويترافق مع ذلك شعور ذاتي من قبل هذا المراهق بالمسؤولية التي تحتم عليه ان يأخذ بنظر الاعتبار مصلحة الجماعة اولا ، ومن ثم رغباته الشخصية ثانية ويضيف الدكتور حكمت الحلو في كلمة مدخل الكتاب:
ان ما يجب التأكيد عليه هنا – وللمرة الثانية وبشدة – هو دور الاسرة ، ذلك ان السلوك الخلقي لا يـأتي من فراغ بل هو سلوك تقمصي في بداياته ، فالطفل يتشرب سلوك والديه كما هو ، صحيحا كان او غير صحيح ، فالوالدان بالنسبة له انموذج وقدوة يقتبس سلوكهما ويتفاعل معه ويتعلمه ويطبقه ، وهذا الامر يقودنا الى مسألة اخرى مهمة ايضا ، لابد من التنبيه اليها والتذكير بها ، تلك هي العلاقة بين الوالدين مع بعضهما من جهة ، والعلاقة بين الوالدين والطفل من جهة ثانية ، فالاسر المتصدعة والمفككة لا يمكن ان تشيع فيها القيم الخلقية الايجابية ، كما ان الاسر التي تعيش برودا عاطفيا ، لاسيما بين الوالدين والاطفال فان المتوقع ايضا ان تكون نتائج عملية التقمص سلبية لدى الابناء ، ويمكن ان نظيف نموذجا سلبيا اخر يكثر شيوعه بين الاسر ، ذلك هو النموذج الدكتاتوري او الوالد التسلطي الذي يكون قدوة سيئة لابناءه ، بينما الاسر التي يشيع فيها الدفء العاطفي وروح التسامح نجدها تساعد على التقمص الايجابي الشديد الذي يجعل الطفل مقلدا ومبادرا بشكل يجعله مطمئنا للاحتفاظ بحب والديه والرضا عنه كلما ادى دوره التقمصي بالشكل المرغوب لديهم .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة