( شيخ السرد في الموصل )
معد الجبوري
شجرةُ تين موصلية باسقة مُعَمِّرة.. تمتدُّ جذورُها في أعماقِ المدينة،
ظلالُها وارفة، وثمارُها لكل الناس.
قلمٌ وَهَّاج خَلاَّق مازال ينشرُ حرائقَه على بياض الورق،
بصمةٌ خاصة عَمَّقَ مِن ملامحِها السهرُ والضنى مع الكلمة.
صوتٌ مبتكر يتصدر واجهةَ المشهد القصصي العراقي والعربي.
هذا هو القاص المبدع الكبير أنور عبد العزيز الذي ما زال يعزِّزُ مِن مكانتِه الأدبية ويواصلُ حضورَه المتألق، بقصةٍ جديدة وقراءةٍ نقدية وبحثٍ أدبي.
إنه شيخُ السردِ في مدينة الموصل بامتياز.. حملَ هويتَها وتغلغلَ في حاراتِها وأزقتِها وبيوتِها وهو يتماهى مع الأمس البعيد والقريب ليحاورَه ويعيدَ إليه نبضَ الأيام الخوالي.
كتبَ عن خصوصيةِ رجالِ ونساءِ مدينتِه، وشواطئِ دجلتِها وأسرارها ، فكان حتى للمعروفين شعبيا فيها ولمجاذيبِها ومجانينِها وأسواقِها ومقاهيها ومعالمِها التراثية، حضورٌ في ثنايا قصصِه المتفردة.
وأنور عبد العزيز أحد أصدقائي الأدباء العصاميين.. جايلته وربطتني به صداقة حميمة منذ خمس وأربعين سنة، وأشهد هنا أنه بنى منزله في ساحة الإبداع لبنةً لبنة، دون أن يتعكزَ إلا على إبداعِه ورصانتِه وسلوكِه النبيل النظيف.ـ نشرَ منذُ ستينات القرن الماضي ولم يزل ينشر في عشرات الصحف والمجلات العربية والعراقية، وأصدر العديد من المجاميع القصصية.ـ |
ولعل القاص أنور عبد العزيز، من أشد أدباء الأجيال السابقة قربا وتواصلا مع جيل الشباب من شعراء وقصاصين، يلتقي بهم ويحاورهم ويبدي آراءه فيما يكتبون، بل إنه يساهم بقراءاته النقدية للجديد من إصداراتهم. ولقد جمعته مثلا بابني الشاعر الشاب حارث معد لقاءات وجلسات ، كان فيها من أوائل من دفعه إلى المواصلة، وكتب بحثا عن مجموعته الشعرية ( ومضات في وقت متأخر ).
وهو فضلا عن ذلك ، رجل مقبل على الحياة ، لا تفارق الابتسامةُ محيَّاه ولا يدع فرصة تجمعنا بنزهة في أماكن جميلة إلا وكان معنا منشرحا منساقا وراء رغباته ورغباتنا. محيلا تلك الفرص إلى ملتقى للأدب والفن والحوار.
إنه قاص انطفأتْ من حوله عشراتُ الأسماء وما زال اسمُه يتوهج، عبر أسلوبِه الذي يتَّخذُ من مدينةِ الموصل منهلاً لإبداعِه القصصي المتميز.
بإيجاز أقول: إن أنور عبد العزيز اليوم وبعد عقود من العطاء، يُعَدُّ علماً من أعلامِ ( أم الربيعين ) المدينة المنجبة العريقة، وحسبُه ذلك.
**
للعودة الى الصفحة الرئيسة