برج الأنغام
معد الجبوري
مسكونٌ،
منذُ انطفأَتْ عيناهُ،
بنبضِ الرؤيا والخلقِ،
بَصيرٌ بالموسيقى والشعرِ،
رهيفُ السَّمْعِ،
رخيمُ الإنشادْ..
يشدو فيهيمُ العُشَّاقُ،
يُدَنْدِنُ فوقَ العُودِ،
فيورقُ بين أصابعِهِ العودُ،
ويَضرِبُ فوق الدفِّ،
فتَصَّاعدُ منهُ النَّشوَةُ،
حتى تَهتزَّ الأجسادْ..
*ـ
جدّي كان يقولُ:
هو الشيخُ الصوفيُّ،
ابن محلَّتِنا
ذو الصوتِ الدافِئِ،
والصافي
وأضيفُ الآنَ:
هو البرجُ المُتَنقِّلُ،
بين بلادٍ وبلادْ..
شَدَّ الرَّحْلَ عن ( الحدباءِ )
إلى مُدُنٍ
ظلَّ بها يتوهَّجُ
أنغاماً ومواويلَ،
ولا يحلمُ بالعودةِ مِن غُربتِهِ،
حتى يشهدَ أنَّ أغانيه،
تسبقُهُ طرباً
وهيَ تعودُ مِن استنبول،
مِن الشامِ ومصرَ،
إلى بغدادْ..
*ـ
هذا أنا ، وقـد طواني النَّوَى
ما مِنْ أكُفٍّ ، كَفْكَفَتْ أدمُعي
( يُقـالُ للقلبِ : ألا تصطَبِرْ؟
قلتُ: بلى، لو كانَ قلبي معي)*
*ـ
كان بصيراً
يتوكَّأ فوقَ عصاهُ،
عليهِ توكّأَ مَن ملؤوا الشرقَ،
مقاماتٍ،
وتواشيحَ،
وتنزيلاتٍ،
واغترفوا مِن منهلِهِ،
ما ابتكروا من ألحانْ..
.........................
ومضى الزَّمنُ،
انطفَأَتْ عشراتُ الألحانِ،
وتنطفِئُ اليومَ العشَراتُ،
وتبقى خالِدةً،
ألحانُ الملاَّ عثمانْ..
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* البيت الشعري بين الهلالين ، أدرجته كما
جاء في إحدى أغاني ملا عثمان الموصلي
للعودة إلى الصفحة الرئيسة