كبرياء الجرح
معد الجبوري
مُـذ أقبلوا ، هَبطـوا إلـى الوديانِ
وإلى الذُّرَا ، داعي الإبـاءِ دعـاني
نَفْيِي عَن الأضواءِ ، كانَ رِهانُهُمْ
وتوَهُّجي كالجمرِ ، كانَ رِهــاني
فلَئـنْ أكُـنْ أُقْصِـيتُ وجهاً أو يـداً
عنهُمْ، فليسَ سِــوايَ مَنْ أقصـاني
زمَرٌ، لِسـانُ ( حَذامِ ) يُقْطَعُ بينهُمْ
وقلوبُهُمْ حَجَـرٌ ، مِـن الصــوَّانِ
أحلامُهـمْ ليستْ بأحلامـي ، إذا
حلموا ، ولا أشجـانُهمْ أشجاني
كي يَقْطعوني فَرْطَ ذُعـرٍ عن فَمِي
ودَمِي ، وعن غَضبٍ يَهزُّ كياني
دبُّـوا إليَّ ، كما تدبُّ أراقِـمٌ
بَلَعَتْ سِـوايَ ، وما ابتلَعْتُ لِساني
يا فرطَ غَفْلَتِهِمْ ، سَعَوا كي يُطفِئوا
فِيَّ البَريقَ ، فأيقظوا بُركـاني
**
يا سحرَ حرفٍ قد تضمَّخَ بالهوى
رُشَّ الضُّحى نوراً على أجفَاني
واسكبْ رحيقَ الرافدين على فمي
واخفق كنبضِ العشقِ في وجداني
لأظلَّ أشدُو للعراقِ وزهوِهِ
وأبثّ نجوى عاشقٍ ولهانِ
مرحى عراقَ صباي يا بَوحَ الصِّبَا
يا أولاً ، ما لي لهُ مِنْ ثانِ
لو لم تكنْ لي فيكَ إلا دوحةٌ
تحنو عليَّ بظلِّها ، لكَفاني
*
يا خفقَ وجهي الموصليِّ، خِضَابُهُ
شمسُ الشهادةِ ، والنَّجِيعُ القاني
هذا أنا أطوي الضلوعَ على الظَّمَا
مُرًّا ، ولا أرنو لكأسِ هَوانِ
لي مِن إبائي ما يفيضُ ، فظلُّهُ
في الخَطبِ ظلُّ كرامةٍ وأمانِ
وبخافقي طوفانُ غَيظٍ عَارمٍ
يا ويلَ ليلِ الحقدِ ، مِنْ طوفاني
*
دَعني أعاني ما أعاني مِنْ ضنى
تتوهَّجُ الآفاقُ ، حينَ أعاني
ما همَّنِي ألا يفيقَ مِن الكرَى
وجدانُ مَنْ باتوا بلا وجدانِ
أنا كبرياءُ الجرحِ يقدحُ جَمْرُهُ
غضباً،على غضبي عقدتُ رهاني
تأبى الكرامَةُ أن أطأطِئَ هامَةً
تاجُ الكرامةِ أعظمُ التيجانِ
**
الصفحة الرئيسة