ـ (من المؤرخين العراقيين الرواد) ـ
معد الجبوري
من الأسماء المضيئة التي كتبتُ عنها لموسوعة أعلام العرب والمسلمين التي تصدر عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألسكو)، المؤرخ الموصلي عبد المنعم الغلامي. وللتوثيق، والتذكير به كمفكر وطني قومي، أعيد نشر ما كتبته عنه ، وهو ليس بجديد ، في موقع ( بيت الموصل ) ـ |
عبد المنعم الغلامي كاتب ومؤرخ عراقي معروف، من أسرة السادة الغلامية التغلبية الموصلية، وهي أسرة معروفة بالعلم والأدب، جدها أبو المكارم علي الغلامي وقد برز منها شعراء وأدباء ومؤرخون، منهم: الشيخ محمد بن مصطفى الغلامي المتوفى عام 1772م، صاحب كتاب ( شمامة العنبر والزهر المعنبر ) الذي يترجِم لخمسين شاعرا وأديباَ من رجال القرن الثامن عشر.
ولد في الموصل سنة 1899 وفيها أنهى دراسته الابتدائية والثانوية ثم تخرج من دار المعلمين وعمل في مهنة التعليم حتى تقاعده سنة 1959 انتقل بعد ذلك إلى بغداد ليقضي بقية حياته فيها. وتوفيَ عام 1967
كان لأخيه محمد رؤوف الغلامي أثر كبير في توجهه نحو التاريخ والعمل السياسي القومي والوطني.. ذلك أن محمد رؤوف كان أبرز المؤسسين لجمعيتَي: العلم السرية والعهد العراقي فرع الموصل ، واللتين قامتا بدور سياسي خلال الاحتلالَين العثماني والبريطاني. وقد أسس مع أخيه رؤوف جمعية الآداب ومنتدى الحمراء واشترك في مسرحية فتح عمورية التي قدمها نادي الحمراء في الموصل من تأليف عبد المجيد البكري عام 1922 وكان له دور بارز في تأسيس مكتبة الخضراء الوطنية عام 1919 وتأسيس مدرسة النجاح وكان أخوه محمد نذير الغلامي مديراً لها، ولأن توجه المدرسة الوطني أقلق السلطة البريطانية المحتلة، فقد جرى إلحاقها بالحكومة العراقية وزُجَّ أخواه في السجن ثم أرسل إلى الشرقاط. وإلى سامراء واستمر نقله من مدرسة إلى أخرى في القرى الشمالية إلى أن استقر به الحال في مدارس الموصل.
نشر عبد المنعم الغلامي مقالاته التاريخية والسياسية في الصحف العراقية باسمِه الصريح أو بأسماء مستعارة، ففي جريدة صدى الأحرار الموصلية كان يكتب باسم (تغلبي) وفي جريدة العراق البغدادية باسم (مؤرخ) أما في جريدة نصير الحق الموصلية فكان يكتب باسم (أبو وائل).
* من مؤلفاته:
1- السوانح في الأحداث الوطنية ، صدر عام 1932، ويضم مجموعـة مقالات موثقة عن الحركة العربية القومية في الموصل قبيل الحرب العالمية وبعدها.
2- خروج العرب من الأندلس ، صدر عام 1939
3- مآثر العرب والإسلام في القرون الوسطى ، صدر عام 1940
4- بقايا الفرق الباطنية في لواء الموصل ، صدر عام 1955
5- الضحايا الثلاث ، 1955 يروي فيه أحداث ثلاث قضايا شهدها تاريخ العراق الحديث وهي قضايا: الشيخ عبد السلام البارزاني والشيخ ضاري الزوبعي والشيخ سعيد البرزنجي، وكان لهذه القضايا الثلاث تأثيرات اجتماعيـة ايجابية وسلبية في التاريخ العراقي الحديث، وانعكاسها على وحدة نضال العراقيين ضد المحتلين الأجانب. والكتاب مجموعة مقالات تاريخية سياسية عن حوادث دامية، كان لها صداها وبقيـت أسبابها وملابساتها غامضـة على الكثيرين.. وكان الغلامي قد نشرها في جريدة صدى الأحرار.
6- أسرار الكفاح الوطني في الموصل ( 1908 - 1925 ) صدر الجزء الأول منه ببغداد سنـة 1958 يتناول تاريخ التنظيمات السياسية الموصلية السريـة والعلنية، منـذ الانقلاب الدستوري العثماني عام 1908 حتى تسوية مشكلة الموصل. وهناك أجزاء منه لم تطبع.
7- جغرافية جزيرة العرب 1962. يشير الغلامي في مقدمته إلى الدافع وراء تأليف هذا الكتاب فيقول: إن هناك من يعرف جغرافيـة انكلترا أو فرنسا أو أمريكا أو الاتحاد السوفيتي أكثر بكثير مما يعرفونه عن الأقطار العربية وأنه أخذ على عاتقه وضع هذا الكتاب بين القراء محاولة منـه للإسهام في التعريف بأقطار الجزيرة العربية والخليج العربي.
8- الأنساب والأُسَر - الجزء الأول، بغداد عام 1965. والجزء الثاني لم يُطبَعْ.
9- ثورتُنا قي شمال العراق (1919-1920) ـ صدر منـه الجزء الأول عـام 1966 وهو عن الانتقاضات ضد الاحتلال البريطاني ، وفيـه يتحدث عن دور جمعية العهد العراقي فرع الموصل في تفجير ودعم هذه الانتفاضات.
- وللغلامي كتب غير منشورة، منها:
* التآمر على وحدة العراق ما بين1918 - 1933
* الموصل إبان الحرب العالميـة الأولى وأيام الاحتلال البريطاني
* معارف الموصل في زمن الاحتلال وما بعده ، وغيرها..
ولأن عبد المنعم الغلامي ممن عملوا في النشاط السياسي في الموصل فقد انعكس توجهه الوطني والقومي في كتاباته، ومما ساعد على ذلك احتفاظه بوثائق ومنشورات وبيانات تتعلق بنشاط الأحزاب والجمعيات السياسية الموصلية.
ومن هذا المنطلق الوطني والقومي، قام بتدوين التاريخ المحلي لمدينته الموصل، مؤكدا تصديها للمحن والنكبات والمخاطر الشعوبية التي تعرضت لها في فترة حرجة من تاريخها الحديث.. في وقت كان يمتد فيه اهتمامه إلى التاريخ العربي الإسلامي والكتابة عن العرب ودورهم في الحضارة الإنسانية.
ومن المنطلق نفسه تصدى الغلامي لما جاء في كتاب المس بل السكرتيرة الشرفية لدار المندوب السامي البريطاني (تاريخ العراق القريب) حيث دحض في عشرين مقالة نشرها في جريدة صدى الأحرار الموصلية، ادعاءات المس بل ومغالطاتها بشأن الحركة الوطنية وقادتها في العراق.
أما أسلوب الغلامي فيقوم على أساس ضبط الأحداث التاريخية وتوثيقها وإحكام الربط بينها وبين الأشخاص الذين لعبوا دورا في صنع هذه الأحداث، أما تكرار نشر الوثائق والأحاديث في أماكن متعددة ولسنوات مختلفة فيمكن أن يُفسَّر على أساس أن الغلامي عند نشره تلك الصفحات المطوية كان ينتظر أن تكتسب الحكم القطعي بعد وضعها أمام الآخرين ، وعندئذ يصبح في حالة عدم الاعتراض على مضامينها حرا فيقوم بنشرها في كتاب مستقل مع تثبيت ما ورد إليه من ملاحظات.
بعد ذلك كله يمكننا أن نعد عبد المنعم الغلامي من المؤرخين العراقيين الروَاد الذين عرَفوا فضلَ الوثيقة واهتموا بجمعها والحرص على استخدامها والإحاطة بمضامينها.
*
* المصادر:
1- د. ابراهيم خليل أحمد - ( التاريخ والمؤرخون الموصليـون المعاصرون ) موسوعة الموصل الحضارية ، جامعة الموصل، دار الكتب للطباعة والنشر ، 1992- المجلد (5) - ص 335- 338 -339 -340
2- سعيد الديوجي- تاريخ الموصل، الجزء الثاني, دار الكتب للطباعة والنشر في الموصل، 2001- ص 229
3- عبد المنعم الغلامي :
× الضحايا الثلاث ، مطبعـة الهدف ، الموصل 1955 - ص 3 ـ 4
× أسرار الكفاح الوطني في الموصـل ( 1908- 1925 ) الجزء الأول ، بغـداد 1958 - ص( أ )
× جغرافية جزيرة العرب ، بغداد 1962 - ص 3
× ثورتنا في شمال العراق ( 1919 - 1920) مطبعة شفيق بغداد 1966
4- وائل علي أحمد النحاس - تاريخ الصحافة الموصلية ، رسالة ماجستيـر في جامعة الموصل 1988 -
ص 18- 97 – 100
5- د. واثق محمد نذير الغلامي - مجلة المؤرخ العربي، الأمانة العامة لإتحاد المؤرخـين العـرب - العـدد 56
بغداد 1998 ص 111- 113
**
للعودة إلى الصفحة الرئيسة