معد الجبوري
ـ عَطِشاً،ـ ـأظلُّ أدورُ كالنَّاعُورِ،ـ ـ في قَفْرٍ،ـ ولا أنْكَبُّ مِن عطشِي ـ على وَشَلٍ ولا بِرَكٍ،ـ ولا ألقي عصايَ إلى السَّرابِ..ـ وأظلّ أقتَحِمُ اليبابَ،ـ ـ لكي أفرَّ مِن اليَبابِ..ـ ومِن التوقُّفِ عندَ وادٍ،ـ قد تراكَمَ ما تراكَمَ فيهِ،ـ ـ مِنْ فِتَنِ الصحارى والقبائلِ،ـ ـ منذُ ألفِ وَقِيعَةٍ،ـ ـ ومثارِ نَقْعٍ،ـ ـحيثُ جَسَّاسُ بنُ مُرَّةَ،ـ ـ بَعدُ يطلبُ ثأرَ خالتِهِ البَسوس،ـ ـ وعَبْسُ ما زالتْ تُحَشِّدُ للنزالِ،ـ ـوليس في ذُبْيانَ،ـ ـ من أحدٍ يمدُّ يداً إلى عَبْسٍ،ـ ـ إذا لمْ تَغلبِ الغَبراءُ داحسَ،ـ ـ أيُّ وادٍ مُوحِشٍ هذا !ـ ـ فمَنْ فيهِ تَفانَوا أمس،ـ ـ حتى الآنَ،ـ ـ لَنْ يتورَّعوا ـ مِن أن يدقُّوا كلَّ يومٍ،ـ ـ عطرَ مَنشِمَ بيننا،ـ وأمامَنا ووراءَنا ـريحٌ تدقُّ قلوبَنا دَقًّا،ـ ـ وتَذرُو شَمْلَنا ـ مثلَ الهَشِيمِ على الترابِ..ـ ـفِتَنٌ تشقُّ الحَلْقَ ـ ما زالتْ تُلاحِقُنا،ـ ـونحنُ ننوحُ حتى اليوم،ـ ـ ما بينَ الصوارمِ والحِرابِ..ـ ـمِنْ ألفِ طيشٍ،ـ ـمِن بني المتناحرينَ ـ على القشور،ـ ـ إلى بني المتهافتين ـ على الغنائم،ـ ـداسَنا مَن يلعبونَ ـ على النِّبالِ أو الحبالِ،ـ ـ ويطلقون على المدائنِ والقُرَى،ـ ـ غُولَ الخرابِ..ـ * ـ ـ عَطِشاً أغذُّ الخَطْوَ،ـ ـ في دربٍ أرى وجهي بهِ،ـ ـ وأجسُّ ما يجري على الصَّلصالِ،ـ ـ مِن ماءٍ طَهُورِ..ـ ـ أجري إليه،ـ ـ وطائِرٌ للعشقِ،ـ ـ مِنْ صدري يُحَلِّقُ ـ صوبَ نبعٍ لا يكفُّ عن التدفُّقِ،ـ ـ رغمَ أسوارِ العَفافِ المُدَّعَى ـ زُوراً بزورِ..ـ ـمِن يومِ أنْ وَقفَتْ عليهِ سَحابَةٌ،ـ ـ( تبكي بِعَيْنَيْ عُروَةَ بنِ حزامِ ) ،ـ ـ مِن يومٍ،ـ ـ بهِ في البِيدِ صاحَ اليَشْكُرِيُّ:ـ ـ( أحِبُّها وتُحبُّني،ـ ـ ويُحِبُّ ناقتَها بَعِيري ) ..ـ ـفامتدَّ مِن نَجْدٍ صداهُ،ـ ـ إلى الخَوَرْنَقِ والسَّدِيرِ..ـ ـمِن يومِ أن نَصبَ الوُشاةُ،ـ ـ- ليُبعِدوا مجنونَ ليلى ـ عن هوى ليلى -ـ ـ أحابيلَ المَكائِدِ والنُّفُورِ..ـ حتى فَضاءٍ ـ لا تُحاصَرُ فيهِ أيَّةُ خَفْقَةٍ للحُبِّ،ـ ـ تابى أن تظلَّ حبيسةً ـ طَيَّ الصدورِ..ـ ـمِنْ ألفِ بَطشٍ،ـ ـ منذُ أوَّلِ سُورِ قَهْرٍ،ـ ـ بين أوَّلِ عاشِقَينِ،ـ ـإلى زمَانٍ قد تهاوى فيه،ـ ـ سُورٌ خلفَ سُورِ..ـ ـ والحبُّ مثل البحرِ،ـ ـ سُلطانٌ ـ إذا ما امتدَّ،ـ ـ يكتسِحُ اليبابَ بمَوجِهِ،ـ ـ في الزَّمهَريرِ،ـ ـ وفي الهَجيرِ..ـ ** ـ عودة الى الصفحة الرئيسة |