معد الجبوري
قبري بعيدٌ،
خلفَ آلافِ الحواجزِ،
فيهِ أرقدُ عارياً وحدي
بلا زمنٍ
ولا وطنٍ
فَمَن منكُمْ تذكَّرَني،
فأيقظني النيامُ،
وفزَّ حولي مَنْ رَقَدْ؟..
صاحَ النيامُ: انظرْ
فثمةَ قادمونَ،
لَرُبَّما هبطوا مِن المريخ،
قالوا:
قد أتينا،
كي نشيِّدَ بعدَكمْ
بلداً جديداً لا يطاوِلُهُ بلدْ..
يغفو بِأحضانِ الأمانِ
فليسَ مِنْ شكوى لِمُضطَهَدٍ
ولا منفى لِمُحْتَجٍّ بهِ،
والظُّلمُ فيهِ
هو الوحيدُ المُضطَهَدْ ..
فادخلْ إلى البلد الجديدِ،
ادخُلْ
يقولُ الهابطونَ بهِ:
هنا لا مستحيلَ
ولا عُقَدْ..
لا قهرَ
لا أحدٌ يُنَغِّصُهُ أحدْ..
*
وطلعتُ مِنْ صمتي،
نفضتُ ترابَ قبري
والزمانَ،
وبعدَ عشرةِ مُخبرينَ
ورُبّما عشرينَ حاجزَ
ربما خمسين مفرَزَة،
وصلتُ إليهِ،
فالمرّيخُ أقربُ منهُ كانَ،
وبعدَ أن طافَتْ بيَ الفوضى،
على أشلاءَ،
مِنْ مُدُنٍ مُهشَّمَةٍ،
وأبراجٍ على الأنقاضِ تهوِي،
بعد أن حُوصرتُ
ما بينَ الكواتمِ والشتائمِ
والأيامى واليتامى
صحتُ:
عُدْ بي يا زمانُ إلى القبورِ،
وعدتُ،
قال النائمون:
تعودُ أينَ!
أما رأيتَ المستحيلَ،
يُدَقُّ في تابوتِهِ المسمارُ؟
قلتُ:
بلى .. بلى
لا مستحيلَ هناكَ،
هلْ مِن مستحيلٍ فيهِ
والغرباءُ خاضوا،
في دماءِ بنيهِ،
وابتَلَعَ اللصوصُ كنوزَهُ،
وعلى رِقابِ الناسِ،
قَد شُدَّتْ حِبالٌ مِنْ مَسَدْ؟..
لا مستحيلَ
بِعُرْفِ مَنْ هبطوا بهِ
حتى النَّعامَةُ
لمْ تعُدْ في الرملِ تدفنُ رأسَها
والديكُ باضَ على الوَتَدْ..
**
2007
ـ * من مجموعتي الشعرية ( في مهب دمي ) الصادرة عام 2008
للعودة إلى الصفحة الرئيسة