ـ عند الأطباء العرب والمسلمين
ـ الدكتور محمود الحاج قاسم
صدر قبل أيام عن دار ابن الأثير للطباعة والنشر كتابي (( الوقاية من الأمراض النفسية وعلاجها عند الأطباء العرب والمسلمين )) ضمن سلسلة الكتاب الجامعي ( 61 ) .ـ
جاء الكتاب مكوناً بعد المقدمة من خمسة فصول هي :ـ
الفصل الأول: تربية الطفل النفسية والوقاية من الجريمة في الإسلام والطب العربي
القسم الأول: تربية الطفل النفسية في الإسلام
القسم الثاني: وسائل الوقاية من السلوك الإجرامي عند الفلاسفة العرب والمسلمين
الفصل الثاني: الوقاية من الأمراض النفسية في الإسلام وشمل
ـ1 – الإيمان بالله . 2 – الاعتقاد بان الدنيا دار خلافة وجهاد .ـ
ـ3 – فكرة الموت والقضاء والقدر وترويح القلوب .ـ
ـ4 – الدعاء والصلاة . 5 – الصوم . 6 – الحج . 7 – الزكاة ـ
ـ8 – العلاقات الاجتماعية ودعوة الإسلام للإيجابية في الحياة
ـ9 – تهذيب الأخلاق والطباع والوقاية من آثار الصراع الداخلي ومشاعر الإثم والذنب
الفصل الثالث :مفهوم الأمراض النفسية عند الأطباء العرب والمسلمين والوقاية منها
القسم الأول: تعريف الأمراض النفسية لدى الأطباء العرب والمسلمين
القسم الثاني: مفاهيم الصحة النفسية عند الأطباء العرب والمسلمين
القسم الثالث: طب النفس الوقائي عند الأطباء العرب والمسلمين
الفصل الرابع : معالجة الأمراض النفسية قبل الإسلام وبعده
القسم الأول: المعالجة الروحية عند العرب قبل الإسلام
القسم الثاني: موقف الإسلام من المعالجة الروحية الجاهلية
القسم الثالث: المعالجة الروحية في الإسلام
الفصل الخامس : معالجة الأمراض النفسية عند الأطباء العرب والمسلمين
القسم الأول: نماذج من معالجة الأطباء العرب والمسلمين للأمراض النفسية القسم الثاني: العلاج بالوسائل الترفيهية
القسم الثالث: العلاج بالموسيقى
ولإعطاء القارئ هنا فكرة عن تاريخ الأمراض النفسية ودور العرب والمسلمين في ترسيخ قواعده وأسسه ، نجتزئ جزأً من مقدمة الكتاب وكما يلي :ـ
لقد أطلق الأطباء والفقهاء المسلمون على هذا الفرع من فروع الطب اسم ( طب القلوب أو الطب الروحي)، فمثلاً نجد في كتاب الطب النبوي لأبن قيم الجوزية، صفة يشترطها في الطبيب من بين الصفات الأخرى ((أن يكون له خبرة باعتلال القلوب والأرواح وأدويتها ، وذلك أصل عظيم في علاج الأبدان … والطبيب إذا كان عارفاً بأمراض القلب والروح وعلاجها كان هو الطبيب الكامل)) .ـ
فكتب الأطباء والعلماء العرب والمسلمون مجلدات عديدة في ميدان الطب النفسي، ولكن لسوء الحظ لم يصل إلينا إلا القليل ، فيقال أن أول من عالج موضوع الصحة البدنية – النفسية من العلماء العرب والمسلمين هو أبو زيد أحمد بن سهل البلخي (ت 322 هـ = 922 م ) في كتابه (( مصالح الأبدان والأنفس )) ، وقد استفاد البلخي من أستاذه الكندي في مجال المنهج الذي إتبعه عند معالجة موضوعات الصحة النفسية ، حيث نجد ذلك جلياَ في كتاب (( الحيلة لدفع الأحزان للكندي)) والتي يظهر فيها تأثر البلخي بأستاذه. وكتب إسحاق بن عمران مقالة حسنة عن المالينخوليا سوف نتناول الحديث عنها فيما بعد .ـ
ثم جاء الرازي بعد البلخي فعالج في كتابه الطب الروحاني كثيراً من المسائل المتعلقة بالصحة النفسية .كما نجد في الحاوي للرازي وصفاً دقيقاً لبعض الأمراض العقلية كالمالينخوليا والمرقية والشراسفية حيث يميز بينها بجلاء وكذلك يفرق بين فساد الحس مع صواب الحكم وصواب الحس مع فساد الحكم و صواب الحكم مع صواب الحس. وكذلك نجد في القانون لابن سينا كثيراً من الأمور المتعلقة بالطب النفسي .ـ
وكتب ابن الهيثم عن تأثير الموسيقى في الإنسان والحيوان وكان هبة الله ابن جميع أول من استعمل العلاج الروحاني أو النفساني وألف كتاباً دعاه بالإرشاد لمصالح الأنفس والأجساد ، وقد كتب ابن ميمون رسالتين خصيصاً للسلطان الأفضل إحداهما هو تدبير الصحة تشمل بحثاً في علاج الحالة النفسية التي كان السلطان مريضاً بها، وقد سماها ابن ميمون الهبوط النفسي .ـ
ونجيب الدين أبو حامد السمرقندي من معاصري الرازي كان من ألمع الأسماء في تاريخ الطب النفسي العربي الإسلامي، إليه يعود الفضل في وصف الكثير من الاضطرابات العقلية وصفاً دقيقاً مفصلاً ومن ذلك أنه وصف حالة هتر حسي مصحوب بسلوك شاذ، وحالات قلق اجتراري مصحوب بشك واضطراب وسواسي قهري ونوعاً من المرض العقلي الاضطهادي، وطائفة من اضطراب الحكم تتضمن سلوكاً سايكوباثياً، وحالات اكتئاب مصحوبة بقلق عميق وغير ذلك. وقد تضمن تصنيف نجيب الدين تسعة أصناف من المرض العقلي تشمل ثلاثين حالة مرضية.ـ
والأطباء والعلماء العرب والمسلمون في معالجتهم للأمراض العقلية والنفسية لجأوا إلى طرق فيها الكثير من الابتكار والمهارة كما استندت تلك الطرق على فهم وإدراك الطبيب لحالة المريض وكسب ثقته ومحاولة التأثير فيه نفسياً الأمر الذي دفعهم للإبداع في ميدان العلاج النفسي
( Psychotherapy )
وتحقيق الكثير في وقت كانت الاضطرابات النفسية قد انفصلت عن الطب ودخلت في نطاق الشعوذة والدجل والسحر .ـ
ـ(( - أما في الغرب فقد بقي الوضع متردياً ، حتى تطور العلم التجريبي الذي تبنى أساليب علمية وإنسانية في معاملة المرضى المصابين بالأمراض النفسية في بداية القرن السابع عشر .ـ
ـ ولم تظهر كلمة الصحة النفسية التي طرحها البلخي في الحضارة الغربية إلاّ على يد مايير التي اقترحها للدلالة على حركة التوعية التربوية التي نهدف على تغيير نظرة الناس إلى المرض النفسية ، وتأسست بناءً على ذلك أول جمعية للصحة النفسية عام 1908 .ـ
ـ انتشرت في مطلع القرن الثامن عشر وجهة النظر العضوية في تفسير المرض النفسي، لكنها لم تكن كافية لتفسير كل الاضطرابات النفسية، فأرجعها بعضهم إلى أسباب وراثية، إلى أن افترضت أسباب نفسية مولدة للمرض النفسي في مطلع القرن العشرين ، وتركزت في الضغوط والصراع الذي يعاني منه الإنسان.ـ
ـ أضافت دراسة المجتمعات البشرية المتفاوتة في مستوياتها الحضارية في أصقاع مختلفة من العالم بعداً جديداً للطب النفسي ، فالاضطرابات النفسية تتنوع – سواء – بتنوع المرض ، أو بطبيعة الأعراض – باختلاف البنية الاجتماعية ، ودور الفرد فيها ، وعلاقة البنية الاجتماعية بالفرد.ـ
وتوضح في السنوات الأخيرة دور كل عامل من العوامل العضوية، والنفسية، والاجتماعية، في إحداث المرض النفسي، فقامت الدعوة إلى دراسة الشخصية الإنسانية، في وحدتها، وشموليتها، وتأثرها بمختلف العوامل، مما أدى إلى ترسيخ أساس علم الطب النفسي)) .ـ
للعودة إلى الصفحة الرئيسة