نايف عبوش
اعتادت الطبقة العاملة في العالم ان تحتفل في الأول من أيار من كل عام بعيد العمال العالمي، تعبيرا عن سيرورة النضال العمالي في رفض الظلم، والاستغلال، الذي يتعرضون له من قبل المؤسسات الرأسمالية المتوحشة، وادواتها من الانظمة الاستبدادية، والشركات الاحتكارية, واحتفاء بسعيهم المتواصل، باتجاه تفتيق فجر جديد واعد، يبشر بحياة حرة كريمة. ومع ان انتفاضة الجماهير العربية في ثورات الربيع العربي، ومن بينها شريحة العمال بالطبع، كانت هادرة، وآذنت بأن زمن إسقاط، وإنهاء النظم الدكتاتورية المتسلطة في الأقطار العربية، قد حان اليوم، وبإرادة جماهير الشعب العربي الثائر إلى حد كبير, فان الحفاظ على نتائج ثورة التغيير العربية، والحرص على استمرارها، بروح التحرر من التسلط، والانعتاق من القمع والتبعية، واسترجاع الحقوق المهضومة، يبقى مهمة وطنية وقومية وانسانية، تقع على عاتق الثوار، والطلائع السياسية العربية النظيفة بكل أطيافها، التي يجب أن يكون لها الدور الحاسم، في قيادة التغيرات الجارية، بهدف الحفاظ على وحدة أقطار الوطن العربي المنتفضة، شعبا، وترابا، وأمنا، وتحقيق مصالح الطبقة المسحوقة بما فيها جماهير العمال، والفلاحين والكسبة، والطلبة والعسكر، ورفض منطق الوصاية عليه من الخارج، أو من الداخل من أي طرف مندس، يحاول أن يسرق الثورة من اصحابها الحقيقيين، ويجيرها لمصالحه الخاصة تحت أي ذريعة، لكي لا تمتهن كرامة الوطن، وكرامة المواطن العربي مرة أخرى. الا ان تداعيات الربيع العربي مع كل ما حققته من نزع حالة الخوف، واسقاط الدكتاتوريات المتجذرة المدعومة من الغرب الامبريالي المتغطرس، والصهيونية العالمية، والقوى المتحالفة معها، كانت سلبية في المدى اللحظي ، والمدى المنظور، فيما يتعلق بانعكاساتها المأساوية على عموم الجماهير العربية، ومنهم العمال، في تجلياتها المتجسدة في تدهور الوضع المعاشي، وانتشار الفساد الاداري، وتفشي الرشوة، وهيمنة اصحاب المصالح الخاصة على مفاصل السلطة، وتدهورالوضع الاقتصادي، وتوقف عجلة التنمية، وانتشار البطالة، وانتعاش ظاهرة الامية التي اندثرت في منتصف سبعينات القرن الماضي، بالإضافة الى تدهور الخدمات، وانعدام الأمن، وتفشي الفقرالمدقع، وانتعاش الصراع الطائفي والاثني، مما يضع حركة الطبقة العاملة العربية امام مأزق تأريخي، بانحسار منجزاتها المتراكمة عبر مسيرتها الطويلة، وتآكلها، وتراجع دورها. وتشهد الاقطار العربية اليوم مرحلة انتقالية خطيرة، بتأثير تداخل المصالح الاقليمية، والدولية المتشابكة مع بؤر امتداداتها في الداخل العربي، الامر الذي عقد مسار النضال العمالي خاصة، وحجّم مسار القوى التقدمية الطامحة للتحرير، والوحدة، والعدالة الاجتماعية عامة، مما يفرض على شريحة العمال العربية تصعيد نضالها بمستوى غير مطروق من التحدي الجديد ، ضد اطماع القوى التي ركبت موجة التغيير العربي، وجيرت مساره لصالحها، وصادرت منجزات النضال التاريخي للعمال.
*
للعودة إلى الصفحة الرئيسة