بقلم : احمد الحَسُّو
بيت الموصل والعام الجديد
الحلقة 1
في أَعقاب مسيرةٍ من عُمُرِهِ تزيد على ستة أشهر، يستقبل بيت الموصل يوم غد عاما جديدا
نتمنى له معه مُزْدَهَراً.
اعلم اننا ننتقل الى السنة الجديدة ونحن مكلومون لا نكاد نمسك بضَفَّةِ فرح في بلادنا وعَبْرَ كل ما يحيط بنا من أحزان ، بيد أننا قادرون بما نشيعه من كَلِمٍ حق، وفكرٍ نظيفٍ، وايمانٍ بحقِ الانسانِ في أن يعيش بحرية وسلام ، ونشرٍ لثقافة التسامح، وقبولٍ للآخر ان نفعل الكثير من اجل مستقبل احسن، وهذا ما حاول ويحاول بيت الموصل ان يفعله خلال مسيرته القصيرة، بما نشرمن رائع الكلم، وصادق الشعر، وعميق الفكر.
حاول البيت جاهدا ان يكون محرابا للكلمة الصادقة ، فيقول خيرا، ويكون صدرا مفتوحا، وبيتا من بيوت الخير في عراق لا يقبل قسمةً ولا يطيقُ تمزقا.
ذلك ما شدني الى بيتنا العتيد، وبخاصة انه وُلد وهو يحمل رغبة حقيقية في اخضاع مسيرته للنقد والتقييم والتصويب، وهي لَعَمْرِي صفة ستؤدي به الى مزيد من التطور
فإِليه وإلى كتابه وقرائه اتوجه مع العام الجديد بالتهنئة والتقدير الكبير في مسعاهم .
واليهم اتوجه بالشكرعلى ما قدموه واستميحهم عذرا ان اعود معهم الى بعض ما كتبوه من مقالات وما طرحوه من افكار خلال الاشهر الستة الماضية مع مداخلات متواضعة على بعض مما كتبوه في حلقات جديدة من زاويتي القديمة (كَلِمٌ عَلَى كَلِمْ) آملا ان تروق لهم .
*
عبد المنعم الغلامي
من المؤرخين العراقيين الرواد
بقلم : معد الجبوري
نشر في موقع بيت الموصل بتاريخ 21-12-2013
حين قرأت مقال الشاعر الكبير والكاتب القدير معد الجبوري عن:
المؤرخ العراقي الراحل عبد المنعم الغلامي
رجعت بِيَ الذاكرة الى درب يمتد بين جامع عمرَ الاسود( شهرسوق ) حتى يصل الى بيوت آل الرضواني وآل الغلامي.. عَبْرَ هذا الدرب شهدت شخصيات كريمة .. الشيخ بشير العمري خطيب جامع العمرية .. والشيخ احمد افندي الجوادي والاخوة الثلاثة : الاستاذ نذير الغلامي (والد الصديق العزيز المرحوم الدكتور واثق الغلامي) ، والشيخ المربي واحد اعلام النضال الوطني محمد رؤوف الغلامي ( والد المرحوم الاديب المعروف مؤيد) ، ثم اصغرهما الاستاذ المؤرخ الرائد عبد المنعم الغلامي...كنت اشهدهم وانظر اليهم باعجاب واحس بالوقار يحيط بهم وبجلال العلم يرافقهم فاطرب لذلك، وكان اكثر ما أَثَّرَ فيَّ انهم اذا ما التقوا بنا - نحن الصغار آنذاك -اعطونا اهتمامهم وعاملونا كما يعامل الكبار، فلما بلغنا مرحلة الشباب تأثرنا بهم وتعلمنا منهم ،وصرنا مع مرور الزمن اكثر تأثرا بهم ،واقترابا منهم ، ولعل مجلس الاسرة الغلامية الاسبوعي ،كان الاكثر تاثيرا فقد اعتاد شيخ الاسرة الغلامية المناضل محمد رؤوف الغلامي رحمه الله ان يعقد مجلسه في بيته ، اوفي احد حقول الموصل الخضراء ابان فصل الربيع ،حيث يجتمع اصدقاء الاسرة من الادباء والمثقفين. وقد كان لي شرف حضور هذا المجلس والاستماع الى صاحبه وتسجيل بعض ذكرياته وبخاصة فيما يخص دراسته في مدرسة الرضواني على الشيخ الرضواني مرافقا لوالدي الذي كان زميلا له في الدراسة عليه ، كما اطلعت خلال ذلك على سلسلة طويلة من مقالات له بعنوان
صفحات مطوية من تاريخ الحركة الوطنية
وهي تتضمن وثائق ونصوصا مهمة كانت الاسرة الغلامية نموذجا للاسرة الموصلية في تقاليدها وادبها وانتمائها الوطني والقومي وفي احترامها للغير . اهتمت بالتاريخ للأمة من منطلق وحدوي كانت تعيشه، وهو ما عاشه، وعَبَّرَ عنه الاستاذ عبد المنعم الغلامي .
كان الرجل ذا نفس طويل في ما كان يكتبه ويؤرخ له، واشهد له انه – عندما عَرَضَتْ له وثيقة لم يكن متاكدا من نسبتها الى صاحبها -، امضى زمنا طويلا للتحقق من اسم ولقب الشخص المعني الذي كان يريد ان يتثبت منه ، حرصا على الا ينسب اليه ما هو لغيره ، وألا ينسب ما هو له الي غيره ، وقد اقتضى ذلك منه مراسلات وتحقيقات طويلة .
ان مكانة الاسرة الغلامية مكانة كبيرة ؛ وطنيةً وعلماً وخلقاً.
وحمداً لله ان الجيل الجديد المثقف من الغلاميين يحملون اليوم وبصدق امانة تاريخ اسرتهم العريق.
شكرا للأخ الكاتب القدير والشاعر المبدع معد الجبوري مقاله الجامع الشامل وتقديمه الدقيق لشخصية كبيرة تنتسب الى اسرة وجيل كانا نبراسا للوطنية ولمقاومة الاحتلال، نحن بامس الحاجة الى ان نستلهم منه ومنها ،الدرس في يومنا هذا .
**
الحَلْقَةُ الجديدة من حكايات عمو مشتاق
نشر في موقع بيت الموصل بتاريخ 25-12-2013
لهجة مدينة الموصل هي جزء مهم في الشخصية الموصلية وهي مع خصوصيتها تحتوي كلمات من اللهجات العراقية الاخرى بما فيها اللغة الكردية كما انها قريبة جدا من لهجات
بلاد الشام ،وما ازال اذكر انني ابان اقامتي في الاردن كان اهل مدينة الكرك يقولون لي انك تتحدث بلهجتنا، وقد حصل الامر ذاته في تونس التي يتماثل عديد من الكلمات في لهجاتها مع اللهجة الموصلية ، ومن هنا فان لهجة اهل الموصل ذات عمق بعيد يبدأ بخصوصية اللهجة و يمتد الى غور اللهجات في المشرق والمغرب، اضافة الى انها من اقرب اللهجات الى لغتنا الفصحى ، وعليه فان الحفاظ عليها هو في الواقع حفاظ على هويتها وانتمائها العراقي والعربي وهذا بالضبط ما يعطي لحلقات عمو مشتاق اهميتها ويخرجها عن الاطار المحلي الضيق .
ولقد جاءت الحلقة الاخير لتشكل طفرة في الشكل والمضمون والاخراج الفني في رحلة عمو مشتاق ،فقد جاء حديثه في حلقته هذه بمنتهى العفوية وكان إلقاءً معبراً، كما ان جهد الاخ المهندس سالم الحسو في الانتاج والاخراج الفني واختيار الصور الملائمة والموسيقى والاغنية المرافقة رائعا: كل اولئك اعطى الحلقة جمالا ونكهة خاصين .
وانا اطمع بتطوير هذا المشروع واشارك اخانا الفنان صبحي صبري عندما نَوَّهَ بضرورة الاهتمام باللهجات الموصلية المتعددة ( يُنظر تعليقه على مقال الاديب صالح الياس عن اشكالية اللهجة الموصلية في موقع بيت الموصل ) وادعو الى تسجيل حلقات بها ، واذا ما تعذر على الاخ مشتاق ان يتحدث بغير اللهجة التي يستخدمها ، يمكن ان تقدم حلقات يشترك فيها اكثر من شخص ممن يجيدون تلك اللهجات.
ان توثيق لهجات محلات الموصل مهم لانه يفيد في دراسة اسباب هذا الاختلاف في النطق ويعطي مؤشرات عن التكوين الاجتماعي والقبلي للمجتمع الموصلي .
واكاد اتخيل ان الاخ مشتاق سيعتب علي ويقول : ان هذا الرجل يكثر عليَّ مقترحاتِهِ بين مناسبة واخرى . واود ان اطمنه انني لن اعيد ما سبق ان قلته عن الامثال الموصلية ،بيد انني اذكره به .
واقول لاخي سالم الحسو الذي اعرف انه لا يقبل مدحا ،اسمح لي ان اقول : انك لم تكن منتجا فحسب ، بل ان روحك السامية هي ما تلمسته وراء كل شيء جميل في هذه الحلقة
***
والى لقاءات قادمة مع حلقة : كلمٌ على كلم
*
عودة الى الصفحة الرئيسة