الحلقة الخامسة
بقلم : احمد الحسو
1
كلمة الى الزملاء الافاضل كتاب بيت الموصل
كان إغناءاً وتنويراً كبيراً لي ان اقرا واستفيد مما كتبه وسيكتبه الزملاء والزميلات في بيتنا الجميل ؛ بيت الموصل ، وسوف اقدم في هذه الحلقة والحلقات القادمة من ( كلم على كلم ) بعض الافكار والمقترحات مستنيرا بما تفضلوا بطرحه مشكورين. وقد آثرت الا تكون الحلقة مثقلة بموضوعات كثيرة، واقتصرت في كل مرة على بعض منها ،على ان اتناول غيرها في حلقات قادمة
*
معد الجبوري في قصيدته: رحى...ورحى
نشرت القصيدة في بيت الموصل في 01/04/2014
هذه القصيدة عالم وسيع ، فمع انها مرثاة لايام الشاعر قبل وبعد 2003م الا انها مرثاة لايام جيل بل مجموعة اجيال ممن عاشوا – عبر حقب زمنية طويلة - حلم وحدة الامة وحريتها ، وتطلعوا الى ان يجدوها حيث يجب ان تكون ،ثم اذا الحلم يتداعى ، وشهد الهوى يصبح مرا ؛ ولعل هذا ما عناه الشاعر عندما انتقل بقصيدته من الخاص الى العام ، فقال :
فها أنَذَا ، كأسي شَظايا تَطايَرَتْ
وما طحْتُ وحدِي ، فالزمانُ تَطوَّحَا
لقد رسمت الابيات الثلاثة الاخيرة ثلاثة مشاهد، كم اتمنى ان يتناولها فنان تشكيلي فيحول كلا منها الى لوحة ..
ارأيتم الى هذه الحركة الفنية البديعة والمحزنة في ( غَد لَوَى جِيدَهُ ، قبْـلَ المَجِيءِ ، ورَوَّحَا ) وفي حلم ما ان آخْضَل عودُه ، (حتى غامَ أفْقٌ ، فصَوَّحَا )ٍ، او رأيتم الى قلب الشاعر؛ هذا الذي اضطرمت على ضفافه كل مشاعر الحلم والوجد والحرقة، كيف حاول بتصميم ان يدفع برحى ثقيلة بغيضة عنه ،فاذا هو مطوي باخرى لم تمهله ، وبغادرة ثالثة حاولت ان تنقض عليه ..
وَقَلبٍ لَجُوجٍ ، كُلَّما انْفَكَّ مِنْ رَحَى
طَوَتهُ رَحَى أخرى ، وهَمَّتْ بِهِ رَحى
الرحى في حركتها الثلاثية المتلاحقة في هذين البيتين، لها اكثر من دلالة،ولقد صدق الناقد الاديب انور عبد العزيز حين تحدث عن ظاهرة تكرار الكلمات في قصائد معد الجبوري وحين وجدها بناء مموسقا مؤديا غرضه ، كما هي الصورة في حركة الرحى التي اكاد ارى واحس ماذا فعل توالي ضرباتها بالشاعر،وماذا فعلت بالناس اجمعين .
الشاعر هنا يسجل حالة عاشها وعاشتها الامة كلها افرادا واسرا وجماعات ،وهو هنا يقدمها للتاريخ وللاجيال بمرارتها وعنفوانها بما لا تستطيع صورة فوتوغرافية او تسجيل فيديوي ان يحققاه .. واحسب ان قيمة اية قصيدة تكمن في مستوى قدرتها على تصوير حالة معينة اما قيمتها التاريخية ( وانا هنا لا اتحدث عن القيمة الادبية لانني متلق وما انا بناقد ) فهي انها تنقل الحدث من منظورالشاعر ومن خلال تفاعله معه ، فتخدم رجل التاريخ في كونها شهادة عيان منغمرة مع الحدث شكلا ومضمونا.
ولا اراني بحاجة الى القول اننا نتحدث هنا عن جزئية في عالم الشاعرومنظور له من خلالها وليس عن نظرته الكلية التي تحددها- في الواقع - كل قصائده ؛ ما ولد وما سيولد .. هناك نجده كما نجد كل الاحرار في بلادنا وفي كل ارجاء العالم اقوى من كل رحى .
تحية للشاعر الكبير.
**
اسامة غاندي في دراسته عن تاريخ اليهود في الموصل
نشرت الدراسة في موقع الحسو للدراسات الكمية والتراثية كما نشرت في بيت الموصل
في ثلاث حلقات ابتداء بتاريخ 10/03/2014
كثيرة هي الاهتمامات بالموصل وتكوينها الاجتماعي والتراثي عبر تاريخها الحديث والمعاصر ، وهي كلها تؤدي دورا وتحقق اعلاما ،بيد ان ما يجب ان يتطور الامر اليه هو النزوع الى دراسات علمية تاخذ بالوسائل العلمية في البحث فتجمع وتغربل وتدقق ولا تاخذ الامور على علاتها ثم تقدمها بلغة علمية سهلة تدخل الى ذهن القارئ بسهولة ويسر، كهذا الذي نجده في دراسة الباحث المدقق اسامة غاندي تحت عنوان :( يهود الموصل .. بين التاريخ والسياسة التي أريد لها ان تكون تاريخا). ولقد سرني ان هذا المقال هو خطوة في مشروع واسع سيتناول الشرائح الاجتماعية للمدينة اضافة الى سكانها الاصليين ؛ وهي التفاتة كريمة من الباحث الفاضل الى حقيقة ان الموصل المعتزة بخصوصيتها كانت مدينة اتصال واخذ وعطاء فكرا وادبا وفنا واقتصادا وكانت دوما ترفع لواء التواصل الذي حمله اسمها .
واود هنا ان اشير بانني كنت بدات مشروعا قريبا مما يقوم به الاستاذ اسامة غاندي عن الموصل ، وما قام به الاستاذ صلاح سليم في دراساته وترجماته العديدة والقيمة عن التركيبة والمتغيرات السكانية. كان مشروعي شاملا لكل مدن العراق الاخرى لاستعراض تطورها وعلاقاتها بالمحيط الحيوي لها ( مدنا وريفا وبادية) وما طرا عليها من متغيرات اجتماعية وثقافية واقتصادية كما ورد في المصادر البلدانية وغيرها اعتبارا من مرحلة ما قبل الاسلام وانتهاء بالتاريخ الحديث والمعاصر ؛ وكم اتمنى ( وقد حالت الظروف والمَهَاجِرُ دون اتمام المشروع رغم جمعي لمادته ) لو ان الباحث الفاضل توسع في مشروعه فيما يخص الموصل على الاقل بما يوسعه ليتناول تطورها المشار اليه (اعني من خلال المصادر البلدانية بخاصة ) منذ بدايتها التاريخية الاولى و حتى يومنا هذا، وانني على اتم الاستعداد للتعاون في هذا المجال ما استطعت اليه سبيلا .
***
اصداران جديدان للدكتور حكمت الحلو
نشرفي بيت الموصل بتاريخ بتاريخ 31/03/2014
في مقال للدكتور محمود الحاج قاسم نشره في بيت الموصل ، قدم – مشكورا- تعريفا دقيقا بكتابين جديدين صدرا هذا العام للدكتور حكمت الحلو؛ اولهما قاموس للمصطلحات الخاصة بموضوع الباراسايكولوجي في علم النفس وهو كتاب ذو اهمية في موضوع لما يزل بكرا مما سيغني المكتبة العربية ويسد فرغا فيها ، اما ثانيهما فهو كتاب
( سايكولوجية النوم والاحلام ) وهو يخص موضوعا حيويا، نظرا لانه يتعلق بجزء مهم من حياة كل انسان ؛ اعني الساعات الطويلة التي يقضيها نائما والاحلام التي يشاهدها دون خيار منه بكل تاثيراتها سلبا او ايجابا .
اهتمام الدكتور الحلو بالاحلام وسايكولوجيتها وتخصيصه مبحثا خاصا عن الرؤيا في الاسلام يجعلنا نتطلع الى مزيد من تسليط الضوء، بل والى كتاب مستقل عن الرؤيا من وجهة نظر الاديان كافة من جهة، ومن الزاويتين التاريخية ثم العلمية من جهة اخرى.
لقد لعبت الرؤيا دورا كبيرا في حياة الشعوب وكان لها عبر مراحل عديدة في التاريخ الاسلامي - وبخاصة في العهدين المملوكي والعثماني - تاثيرها البالغ في المجتمع والدولة .
ان الحاجة ماسة الى دراسة علمية اكاديمية في هذا الاتجاه تضع الامور في اطارها الصحيح مع الاخذ بنظر الاعتبار ان الاحلام والرؤيا وُظِّفَتْا في كثير من الاحيان توظيفا سلبيا وبعيدا عن العلم والدين .
ذلك ما اطرحه على الباحث القدير الدكتور حكمت الحلو مع تحياتي وتهانيَّ له على انجازاته القيمة .
****
للرجوع الى الصفحة الرئيسة