سمير بشير حديد
تعد المَوْصِل (الحدباء– أم الربيعَيْن) إحدى أقدم المدن في العالم، لها تَاريخ عريق وتُراث ماثل للعيان، زاخر بالأحداث، حافل بالأمجاد، وهي من أهم مدن العراق وأجلِّها شأناً، ومن أبرز الحواضر العربية عطاءً وحضوراً.
والموصل غَنِيَّة بآثارها، عريقة بتُراثها وتقاليدها، اشتهرت بالصناعة والتجارة والزراعة خلال العصور الماضية، وذاع صيتها بين بلدان العالم بما امتازت به من مصنوعات برع أبناؤها فيها وحذقوا، فهم أنموذج للتفكير المنظم المرتكز على العمق الحضاري والجذر التَارِيخي. أنجبت علماء وأعلاماً وكتاباً وشعراء وفنانين وأدباء ومثقفين وأجناداً على مر العصور وفي مختلف الأزمان. فالحَضَاَرة العربية الإسلامية مَدِينةٌ لهذه النخبة سليلة رحم الموصل مَدِينة الأولياء والصالحين.
يعرف عن أهالي الموصل دقة التنظيم، وسرعة التدبير، وتدارك الأمر، وحسن معالجة الحالة....وعلى مر العصور واجهت الموصل حروب وويلات ودمار وفياضانات ومجاعات وامراض فاتكة، خرجو منها بدروس وعبر، واستطاعوا أن ينظموا انفسهم بانفسهم ويقللوا من معاناتهم ويعيدوا تنظيم حياتهم.
خلال العصر الحديث ومنذ منتصف القرن الماضي واجهت الموصل انتفاضات وثورات وانقلابات وحروبا آخرها ما يحصل الآن، ولكن تجد الموصلي قادرا على اعادة تنظيم حياته والاعتزاز بمدينته ويسعى نحو التمسك بهويته والحفاظ على آثار مدينته ومقدساتها، وحماية مساجدها وكنائسها ومستشفياتها ومدارسها وجامعاتها،.... ففي الازمة الحالية (التي ندعو من الله أن تمر على خير وتنتهي) وبعد خروج الموصل عن سيطرة الدولة تجد المستشفيات تعمل من اجل اسعاف الجرحى وعلاج المرضى، فهذه شعبة الطواري في المستشفى الجمهوري بالموصل خير مثال على ذلك:
ستبقى منارة الحدباء شامخة ثابتة إلى الأبد، وهي جزء من العراق الموحد، لا تقبل بالطائفية ولا التهميش ولا الاستبعاد ولا الظلم: