صلاح سليم علي
تعرف الشخصية الخيالية بانها شخصية افتراضية توجد في النصوص الادبية كالمسرح والرواية والقصة القصيرة والمسرح والأساطير والخرافات وما يؤثر عن الأدب الشعبي...وقد يعتمد المؤلف في خلق الشخصية الخيالية وبنائها على شخصية واقعية [أحيانا] تغيب تماما في الملامح الافتراضية للشخصية الخيالية والحوادث والظروف المحيطة بها..وظاهرة الشخصيات الخيالية شمولية في الحضارات كلها..وتعكس الشخصية الخيالية نظرة المؤلف، الذي قام بخلقها، الى العالم، وقد تعكس روح العصر او الطبقة الاجتماعية التي نشأت في سياقها مما يجعل منها اداة للتعبير عن مواقف فكرية واجتماعية معينة او صراع ايديولوجي معين..وقد تاتي تعبيرا عن الحاجة الى تأويل ملاغيز تاريخية او اسطورية او في تلبية تطلعات سياسية وعنصرية في مرحلة تاريخية معينة..وتختلف الشخصيات الخيالية من خلال منظور القاريء او المشاهد ..فغالبا ما يميل القاريء او المشاهد للشخصية الخيالية [في المسرح او السينما او التلفاز] الى التعاطف معها واحيانا الى التذوت بها اعتمادا على استجابة تلك الشخصية لتطلعات وميول المشاهد او القاريء. ونادرة حالات التعاطف والتذاوت مع الشخصيات الشريرة او الخلافية..وقد يتعاطف القاريء مع شخصية خلافية كشخصية علي الزيبق من الف ليلة وليلة او شخصية روبن هود او ارسين لوبين على الرغم من مخالفة هذه الشخصيات للعرف الاجتماعي والقوانين والدولة والسبب في ذلك ان هذه الشخصيات تميل الى مناهضة الحكومات والقوانين بدافع تحقيق العدالة الاجتماعية.. وتعتمد دراسة الشخصية الخيالية في الاعمال الأدبية تحديدا على دراسة علاقتها بالشخصيات الأخرى في العمل الأدبي وكذلك على العلاقات بين الشخصية الخيالية وطبيعة الحوادث التي تحدد اتجاه السلوكيات المختلفة للشخصية في محيطها الافتراضي في العمل الادبي ..فنحن في قراءتنا لمسرحية هاملت لشكسبير قد نغفر لهاملت قتله على سبيل الخطأ بولونيوس والد اوفيليا [كونه كان يتلصص من وراء الكواليس على هاملت ولصالح كلوديوس الملك الغاصب الذي يعمل في خدمته] ، ولكننا لا نغفر له طريقة تعامله مع اوفيليا على نحو تسبب في انتحارها.. وغالبا ما يضع الراوية خيوط الحبكة ومفاتيح فهم الشخصية بيد القاريء أوالمشاهد في الوقت الذي تجهل فيه الشخصيات في العمل الروائي والمسرحي جوانب كثيرة من الدوافع والحوادث التي تحيط بها كما في مهاجر بريسبيان لجورج شحادة [ترجمة ادونيس عن الفرنسية]..او يميل الى توجيه المشاهد او القاريء الى التوحد والتعاطف مع البطل الذي يتحدث بصيغة الشخص الأول..فنحن نتعاطف مع السندباد وليس مع انصاف الوحوش والوحوش التي واجهها كشيخ البحر وملك سرنديب الذي يرغمه على الرضوخ لعادة الدفن حيا مع زوجته التي وافتها المنية في شبابها..
وقد درج الخيال الشعبي الى اضفاء ابعاد اسطورية وتخيلية على شخصيات تاريخية حقيقية كسيف بن ذي يزن والزير سالم وذي القرنين [الذي يختلف في تشخيصه بين الأسكندر المقدوني وقورش وسرجون الأكدي]، وحاتم الطائي وهارون الرشيد وصلاح الدين الأيوبي ونور الدين محمود وغيرهم، فضلا عن التوسيع الأسطوري لشخصيات الأنبياء والأولياء كالنبي سليمان والنبي موسى والخضر وغيرهم..
ويزخر التاريخ الأدبي بالشخصيات الخيالية عربية المنشأ ولعل منها ما ينبثق من أصول واقعية في التاريخ الحضاري العربي والإسلامي كأبي القاسم الطنبوري الذي تجمع المصادر انه كان موجودا فعلا وإنه تاجر عاش في بغداد اتسم بالبخل على الرغم من غناه.. غير أن القصص التي تدور حوله تصف البخل وتلك صفة عامة كتب فيها الجاحظ كتابا، مما يرجح ان حكايات البخل تميل الى التبلور حول شخص ما قد يكون هو ابو القاسم الطنبوري وقد يكون غيره.. مع ذلك يتميز ابو القاسم الطنبوري بحذائه الذي ذهب مثلا يضرب على اي شيء يتسبب في متاعب لصاحبه ولا يمكن التخلص منه في اشارة الى حذاء ابي القاسم الطنبوري المرقع والمتهريء الذي يعاد اليه في كل مرة يحاول التخلص فيها منه متسببا بمشكلة وغرامة يغرمها فيتوجه الطنبوري في آخر المطاف الى القاضي ليعلن براءته من الحذاء خوفا من الوقوع في مزيد من المشكلات..
ومن الشخصيات الخيالية التي ابتكرتها المخيلة العربية شخصية الحارث بن همام الذي جعله الحريري راوية لأخبار بطل مقاماته وهو شخصية خيالية ايضا اسماها أبو زيد السروجي ..وقد اعتمد الحريري في بناء مقاماته وخلق شخصياته الخيالية على مؤسس هذا الضرب من الفن الروائي بديع الزمان الهمداني الذي اعتمد شخصيتين خياليتين هما الراوي وسماه عيسى بن هشام والبطل الذي تدور عليه حوادث المقامات وأسماه ابو الفتح الأسكندري..غير ان المقامات نفسها فتجري في سياقات جغرافية وتفاصيل واقعية..ومن الشخصيات الخيالية التي تخدم اهدافا رمزية شخصية حي بن يقظان التي ابتكرها الفيلسوف العربي ابن طفيل..ويماثل حي بن يقظان في ولادته ولادات سرجون الأكدي وموسى وريموس وريمولوس..فبينما وجدت الأخيرين ذئبة ارضعتهما لتخلد في تمثال من البرونز فوق تل الكابيتولاين [لا لوبا كابيتولينا] يمثلها وهي ترضع طفلين بما يرمز الى مدينة روما والى الأيطليين، وجدت كل من سرجون الأكدي وموسى إمرأة تنتسب الى القصر الملكي لأورزوبابا ولرمسيس الثاني على التوالي بينما عثرت على حي بن يقظان ضبية ..وحكايته انه ولد لشقيقة ملك سرنديب ورجل من أقاربها اسمه يقظان..ولأنها تزوجته سرا عمدت الى وضع طفلها في تابوت والقته في البحر لتحمله الأمواج الى شاطيء جزيرة الواقواق وتجري حياة حي بن يقظان على نحو مماثل لحياة البشر من العهود البدائية حتى عصر العقل..وقد ألهمت هذه القصة الروائي الأنكليزي دانيال دفو في ترجمتها اللاتينية او الإنكليزية لتأليف رواية على غرارها اسماها روبنسون كروسو..وقد تمخظت عن هذه الرواية التي الهمتها رواية ابن طفيل سلسلة من الروايات العالمية عن الجزر اهمها رواية جوناثان سويفت رحلات جوليفرالتي يعارض فيها فلسفة دانيال ديفو التي تضع الفرد قبل المجتمع لأن جوليفر يزور مجتمعات ناجزة لكل منها فلسفتها وطريقتها في الحياة، ورواية روبرت لويس ستيفنسون جزيرة الكنز ورواية جان جاك روسو أميل، وهي رواية تحاكي رواية روبنسون كروسو ولكن الهدف منها وضع منهج تربوي يعتمد على التجربة المتأتية من الضرورة على نحو مماثل لحي بن يقظان..مما يشير الى ثراء التجربة الخلاقة في ابتكار الشخصيات الخيالية وما يترتب عليها من تاثيرات تتجاوز الحدود القومية والزمانية لعصرها..ومن الشخصيات ما يسحب على عالم الإفتراض والخيال أكثر من الواقع لتوزعها بين الأمم بحيث تلتبس الحقيقة مع الخيال والتاريخ مع الخرافة من جراء تعدد التسميات وتنازع الانتماءات ..ومن هذه الشخصيات جحا الذي يعرف بالخواجا نصر الدين والملا نصر الدين في وسط آسيا وتركيا ، ويعرف بالافندي في الصين وقرقيزيا وعند الأيغور، ويعرف في المصادر العربية ب أبو دُجين و أبو الغصن بن ثابت اليربوعي وينسب الى البصرة..وغالبا ماتتماهى شخصيته بشخصية ابي نواس وبشخصية اشعب، ولعل المقصود بأبي دجين شخصا آخر غير جحا الذي ذكره الجاحظ في كتاب البغال بأسمه [جحا] عندما سأل رجلا حمصيا عن الطريق..
ومن الشخصيات الخيالية التي تتجاوز تخوم التفكير المنطقي شخصية عوج بن عنق الذي تطرق اليه معظم المفسرين والمؤرخين كالطبري وابن الأثير والقرطبي والأبشيهي وغيرهم ..وينسبونه الى القوم الجبارين الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم وفي معرض الحديث عن موسى وعوج هو أبن عنق أو عوق أوعناق، وهو حفيد آدم من ابنته عنق أول بغي فى التاريخ ( كما تدعي الاساطير) ...وذهب المؤرخون في وصفه مذاهب عديدة ..غير ان أجماعهم كان على عظم حجمه وطول قامته وجبروته [قيل إن طوله "ثلاثة ألاف وثلاثمائة وثلاثين ذراعا وثلث ذراع"، وقيل إنه كان يحتجز{يحتجب} السحاب ويشرب منها، "وكان يضرب بيده فيأخذ الحوت من قاع البحر ثم يرفعه إلى السماء فيشويه بعين الشمس فيأكله". نجا من الطوفان في زمن نوح، وحارب العديد من الأنبياء، وكانت نهايته حين رفع الجبل ليرمي عسكر موسى بالجبل، "فجعله الله طوقاً في عنقه، وقتله موسى]..وفي المصادر العربية أن موسى قتل عوج بوثبة اصابته في كعبه [كان سرير عوج ثمانمائة ذراع، وكان طول موسى عشرة أذرع، وعصاه عشرة أذرع، ووثب في السماء عشرة أذرع، فضرب عوجاً فأصاب كعبه، فسقط ميتاً، فكان جسراً للناس يمرُّون عليه] وتذكرنا هذه الرواية بأسطورة يونانية هي اسطورة الأرغونيين والجزة الذهبية حيث قابل جيسون بطل الأسطورة عملاقا من البرونز اسمه طالوس وتمكن من قتله بعد تفريغ دمه بطريق فتحة في كعبه: كما تكرنا برواية الأوديسة لقتل باريس أخيلوس بضربه بنبل اصابه في كعبه...
وثمة شخصيات تقف في المنطقة الرمادية بين الأسطورة والتاريخ، ككعب الأحبار وخلف الأحمر وحماد الراوية..وذلك كون ألأول يهوديا تعزى اليه معرفة التاريخ العربي الإسلامي وكل مايحيط العرب من أسرار وهذا مايتعارض مع المنطق والأثنان ألآخران اي حماد الراوية وخلف الأحمر تجمع المصادر على انهما من الموالي الفرس ولا يعقل ان يكونا ضليعين بالتاريخ الأدبي للعرب يحفظان عن ظهر قلب كل مايؤثر من الشعر الجاهلي والإسلامي..والشخصية المتأرجحة الأخرى بين التاريخ والأسطورة هي شخصية عبد الله بن سبأ..اما وضاح اليمن فعلى الرغم من وجود ديوان من الشعر ينسب اليه، فالأرجح ان يكون شخصية وهمية ابتكرتها المعارضة الفارسية للحكم الأموي..للطعن بشخصية الوليد بن عبد الملك..ودليلي على ذلك انتماء الشعر الذي ينسب اليه الى أواخر العصر العباسي الثالث في مضامينه وبنائه وأوزانه..وكون الإشارة اليه محصورة في كتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني وللإشارة الصريحة في الشعر المنسوب اليه الى أم البنين ..فلايعقل ان يكون لزوجة الوليد بن عبد الملك علاقة بشاعر من اليمن فائق الجمال. او ان يكون الوليد من الغفلة بحيث يترك ابواب قصر الرصافة مفتوحة لكل من هب ودب..كما ان حكاية اكتشافه وأخفائه في صندوق ودفنه حيا هي الأخرى مختلقة لما تنطوي عليه من تناقضات ..مما يجعل شخصية وضاح اليمن خيالية جملة وتفصيلا على الرغم من تضمين البردوني لها في المربد في سياق قصيدة يخاطب فيها ابا تمام اسماها [أبو تمام وعروبة اليوم]:ـ
مَاذَا أُحَدِّثُ عَـنْ صَنْعَـاءَ يَـا أَبَتِـي ؟
مَلِيحَـةٌ عَاشِقَاهَـا : السِّـلُّ وَالـجَـرَبُ
مَاتَـتْ بِصُنْـدُوقِ «وَضَّاحٍ» بِـلاَ ثَمَـنٍ
وَلَمْ يَمُتْ فِي حَشَاهَا العِشْـقُ وَالطَّـرَبُ
ولعل ابرز الشخصيات الخيالية الوافدة من اليمن السعيد هي شخصية عبد الله الحظردأو (عبدول الحظرد)التي ترتبط بنوع من الجغرافيا الخيالية هي الأخرى، ألا وهي جغرافيا الوهم..وجغرافيا الوهم تشير قبل كل شيء الى خاصية مميزة للعقل العربي في واحد من جوانبه الأكثر حيوية..وتتكرر في التاريخ وفي التصوف ..والغريب ان الف ليلة وليلة لم تبتكر الكثير من هذه الروايات بل اعتمدها الراوي على لسان شهرزاد من مصادر التاريخ العربي ومن البلدانيين العرب والمسلمين..ومن أبرز معالم جغرافيا الوهم هذه جزر الواقواق وجبل قاف وعين ماء الحياة ومدينة النحاس ومدينة إرم ذات العماد وسد يأجوج ومأجوج..فقد حلم الخليفة المتوكل مرة في سامراء ان سد يأجوج ومأجوج قد انكسر وأن الأقوام الحبيسة خلفه تدفقوا على بلاد الإسلام وعاثوا فيها فسادا فقام بإرسال سلام الترجمان على رأس قافلة كبيرة في رحلة الى بلاد الصين ليتأكد من حال السد ويرمم الكسر ويعود اليه بأخبار عن حملته..أما مدينة النحاس فيتكرر ذكرها في المصادر العربية حتى ان ابن خلدون تعرض للبلدانيين الذين جاءوا على ذكرها بالنقد فقال ان النحاس تصنع منه الأواني ولاتشاد به المدن..وكان عبد الملك بن مروان قد ارسل حملة لأكتشاف اواني نحاسية من بحيرة في شمالي افريقيا كان النبي سليمان قد حبس فيها ارهاطا من الجن..وان احدى تلك القناني قد فتحت عن جني في مجلس عبد الملك بن مروان وبحضور الإمام الزهري الذي نصح الخليفة بالإيعاز لأخيه عبد العزيز والي مصر آنذاك، بالقيام بحملة لجلب المزيد من تلك القناني..فعثر قادة الحملة على مدينة النحاس وكان سكانها من الموتى والجن..
وتتصل شخصية عبد الله الحظرد بمدينة إرم أو آرام التي يفترض وفق ماتذهب اليه الروايات انه الشخص الوحيد الي تمكن من رؤيتها ودخولها ثم وصفها..
وشخصية عبد الله الحظرد من اكثر الشخصيات الخيالية إيغالا في الغموض والغرائبية فهو من مبتكرات كاتب غربي يجهل اللغة العربية اسمه هوارد فيليبس لافكرافت [الفاء الأولى في لافكرافت اعجمية]..ويبدو ان المؤلف الذي ابتكر شخصيته كان مولعا بالإسرائيات وبقراءة الأدب الخيالي كألف ليلة وليلة والملك الأصفر وروايات واشنطون أي رفينج وناثانيل هوثورن وغيرهم..ولعله اطلع على ادبيات ميتافيزيقية يونانية وعربية تتعلق بجابر بن حيان والكيميا المعنية بالبحث عن حجر الفلاسفة وادبيات الرحلة في الأماكن النائية كصحراء الربع الخالي ، وما الى ذلك مما افضى الى زعمه ان عبد الله الحظرد ألف كتاب (العزيف) الذي عرف فيما بعد بكتاب (النيكرونوميكون)، وهو كتاب يتناول اساليب سحرية لأستنطاق جثث الموتى والتعرف من خلالهم على المدن الغابرة والأسرار الدفينة..وانه اي عبد الله الحظرد كان قد امضى عشرة اعوام بمفرده في صحراء الربع الخالي بعد ان عاد من رحلة اخذته الى حران وبابل وممفيس والهند، وإنه كان يجيد لغات متعددة وأنه امضى آخر سني حياته في دمشق التي الف فيها كتابه العزيف [وتعني همهمة الحشرات]. ويتحدث في كتابه هذا عن عوالم افتراضية بلغة الرموز والسحر وذكر أنه رأى مدينة إرم ذات العماد وشاهد بناتها من قوم عاد وهم عمالقة يتمتعون بقوة هائلة مما يفترض ان له قدرة على السفر عبر الزمان..
ويقحم عبد الله الحظرد على ابن خلكان اقحاما لم اجد مبررا له ..وفي الواقع فإني لم أجد مدخلا في كتاب ابن خلكان بأسم عبد الله الحظرد أو الحظرد مع ذلك يتواتر ذ كره في عدد من المصادر من خلال ربط اسمه بكتاب [العزيف] او [النيكرونوميكون] آنف الذكر ومن المصادر مايؤكد انه شاعر وساحر يمني ظهر في مطلع القرن السابع الميلادي وإنه توفي عام 738 عندما أختطفه وحش مخيف التهمه في وضح النهار على مرأى من شهود عيان جمدهم الخوف ومصدر هذه الرواية هو مخترع شخصية عبد الله الحظرد الذي يعزو رواية اختطافه من دمشق ومقتله الغريب الى ابن خلكان..ويرى لآفكرافت أن سبب مقتله يعود الى تعامله مع كتاب العزيف ويرى ان كل من يتعامل مع هذا الكتاب يلقى نهاية مخيفة..ولعل لافكرافت قد تاثر في هذه الرواية بقصة [الملك الأصفر] الذي حظر من الموت ليستعيد شارة صفراء وكتاب اصفر ثقيل وكان حظوره سببا لموت صاحب الكتاب ورفيقته التي اهدته الشارة التي اشترتها من محل لبيع الأنتيكات ثم تحول الملك الأصفر الى كومة من التراب والعظام وكأنه ميت منذ دهور..وهي قصة قصيرة تنتسب الى قصص الرعب، ولكن لايوجد مايؤيد هذا الأفتراض ..ويعتقد الحظرد ان اجناسا أخرى غير بني آدم ورثت مع الإنسان هذه الأرض وإن هذه الكائنات هي مصدر المعارف التي وصلت البشر منذ العهود القديمة وإن هذه الأجناس لم تنقرض بل تعيش في كواكب أخرى وإنها ستعود لأسترجاع الأرض..مما يجعل كتاب العزيف المنسوب الى الحظرد أقرب الى كتب التاريخ منه الى السحر فهو يتحدث عن أقوام من الجبابرة كعاد والعماليق وعن جنس هبط من السماء ليتزوج من نساء من البشر ويستولدهن ذرية من المسوخ مخيفة تعلموا كيف يصنعون أسلحة غريبة ومجوهرات وكانوا يشربون الدماء..وفي كتاب أخنوخ [إدريس] إشارة الى اولئك الذين هبطوا من السماء وتناسلوا مع البشر..
والأغرب ان كتاب العزيف العربي هذا لم تعثر على اية نسخة عربية منه بينما ترجم الى اللاتينية ويبدو ان نسخا من الكتاب كانت منتشرة في اوربا في القرن الثالث عشر بحيث اصدر البابا جريجوري التاسع امرا بمنع الكتاب واحراق نسخه..فهل كان متوفرا في نسخ ماخوذة من نسخ مترجمة قبل ظهور اول ترجمة لاتينية له عام 1457 من قبل قس يدعى اولوس فيرمياس الذي اطلق على الكتاب اسم النيكرونوميكون؟ ..غير ان ذلك القس اتهم بالهرطقة واحرق وأحرقت معه كتبه..غير ان نسخة من الكتاب حفظت في مكتبة الفاتيكان وظهرت نسخة للكتاب لدى الحاخام اليهودي يعقوب اليتزر الذي ترجم اقساما منه الى العبرية عام 1664 اطلق عليها [بوابات المعرفة] او [سفر هشاري حاداث].. ثم تعقب فترة صمت لحين مطلع القرن العشرين حيث ظهر الكتاب لدى الساحر البريطاني اليستر كراولي الذي تقمص شخصية الحظرد وسافر الى شمالي افريقيا ليعيش في صحرائها ظروفا مماثلة لتلك التي عاشها الحظرد في الربع الخالي..ويرجح ان شخصية الحظرد انتقلت الى لوفكرافت عن طريق سونيا جرين التي التقت بالأخير قبل ان ينشر قصته عن [المدينة التي لا إسم لها] وهي اول قصة يظهر فيها اسم الحظرد..
تتركنا هذه الرواية عن عبد الله الحظرد في جملة من الألغاز التي يصعب حلها وأبرز تلك الألغاز عزو رواية ميلاد الحظرد وموته الى ابن خلكان..مما ينقل شخصيته من مجال الأسطورة الى مجال التاريخ..وهذا ما لم نعثر على مايؤيده في [وفيات الأعيان] فمن اين جاء الكاتب الأجنبي بهذه الرواية؟ والأرجح ان خلطا موهوما او مقصودا حدث في احدى حلقات انتقال هذه المعلومات بين شخص بدوي يعرف بعبد الله بن قلابة وعبد الله الحظرد..ولأن الأول كان قد شاهد على سبيل الصدفة، فيما تجمع المصادرالعربية، مدينة إرم ذات العماد، فعمد الكاتب الغربي الى ايراد اسمه [عبدالله] مضيفا اليه اسما غريبا ابتكره من عندياته هو[الحظرد] الذي يوحي بالنسبة الى حضرموت حيث يطلق على الشخص من حضرموت اسم [الحضرمي]..ولعل مصادره عن الحظرد كلمة انكليزية هي [هازردز] وتعني مخاطر..وذلك لأن الظاء المشالة تلفظ [ز] بينما تلفظ الحاء العربية [هاءا] باللغة الإنكليزية..لعدم وجود هذين الحرفين في اللغة الإنكليزية..على ذلك يكون من الجائز لنا ان نعتبر [عبد الله الحظرد] هو عينه [عبد الله بن قلابة] الذي ورد ذكره في معرض الحديث عن ارم ذات العماد في الطبري و الثعالبي والزمخشري وياقوت الحموي والمسعودي وابن حجر العسقلاني وابن عساكر والقزويني وابن الوردي وابن خلدون وغيرهم. ومن غير اهل السنة جاء على ذكر ابن قلابة المجلسي في كتابه [بحار الأنوار] فقال بادئا بالآية الكريمة:
[ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد، ثم مات عاد وأهلك الله قومه بالريح الصرصر..حدثنا محمد بن هارون حدثنا معاذ بن المثنى قال: حدثنا عبد الله بن أسماء قال: حدثنا جويرية، عن سفيان، عن منصور، عن أبي وائل قال: إن رجلا يقال له عبد الله بن قلابة خرج في طلب إبل له قد شردت، فبينا هو في صحارى عدن في تلك الفلوات إذ هو قد وقع على مدينة عليها حصن، حول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال، فلما دنا منها ظن أن فيها من يسأله عن إبله فلم ير داخلا ولا خارجا، فنزل عن ناقته وعقلها وسل سيفه ودخل من باب الحصن، فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم منهما ولا أطول، وإذا خشبها من أطيب عود، وعليها نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ضوؤها قد ملأ المكان، فلما رأى ذلك أعجبه ففتح أحد البابين ودخل فإذا هو بمدينة لم ير الراؤون مثلها قط، وإذا هو بقصور كل قصر منها معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت، وفوق كل قصر منها غرف، وفوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت والزبرجد، وعلى كل باب من أبواب تلك القصور مصاريع مثل مصاريع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت، وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران، فلما رأى ذلك ولم ير هناك أحدا " أفزعه ذلك ونظر إلى الأزقة وإذا في كل زقاق منها أشجار قد أثمرت، تحتها أنهار تجري فقال: هذه الجنة التي وصف الله عز وجل لعباده في الدنيا، فالحمد لله الذي أدخلني الجنة، فحمل من لؤلؤها وبنادقها بنادق المسك والزعفران، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها لأنه كان مثبتا " في أبوابها وجدرانها، وكان اللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران بمنزلة الرمل في تلك القصور والغرف كلها، فأخذ منها ما أراد وخرج حتى أتى ناقته وركبها، ثم سار يقفو أثره حتى رجع إلى اليمن وأظهر ما كان معه وأعلم الناس أمره، وباع بعض ذلك اللؤلؤ وكان قد أصفار وتغير من طول ما مر عليه من الليالي والأيام، فشاع خبره وبلغ معاوية بن أبي سفيان فأرسل رسولا " إلى صاحب صنعاء وكتب بإشخاصه، فشخص حتى قدم على معاوية فخلا به وسأله عما عاين فقص عليه أمر المدينة وما رأى فيها وعرض عليه ما حمله منها من اللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران، فقال: والله ما أعطي سليمان بن داود مثل هذه المدينة، فبعث معاوية إلى كعب الأحبار فدعاه فقال له: يا أبا إسحاق هل بلغك أن في الدنيا مدينة مبنية بالذهب والفضة، وعمدها زبرجد و ياقوت، وحصى قصورها وغرفها اللؤلؤ، وأنهارها في الأزقة تجري تحت الأشجار، قال كعب: أما هذه المدينة صاحبها شداد بن عاد الذي بناها، وأما المدينة فهي إرم ذات العماد وهي التي وصفها الله عز وجل في كتابه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله، وذكر أنه لم يخلق مثلها في البلاد، قال معاوية: حدثنا بحديثها، فقال: إن عاد الأولى - وليس بعاد قوم هود - كان له ابنان سمى أحدهما شديدا "، والآخر شدادا "، فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبرا وأطاعهما الناس في الشرق والغرب، فمات شديد وبقي شداد فملك وحده لم ينازعه أحد، وكان مولعا " بقراءة الكتب، وكان كلما سمع يذكر الجنة وما فيها من البنيان والياقوت والزبرجد واللؤلؤ رغب أن يفعل مثل ذلك في الدنيا عتوا على الله عز وجل، فجعل على صنعتها مائة رجل تحت كل واحد منهم ألف من الأعوان فقال: انطلقوا إلى أطيب فلاة في الأرض وأوسعها فاعملوا لي فيها مدينة من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، واصنعوا تحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد، وعلى المدينة قصورا "، وعلى القصور غرفا "، وفوق الغرف غرفا "، واغرسوا تحت القصور في أزقتها أصناف الثمار كلها، وأجروا فيها الأنهار حتى تكون تحت أشجارها فإني أرى في الكتاب صفة الجنة وأنا أحب أن أجعل مثلها في الدنيا، قالوا له: كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذهب والفضة حتى يمكننا أن نبني مدنية كما وصفت؟ قال شداد: ألا تعلمون أن ملك الدنيا بيدي؟ قالوا: بلى، قال: فانطلقوا إلى كل معدن من معادن الجواهر والذهب والفضة فوكلوا بها حتى تجمعوا ما تحتاجون إليه، وخذوا جميع ما تجدونه في أيدي الناس من الذهب والفضة، فكتبوا إلى كل ملك في الشرق والغرب فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاث مائة سنة، وعمر شداد تسعمائة سنة، فلما أتوه وأخبروه بفراغهم منها قال: فانطلقوا فاجعلوا عليها حصنا "، واجعلوا حول الحصن ألف قصر، عند كل قصر ألف علم، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي، فرجعوا وعملوا ذلك كله، ثم أتوه فأخبروه بالفراغ منها كل أمرهم، فأمر الناس بالتجهيز إلى إرم ذات العماد، فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين، ثم سار الملك يريد إرم فلما كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة بعث الله عز وجل عليه وعلى جميع من كان معه صيحة من السماء فأهلكتهم، ولا دخل إرم ولا أحد ممن كان معه، فهذه صفة إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وإني لأجد في الكتب أن رجلا " يدخلها ويرى ما فيها ثم يخرج فيحدث الناس يما يرى فلا يصدق، وسيدخلها أهل الدين في آخر الزمان. قصص الأنبياء: بالاسناد إلى الصدوق مثله. أقول: روى في مجمع البيان نحوا من ذلك عن وهب بن منبه وذكر في آخره أنه قال: وسيدخلها في زمانك رجل من المسلمين أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال يخرج في تلك الصحاري في طلب إبل له، والرجل عند معاوية، فالتفت إليه كعب وقال: هذا والله ذلك الرجل]..
وتتصل بإرض عاد جملة من الأساطير الخاصة بالعرب ولاسيما اسطورة العنقاء التي تحدث عنها هيرودوتس وذكر انها طائر زاهي الألوان يعيش أمدا طويلا ثم يهبط على شجرة عطرية في معمعان الصيف فتشب من قوة الشمس نار تحرق الجزء الذي يحط عليه من الشجرة لينغمر ذلك الطائر باللهيب ويستحيل الى رماد ثم سرعان ما ينبعث مجددا وبكل حيوية من ركام الرماد..ولعل الشجرة المذكورة هي شجرة اللبان التي تنبت في ظفار وفي اليمن ..ويستخرج منها أهل اليمن اللبان الذكر كما يستخرجون المر من شجرة مجانسة تنمو الى جانب شجرة اللبان..ولايعرف مكان آخر لنمو هذين النوعين من الشجر غير القرن الأفريقي القريب من بلاد اليمن السعيد..غير ان اراضي حضرموت التي يطلق عليها في الوقت الحاضر اليمن وعمان هي الموطن الرئيس لإنتاج اللبان والمر بكميات تجارية حيث يصار الى تصديرهما الى مراكز التمدن في الشرق الأدنى منذ العهود الضاربة في القدم فترسل بقوافل الى إبلة وقطنا وإيمار في بلاد الشام والى أور وأكد وبابل وآشور ونينوى وحران وتوشكا في وادي الرافدين والى ممفيس وطيبة وهيليوبوليس وغيرها في وادي النيل..لحاجتها بخورا ودواءا في المعابد القديمة حيث لايمكن لطقوس العبادة ان تجرى بدونهما وبخاصة اللبان الذي مازال يستخدم بخورا ودواءا حتى الوقت الحاضر..
وقد ترتب على تلك التجارة تمهيد طرق تجارية بحرية وبرية اشهرها طريق البخور الذي يمر بتيماء [عاصمة نبونايداس ملك بابل الصحراوية] وديلمون [البحرين] حيث مقبرة وجهاء سومر العراقية..ولعل ازدهار إرم الأسطورية يعود في جانب منه الى تجارة اللبان الذي ينمو في انحاء اوبار التي يعدها علماء الآثار إرم نفسها ويحددون مكان وجودها في شيزر[غير شيزر الشامية التي كان على ولايتها اسامة بن منقذ] القريبة من ساحل عمان في حافة جبل..حيث عثر علماء الآثار على قلعة كبيرة مسورة انهار جزء منها في مغارة عظيمة تحت القلعة حيث يوجد صهريج كبير من الماء يرجح انه كان موصولا ببئر وقد غاص قلب القلعة مع بوابتها وجانب من السور وابراجه في تلك المغارة..ويذكر علماء الآثار ان قلعة شيزر كان لها ثمانية ابراج او أكثر وكان سورها بارتفاع ثلاثة امتار اما سمكه فكان مترا كاملا مبني من الحجارة الجيرية وتقع ابرز بناية منه في الزاوية الشمالية الغربية للقلعة..ويرجح علماء الآثار ان هذه القلعة هي المقصودة بإرم القرآنية..وكانت الأبراج تحمي موارد المياه العذبة والنادرة أمام مفازات الربع الخالي..وقد أشار ياقوت الحموي الى سور اوبار العظيم..ويرى ألآثاريون ان شيزر غرقت في الرمال على نحو يؤيد الوصف القرآني لما حل بقوم عاد..ويرى الآثاري زارين ان اوبار ترتبط بمنطقة وأمة وليس بمدينة بحد ذاتها وان شيزر [اوبار] واحدة من ثلاثة أو أربعة مراكز مدنية وطنها ألأوباريون [قوم عاد] منذ آلاف السنين ..ولا نعرف ان كانت هي إرم ذات العماد ام غيرها ..لكن المهم انها أحد المراكز المدنية في الطريق الصحراوي لتجارة اللبان على حافة الربع الخالي..
وقد اثرت الحكايات التي تؤثرعن عبدالله الحظرد وصلته بإرم ذات العماد من جهة وموته الغريب من جهة اخرى بالفنون الغربية وبخاصة الفن التشكيلي والرقمي المعاصر حيث صورت مدينة إرم في تشكيلات خيالية غاية في الطرافة والتنوع والجمال ..كما ظهرت حكاية الوحش المخيف الذي التهم الحظرد في إحدى حلقات الدكتور [هو] وهو شخصية خيالية في المسلسل الأنكليزي عن الرحلة عبر الزمن حيث قابل الدكتور [هو] ورفيقته [ايملي] في رحلة الى الماضي الفنان الهولندي [فان كوخ] وكان فان كوخ يقاتل وحشا مخيفا غير مرئي إلا من خلال مرآة خاصة جلبها الدكتور [هو] معه ..ويتمكن فان كوخ بمساعدة الدكتور [هو] من قتل الوحش غير المرئي الذي تجسم لحظة موته..بما يشير الى تأثير الكتاب المنسوب الى عبد الله الحظرد في وقائع تلك الحلقة المثيرة..كما اثرت رواية الحظرد ومدينة ارم بسلسلة العاب الفيديو المعروفة ب [انشارتد]،حيث يسافر ناثان دريك وصديقه فكتور سوليفان في الجزء الثالث من اللعبة الى صحراء الربع الخالي واليمن بحثا عن مدينة إرم ذات العماد..وقد وصلت مبيعات هذه اللعبة التي ظهرت عام 2011 بجزئها الثالث الى 17 مليون نسخة عام 2012..وفي متابعة اللعبة نلاحظ ان البطل ورفيقه حاولا الحصول على كتاب للورنس العرب تناول فيه أوبار آنفة الذكر وأشار الى إ رم ذات العماد تحت تسمية [اطلانطس الرمال]، وهي تسمية تعزى أيضا لمؤلف كتاب [بلاد اليمن السعيدة] والرحالة عبر صحراء الربع الخالي [برترام توماس]، كما نعلم من اللعبة الألكترونية نفسها أن الملكة اليزابيث الأولى كلفت امير البحر وبطل معركة الأرمادا مع الأسبان فرنسيس دريك بالبحث عن ارم ذات العماد في رحلة سرية الى جزيرة العرب..وفي الواقع التاريخي نعلم ان فرانسيس دريك لم يصل جزيرة العرب بل زار الفليبين والأميركيتين..ولم نجد مايؤكد إنه كان قد زار أحد الموانيء العربية ..مما يجعل اهتمام الملكة البريطانية بإرم مجرد ضرب من الخيال يضاف الى التفريعات والأستطرادات التي يحاول العديد من المؤلفين والكتاب إلحاقها بما لديهم من معلومات عن تلك المدينة الغائرة..
ويبدو ان الشخصيات الخيالية تقتضي امكنة وازمنة افتراضية او شبه مستحيلة على اقل تقدير وبخاصة في الغرب كشخصية الرجل الوطواط التي تتحرك في مدينة غوتام وجزئها الشمالي المعروف بأرخام، وكذلك مع معظم شخصيات الف ليلة وليلة حيث يتداخل عالم الجن والعفاريت بعالم البشر ومع معظم أساطير الأمم وبخاصة اساطير شعوب الشمال كأسطورة سيد الخواتم..ويبدو ان الغرب اكثر تولعا بابتكار الشخصيات الخيالية والعوالم الافتراضية من العرب وشعوب الشرق الاوسط لأنها تلبي في الغرب حاجة المجتمع الغربي الى الخيال من جراء هيمنة التنظيم العقلاني والتكنولوجيا على مفاصل الحياة ..فضلا عن دخول الشركات الرأسمالية الكبرى مجال التنافس في انتاج ألعاب الفيديو ومكائن تشغيلها..وهي تخاطب فئات عمرية مختلفة مما يجعل تجارة العوالم الأفتراضية سوقا رائجة ومربحة وجزءا لايتجزأ من الحضارة الغربية..في الوقت الذي تقتصر الشخصيات الخيالية في الشرق العربي على عالم الكتب والسينما والى درجة اقل المسرح..وبينما نجد للشخصيات الخيالية في العالم العربي جذورا في التاريخ والواقع، تفتقر الشخصيات الخيالية المبتكرة في العالم الغربي الى اية جذور تربطها بالواقع..مما يدفع الغرب الى الرجوع الى اساطير الشعوب الغابرة..ومأثوراتها في ابتكار عوالمه الخيالية وشخصياته الإفتراضية..ومنها شخصية عبد الله الحظرد المنسوجة من خيوط غير متجانسة اعتمدت المصادر العربية بالمقام الأول...