ـــــــــــــــــــــــــــــ أتسكع في ذاكرتي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حارث معد من أول العهود وأنا اقضم أظافري ـ وانهش التبغ كالمتسول ـ واشد أهدابي كالوتر رأسي رأس أخرى ـ ممتلئة بالأسبرين ـ وبقايا المهدئات والشقوق في يدي قديمة ـ كشقوق الأزقة المقفرة لن أصغي إليكِ ـ أيتها المزامير في صدري ـ لن انظر إليك أيتها الدموع ـ المنهمرة في الظلام من أول العهود وأنا ابحث عن امرأة ـ فارعة كنخلة ـ سمراء كلون الخبز في بلادي بين أهدابها ـ يسكن صمت ليالينا الحزينة ومن أنفاسها تفوح رائحة القداح ـ وخلف عينيها الذابلتين ـ تتألق القباب من أول العهود وأنا أتسكع في ذاكرتي كل أشكال الأبنية الشاهقة في الغرب ـ بنيتها على ضفاف دجلة ـ وأنا غاف على مقود مركبتي ـ بانتظار حفنة وقود أجمل نساء العالم غازلتهن ـ وأنا عالق في زحمة سير قولوا لمدينتي الخشنة الملمس ـ كأوراق الصقل ـ إنني سأعلن صمتي الأبدي سأنام في الساعات المبكرة من النهار ـ متمنيا الاعتكاف ـ أو الرحيل **ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ |
8 Comments
ـ(فضاء بين جمرتين)ـ
كتاب جديد للشاعر معد الجبوري حــارث مـعـد أخيرا، وعن دار السياب ببغداد صدرت في كتاب أنيق المسرحيات الشعرية لوالدي الشاعر العراقي المعروف وكاتب المسرح الشعري الرائد معد الجبوري تحت عنوان :ـ (فضاء بين جمرتين – أربع مسرحيات شعرية) والكتاب هو إصداره التاسع عشر ويقع في (380) صفحة (قطع وسط 14× 22سم) صمم غلافه الفنان بيات مرعي. وضم، كما جاء في عنوانه، مسرحياته الشعرية الأربع ، التي هي حصيلة نتاجه الدرامي الشعري في هذا النمط الصعب والنادر من التـأليف المسرحي.ـ عن المسرحيات التي ضمها الكتاب تحدث الشاعر معد الجبوري، قائلا:ــ أولى هذه المسرحيات ( آدابا ) التي كتبتُها عام 1971 مع صدور مجموعتي الشعرية الأولى (اعترافات المتهم الغائب) وشهدتْ أول عرض لها في الموصل عام 1972، وما أن نُشِرتْ في مجلة الأقلام العراقية أواسط عام 1972 حتى تُرجِمتْ في العام نفسه إلى الأسبانية ونشر النص الاسباني (ترجمة الدكتور محمود صبح) في مجلة (المنارة) التي كانت تصدر في مدريد ويشرف عليها المستعرب الاسباني الكبير (بدرو مارتينث مونتابث)، ثم توالت ترجماتها إلى الألمانية والإيطالية والانكليزية والتركية والكردية. ولديَّ ما يشير إلى أن أرشيف المسرح العراقي يعتبر نص مسرحية آدابا يقع في المرتبة الأولى في كثرة تقديمه على خشبة المسرح، ففي سبعينات القرن الماضي شهدت (آدابا) أكثر من ثلاثين عرضاً مسرحيا في العراق فضلا عن عرضها خارج العراق، وقد تناول نصها العديد من المخرجين، منهم: محمد نوري طبو، أحمد سالار، جلال جميل، حسين الأنصاري، صبحي الخزعلي، يوسف شاكر الكلابي، مهدي الساعدي، هاشم زينل، وسواهم.ـ أما المسرحية الشعرية الثانية فهي ( شموكين ) التي كتبتها عام 1979 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل في العام نفسه الفنان الراحل الكبير شفاء العمري، وافتُتِحَ بها المهرجان القطري لدائرة السينما والمسرح ببغداد مطلع عام 1980. وفي العام نفسه أخرجها لفرقة بابل للتمثيل الفنان فيصل مبارك، فيما نُشِر نص المسرحية، كملحق لمجلة ـ ( فنون ) العراقية العدد 74 في 4- 2- 1980 والمسرحية الشعرية الثالثة التي ضمها هذا الكتاب، هي ( الشرارة ) التي كتبتها مطلع عام 1981 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل الفنان شفاء العمري في العام نفسه. كما أخرجها الفنان فيصل مبارك لفرقة بابل للتمثيل وقُدِّمت في الحلة، ثم افتتحَتْ بها فرقةُ بابل قاعةَ المسرح الوطني ببغداد في العام نفسه. فيما أخرجها لفرقة البصرة للتمثيل الفنان نصير عودة، وقدمتْ في كل من محافظتَي البصرة وميسان عام 1981 ثم صدرت (الشرارة) في كتاب عن دار الشؤون الثقافية ، بوزارة الثقافة والإعلام عام 1986.ـ أما المسرحية الشعرية الرابعة، فهي (السيف والطبل) التي كتبتها عام 1986 وأخرجها للفرقة القومية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح الفنان وجدي العاني، وجسدت أدوارها على مسرح الرشيد ببغداد في أيلول عام 1988 نخبة من كبار الممثلين العراقيين.. ثم صدرت في كتاب عن وزارة الثقافة والإعلام، دائرة الشؤون الثقافية العامة عام 1994 ومن الجدير بالذكر أن عشرات الكُتَّاب والنقاد والصحفيين قد تناولوا هذه المسرحيات بمقالات نقدية ودراسات نُشِرتْ في المجلات الثقافية المرموقة وفي الصحف العراقية والعربية، فيما أدرج اسم ونتاج مؤلفها كرائد في المسرح الشعري، في مناهج الدراسة الثانوية في العراق، في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.ـ لقد جاء فيما كُتب عن الشاعر معد الجبوري قولهم: ـ ـ (مما يميز الشاعر معد الجبوري عن أقرانه من الشعراء، تواصلُ حضوره المبدع في واجهة المشهد الثقافي العراقي والعربي، فضلا عن بصمات صوته المتفرد الخاص. وتكنيكه المحكم الذي يُعنى بالإيصال، عبر أسلوب يجنح إلى الإيحاء والترميز الأخّاذ، والتعبير بالصورة والمفردات التي تتناغم فيها الأصالة والابتكار وتسري في أوصالها سلاسةُ التدفق العفوي الحار).ـ وعن مسرحه الشعري، يقول الشاعر الدرامي معد الجبوري:ـ ـ ( إن الشعرية التي اشتغلتْ عليها نصوصي المسرحية، هي النسغ الذي يَنْبثُّ في خلايا النسيج الدرامي.. هي المناخ الذي تتشرَّبُ فيه بنيةُ الدراما أنفاسَ الشعر وطاقاته الخلاّقة تشرُّباً لا يمكن معه فَكُّ اللُّحمة بين مستويَي الأداء، دون أن يُشير أحدُهُما إلى الآخر.. فالمهم في الدراما الشعرية أَلاَّ يتخلخل الإيقاع العام ، فيطغى النثر، أو يسود الشعر فيخفت الفعل .. التناغم والتشابك والاندغام بين الشعر والمسرح هو جوهر الدراما الشعرية. وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن المسرحية الشعرية الناجحة هي التي تنطوي على أكبر قدر من عناق الشعر والدراما، وليس كافياً لمن يتصدى لهذا الجنس من الإبداع أن يكون شاعراً مقتدراً فحسب .. بل ينبغي في الوقت نفسه أن يتمتع بقدرة درامية فائقة).ـ وعن مرور فترة طويلة لم يكتب فيها الجبوري نصا مسرحيا جديدا، يقول: ( أنا لا أكتب النص المسرحي كنص أدبي للقراءة فقط، بل أنجزه ليسعى على خشبة المسرح، ولأني بعيد عن هذه الخشبة منذ سنين لأسباب تتعلق بها، ولم تعتمل في داخلي رغبةٌ لكتابة نص جديد، ظلت مسألة خوضي تجربةً مسرحية جديدة مؤجلةً إلى حين.. وحتى يحين المخاض، يبقى الشعر وحده يسكنني، وأبقى أكتوي بجمرته المُتَّقِدة).ـ ** للعودة إلى الصفحة الرئيسة
مشهد لم يكتمل
حارث معد لا تبرَحوا المقاعد أوقِفوا التصفيق ليس هذا هو المشهدَ الأخير هذا أنا، والدهانُ ملء يدي ألَمِّعُ الأحذية، ـ أهيِّئُها للحوار في مشهدٍ منقطعِ النظير المسرحُ هذا العمرُ الأبدي ريشةٌ في جَناحِ طائر أبحري أيتها الإنارةُ كالسفن،ـ اقرعي أيتها الطبولُ كرقصِ الغجرِ،ـ كالعواصف تَمَلَّقْ أيها الجمهور شدُّوا الحبلَ المنسوجَ مِن ردائي أزيحوا الستائر أرأيتم أحذيةً تملأ أفواهَها عراقيبُ بيضاء أو زرقاء،ـ مٌزَيَّنَة بالحِنَّاء أحذيةٌ تُوَقِّعُ على شيكات،ــ تنهالُ على الحشود؟ عودي أيتها الكعوبُ الفسفوريَّةُ،ـ خلف الكواليس لَقِّنْها أيها المخرجُ لهجةً ليسَ لها مثيل لا تبرحوا المقاعد ليس هذا هو المشهدَ الأخير ها هو ذا المُقَنَّعُ بصمتِ الجمهور يُطلِقُ الحوار أيُّ دروعٍ هذه، أيُّ سيوفٍ تلك لعلَّها كومةٌ مِن النّعل هناك هياكلُ عظمية جماجمُ محشوَّةٌ بالريش أعلام ليس لها ألوان النواقيس.. ها هي ذي تنعق مَنْ دقَّ الدف،ـ من قرعَ الجرس،ـ مَن صفعَ في الصمتَ الأخرس الوجهَ النحس ؟ مَن لبسَ الجوربَ بالعكس؟ أفيقوا مِن نشوةِ الدراما أوقفوا التصفيق ها هي الأبراج تظهر بعجلاتِ قلاع تتجدد صروحٌ تتهاوى معالمُ تُطمَرْ في المونتاج يتبدَّلُ جسدُ المسرحْ ثمة صبَّارٌ يترنحْ ونسوةٌ تبكي كأنها تمزحْ موسيقى الروك، كسَّارةُ البندق بتهوفن يتجسد أوبرا الشرق ضجيجٌ ينجبُ عتبةً خامسة وأعودُ أنثرُ بالفرشاةِ دهناً نحو جفافِ الجلدِ الموحل وامسحُ ما تناثرَ منه فوق جبينِ المشهد أعودُ أطَبِّبُ بالوخزِ شقوقاً في النّعل أربطُ بالخيطِ حواراً أشدُّ .. أشدُّ الجمهور إلى بُقَعِ الظلِّ الضَّال،ـ في سكونِ الجهاتِ الأربع لا تبرحوا المقاعد أوقفوا التصفيق ليس هذا هو المشهدَ الأخير ليس الأخير * عودة الى الصفحة الرئيســة ثلاث قصائد
حارث معد للهوية سحرها لا رحلةَ إلا وفيها ابنُ بطوطة لا ليلَ إلا وفيه أبو نؤاس كفاكَ تلملمُ دررَ الكلام وترصِّعُ بِها،ـ بساطَ الصحف آنَ أن تنزعَ هذا الجلباب وتكشفَ للغربِ عُمْقَ جذورِك حين توظِّفُ أساطيرَهم،ـ لا تتخذْ منها بصمةً أو عنواناً فلا أدبَ يخلو مِنْ سِحْرِ الشَّرْق لا ملحمةَ أكبر مِنْ كلكامش لا نحتَ أجمل مِن أبي الهول لا سندبادَ دون شهرزادْ ولا ( ألف ليلة وليلة )ـ دون بغدادْ * ( لقطة ) تنساقُ الإبلُ سلاسلَ معقودة عند المغيب وشمس دائرة يطغى قرصها مرة،ـ ويختفي مره من وراءِ سنامٍ وسنامْ كأنَّ خسوفاً تكرَّرَ واختصرَ مئاتِ الأعوامْ بلقطةِ هيامْ * ( بوابة ثامنة ) مِنْ بينِ غيمةٍ وغيمة،ـ من بين عصفٍ وعصف،ـ اخرجُ مثلَ عروقِ البرق،ـ أنهالُ على أرضِ أسلافي بيدي عُشبةُ كلكامش،ـ وفمي شعلةُ آشور في ساعةٍ رملية،ـ تسقطُ عيني أمام سبعِ بوابات،ـ عند مسلَّةٍ خضراءَ آمِنَهْ..ـ في ساعةٍ رمليةٍ،ـ أبحث عن ثوبٍ تاريخيٍّ يرتديني أو رقيمٍ طينيٍّ يمنحُني بطاقةَ عبور إلى بوابةٍ ثامنَهْ ** للعودة الى الصفحة الرئيسة إليَّ أيها البحرُ .. وخذ حمامتي حارث معد
ه
ثلاث قصائد حارث معد ( فحمُ الكلمات .. في عربات الذاكرة) حين يلمعُ حولي وهجٌ، مثلَ حدقاتِ القطط، كلَّ مساء وتخفتُ أقدامُ المارة، وتأوي صرخاتُ الرُّضَّع، إلى هزَّاتِ المهود أتداخلُ في ظلي المكسور أتعرَّقُ كحَصاةٍ، في كهفٍ مهجور كلَّ مساء أشربُ نخبَ ليلٍ اسود أتنزَّهُ ثملاً في ذاكرتي، وحدتي نَهِمَه وضباعُ الزفرات، تنهشُ فرائسَ دمي لا نكات، لا أقاويل، لا شيء سوى غربةِ المساءِ الكئيبة كلَّ مساء بعد عودتي مُنْحَنِيَ الظهر، مِن متجري المليءِ برائحةِ صبغِ الأحذية، والسَّأمُ يهطلُ كطَرقاتِ حدادينَ على جمجمتي أفكرُ بصومعةِ البيت فادخل كتبي وقواميسي، كعاملٍ يدخلُ منجما أنقلُ فحمَ الكلماتِ، إلى عرباتِ الذاكرة وأحاولُ عبثاً .. عبثا اجتيازَ وجعِ المساء * منتظرٌ .. أيها الليل دَعْ أجفاني المقرَّحةَ ورموشي المدبَّبَةَ، كمشطِ الصوف وأرسلْ لي يا ليلُ، مِن قلبِ تلك الموجةِ البعيدةِ، قمراً أعلِّقُهُ على نافذتي، كوِسامِ مُحارِب أحدِّثُه عن الفراقِ والقلقِ، وأضراسِ النساء وعن بقايا واحاتٍ، كحُفَرِ الشوارع وأدغال، وراءَ أرصفةِ الأزقة. أنا يا ليلُ أدَخِّنُ كثيراً ولا آكلُ كثيرا ولا أكتفي، بتحطيمِ فناجينِ الشايِ والقهوةِ، والذاكرة. سنواتي مضتْ عجافاً، فأعِدْ لي شيئاً من تاريخي من ابتساماتي، وطفولتي لأواصلَ السهرَ، بحثاً عن قمرٍ جديد * بين منفيين عابراً أحملُ أمتعةً عتيقة خفيفا أتطايرُ أشرعةً، وغيماً، وإسفنج وأطفو في فضاءاتِ الازرَقَيْنْ.. لا موج، ولا سماء ملقى بين منفيَيَنْ.. ه ** |
الشاعر
|