حارث معد
لا تبرَحوا المقاعد
أوقِفوا التصفيق
ليس هذا هو المشهدَ الأخير
هذا أنا، والدهانُ ملء يدي
ألَمِّعُ الأحذية، ـ
أهيِّئُها للحوار
في مشهدٍ منقطعِ النظير
المسرحُ هذا العمرُ الأبدي
ريشةٌ في جَناحِ طائر
أبحري أيتها الإنارةُ كالسفن،ـ
اقرعي أيتها الطبولُ
كرقصِ الغجرِ،ـ
كالعواصف
تَمَلَّقْ أيها الجمهور
شدُّوا الحبلَ
المنسوجَ مِن ردائي
أزيحوا الستائر
أرأيتم أحذيةً
تملأ أفواهَها عراقيبُ بيضاء
أو زرقاء،ـ
مٌزَيَّنَة بالحِنَّاء
أحذيةٌ تُوَقِّعُ على شيكات،ــ
تنهالُ على الحشود؟
عودي أيتها الكعوبُ الفسفوريَّةُ،ـ
خلف الكواليس
لَقِّنْها أيها المخرجُ
لهجةً ليسَ لها مثيل
لا تبرحوا المقاعد
ليس هذا هو المشهدَ الأخير
ها هو ذا المُقَنَّعُ بصمتِ الجمهور
يُطلِقُ الحوار
أيُّ دروعٍ هذه، أيُّ سيوفٍ تلك
لعلَّها كومةٌ مِن النّعل هناك
هياكلُ عظمية
جماجمُ محشوَّةٌ بالريش
أعلام ليس لها ألوان
النواقيس.. ها هي ذي تنعق
مَنْ دقَّ الدف،ـ
من قرعَ الجرس،ـ
مَن صفعَ في الصمتَ الأخرس
الوجهَ النحس ؟
مَن لبسَ الجوربَ بالعكس؟
أفيقوا مِن نشوةِ الدراما
أوقفوا التصفيق
ها هي الأبراج
تظهر بعجلاتِ قلاع تتجدد
صروحٌ تتهاوى
معالمُ تُطمَرْ في المونتاج
يتبدَّلُ جسدُ المسرحْ
ثمة صبَّارٌ يترنحْ
ونسوةٌ تبكي كأنها تمزحْ
موسيقى الروك،
كسَّارةُ البندق
بتهوفن يتجسد
أوبرا الشرق
ضجيجٌ ينجبُ عتبةً خامسة
وأعودُ أنثرُ بالفرشاةِ دهناً
نحو جفافِ الجلدِ الموحل
وامسحُ ما تناثرَ منه
فوق جبينِ المشهد
أعودُ أطَبِّبُ بالوخزِ شقوقاً في النّعل
أربطُ بالخيطِ حواراً
أشدُّ .. أشدُّ الجمهور
إلى بُقَعِ الظلِّ الضَّال،ـ
في سكونِ الجهاتِ الأربع
لا تبرحوا المقاعد
أوقفوا التصفيق
ليس هذا هو المشهدَ الأخير
ليس الأخير
*
عودة الى الصفحة الرئيســة