كتاب جديد للشاعر معد الجبوري
حــارث مـعـد
أخيرا، وعن دار السياب ببغداد صدرت في كتاب أنيق المسرحيات الشعرية لوالدي الشاعر العراقي المعروف وكاتب المسرح الشعري الرائد معد الجبوري تحت عنوان :ـ
(فضاء بين جمرتين – أربع مسرحيات شعرية)
والكتاب هو إصداره التاسع عشر ويقع في (380) صفحة (قطع وسط 14× 22سم) صمم غلافه الفنان بيات مرعي. وضم، كما جاء في عنوانه، مسرحياته الشعرية الأربع ، التي هي حصيلة نتاجه الدرامي الشعري في هذا النمط الصعب والنادر من التـأليف المسرحي.ـ
عن المسرحيات التي ضمها الكتاب تحدث الشاعر معد الجبوري، قائلا:ــ
أولى هذه المسرحيات ( آدابا ) التي كتبتُها عام 1971 مع صدور مجموعتي الشعرية الأولى (اعترافات المتهم الغائب) وشهدتْ أول عرض لها في الموصل عام 1972، وما أن نُشِرتْ في مجلة الأقلام العراقية أواسط عام 1972 حتى تُرجِمتْ في العام نفسه إلى الأسبانية ونشر النص الاسباني (ترجمة الدكتور محمود صبح) في مجلة (المنارة) التي كانت تصدر في مدريد ويشرف عليها المستعرب الاسباني الكبير (بدرو مارتينث مونتابث)، ثم توالت ترجماتها إلى الألمانية والإيطالية والانكليزية والتركية والكردية. ولديَّ ما يشير إلى أن أرشيف المسرح العراقي يعتبر نص مسرحية آدابا يقع في المرتبة الأولى في كثرة تقديمه على خشبة المسرح، ففي سبعينات القرن الماضي شهدت (آدابا) أكثر من ثلاثين عرضاً مسرحيا في العراق فضلا عن عرضها خارج العراق، وقد تناول نصها العديد من المخرجين، منهم: محمد نوري طبو، أحمد سالار، جلال جميل، حسين الأنصاري، صبحي الخزعلي، يوسف شاكر الكلابي، مهدي الساعدي، هاشم زينل، وسواهم.ـ
أما المسرحية الشعرية الثانية فهي ( شموكين ) التي كتبتها عام 1979 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل في العام نفسه الفنان الراحل الكبير شفاء العمري، وافتُتِحَ بها المهرجان القطري لدائرة السينما والمسرح ببغداد مطلع عام 1980. وفي العام نفسه أخرجها لفرقة بابل للتمثيل الفنان فيصل مبارك، فيما نُشِر نص المسرحية، كملحق لمجلة
ـ ( فنون ) العراقية العدد 74 في 4- 2- 1980
والمسرحية الشعرية الثالثة التي ضمها هذا الكتاب، هي ( الشرارة ) التي كتبتها مطلع عام 1981 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل الفنان شفاء العمري في العام نفسه. كما أخرجها الفنان فيصل مبارك لفرقة بابل للتمثيل وقُدِّمت في الحلة، ثم افتتحَتْ بها فرقةُ بابل قاعةَ المسرح الوطني ببغداد في العام نفسه. فيما أخرجها لفرقة البصرة للتمثيل الفنان نصير عودة، وقدمتْ في كل من محافظتَي البصرة وميسان عام 1981 ثم صدرت (الشرارة) في كتاب عن دار الشؤون الثقافية ، بوزارة الثقافة والإعلام عام 1986.ـ
أما المسرحية الشعرية الرابعة، فهي (السيف والطبل) التي كتبتها عام 1986 وأخرجها للفرقة القومية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح الفنان وجدي العاني، وجسدت أدوارها على مسرح الرشيد ببغداد في أيلول عام 1988 نخبة من كبار الممثلين العراقيين.. ثم صدرت في كتاب عن وزارة الثقافة والإعلام، دائرة الشؤون الثقافية العامة عام 1994
ومن الجدير بالذكر أن عشرات الكُتَّاب والنقاد والصحفيين قد تناولوا هذه المسرحيات بمقالات نقدية ودراسات نُشِرتْ في المجلات الثقافية المرموقة وفي الصحف العراقية والعربية، فيما أدرج اسم ونتاج مؤلفها كرائد في المسرح الشعري، في مناهج الدراسة الثانوية في العراق، في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.ـ
لقد جاء فيما كُتب عن الشاعر معد الجبوري قولهم: ـ
ـ (مما يميز الشاعر معد الجبوري عن أقرانه من الشعراء، تواصلُ حضوره المبدع في واجهة المشهد الثقافي العراقي والعربي، فضلا عن بصمات صوته المتفرد الخاص. وتكنيكه المحكم الذي يُعنى بالإيصال، عبر أسلوب يجنح إلى الإيحاء والترميز الأخّاذ، والتعبير بالصورة والمفردات التي تتناغم فيها الأصالة والابتكار وتسري في أوصالها سلاسةُ التدفق العفوي الحار).ـ
وعن مسرحه الشعري، يقول الشاعر الدرامي معد الجبوري:ـ
ـ ( إن الشعرية التي اشتغلتْ عليها نصوصي المسرحية، هي النسغ الذي يَنْبثُّ في خلايا النسيج الدرامي.. هي المناخ الذي تتشرَّبُ فيه بنيةُ الدراما أنفاسَ الشعر وطاقاته الخلاّقة تشرُّباً لا يمكن معه فَكُّ اللُّحمة بين مستويَي الأداء، دون أن يُشير أحدُهُما إلى الآخر.. فالمهم في الدراما الشعرية أَلاَّ يتخلخل الإيقاع العام ، فيطغى النثر، أو يسود الشعر فيخفت الفعل .. التناغم والتشابك والاندغام بين الشعر والمسرح هو جوهر الدراما الشعرية. وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن المسرحية الشعرية الناجحة هي التي تنطوي على أكبر قدر من عناق الشعر والدراما، وليس كافياً لمن يتصدى لهذا الجنس من الإبداع أن يكون شاعراً مقتدراً فحسب .. بل ينبغي في الوقت نفسه أن يتمتع بقدرة درامية فائقة).ـ
وعن مرور فترة طويلة لم يكتب فيها الجبوري نصا مسرحيا جديدا، يقول: ( أنا لا أكتب النص المسرحي كنص أدبي للقراءة فقط، بل أنجزه ليسعى على خشبة المسرح، ولأني بعيد عن هذه الخشبة منذ سنين لأسباب تتعلق بها، ولم تعتمل في داخلي رغبةٌ لكتابة نص جديد، ظلت مسألة خوضي تجربةً مسرحية جديدة مؤجلةً إلى حين.. وحتى يحين المخاض، يبقى الشعر وحده يسكنني، وأبقى أكتوي بجمرته المُتَّقِدة).ـ
**
للعودة إلى الصفحة الرئيسة