القوانين وتطبيق العدالة
ترجمة الدكتور حسيب حديد
Jack M. Sasson (ed.):
Civilizations of the Ancient Near East, Vols I-II, Hendrickson,
2000
-
ملاحظة من ادارة بيت الموصل: هنالك مشكلة فنية في نشر الكلمات بالحروف الانكليزية مع الكلمات العربية في سطر واحد. و لذلك اضطررنا بفصل النص غير العربي في سطر جديد دون اي تغيير في سياق المقال. وبالامكان تحميل النص الاصل ادناه - زيادة في الدقة. ه
| لقراءة النص ببرنامج الوورد : يرجة تحميل الملف |
-----------------------------------
قانون العائلة : السلطة الأبوية (سلطة الأب) :
لكونه رب الأسرة فإنه يتمتع بسلطة على زوجته وأطفاله . وقد نصت قوانين حمورابي في مادتها(195) على أنه : " إذا ضرب الولد والده تقطع يده " . ولا يوجد دليل على نفاذ هذا القانون إلا أنه يوضح المواقف الحضارية لتلك الفترة .
وبكل وضوح لا يوجد عمر محدد للبلوغ حيث أن الأب يمارس سلطة طالما هو على قيد الحياة ، أما فيما يخص الديون يستطيع أن يعطي عبداً إلى دائنه ولكن أيضاً أحد أفراد عائلته لدفع الالتزامات (الديون) غير المسدّدة ، فللوالد الحق وليس الواجب للقيام بذلك . فإذا ما توفي وترك أولاداً غير متزوجين تنتقل السلطة الأبوية وثروته إلى أكبر أبنائه(فإذا ما كانت ذريته تتضمن أطفالاً صغاراً عندئذٍ يمكن أن تمنح الأم سلطة "الأبوة " . وفي سومر القديمة كان يتم ترك العقار غير موزع ويذهب جميعه إلى الابن الأكبر الذي تم تعيينه وريثاً
(IBILA)
: كوريث وقائد للعائلة يتوجب عليه دعم الأخ والأخت . وفي فترات لاحقة يتم توزيع العقار بين الأخوة بصورة متساوية إلا أن الابن الأكبر يأخذ حصة إضافية . وهكذا وعلى سبيل المثال ، إذا كان هناك ثلاثة أخوة سوف يقسّم الميراث أربعة أقسام بحيث يأخذ الابن الأكبر النصف في حين يأخذ كل واحد من الأخوين الاثنين الربع . وهذا التقليد الذي
يقضي بإعطاء حصة تفضيلية للابن الأكبر كان سائداً في بابل الجنوبية بينما نجد في
مناطق أخرى من بابل يتم توزيع الميراث بالتساوي بين الأخوة . وفي بلاد آشور ونوزي
نجد أن الابن الأكبر يأخذ حصة مضاعفة . وهناك قوانين معقدة في القوانين الآشورية
حول توزيع الحقول المزروعة :حيث يقوم الابن الأصغر بتقسيم كل الممتلكات إلى حصص ثم يقوم الأكبر بأخذ حصته الأولى إلا أنه يحصل على حصة أخرى عن طريق رهان يتم مع أخوته . يتم حصر الميراث فقط في خط الذكور ففي سومر ونوزي يمكن للبنات أن يرثن في حالة عدم وجود الأولاد(عدم وجود أولاد) وهناك شواهد عديدة في بلاد وادي الرافدين تدل على ان البنات كنّ يأخذن حصصهنّ من الميراث خاصة في المناطق المحيطة ببلاد وادي
الرافدين وتحديداً في منطقة
Alalakh
الالاخ والمعروفة حديثاً بـ
(Tell Atchana)
- تل عطشانة غربي حلب في سوريا-وعيلام . إلا أنه لم تظهر أية أدلة بالنسبة للبنات في بابل أو آشور حول اشتراكهن بالحصص .
تعدد الزوجات :
تقسم الزيجات بعدم وجود تعدد الزوجات حيث يكتفي كل رجل بامرأة واحدة ولكن بسبب الوريث (الورثة)من الذكور يتمتعون بأهمية كبيرة يحق للرجل الذي لا أبناء له أن يتزوج من امرأة ثانية ، إلا أن الزوجة الأولى تحتل المكانة الأرقى . وفي بعض الأحيان تتخذ الزوجة عبدة له تنجب الأبناء شريطة أن يكونوا الورثة الشرعيين له ، وهناك استراتيجية أخرى ، تتمثل في أن الزوجة التي ليس لها أولاد يحق لها أن تتبنى امرأة أخرى كأختها وتقوم هذه المرأة بالتزوج من زوجها . وتتم هذه الممارسة عادة من قبل الكاهنات
(naditu)
الذين أو اللواتي يتوقعن بأنهن سوف لا يكون لهنّ أولاداً ويقوم بهذا العمل ليكون لزوجهم أولاد . ففي بلاد آشور يتمتع الرجل بحرية في أن يتزوج من امرأة أخرى ، إلا أن هذه الامرأة تحتل الدرجة الثانية ولا يستطيع أولاد الزوجة الثانية التمتع بالميراث إذا ما أنجبت له الزوجة الأولى أولاداً . ويحق للرجل أن يتزوج امرأة أخرى إذا كانت زوجته الأولى مريضة وغير قادرة على القيام بواجباتها البيتية . ففي هذه الحالات يبقى الزوج ملزماً بتقديم كل ما
تحتاجه زوجته من دعم (أي لزوجته الأولى) ولا يستطيع طلاقها ولكن يحق لها أن تغادر
بيتها طواعية .
العائلــة :
في المجتمع الأبوي في بلاد وادي الرافدين تقوم عائلة الزوج بكل الترتيبات الخاصة بالحالة الاجتماعية ، إذ يقوم كل من الأب وأخوته باتخاذ القرارات المتعلقة بالعائلة .وتسمى هذه النواة بالبيت ، ويفترض على الرجل أن يبني بيتاً وبعدها يتزوج من امرأة واحدة فإن لم تستطع الإنجاب يحق له الزواج من أخرى ولا يُعرف عدد الأولاد الذين يبقون على قيد
الحياة إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن هذا العدد قليل . أما العائلة الأكبر فهي العائلة التي تتكون من أشخاص يعودون إلى بيت الأب . ويعيش في بعض الأحيان أحفاد الرجل في بيته بعد وفاته .ويتخاطب الجميع في العائلة الواحدة كأخوة " دمي ولحمي " وإذا لم يكن للرجل ذرية من الذكور فإن " قلبه مكسوراً " أما مصطلحات أفراد العائلة بالسومرية فهي غامضة وغير واضحة . ففي الأكدية تستعمل كلمة واحدة للعم وللخال ويمكن استعمال كلمة
(emum)
لتشير إلى أي فرد من أفراد العائلة من الذكور .
تعبد العائلة عادة إلهاً واحداً يُعرف بـ " إله العائلة " الذي يتشفع مع الآلهة الأخرى كما هو مفترض نيابة عن " خدمه " فإن كل شخص له ختم اسطواني يمكن أن يسمي نفسه "خادماً" لذلك الإله في النقش أو الكتابة الموجودة على ذلك الختم . ولكن في الصلاة يتم ذكر الإله الذي يعتقد الفرد أنه إلهه . أما أفراد القبيلة فإنهم " أولاد وبنات " الإله نفسه . وتختلف عبادة إله العائلة ، كما هو واضح من الرسائل ، عن عبادة الدولة : حيث يُتوقع من إله العائلة أن يقدم كل احتياجاتها اليومية مثل الطعام والصحة . كما ان آلهة العائلة ليست ذات أهمية قليلة وإنما تتمتع بأهمية كبيرة .
ويتم الاهتمام بأرواح الموتى في بيت العبادة حيث ان لأرواح الأسلاف حالة شبه سماوية حيث أنها تتسلم وجبة مقدسة . كما أن جد القبيلة يمكن أن يصل إلى حد إله العائلة . فالتلاحم الاجتماعي ، والذي يعتبر في بعض الأحيان من السمات المعيارية لحياة البداوة فقط ، موجود في المناطق الحضرية البابلية القديمة أيضاً . كما أن مراكز المدن تم تنظيمهاً طبقاً للأصل البايولوجي المعروف . ففي الألفية الأولى تم تشخيص المواطنين الأحرار باسم والدهم متبوع باسم الجد الذي عاش قروناً خلت وباستطاعة المرء أن يسمي الأخير باسم العائلة .
ويحق للحرفيين والكتبة ورجال الدين أن يمتهنوا حرفة والدهم ، حيث تؤكد الأرشيفات القول السومري المقتبس من والد إلى ولده العنيد :
" إنه طبقاً للقدر الذي رسمه الإله أنليل للرجل ان ولده يمتهن مهنة والده " .
الزواج :
يقوم الآباء بترتيبات الزواج لأولادهم ، وإذا كان الوالد متوفى تقوم الأم أو الأخ بالاهتمام بالبنت التي أو الذي يكون حامياً لها . وتتزوج البنات عادة في سن العشرات وتشير النصوص الآشورية إلى عرسان بطور " أربع ونصف ذراع (أي يساوي ثلاثة أقدام) " ويكون الرجال عادة أكبر من الفتاة بعشر سنوات ولذلك نجد أنه من غير المستغرب أن تبقى الزوجات على قيد الحياة في الوقت الذي يتوفى الزوج قبلها لأنه أكبر منها ما لا يقل عن عشر سنوات . وتتم مراسيم الزواج والترتيبات على مراحل عدة.
المرحلة الأولى يقوم الأب باختيار الزوجة لولده ويعقد اتفاقية مع والدها ، وفي هذه
المرحلة لابد من أن يقيم دعوة وحفلة شرب للعائلة الأخرى . وفي هذه الحفلة يتم دهن
العروس بالزيت ، وعلى الأقل ضمن أوساط المواطنين الآشوريين في سوريا – وهذه إشارة إلى تغيير حالتها الاجتماعية . وفي بداية الألفية الثالثة كان هناك تقليداً ينص على
جلب كميات كبيرة من الأطعمة إلى بيت العروس من قبل الزوج المستقبلي . وقد ذكرت
قوانين حمورابي أن الهدايا المقدمة من قبل الرجل تتضمن الأطعمة وكمية من الفضة "
كسعر أو ثمن العروس " . وتقدم الأطعمة في ليلة الزفاف في حين أن الفضة يتم دفعها أو
إعطاؤها عند الخطوبة . ويعد " ثمن العروس " هذا بمثابة المهر أو قيمة المهر الذي
تستلمه العروس من والدها ، ومن ضمن ما يتم تقديمه أواني منزلية وحلقات فضية ومواد
أخرى . وفي فترات لاحقة كان المهر يتضمن فضة وعقاراً وعبيداً وأشياءً شخصية مثل
السلع المنزلية والأثاث والمنسوجات والحلي والمجوهرات . وإن التوازن بين المهر
والدفع بالفضة يعني ضمنياً أن مصطلح "ثمن العروس " أقل لباقة وإنه يدل على نظرية أن
العروس قد تم " شراؤها" وربما ان المصطلح الفرنسي المستعمل وهو
(don)
العطاء أو الهبة أو المنحة - هو الأفضل بالنسبة للمهر .
وفي الفترات اللاحقة لم يتم ذكر " ثمن العروس " في النصوص البابلية ، وفي نوزي في الألفية الثانية وبابل في الألفية الأولى فإن المهر الذي تتسلمه العروس من والدها هو أيضاً ميراثها ، كما ان لها مكانة مميزة بين السلع الموجودة غي بيت والدها .
وبصورة قياسية نجد ان التوزيع البابلي القديم للميراث يأخذ بالحسبان الابن غير المتزوج حيث انه يستلم ما يعادل " ثمن العروس " . وتعتبر الممتلكات الزوجية هي الأموال التي تساعد الزوجة بعد وفاة زوجها وينتقل الإرث إلى أولادها بعد وفاتها . إن ثمن العروس والمهر يمكن ان يعطى بالأقساط إلى حين ولادة أول طفل عندئذٍ يتوجب دفعه كاملاً . وفي هذه الحالة يعد الزواج نهائياً وتطلب الأم الحقوق القانونية التي تضمن حقها كزوجة وهذا يعد دعماً لها من قبل العائلة والمجتمع .
ونجد في وصل العهد البابلي القديم يقول : ان "
Adad bani
دفع إلى
Lipit-Ishtar
وإلى
ltualimma
والدتها (5) شيقل من الفضة كثمن العروس . لقد
اختار[ابنتهم] كعروس لـ
Ubarum
ولده " ، هنا نلاحظ أن الأب هو الذي اختار
الزوجة لولده ودفع فقط نصف (ثمن العروس) (عشرة شيقل) . وفي بداية مراسيم الزواج
تتمتع البنت بحالة " العروس " الكنّة
(Kallatum)
فهي ليست عروس العريس وإنما عروس العائلة (عروستنا) . وفي الفترة الواقعة بين الاتفاق الأول وليلة الزفاف يمكن لأي طرف من الطرفين الانسحاب إذا ما كان ذلك متماشيا مع الأسباب الموجبة في بعض الأحيان كلفة الخسارة المادية ، وهنا نشير إلى حالة وسطية تعرف بالزواج البدائي .وتفتقر الأكدية إلى مصطلح يطلق على الفترة التي تسبق الزواج مثل المرأة المخطوبة .
والرجل البابلي والآشوري معروف أنه لا يتزوج أكثر من امرأة واحدة ولكن يحق للرجل أن يتزوج من امرأة أخرى إن لم تنجب له الزوجة الأولى أولاداً . وتشير النصوص الآشورية القديمة إلى أن الرجل يمكن أن يُجبر على الانتظار لمدة سنتين أو ثلاثة قبل أن يُسمح له بالزواج من امرأة أخرى . أما موقع الزوجة الثانية فهو " بنت عبدة "مقارنة مع الزوجة الأولى كما يشير العديد من عقود الزواج بكل وضوح ، أما موقفها الاجتماعي فإنه محفوظ حتى عندما تكون عبدة مثلما تنص قوانين أورنمو بكل صراحة (25) وتكشف بعض النصوص النقاب أن الزوجة الأولى تتخذ مبادرة لتجد زوجة ثانية . ويؤكد القانون البابلي الحديث على أن الأولاد الذين يأتون من الزوجة الأولى تكون حصتهم الثلثين في الميراث .
ولا يُعرف الكثير عن مراسيم الزفاف ، حيث تستغرق فترة بين (5) إلى (7) أيام وذلك من خلال النصوص الأدبية وطقوس الزواج المقدس بين الآلهة . حيث يتم تغطية وجه العروس ويقوم العريس بالكشف عن وجهها من هذا الخمار ، أما النساء المتزوجات فلا يرتدين الخمار ولكن ربما كان لديهن غطاء رأس معين ، وعلى كل حال تفترض النصوص القانونية أن النساء المتزوجات كنَّ يرتدين الخمار في بلاد آشور . وتتحدث القوانين والنصوص الأدبية عن " الرجل الأفضل " حيث يكونون مجموعة من " الأصدقاء" الذين ينبغي أن يحافظوا على العروس تجاه أية مخاطر ويبدو أنهم مسؤولون عن عفافها وبعد ليلة الزفاف يعرضون ما يؤيد بكورتها (عذارتها) .
وقد اختلف الباحثون حول معنى الكلمة الأكدية
batultu
والعبرية
betula
هل أنها "عذراء " التفسير التقليدي ؟ وتعد سمة العذارة (البكورية) امتيازاً مهماً للبنت
القابلة للزواج في الشرق الأدنى القديم ، وفي الوقت الحاضر هناك ترجمة دقيقة للكلمة
حيث تعني" الباكر ". وهناك دعم إضافي لقيمة البكورة من خلال نص ورد في رسالة من
ماري
(Tell Hariri)
تل الحريري حول بنت مخطوبة :أعلنت " زوجة "
Sin-iddinam
كما يأتي : أمام
Sin-iddinam
من بيته قام ابن
Asqudum
بإرساله رسالة إلي : أريد أن آخذك وقبّل شفتي
–ولامس العضو... وهكذا قلت أنني لم أذنب تجاه
Sin-iddinam
. وفي محكمة سابقة في
Nippur
نفر) نكر شخص باستعمال الكلمات نفسها . وهكذا تأخذ القوانين بنظر الاعتبار صفة المرأة عند وجود مثل هكذا حالات حيث أنها باكرة أم مخطوبة أم متزوجة أم عبدة .
وهنالك عقود زواج عديدة من العهد البابلي القديم تحدد للزوجة التي ترغب مغادرة زوجها بعقوبة الموت وهي العقوبة التي تطبق على الزنا وتكون العقوبة الغرق في النهر حيث تُرمى من أعلى برج أو استعمال الخازوق . ومن ناحية أخرى هناك اتفاقات مثلما تؤكد عقود الزواج الآشورية تسمح للزوج والزوجة بالطلاق ولكن بعقوبة تتمثل بدفع غرامة بالفضة. وهذا يتقابل مع الوضع المتدني للنساء في القانون الآشوري الوسيط . ويبدو أن الحالة الاجتماعية واستقلال نساء معينات لابد أن يكونوا أخوات من عوائل غنية أو أرامل مستقلات.
لابد أن تشارك المرأة المتزوجة كل التقلبات والتغيرات في عائلتها الجديدة فإنها وأولادها يمكن ان يُجبروا على العمل ويمكن ان تفقد حريتها إلى الأبد عندما يكون زوجها في ضوائق مادية . وتشير رسالة من العهد البابلي القديم إلى :
" فجأة بعد أن غادرت إلى الرحلة وصل
Imgur-Sin
إلى هنا وقال : إنه يطلبني (20) شيقل من الفضة ويأخذ زوجتك وابنتك كرهائن . ارجع قبل أن تموت زوجتك وابنتك ... " . ومن ناحية أخرى يمكن للمرأة أن تجمع بعض الممتلكات وتحتفظ بها بيدها .
-------------------------------------
نشرت في بيت الموصل في 6-6-2013
للتعقيب : يرجى النقر على عبارة
Add comment
للرجوع الى الصفحة الاولى
قانون العائلة : السلطة الأبوية (سلطة الأب) :
لكونه رب الأسرة فإنه يتمتع بسلطة على زوجته وأطفاله . وقد نصت قوانين حمورابي في مادتها(195) على أنه : " إذا ضرب الولد والده تقطع يده " . ولا يوجد دليل على نفاذ هذا القانون إلا أنه يوضح المواقف الحضارية لتلك الفترة .
وبكل وضوح لا يوجد عمر محدد للبلوغ حيث أن الأب يمارس سلطة طالما هو على قيد الحياة ، أما فيما يخص الديون يستطيع أن يعطي عبداً إلى دائنه ولكن أيضاً أحد أفراد عائلته لدفع الالتزامات (الديون) غير المسدّدة ، فللوالد الحق وليس الواجب للقيام بذلك . فإذا ما توفي وترك أولاداً غير متزوجين تنتقل السلطة الأبوية وثروته إلى أكبر أبنائه(فإذا ما كانت ذريته تتضمن أطفالاً صغاراً عندئذٍ يمكن أن تمنح الأم سلطة "الأبوة " . وفي سومر القديمة كان يتم ترك العقار غير موزع ويذهب جميعه إلى الابن الأكبر الذي تم تعيينه وريثاً
(IBILA)
: كوريث وقائد للعائلة يتوجب عليه دعم الأخ والأخت . وفي فترات لاحقة يتم توزيع العقار بين الأخوة بصورة متساوية إلا أن الابن الأكبر يأخذ حصة إضافية . وهكذا وعلى سبيل المثال ، إذا كان هناك ثلاثة أخوة سوف يقسّم الميراث أربعة أقسام بحيث يأخذ الابن الأكبر النصف في حين يأخذ كل واحد من الأخوين الاثنين الربع . وهذا التقليد الذي
يقضي بإعطاء حصة تفضيلية للابن الأكبر كان سائداً في بابل الجنوبية بينما نجد في
مناطق أخرى من بابل يتم توزيع الميراث بالتساوي بين الأخوة . وفي بلاد آشور ونوزي
نجد أن الابن الأكبر يأخذ حصة مضاعفة . وهناك قوانين معقدة في القوانين الآشورية
حول توزيع الحقول المزروعة :حيث يقوم الابن الأصغر بتقسيم كل الممتلكات إلى حصص ثم يقوم الأكبر بأخذ حصته الأولى إلا أنه يحصل على حصة أخرى عن طريق رهان يتم مع أخوته . يتم حصر الميراث فقط في خط الذكور ففي سومر ونوزي يمكن للبنات أن يرثن في حالة عدم وجود الأولاد(عدم وجود أولاد) وهناك شواهد عديدة في بلاد وادي الرافدين تدل على ان البنات كنّ يأخذن حصصهنّ من الميراث خاصة في المناطق المحيطة ببلاد وادي
الرافدين وتحديداً في منطقة
Alalakh
الالاخ والمعروفة حديثاً بـ
(Tell Atchana)
- تل عطشانة غربي حلب في سوريا-وعيلام . إلا أنه لم تظهر أية أدلة بالنسبة للبنات في بابل أو آشور حول اشتراكهن بالحصص .
تعدد الزوجات :
تقسم الزيجات بعدم وجود تعدد الزوجات حيث يكتفي كل رجل بامرأة واحدة ولكن بسبب الوريث (الورثة)من الذكور يتمتعون بأهمية كبيرة يحق للرجل الذي لا أبناء له أن يتزوج من امرأة ثانية ، إلا أن الزوجة الأولى تحتل المكانة الأرقى . وفي بعض الأحيان تتخذ الزوجة عبدة له تنجب الأبناء شريطة أن يكونوا الورثة الشرعيين له ، وهناك استراتيجية أخرى ، تتمثل في أن الزوجة التي ليس لها أولاد يحق لها أن تتبنى امرأة أخرى كأختها وتقوم هذه المرأة بالتزوج من زوجها . وتتم هذه الممارسة عادة من قبل الكاهنات
(naditu)
الذين أو اللواتي يتوقعن بأنهن سوف لا يكون لهنّ أولاداً ويقوم بهذا العمل ليكون لزوجهم أولاد . ففي بلاد آشور يتمتع الرجل بحرية في أن يتزوج من امرأة أخرى ، إلا أن هذه الامرأة تحتل الدرجة الثانية ولا يستطيع أولاد الزوجة الثانية التمتع بالميراث إذا ما أنجبت له الزوجة الأولى أولاداً . ويحق للرجل أن يتزوج امرأة أخرى إذا كانت زوجته الأولى مريضة وغير قادرة على القيام بواجباتها البيتية . ففي هذه الحالات يبقى الزوج ملزماً بتقديم كل ما
تحتاجه زوجته من دعم (أي لزوجته الأولى) ولا يستطيع طلاقها ولكن يحق لها أن تغادر
بيتها طواعية .
العائلــة :
في المجتمع الأبوي في بلاد وادي الرافدين تقوم عائلة الزوج بكل الترتيبات الخاصة بالحالة الاجتماعية ، إذ يقوم كل من الأب وأخوته باتخاذ القرارات المتعلقة بالعائلة .وتسمى هذه النواة بالبيت ، ويفترض على الرجل أن يبني بيتاً وبعدها يتزوج من امرأة واحدة فإن لم تستطع الإنجاب يحق له الزواج من أخرى ولا يُعرف عدد الأولاد الذين يبقون على قيد
الحياة إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن هذا العدد قليل . أما العائلة الأكبر فهي العائلة التي تتكون من أشخاص يعودون إلى بيت الأب . ويعيش في بعض الأحيان أحفاد الرجل في بيته بعد وفاته .ويتخاطب الجميع في العائلة الواحدة كأخوة " دمي ولحمي " وإذا لم يكن للرجل ذرية من الذكور فإن " قلبه مكسوراً " أما مصطلحات أفراد العائلة بالسومرية فهي غامضة وغير واضحة . ففي الأكدية تستعمل كلمة واحدة للعم وللخال ويمكن استعمال كلمة
(emum)
لتشير إلى أي فرد من أفراد العائلة من الذكور .
تعبد العائلة عادة إلهاً واحداً يُعرف بـ " إله العائلة " الذي يتشفع مع الآلهة الأخرى كما هو مفترض نيابة عن " خدمه " فإن كل شخص له ختم اسطواني يمكن أن يسمي نفسه "خادماً" لذلك الإله في النقش أو الكتابة الموجودة على ذلك الختم . ولكن في الصلاة يتم ذكر الإله الذي يعتقد الفرد أنه إلهه . أما أفراد القبيلة فإنهم " أولاد وبنات " الإله نفسه . وتختلف عبادة إله العائلة ، كما هو واضح من الرسائل ، عن عبادة الدولة : حيث يُتوقع من إله العائلة أن يقدم كل احتياجاتها اليومية مثل الطعام والصحة . كما ان آلهة العائلة ليست ذات أهمية قليلة وإنما تتمتع بأهمية كبيرة .
ويتم الاهتمام بأرواح الموتى في بيت العبادة حيث ان لأرواح الأسلاف حالة شبه سماوية حيث أنها تتسلم وجبة مقدسة . كما أن جد القبيلة يمكن أن يصل إلى حد إله العائلة . فالتلاحم الاجتماعي ، والذي يعتبر في بعض الأحيان من السمات المعيارية لحياة البداوة فقط ، موجود في المناطق الحضرية البابلية القديمة أيضاً . كما أن مراكز المدن تم تنظيمهاً طبقاً للأصل البايولوجي المعروف . ففي الألفية الأولى تم تشخيص المواطنين الأحرار باسم والدهم متبوع باسم الجد الذي عاش قروناً خلت وباستطاعة المرء أن يسمي الأخير باسم العائلة .
ويحق للحرفيين والكتبة ورجال الدين أن يمتهنوا حرفة والدهم ، حيث تؤكد الأرشيفات القول السومري المقتبس من والد إلى ولده العنيد :
" إنه طبقاً للقدر الذي رسمه الإله أنليل للرجل ان ولده يمتهن مهنة والده " .
الزواج :
يقوم الآباء بترتيبات الزواج لأولادهم ، وإذا كان الوالد متوفى تقوم الأم أو الأخ بالاهتمام بالبنت التي أو الذي يكون حامياً لها . وتتزوج البنات عادة في سن العشرات وتشير النصوص الآشورية إلى عرسان بطور " أربع ونصف ذراع (أي يساوي ثلاثة أقدام) " ويكون الرجال عادة أكبر من الفتاة بعشر سنوات ولذلك نجد أنه من غير المستغرب أن تبقى الزوجات على قيد الحياة في الوقت الذي يتوفى الزوج قبلها لأنه أكبر منها ما لا يقل عن عشر سنوات . وتتم مراسيم الزواج والترتيبات على مراحل عدة.
المرحلة الأولى يقوم الأب باختيار الزوجة لولده ويعقد اتفاقية مع والدها ، وفي هذه
المرحلة لابد من أن يقيم دعوة وحفلة شرب للعائلة الأخرى . وفي هذه الحفلة يتم دهن
العروس بالزيت ، وعلى الأقل ضمن أوساط المواطنين الآشوريين في سوريا – وهذه إشارة إلى تغيير حالتها الاجتماعية . وفي بداية الألفية الثالثة كان هناك تقليداً ينص على
جلب كميات كبيرة من الأطعمة إلى بيت العروس من قبل الزوج المستقبلي . وقد ذكرت
قوانين حمورابي أن الهدايا المقدمة من قبل الرجل تتضمن الأطعمة وكمية من الفضة "
كسعر أو ثمن العروس " . وتقدم الأطعمة في ليلة الزفاف في حين أن الفضة يتم دفعها أو
إعطاؤها عند الخطوبة . ويعد " ثمن العروس " هذا بمثابة المهر أو قيمة المهر الذي
تستلمه العروس من والدها ، ومن ضمن ما يتم تقديمه أواني منزلية وحلقات فضية ومواد
أخرى . وفي فترات لاحقة كان المهر يتضمن فضة وعقاراً وعبيداً وأشياءً شخصية مثل
السلع المنزلية والأثاث والمنسوجات والحلي والمجوهرات . وإن التوازن بين المهر
والدفع بالفضة يعني ضمنياً أن مصطلح "ثمن العروس " أقل لباقة وإنه يدل على نظرية أن
العروس قد تم " شراؤها" وربما ان المصطلح الفرنسي المستعمل وهو
(don)
العطاء أو الهبة أو المنحة - هو الأفضل بالنسبة للمهر .
وفي الفترات اللاحقة لم يتم ذكر " ثمن العروس " في النصوص البابلية ، وفي نوزي في الألفية الثانية وبابل في الألفية الأولى فإن المهر الذي تتسلمه العروس من والدها هو أيضاً ميراثها ، كما ان لها مكانة مميزة بين السلع الموجودة غي بيت والدها .
وبصورة قياسية نجد ان التوزيع البابلي القديم للميراث يأخذ بالحسبان الابن غير المتزوج حيث انه يستلم ما يعادل " ثمن العروس " . وتعتبر الممتلكات الزوجية هي الأموال التي تساعد الزوجة بعد وفاة زوجها وينتقل الإرث إلى أولادها بعد وفاتها . إن ثمن العروس والمهر يمكن ان يعطى بالأقساط إلى حين ولادة أول طفل عندئذٍ يتوجب دفعه كاملاً . وفي هذه الحالة يعد الزواج نهائياً وتطلب الأم الحقوق القانونية التي تضمن حقها كزوجة وهذا يعد دعماً لها من قبل العائلة والمجتمع .
ونجد في وصل العهد البابلي القديم يقول : ان "
Adad bani
دفع إلى
Lipit-Ishtar
وإلى
ltualimma
والدتها (5) شيقل من الفضة كثمن العروس . لقد
اختار[ابنتهم] كعروس لـ
Ubarum
ولده " ، هنا نلاحظ أن الأب هو الذي اختار
الزوجة لولده ودفع فقط نصف (ثمن العروس) (عشرة شيقل) . وفي بداية مراسيم الزواج
تتمتع البنت بحالة " العروس " الكنّة
(Kallatum)
فهي ليست عروس العريس وإنما عروس العائلة (عروستنا) . وفي الفترة الواقعة بين الاتفاق الأول وليلة الزفاف يمكن لأي طرف من الطرفين الانسحاب إذا ما كان ذلك متماشيا مع الأسباب الموجبة في بعض الأحيان كلفة الخسارة المادية ، وهنا نشير إلى حالة وسطية تعرف بالزواج البدائي .وتفتقر الأكدية إلى مصطلح يطلق على الفترة التي تسبق الزواج مثل المرأة المخطوبة .
والرجل البابلي والآشوري معروف أنه لا يتزوج أكثر من امرأة واحدة ولكن يحق للرجل أن يتزوج من امرأة أخرى إن لم تنجب له الزوجة الأولى أولاداً . وتشير النصوص الآشورية القديمة إلى أن الرجل يمكن أن يُجبر على الانتظار لمدة سنتين أو ثلاثة قبل أن يُسمح له بالزواج من امرأة أخرى . أما موقع الزوجة الثانية فهو " بنت عبدة "مقارنة مع الزوجة الأولى كما يشير العديد من عقود الزواج بكل وضوح ، أما موقفها الاجتماعي فإنه محفوظ حتى عندما تكون عبدة مثلما تنص قوانين أورنمو بكل صراحة (25) وتكشف بعض النصوص النقاب أن الزوجة الأولى تتخذ مبادرة لتجد زوجة ثانية . ويؤكد القانون البابلي الحديث على أن الأولاد الذين يأتون من الزوجة الأولى تكون حصتهم الثلثين في الميراث .
ولا يُعرف الكثير عن مراسيم الزفاف ، حيث تستغرق فترة بين (5) إلى (7) أيام وذلك من خلال النصوص الأدبية وطقوس الزواج المقدس بين الآلهة . حيث يتم تغطية وجه العروس ويقوم العريس بالكشف عن وجهها من هذا الخمار ، أما النساء المتزوجات فلا يرتدين الخمار ولكن ربما كان لديهن غطاء رأس معين ، وعلى كل حال تفترض النصوص القانونية أن النساء المتزوجات كنَّ يرتدين الخمار في بلاد آشور . وتتحدث القوانين والنصوص الأدبية عن " الرجل الأفضل " حيث يكونون مجموعة من " الأصدقاء" الذين ينبغي أن يحافظوا على العروس تجاه أية مخاطر ويبدو أنهم مسؤولون عن عفافها وبعد ليلة الزفاف يعرضون ما يؤيد بكورتها (عذارتها) .
وقد اختلف الباحثون حول معنى الكلمة الأكدية
batultu
والعبرية
betula
هل أنها "عذراء " التفسير التقليدي ؟ وتعد سمة العذارة (البكورية) امتيازاً مهماً للبنت
القابلة للزواج في الشرق الأدنى القديم ، وفي الوقت الحاضر هناك ترجمة دقيقة للكلمة
حيث تعني" الباكر ". وهناك دعم إضافي لقيمة البكورة من خلال نص ورد في رسالة من
ماري
(Tell Hariri)
تل الحريري حول بنت مخطوبة :أعلنت " زوجة "
Sin-iddinam
كما يأتي : أمام
Sin-iddinam
من بيته قام ابن
Asqudum
بإرساله رسالة إلي : أريد أن آخذك وقبّل شفتي
–ولامس العضو... وهكذا قلت أنني لم أذنب تجاه
Sin-iddinam
. وفي محكمة سابقة في
Nippur
نفر) نكر شخص باستعمال الكلمات نفسها . وهكذا تأخذ القوانين بنظر الاعتبار صفة المرأة عند وجود مثل هكذا حالات حيث أنها باكرة أم مخطوبة أم متزوجة أم عبدة .
وهنالك عقود زواج عديدة من العهد البابلي القديم تحدد للزوجة التي ترغب مغادرة زوجها بعقوبة الموت وهي العقوبة التي تطبق على الزنا وتكون العقوبة الغرق في النهر حيث تُرمى من أعلى برج أو استعمال الخازوق . ومن ناحية أخرى هناك اتفاقات مثلما تؤكد عقود الزواج الآشورية تسمح للزوج والزوجة بالطلاق ولكن بعقوبة تتمثل بدفع غرامة بالفضة. وهذا يتقابل مع الوضع المتدني للنساء في القانون الآشوري الوسيط . ويبدو أن الحالة الاجتماعية واستقلال نساء معينات لابد أن يكونوا أخوات من عوائل غنية أو أرامل مستقلات.
لابد أن تشارك المرأة المتزوجة كل التقلبات والتغيرات في عائلتها الجديدة فإنها وأولادها يمكن ان يُجبروا على العمل ويمكن ان تفقد حريتها إلى الأبد عندما يكون زوجها في ضوائق مادية . وتشير رسالة من العهد البابلي القديم إلى :
" فجأة بعد أن غادرت إلى الرحلة وصل
Imgur-Sin
إلى هنا وقال : إنه يطلبني (20) شيقل من الفضة ويأخذ زوجتك وابنتك كرهائن . ارجع قبل أن تموت زوجتك وابنتك ... " . ومن ناحية أخرى يمكن للمرأة أن تجمع بعض الممتلكات وتحتفظ بها بيدها .
-------------------------------------
نشرت في بيت الموصل في 6-6-2013
للتعقيب : يرجى النقر على عبارة
Add comment
للرجوع الى الصفحة الاولى