طب الاسنان في العراق القديم
بقلم تاوناند([1])
ترجمة الدكتور حسيب حديد
من ضمن الرسائل الاشورية الموجودة في مجموعة قوينجق في حوالي نهاية
القرن الثامن او النصف الاول من القرن السابع قبل الميلاد هنالك نصوص تم نشرها من
قبل هاربر تحت عنوان (الرسائل الاشورية والبابلية). وكذلك الترجمات من قبل لو روا
ووترمان(المراسلات الملكية في الامبراطورية الاشورية) برقم586 k 1102 وهو امر مهم بصورة خاصة. ومن جهته تفحّص كامبل تومسون بموجب اقتراح من قبل اللوح وقد اجرى عليه تعديلات طفيفة في ترجمة البروفسور ووترمان. ولذلك نجد ان اللوح يمكن قراءته على النوح الاتي: (تحيات -- ربما هنالك سبعة اسطر مكسورة ولكن بألتاكيد من أنها موجّهة الى الملك... السلام على المتنبيء لعشتار والعوامل. وفيما يتعلق حول ما ارسلني من اجله الملك سيدي (يقينك سيدي) سوف اخبرك بالقرار النهائي الى الملك سيدي.
(ان الالتهاب الموجود في رأسه وفي يديه(ذراعيه، وقدميه، رجليه) موجود هذا الالتهاب ويعزى ذلك الى اسنانه. ويجب قلع اسنانه. وبموجب هذا التقرير فقد عانى من الالتهاب وسوف يقلّ ذلك من خلال (قنوات داخلية. وسوف يكون ذلك امراً جيداً).
وكما ذكر ووترمان بان ذلك يعتبر وصفة في طب علم الاسنان تقوم على نظرية التهاب الاسنان. وبكل وضوح يشير اللوح الى نقطتين مهمتين جداً في الطب الاشوري. النقطة الاولى ان المضمون الذي ربط به الطبيب او ظهر بأنه يربطه مع الافتراضات بسبب وجود التهاب في الاسنان والثاني الاشارة الى القلع العلاجي للسن.
دعنا نتأمل الان في النقطة الثانية. هنالك سوء فهم كبير فيما يخص ممارسة طب الاسنان
لدى العروق البشرية الاولى. فان معظم اساءة الفهم ناشئة من النص الذي ورد عند
هيرودوتس والذي يقول (ان مصر مليئة بالاطباء وهنالك اطباء للعيون وللرأس وللاسنان
وللجهاز الهضمي وكذلك لامراض اخرى غامضة). وعلى الرغم من ان هذا المقطع يشير الى الاختصاصيين في طب الاسنان هنالك دليل قليل يتعلق بعلم الجماجم من ان مثل هؤلاء
المتخصصين كانوا موجودين فعلاً في مصر وانهم كانوا يجرون عمليات جراحية.
ص83 اما بالنسبة لامراض الاسنان فقد كانت موجودة فعلاً. وفي الحقيقة ان هذا المرض كان موجوداً ضمن اطار الطبقة الارسقراطية خلال السلالات المتأخرة وان هذا المرض موجود بشكل واضح في الوقت الحاضر ولكن يظهر لنا بانه لا يوجد هنالك سند في القصص التي تنص على ان المصريين مارسوا حشو الاسنان او وضع اسنان صناعية. ولا يجد هنالك أي ذكر بقلع علاجي في النصوص الطبية. ويمكننا ان نقول فقط من خلال عدم وجود اسنان معينة في جماجم معينة بان ظروف ما كان يجري بالتشريح ان هنالك بعض الاسنان قد تم قلعها ولو بصورة اصطناعية وانها لم يفقدها صاحبها بسبب نتيجة لاي مرض.
ويمكننا ان نقرأ ايضاً الظروف القاسية المتعلقة بالالام الاسنان وخاصة ما تم العثور عليه افواه موميات ملكية. فقد كشفت لنا مومياء امينوفيس الثالث في السلالة الثامنة عشرة لان هنالك ما يدل على هذا الموضوع وقد عكس لنا وجود معاناة حقيقة بسبب امراض الاسنان.
(فعلى الجهة اليمنى وليس على الجهة اليسرى نجد ان اسنان الفكّين العلوي والسفلي قد تمت تلبيسهما بقشرة من مادة الدردي وهو حامض يترسب على الجدران الداخلية لبراميل الخمر كما ذلك يدل على حشو الاسنان وهنالك ايضاً خرّاج موجود تحت الفك الايمن وخاصة في قواطع الاسنان السفلية. وهنالك خرّاج اصغر على الناب العلوي الايمن. ان القاطع العلوي في الاسنان غير موجود ربما تم قلعه قبل وفاة امينوفيس وان هذه العملية قد تم فعلا اما بالنسبة للقاطع الموجود في الفك الاعلى وعلى جهة اليمين فقد فقد حديثاً ربما بسبب وجود ثقب (وجهي بسبب وجود قيح . وهنالك ايضاً دليل على وجود تقيّح حول الجذر الداخلي للقاطع الاول السفلي الموجود على جهة اليسار).
وليس من الملاحظ ان مثل هذه الظروف قد تم التسامح معها فيما اذا كانت الخدمات المقدمة في جراحة الاسنان باقل قدر ممكن من الادعاءات بهذا الفن ربما ان كان موجوداً ولكن بشكل غير واضح. ولكن يمكننا ان نجد ذلك في العصر الاشوري القديم خاصة هنالك قول لطبيب اشوري يقول فيه (يجب قلع اسنانه) وقد قالها بطريقة تعني ضمنياً ان ذلك امر مألوف ومعتاد وان هذه عملية معروفة كما هو الحال في الوقت الحاضر.
ان الجزء الاول من النص الذي يوحي لنا بان الطبيب قد ربط بصورة قاطعة الالتهاب الموجود في اقسام اخرى من جسم المريض مع ظروف الاسنان وهذا امر واضح جداً
بسبب ان العلاقة بين التعفن الدردي في الفم والمرض قد تم ادراكه خلال السنوات
الخمسين الاخيرة. وقبل ذلك كان ينظر الى طب الاسنان باعتباره ظرفاً مؤلماً وغير مسر. ولكن هنالك ايضاً معالجة موضعية من دون وجود أي اهمية لاحقة. وندرك الان بان البكتيريا او التسمم الذي ينتج عنها تقدم لنا ايضاً تعفّن في الدم وهذا التعفن يمكن ان يسري بحيث يذهب الى ابعد اجزاء موجود في جسم الانسان.وهذا بدوره سوف يسبب التهاب في الراس او الايادي او القدمين او أي جزء اخر من اجزاء جسم الانسان. وندرك ايضاً بان الاطباء الاشوريين على الرغم من انهم لم يكونوا احراراً بصورة تامة من شرك السحر اظهروا لنا جانباً من التمييز ومن الجهد الحقيقي والمخلص لكي يعزو امراض معينة الى اسباب جسمية وهنالك محاولة جيدة لاكتشاف علاجاتها الجسمية. وان هذه الروحية الخاصة بالتمييز امر واضح في العديد من الرسائل الطبية الموجودة في سلسلة النصوص الطبية كما اننا نعلم انه يعنون ما يقولون بلغة واضحة وسيئة. ولكن على الرغم من هذا الدليل فانه من الصعب الاعتقاد بان هذا الطبيب القديم قد توقّع فكرة طبية قبل 2000 سنة والاكثر من ذلك ان يتوقع مفهوماً يقوم على اساس بناء مسألة الجراثيم غيرها وكذلك على نظرية الامراض. والان يمكن ان نثير سؤالاً هل ان تشخيصه والمعالجة المقترحة هي مجرد صدفة؟ هنالك قصة تخبرنا عن رجل كان يعاني من الروماتيزم وقد قام بزيارة لشارع هارلي وعنده امل في ان يتم شفاءه.وقد ارسل من طبيب اختصاصي الى اختصاصي آخر انه كان قد فقد اسنانه واخيراً قد وصل الى النهاية الثانية والى الشارع الاخر. الا ان الاسنان لا تزال موضوع يمكن ان يحصرها الانسان نتيجة للجهل. وعندما نتكلم بصورة جدية فانه من الصعوبة بمكان ان نعتقد بان هذا الطبيب القديم كان لديه التشخيص الحديث خاصة فيما يتعلق بالمعلومات الطبية المتوفرة لديه. ولكنني اضع السؤال لصديقي الدكتور كييف من الكلية الملكية للجراحين فقد اجاب قائلاً (اساء كثيراً فيما اذا مصدرك الاشوري فعلاً يعني الاعتراف بان الاسنان تكون سبباً لمرض منظّم. وربما يكون كذلك ولكن ربما انه يشير الى الم عام (الم الاسنان)والذي يمكن معالجته عن طريق قلع الاسنان. لا استطيع ان اقدم لك أي راي واضح حول الموضوع. ولكن من خلال ما رأيته في مسألة الربط مع النصوص الوصفية فان رأي يكمن في وجود تأويل جراحي اكثر مما يكون تاويلاً علمياً. واذكر هذا بسبب انه في بعض النصوص المصرية قامت بتفحص الام معينة وتم تشخيصها بانها متعلقة برحم المرأة ويبدو ان سبب ذلك ان هذا يصيب المرأة ولا يصيب الرجل ولكن لا يزال ان النص الاشوري يبدو انه واضح الى درجة كبيرة وانه يتضمن توضيحاً علمياً مباشراً. وقد اخبرني المستر وارن داوسن بانه في السلالة الثانية عشرة هنالك اشارة الى ما يمكن ان نقول عنه (الم الاسنان وعلاقته برحم المرأة) ربما استعمل هذا التعبير بصورة بلاغية. لقد حاولت ولاغراض خاصة ان ارفض هذا الطبيب القديم بأكبر قدر ممكن الا ان كلماته واضحة جداً.اذ ان التهاب الرأس والايدي والاقدام للمريض تنشأ من اسنانه وبذلك ينبغي علينا ان نستنتج انه يعاني فعلاً من امراض في اسنانه طالما انه لا يوجد هنالك أي ترابط بين الاسنان الصحيحة والمرض الموجود في اجزاء اخرى من جسمه. وطالما ان الاسنان يمكن ان تؤدي الى امراض اخرى فلابد لنا من ان نزيل مصدر المرض وخاصة الاسنان أي انه اذا كانت الاسنان هي مصدر ذلك المرض فلابد من قلعها.وهنالك ايضاً قول مأثور مشهور جداً لابوقراط وهو (يجب مهاجمة المرض في مصدره).ونجد ان طبيبنا هذا الاشوري يمارس ما اوصى به ابو الطب ووعظ به منذ عدة مئات من السنين. ولذلك نجد ثلاثة خيارات على ما يبدو اذ ادرك الطبيب الاشوري العلاقة بين السبب والنتيجة وان التشخيص والمعالجة ربما كان عن طريق الصدفة او انها كانت توضيحاً منظماً وهو امر واضح كما يبدو.
)[1]) B. R. TOWNEND: An Assyrian Dental Diagnosis , IRAQ
,Vol.:V,Spring,1938(Part I)
للرجوع الى الصفحة الاولى
بقلم تاوناند([1])
ترجمة الدكتور حسيب حديد
من ضمن الرسائل الاشورية الموجودة في مجموعة قوينجق في حوالي نهاية
القرن الثامن او النصف الاول من القرن السابع قبل الميلاد هنالك نصوص تم نشرها من
قبل هاربر تحت عنوان (الرسائل الاشورية والبابلية). وكذلك الترجمات من قبل لو روا
ووترمان(المراسلات الملكية في الامبراطورية الاشورية) برقم586 k 1102 وهو امر مهم بصورة خاصة. ومن جهته تفحّص كامبل تومسون بموجب اقتراح من قبل اللوح وقد اجرى عليه تعديلات طفيفة في ترجمة البروفسور ووترمان. ولذلك نجد ان اللوح يمكن قراءته على النوح الاتي: (تحيات -- ربما هنالك سبعة اسطر مكسورة ولكن بألتاكيد من أنها موجّهة الى الملك... السلام على المتنبيء لعشتار والعوامل. وفيما يتعلق حول ما ارسلني من اجله الملك سيدي (يقينك سيدي) سوف اخبرك بالقرار النهائي الى الملك سيدي.
(ان الالتهاب الموجود في رأسه وفي يديه(ذراعيه، وقدميه، رجليه) موجود هذا الالتهاب ويعزى ذلك الى اسنانه. ويجب قلع اسنانه. وبموجب هذا التقرير فقد عانى من الالتهاب وسوف يقلّ ذلك من خلال (قنوات داخلية. وسوف يكون ذلك امراً جيداً).
وكما ذكر ووترمان بان ذلك يعتبر وصفة في طب علم الاسنان تقوم على نظرية التهاب الاسنان. وبكل وضوح يشير اللوح الى نقطتين مهمتين جداً في الطب الاشوري. النقطة الاولى ان المضمون الذي ربط به الطبيب او ظهر بأنه يربطه مع الافتراضات بسبب وجود التهاب في الاسنان والثاني الاشارة الى القلع العلاجي للسن.
دعنا نتأمل الان في النقطة الثانية. هنالك سوء فهم كبير فيما يخص ممارسة طب الاسنان
لدى العروق البشرية الاولى. فان معظم اساءة الفهم ناشئة من النص الذي ورد عند
هيرودوتس والذي يقول (ان مصر مليئة بالاطباء وهنالك اطباء للعيون وللرأس وللاسنان
وللجهاز الهضمي وكذلك لامراض اخرى غامضة). وعلى الرغم من ان هذا المقطع يشير الى الاختصاصيين في طب الاسنان هنالك دليل قليل يتعلق بعلم الجماجم من ان مثل هؤلاء
المتخصصين كانوا موجودين فعلاً في مصر وانهم كانوا يجرون عمليات جراحية.
ص83 اما بالنسبة لامراض الاسنان فقد كانت موجودة فعلاً. وفي الحقيقة ان هذا المرض كان موجوداً ضمن اطار الطبقة الارسقراطية خلال السلالات المتأخرة وان هذا المرض موجود بشكل واضح في الوقت الحاضر ولكن يظهر لنا بانه لا يوجد هنالك سند في القصص التي تنص على ان المصريين مارسوا حشو الاسنان او وضع اسنان صناعية. ولا يجد هنالك أي ذكر بقلع علاجي في النصوص الطبية. ويمكننا ان نقول فقط من خلال عدم وجود اسنان معينة في جماجم معينة بان ظروف ما كان يجري بالتشريح ان هنالك بعض الاسنان قد تم قلعها ولو بصورة اصطناعية وانها لم يفقدها صاحبها بسبب نتيجة لاي مرض.
ويمكننا ان نقرأ ايضاً الظروف القاسية المتعلقة بالالام الاسنان وخاصة ما تم العثور عليه افواه موميات ملكية. فقد كشفت لنا مومياء امينوفيس الثالث في السلالة الثامنة عشرة لان هنالك ما يدل على هذا الموضوع وقد عكس لنا وجود معاناة حقيقة بسبب امراض الاسنان.
(فعلى الجهة اليمنى وليس على الجهة اليسرى نجد ان اسنان الفكّين العلوي والسفلي قد تمت تلبيسهما بقشرة من مادة الدردي وهو حامض يترسب على الجدران الداخلية لبراميل الخمر كما ذلك يدل على حشو الاسنان وهنالك ايضاً خرّاج موجود تحت الفك الايمن وخاصة في قواطع الاسنان السفلية. وهنالك خرّاج اصغر على الناب العلوي الايمن. ان القاطع العلوي في الاسنان غير موجود ربما تم قلعه قبل وفاة امينوفيس وان هذه العملية قد تم فعلا اما بالنسبة للقاطع الموجود في الفك الاعلى وعلى جهة اليمين فقد فقد حديثاً ربما بسبب وجود ثقب (وجهي بسبب وجود قيح . وهنالك ايضاً دليل على وجود تقيّح حول الجذر الداخلي للقاطع الاول السفلي الموجود على جهة اليسار).
وليس من الملاحظ ان مثل هذه الظروف قد تم التسامح معها فيما اذا كانت الخدمات المقدمة في جراحة الاسنان باقل قدر ممكن من الادعاءات بهذا الفن ربما ان كان موجوداً ولكن بشكل غير واضح. ولكن يمكننا ان نجد ذلك في العصر الاشوري القديم خاصة هنالك قول لطبيب اشوري يقول فيه (يجب قلع اسنانه) وقد قالها بطريقة تعني ضمنياً ان ذلك امر مألوف ومعتاد وان هذه عملية معروفة كما هو الحال في الوقت الحاضر.
ان الجزء الاول من النص الذي يوحي لنا بان الطبيب قد ربط بصورة قاطعة الالتهاب الموجود في اقسام اخرى من جسم المريض مع ظروف الاسنان وهذا امر واضح جداً
بسبب ان العلاقة بين التعفن الدردي في الفم والمرض قد تم ادراكه خلال السنوات
الخمسين الاخيرة. وقبل ذلك كان ينظر الى طب الاسنان باعتباره ظرفاً مؤلماً وغير مسر. ولكن هنالك ايضاً معالجة موضعية من دون وجود أي اهمية لاحقة. وندرك الان بان البكتيريا او التسمم الذي ينتج عنها تقدم لنا ايضاً تعفّن في الدم وهذا التعفن يمكن ان يسري بحيث يذهب الى ابعد اجزاء موجود في جسم الانسان.وهذا بدوره سوف يسبب التهاب في الراس او الايادي او القدمين او أي جزء اخر من اجزاء جسم الانسان. وندرك ايضاً بان الاطباء الاشوريين على الرغم من انهم لم يكونوا احراراً بصورة تامة من شرك السحر اظهروا لنا جانباً من التمييز ومن الجهد الحقيقي والمخلص لكي يعزو امراض معينة الى اسباب جسمية وهنالك محاولة جيدة لاكتشاف علاجاتها الجسمية. وان هذه الروحية الخاصة بالتمييز امر واضح في العديد من الرسائل الطبية الموجودة في سلسلة النصوص الطبية كما اننا نعلم انه يعنون ما يقولون بلغة واضحة وسيئة. ولكن على الرغم من هذا الدليل فانه من الصعب الاعتقاد بان هذا الطبيب القديم قد توقّع فكرة طبية قبل 2000 سنة والاكثر من ذلك ان يتوقع مفهوماً يقوم على اساس بناء مسألة الجراثيم غيرها وكذلك على نظرية الامراض. والان يمكن ان نثير سؤالاً هل ان تشخيصه والمعالجة المقترحة هي مجرد صدفة؟ هنالك قصة تخبرنا عن رجل كان يعاني من الروماتيزم وقد قام بزيارة لشارع هارلي وعنده امل في ان يتم شفاءه.وقد ارسل من طبيب اختصاصي الى اختصاصي آخر انه كان قد فقد اسنانه واخيراً قد وصل الى النهاية الثانية والى الشارع الاخر. الا ان الاسنان لا تزال موضوع يمكن ان يحصرها الانسان نتيجة للجهل. وعندما نتكلم بصورة جدية فانه من الصعوبة بمكان ان نعتقد بان هذا الطبيب القديم كان لديه التشخيص الحديث خاصة فيما يتعلق بالمعلومات الطبية المتوفرة لديه. ولكنني اضع السؤال لصديقي الدكتور كييف من الكلية الملكية للجراحين فقد اجاب قائلاً (اساء كثيراً فيما اذا مصدرك الاشوري فعلاً يعني الاعتراف بان الاسنان تكون سبباً لمرض منظّم. وربما يكون كذلك ولكن ربما انه يشير الى الم عام (الم الاسنان)والذي يمكن معالجته عن طريق قلع الاسنان. لا استطيع ان اقدم لك أي راي واضح حول الموضوع. ولكن من خلال ما رأيته في مسألة الربط مع النصوص الوصفية فان رأي يكمن في وجود تأويل جراحي اكثر مما يكون تاويلاً علمياً. واذكر هذا بسبب انه في بعض النصوص المصرية قامت بتفحص الام معينة وتم تشخيصها بانها متعلقة برحم المرأة ويبدو ان سبب ذلك ان هذا يصيب المرأة ولا يصيب الرجل ولكن لا يزال ان النص الاشوري يبدو انه واضح الى درجة كبيرة وانه يتضمن توضيحاً علمياً مباشراً. وقد اخبرني المستر وارن داوسن بانه في السلالة الثانية عشرة هنالك اشارة الى ما يمكن ان نقول عنه (الم الاسنان وعلاقته برحم المرأة) ربما استعمل هذا التعبير بصورة بلاغية. لقد حاولت ولاغراض خاصة ان ارفض هذا الطبيب القديم بأكبر قدر ممكن الا ان كلماته واضحة جداً.اذ ان التهاب الرأس والايدي والاقدام للمريض تنشأ من اسنانه وبذلك ينبغي علينا ان نستنتج انه يعاني فعلاً من امراض في اسنانه طالما انه لا يوجد هنالك أي ترابط بين الاسنان الصحيحة والمرض الموجود في اجزاء اخرى من جسمه. وطالما ان الاسنان يمكن ان تؤدي الى امراض اخرى فلابد لنا من ان نزيل مصدر المرض وخاصة الاسنان أي انه اذا كانت الاسنان هي مصدر ذلك المرض فلابد من قلعها.وهنالك ايضاً قول مأثور مشهور جداً لابوقراط وهو (يجب مهاجمة المرض في مصدره).ونجد ان طبيبنا هذا الاشوري يمارس ما اوصى به ابو الطب ووعظ به منذ عدة مئات من السنين. ولذلك نجد ثلاثة خيارات على ما يبدو اذ ادرك الطبيب الاشوري العلاقة بين السبب والنتيجة وان التشخيص والمعالجة ربما كان عن طريق الصدفة او انها كانت توضيحاً منظماً وهو امر واضح كما يبدو.
)[1]) B. R. TOWNEND: An Assyrian Dental Diagnosis , IRAQ
,Vol.:V,Spring,1938(Part I)
للرجوع الى الصفحة الاولى