مئوية المؤتمر العربي الأول في باريس
1913
الأستاذ الدكتور سيار كوكب الجميل
نشر المقال في البيان الاماراتية في الثامن عشر من شهر حزيران /2013م ، ه
ثم على موقع الدكتور سيار الجميل
وقد آثرنا اعادة نشره ووضعه في متناول قراء بيت الموصل
وقد كان لجهود السيدة نهى خلف، دورها التنسيقي واتعابها لإنجاح الندوة التي شاركت فيها نخبة مثقفة لها همومها وتطلعاتها، فضلا عن عدد من المؤرخين والمفكرين العرب والفرنسيين، أمثال: آلان غريش وفتحي التريكي وآلان جوكس ومحمد طربوش ونادر سراج وسابين صليبا وجولييت هونفو وفادية قاسم وصالح عبد الجواد وجوني منصور وراندي ديغليم وجان بول شانيولو وخالد الحروب وبسمة الدجاني، وكنت أحد المشاركين فيها..ه
عولجت في جلسات الندوة عدة قضايا، منها ما يخص تاريخ المؤتمر العربي الأول عام 1913، وملابساته واتجاهات أعضائه من جيل الاستنارة العربية، والإخفاقات التي لازمت سيرورة ظاهرة القومية العربية، فضلا عن موضوع التنوع والتوحيد وفلسفة العيش معا، ورؤية جديدة لزمن الاستنارة بعد مئة عام، والقومية العربية في زمن الثورات.ه
وفي الجلسة الثانية طرح السؤال عن رجالات مؤتمر 1913؛ هل هم قوميون عرب؟ ثم موضوع الجماهير والفكرة القومية العربية خلال الحرب العالمية الأولى، وكيف كان يتشكل الوعي الهوياتي في بيروت؟ كما حلل موضوع الدبلوماسية الفرنسية تجاه المؤتمر العربي الأول عام 1913، حيث كان الدعم حذرا للحركة العربية الوليدة.. أما في الجلسة الثالثة، فتم التطرق إلى بعض رموز القومية العربية في القرن العشرين ، اذ تم التطرق لساطع الحصري كثيرا وعبد الحميد الزهراوي وعبد الغني العريسي ونجيب نصار وعوني عبد الهادي وماري عجمي الرائدة الدمشقية المثقفة وغيرهم ... ودرست في الجلسة الرابعة متغيرات القومية العربية في المشرق والمغرب، من خلال دراسة حالات اليمن والعراق وفلسطين ومصر والمغرب العربي..ه
وعولجت في الجلسة الخامسة إيجابيات القومية العربية وسلبياتها، من خلال توسيع الرؤية لكل من مسألة اللغة والأقليات والمرأة.. وفي الجلسة الختامية وتحت عنوان «أي مستقبل للقومية العربية؟»، جرى الحديث حول استراتيجية التحرير وحروب الهوية العربية في مرحلة ما بعد الاستعمار، انطلاقا من ثورات الربيع العربي، وأزمة القومية العربية وهل حان الوقت لنقول لها وداعا؟ ولماذا التردد في الفكر القومي العربي وعدم بروز قومية عربية جديدة ؟ إضافة إلى صعود الطائفية وتفشّي اوبئتها في مواجهة المشروع الوطني، والانتفاضات العربية والوعي القومي العربي الحديث..ه
لقد نجح المؤتمر في تشخيص جملة من الهموم العربية على امتداد 100 سنة، وما صادفه العرب من تحديات كبرى، وفي مقدمتها تأسيس كيان إسرائيل، وهول معاناة العرب في القرن العشرين، والقلق الذي يلازم بعض النخب من الانقسامات السياسية والترديات الثقافية، وضعف التربية والتعليم، وهزال الاقتصادات والصراعات الاجتماعية، مع الاختراقات الخارجية التي أعادت زرع الامراض التاريخية فكانت سببا في الخلافات وإثارة الأزمات..ه
إن ندوة إحياء ذكرى المؤتمر العربي الأول 1913، وبعد مئة سنة من القومية العربية، بحثت في بعض ما أصاب هذه «القومية» من جراحات، وأعادت التساؤل عن أسباب فشلها، رغم بقاء نبض العروبة ساري المفعول في الحياة العربية حتى اليوم.. وما الأسباب التي كانت وراء الإخفاقات السياسية وفشل الإيديولوجيات القومية، مع بقاء ما يوحّد العرب في الفنون والثقافة وأساليب الإبداع! ولماذا يجتمع العرب على مثل وقيم نبيلة معينة؟ ولماذا يفترقون على أجندات سياسية وطائفية وجهوية وعشائرية؟! وأخيراً ألقيت كلمة ختامية للندوة مقدما هذه التساؤلات: هل لنا أن نحدد بعض المبادئ العربية الجديدة لهذا الجيل الجديد، كما رسم المستنيرون العرب الأوائل الطريق لنا في القرن العشرين؟
هل باستطاعتنا تشكيل قطيعة تاريخية بيننا وبين الأجيال القديمة، من أجل فهمها ومعرفة أين أصابت وأين أخطأت، كي نغّير من تفكيرنا السائد إلى تفكير عربي جديد يأخذنا إلى المستقبل، بدل البقاء في معبد الماضي واجترار آلامه وإعادة إنتاج تناقضاته؟ هل لنا أن نوضّح للعالم اليوم أين موقعنا منه؟ ما هو العلاج الحقيقي الذي تنتظره شعوبنا لمعالجة الواقع المزري الذي نعيشه اليوم؟ كيف نحمي مجتمعاتنا من الانقسامات والتدمير الممنهج ونعيد الاعتبار إلى العروبة التاريخية بعيدا عن المؤدلجات القومية من أجل بناء مستقبل عربي جديد؟
نشرت في البيان الاماراتية 18 يونيو / حزيران 2013 ،ه
ويعاد نشرها على موقع الدكتور سيار الجميل
وعلى صفحاته في الفيسبوك .ه