مدينة الفوتوشوب
صالح الياس
صالح الياس
الموصل سابقا - مدينة الفوتوشوب | الموصل 2013 |
يوما بعد اخر ننغمس أكثر في العالم الافتراضي، ربما هي محاولة للفرار من واقعنا الذي لا يلبي طموحات الإنسان رغم تنوع مزيات حياته: تكنولوجية، عولمية، انترنتية، فوتشوبية.
من قبل، فكر السالفون في حياة مثالية، أفلاطون وضع تصوراته عن جمهوريته التي اعتقد انها اقصى درجات الحضارة، ومثله فعل الفارابي عندما كتب عن مدينته الفاضلة، وكلاهما يسند الحكم الى الفلاسفة، اي أصحاب العقل والمنطق لا القوة والبطش.
ثمة مقترح "افلاطوني" يراود مخيلتي، رغبة في اصلاح ظاهرة العوق الحضاري التي تعرضت لها بلاد الرافدين بعد عقود من الانتكاسات المتتابعة.
المقترح: حياتنا باتت مشوهة الى درجة مرعبة، لذا سنطلق حملة تجريبية افتراضية في مدينة الموصل -المعاقة- لتصليح ما افسده العنف والتخلف.
بما انني قد اشتريت مؤخرا سيارة ومازلت اقبل المقود سبع مرات قبل التحريك كي لا انتهي الى حفرة او مصدة إسمنتية، سأنفذ مشروع الطرق الحولية لما من شأنه انقاذ المدينة من الزحامات المرورية الخانقة؛ لانه يبعد عنها السيارات الكبيرة، وسأوصي (الفوتوشبيين) بتعبيد الشوارع بإتقان عالٍ (يعني مو تبليط مقاولينا ابو الستة شهور).
قبل ذلك نمد شبكات مجاري وماء، ثم ترميم قطاع الصحة، وهنا تحيرني مشكلة ما، كيف نتخلص من الرائحة الكريهة في المستشفيات والمراكز الصحية (فوتوشوبيا)؟
وسيكون لقطاع التربية والتعليم العالي نصيب وافر من الترميم التحتي والفوقي، ومثله النقل البري والجوي والجسور وسد الموصل الذي يلوح لنا بالعصا والاثار والسياحة، نعم السياحة فلقد ربى فندق الموصل الدولي في فؤادي علة من 20 طابقٍ ، مضى على تخريبه وإغلاقه 10 سنوات، عليه ساكلف امهر المصممين بمهمة اعادته الى الحياة، ومن يدري ربما المعمارية العالمية زها حديد!
لا تقلقوا، ان للكهرباء اهتمام خاص، سأمحو الاعمدة عن وجه البسيطة وأذهب بالمولدات الاهلية وأسلاكها السرطانية الى الجحيم، لتدخل الكهرباء بيوتكم بلا تكلف، ولن ادعهم يطفئوا شمعة واحدة، ولتكن الموصل مدينة الانوار.
اما الخدمات البلدية، اعدكم ان يكون لها شأن كبير في مدينة الفوتوشوب، تشجير واسع النطاق وأحزمة خضراء، حاويات للنفايات في كل صوب، وسيارات نظيفة معطرة لنقل القمامة تنشط ليلا فقط، ولن انسى ابادة سيارة المكنسة التي كادت تخنقني ذات صباح بسبب ما اثارته من غبار.
هنا تنفذ المشاريع على أتم وجه وفي مدد قياسية، لا تلكؤ ولا فساد ولا تعطيل للحياة، لا نقاط تفتيش ابدا ولا سلاح في الشوارع، اما المصدات الكونكريتية فسنجمعها لنبني بها منازل للفقراء او مشاريع اخرى بناء على ما يقترح المهندسون والمصممون.
قبل الختام ازف اليكم البشرى، ما ان انتهي من البنى التحتية، أنتقل فورا الى البناء الاهم (الانسان)، ولنبدأ من رد الجميل لمن حملوا اسم الموصل عاليا، مثلا اعيد فتح المتحف الحضاري وابني في باحته تمثالا لـ سعيد الديوه جي ليستقبل زواره بنفسه، واؤسس معهدا للموسيقى باسم منير بشير وبجواره بيتا للمقام نسميه بيت السيد إسماعيل الفحام ... وهلم جرا.
اذن، مدينة الفوتوشوب ترحب بكم.
*
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
من قبل، فكر السالفون في حياة مثالية، أفلاطون وضع تصوراته عن جمهوريته التي اعتقد انها اقصى درجات الحضارة، ومثله فعل الفارابي عندما كتب عن مدينته الفاضلة، وكلاهما يسند الحكم الى الفلاسفة، اي أصحاب العقل والمنطق لا القوة والبطش.
ثمة مقترح "افلاطوني" يراود مخيلتي، رغبة في اصلاح ظاهرة العوق الحضاري التي تعرضت لها بلاد الرافدين بعد عقود من الانتكاسات المتتابعة.
المقترح: حياتنا باتت مشوهة الى درجة مرعبة، لذا سنطلق حملة تجريبية افتراضية في مدينة الموصل -المعاقة- لتصليح ما افسده العنف والتخلف.
بما انني قد اشتريت مؤخرا سيارة ومازلت اقبل المقود سبع مرات قبل التحريك كي لا انتهي الى حفرة او مصدة إسمنتية، سأنفذ مشروع الطرق الحولية لما من شأنه انقاذ المدينة من الزحامات المرورية الخانقة؛ لانه يبعد عنها السيارات الكبيرة، وسأوصي (الفوتوشبيين) بتعبيد الشوارع بإتقان عالٍ (يعني مو تبليط مقاولينا ابو الستة شهور).
قبل ذلك نمد شبكات مجاري وماء، ثم ترميم قطاع الصحة، وهنا تحيرني مشكلة ما، كيف نتخلص من الرائحة الكريهة في المستشفيات والمراكز الصحية (فوتوشوبيا)؟
وسيكون لقطاع التربية والتعليم العالي نصيب وافر من الترميم التحتي والفوقي، ومثله النقل البري والجوي والجسور وسد الموصل الذي يلوح لنا بالعصا والاثار والسياحة، نعم السياحة فلقد ربى فندق الموصل الدولي في فؤادي علة من 20 طابقٍ ، مضى على تخريبه وإغلاقه 10 سنوات، عليه ساكلف امهر المصممين بمهمة اعادته الى الحياة، ومن يدري ربما المعمارية العالمية زها حديد!
لا تقلقوا، ان للكهرباء اهتمام خاص، سأمحو الاعمدة عن وجه البسيطة وأذهب بالمولدات الاهلية وأسلاكها السرطانية الى الجحيم، لتدخل الكهرباء بيوتكم بلا تكلف، ولن ادعهم يطفئوا شمعة واحدة، ولتكن الموصل مدينة الانوار.
اما الخدمات البلدية، اعدكم ان يكون لها شأن كبير في مدينة الفوتوشوب، تشجير واسع النطاق وأحزمة خضراء، حاويات للنفايات في كل صوب، وسيارات نظيفة معطرة لنقل القمامة تنشط ليلا فقط، ولن انسى ابادة سيارة المكنسة التي كادت تخنقني ذات صباح بسبب ما اثارته من غبار.
هنا تنفذ المشاريع على أتم وجه وفي مدد قياسية، لا تلكؤ ولا فساد ولا تعطيل للحياة، لا نقاط تفتيش ابدا ولا سلاح في الشوارع، اما المصدات الكونكريتية فسنجمعها لنبني بها منازل للفقراء او مشاريع اخرى بناء على ما يقترح المهندسون والمصممون.
قبل الختام ازف اليكم البشرى، ما ان انتهي من البنى التحتية، أنتقل فورا الى البناء الاهم (الانسان)، ولنبدأ من رد الجميل لمن حملوا اسم الموصل عاليا، مثلا اعيد فتح المتحف الحضاري وابني في باحته تمثالا لـ سعيد الديوه جي ليستقبل زواره بنفسه، واؤسس معهدا للموسيقى باسم منير بشير وبجواره بيتا للمقام نسميه بيت السيد إسماعيل الفحام ... وهلم جرا.
اذن، مدينة الفوتوشوب ترحب بكم.
*
للعودة إلى الصفحة الرئيسة