معن الغلامي
مع اطلالة شهر الربيع تتجدد الذكريات وتتسابق العبرات وهي ترقب ذكرى مولد سيد السادات عليه من الله تعالى افضل الصلوات وازكى التسليمات وها هو الزمان يدور من جديد وتلكم هي الذكرى الشريفه تغمرنا ببهائها وتحي نفوسنا بالعيش بين ظلالها وفي جنبات افيائها النقيه وفضائاتها المملؤءة بالايمان ---- ترى اية مشاعر تلك التي تستطيع ان تحبسها الكلمات لتسطرها بالمداد واية عبارات مهما اوتيت من بلاغة تقدر ان تعطي صاحب الذكرى ما يستحق من اوصاف وسمات ولكنه جهد المقل وكما يقال العجز عن الادراك ادراك وما لا يدرك كله لا يترك جله اقول ذلك وانا احاول ان احبس العبرات واطفئ لظى نفس قتلتها الحسرات وكيف لا وهي تناجي ذكرى من خلق الكون لاجله ومن كانت الرحمه عيال عليه كيف لا وهي تحاول ان تقترب من بعض من يسير شمائله ونور سيرته وعبق صفائه عليه افضل الصلاة والسلام
ونحن نعيش اجواء الذكرى العطره ماذا عسانا ان نقول بعد قول الحق تبارك وتعالى في حق حبيبه وصفيه عليه افضل الصلاة والسلام ( وانك لعلى خلق عظيم ) ماذا نحاول ان نصف ونستذكر بعد قول العزيز الرحيم ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) ولكن دعونا نتحامل على ركاكة المداد وضعف التكوين والانشاء ونتعالى على الم البعاد وحرقة الفراق ونحاول ان نعيش مع جزئية من جزئيات كثيره رشحت من ذاك الخلق العظيم وخلدت تلكم السيرة العطره نريد ان نقف عند جانب الرحمه وخلق التسامح الذي اصبح في زماننا هذا اندر من خرق القتاد فكم في سيرته صلى الله عليه وسلم من صور ناصعه تقف الرحمة امامها مطأطاة رأسها خجلا وحياءا ويذهب التسامح معها بعيدا لئلا يحاول ان يقارن بها فيفقده صورته امام تلك الرائعات
فقد روى كتاب السير--والقصة معروفة للجميع—ان النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة فاتحا بعد اعوام من البعاد وسنين من فرقة ملاعب الصبا ومواطن الاباء والاجداد بعد ان خرج منها واصحابه مضطرا وهو ينظر اليها ويقول بلسان ينافس الصدق ويتفوق على الحقيقة يقول بلسان اليقين روحي فداه ( والله انك لآحب البلاد الي ولولا ان قومك اخرجوني منك ما خرجت)
تراه ماذا سيفعل وهو يعود منتصرا فاتحا وينتظر الجميع الجزاء فالجزاء من جنس العمل وكما تدين تدان ولكنه الرحمة المهداة والخلق العظيم قال (ما تظنون اني فاعل بكم) قالوا اخ كريم وابن اخ كريم وصدقوا في ذلك فالكرم ياتي اليه منقادا ذليلا وهو يأبى ان يكون الا من خلاله ومن خلال هديه فاجابهم الكريم ( اذهبوا فانتم الطلقاء ) ترى ما احوجنا اليوم الى هذا الخلق النيبل ونحن نعيش اشعاعات الذكرى العطره ما احرانا بعد ان حدثت النكسة الكبرى والاحتلال البغيض لبلدنا الجريح وما افرزه من مفاهيم وممارسات جديده ان نقتفي اثر هذا الخلق السامي وتلك المارسة الرائعه التي تعني تماسك المجتمع وصيانة ابنائه من الانزلاق في مهاوي السلبية والتطرف ان نطبق هذا السلوك الانساني العالي ونعود نلملم اشتات ابنائنا واخواننا نصفح عن المسئ ونصوب المخطأ ونشد على يد المصلح والمخلص دونما عقد وتراكمات نفسيه تدعو للانتقام والتشفي بدعاوى لا تستحق ان تنقاش او تكب في مقال.
ونمضي مع الخلق النبيل والتسامح الرائع ففي نفس الموقف نجد الحبيب صلى الله عليه وسلم يعطي الامان لاهل مكة ويجعل من دخل الكعبة فهو امن ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن وهنا لابد من وقفة وتامل لماذا ساوى الحبيب صلى الله عليه وسلم بين الكعبة ودار ابي سفيان بكونهما ملاذا امنا للهاربين الخائفين الباحثين عن الامان ؟؟؟
انها اشارة نبوية كريمه الى ان الاسلام لا يعادي الاشخاص على اساس الشخصنة والذات ولا يمقت الانسان من حيث كونه انسان لا بل يفرق بين الفعل الصادر عنه في حالة والاخر في حالة ربما تخالف الاولى وتناقضها وهذا ما حدث مع الصحابي الجليل ابي سفيان رضي الله عنه فهو من هو قبل الاسلام في عدائه للاسلام والملسمين وهومن هو في رص الصفوف وحبك المؤمرات ضد الاسلام واهله وموقفه في غزوة بدر الكبرى معروف مشهور ولكنه بعد ان اعلن الاستسلام والانقياد لرب الارض والسماء بعد ان تشربت نفسه وروحه بالهدي الرباني الكريم اصبح شخصا اخر وانسانا من نوع جديد لا يماثل ما كان عليه بل يقاطعه ويحاول ان لا يعود الى ماض فيه الكثير من الوخزات والصفحات التي لا يسر نشرها وهنا نجد خلق التسامح والرحمة مرة اخرى واعطاء من له مكانة بين قومه وسيادة في عشيرته حقه ومستحقه اليس الحبيبب صلى الله عليه وسلم هو القائل ( خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام اذا فقهوا) وهكذا يتم تاليف القلوب وتقوية وشائج المجتمع وتقويم المسئ وتصويب الخاطئ دونما انتقام او تصفية لحسابات في كثير من الاحيان تعود لحب الذات ورفع الكبت والحرمان والمعاناة التي تنتج انفعالات وتشجنات تولد افعالا ربما تكون غير سويه ومنظبطه بضوابط المصلحة وتقديم الصالح العام على الشخصي والفئوي والطبقي.
وبعد فما احوجنا ونحن نعيش اجواء هذه الذكرى الى ان نستلهم الدروس والعبر منه صلى الله عليه وسلم ومن سيرته العطره وسيرة صحبه الكرام الميامين عليهم رضوان الله تعالى اجمعين لنحقق بذلك صدق الاحتفال بذكراه صلى الله عليه وسلم ولنعود بالمجتمع ليتربع على مراقي السؤدد ومدارج الرقي والفلاح ولله در الشاعر حين قال مادحا حبينا وسيدنا صلى الله عليه وسلم
هل تطلبون من المختار معجزة ---- يكفيه شعب من الاجداث احياه
للعودة إلى الصفحة الرئيسة