تحت صفعات الريح
حارث معد
أيتها الأجسادُ القابعةُ في المنازلِ
كالديدانِ في الجُثَّهْ
الجهلُ ينتشرُ كالبَعوض
يعلو كالنحيب
أيها الضبابُ المنتشرُ في الطرقات
ألم يكنْ لوطني
صدرٌ أنتحِبُ فوقَهُ،
كالسكّير أمامَ الزجاجة؟
أيها الرصيفُ المضطجِعُ
تحتَ البساطيل
وأعمدةِ الإنارةِ المنطفِئَهْ
لقد رحلَتِ الخطواتُ المغريةُ
والأحذيةُ الملمعةُ
والضحكاتُ البريئةُ
والزهورُ المهداةُ
للابتسامةِ الساذجَه
الرصيفُ الأصمُّ
شيخٌ يقبَعُ في الريح
ويموتُ في الليلِ
مشنوقاً تحت زخَّاتِ المطر
وعطرِها الممزوجِ برائحةِ القش
ماذا تفعلُ الأقدامُ،
بلا أرصفةٍ
والعصافيرُ،
بلا أسلاك كهربائية
والشيوخُ بلا مَقاهٍ ؟
ماذا يفعلُ البريدُ بلا ساعٍ
والليلُ بلا سَمَر
في عصرِ العولمةِ،
والتقنياتِ،
وشاشاتِ البلازما
والرقصِ مع سمَّاعاتِ الآذان
في زمنِ الرسائلِ السريعةِ
والمغازلةِ
مع الإيميلاتِ المُستَعارهْ ؟!
لا تنتظريني يا حبيتي
فالحدائقُ خَلَتْ مِن الأزهار
والهدايا لم تعدْ تلك الهدايا
ونجمةُ الصبحِ
التهمَتْ بريقَها
أصبحتْ مُلكاً
لِمَن قايضوا الأرضَ
بالقبلات
وأكظمُ ألمي
حين يسألُني الشارعُ
عن بيارقَ رفرفتْ
في حُلُمِي
أيُّها الشارعُ الأبكم
أيها الرصيفُ الأصم
أقسمُ بالأملِ المبدَّد
أنني لن أعودَ إلى رشدي
إذا لم تُعطوا كُلَّ طفلٍ متشرِّد،
ابتسامةً ومعطفا
وكلَّ أرملةٍ،
بيتاً وقبله.
_____________________**
عودة الى الصفحة الرئيسة