فتية التحرير
أمجد محمد سعيد
القاهرة
****
شفقٌ منْ دمٍ ودموعٍ
على شكلِ قلبٍ نبيّْ . ـ
ها هو الآن يطلق ألوانهُ الغامضاتِ على الرافدينِ
الفراتِ
ودجلةً
يسهر في خيمةٍ أرجوانيةٍ من خيام الشباب الفتي ّْ. ـ
وسْط َبغدادَ , ـ
في ساحةٍ كقلادةِ عشتارَ
تلتف حول أمانيَهم في اعتناق المحبة
يستلهمون حكايا جواد سليم
وأبطالَه الناظرينَ من النصْب
في بلدٍ ضجً بالفقراء الذين نسوا كل شيءٍ
سوى وطنٍ ضاع من يدهم
في زمانٍ بَغِي ّْ. ـ
إنهم يأنسون بقمصان من فقدوا من رفاقٍ
قضوا برصاص خبيثٍ
ولكنهم ساهرون بإيوانِ تشرينَ
تنعشهم أغنيات الجنوب الرشيقِ
وتدعوا لهم أمهات الشمال البهيّْ . ـ
ها هنا
وسط بغداد يولد جيلٌ فتِيّْ . ـ
سومريون من قصب الهورِ
يولد شكل جديد من الأبجدية
في شرفة وسط بغداد ... ـ
تولد وركاء ثانيةً
أول الوعي .. ـ
تولد أور
وبابل
آشور
في بابها المشرقيّْ . ـ
ونرى وردة الوعي تزهر
في أوجه الفتية الباحثين عن الوطن المستباحِ
تضاءلت الأمنياتُ
سوى البحثِ عن وطن كان فجر الكتابةِ
والخلقِ
والحقِ
والعشقِ
يا أيها الفتية الفاتنونَ
البنات الجميلاتِ
يا أيها الشهداء الذين مضوا في النخيل
مضوا في الحكايا
مضوا في الدموعِ
مضوا في نهار يجيئ من الناصرية في زفةٍ
مثل حزن الجنوب القصئّْ . ـ
أيها الفتية الساهرون مع الدمع
والشاي
والذكريات القريبة في مركب الفجر
مندفعين إلى سدرة المجد
لا تملكون سلاحا
سوى علم للعراق بلون الدماء
ووشم الجراح على القلب
لا تملكون كنوزا سوى حلم أزليّْ . ـ
يا لهذا الزمان الذي من ضمير التراب العراقي
يطلع شمسا
ومن رجفة الفقراء يفجر نهرا .. ـ
هنا فوق أرض الفراتين يبدأ وقت جديد بهيّ . ـ
سيعاند عاصفة الموت
موت بموت
بماذا تقاتل يا ايها الموت
ماذا ستفعل يا أيها الموت
إنا نميتك
نمشي على وجه كل الذين طغوا في البلاد .. ـ
هو الموت فليأت
لا ذل
لا جوع
فليأت
وليبق حقد الطغاة الذين بنوا من جماجم أبنائهم
جشع الظالمين
اقتلونا كما تشتهون
اقتلونا
ومن دمنا المستباح اشربوا نخب أحزاننا
أيها الظالمون خذوا كل شئّْ
خذوا كلَّ شيّْ . ـ
واتركوا حلمنا
دمعنا
خبزنا الأسمر
الأغنيات الحزينة
أشلاء أيامنا
ذكريات مدارسنا
وكراريس أطفالنا
أصدقاء القطارات من بصرة النخل يزهو
إلى الفستق الموصليّْ
................
يتأبط هذا الفتى قلبه
في حديقته بين نُصبيْ جوادَ وفائقَ
تأتي الجموع براكين من كل حدبٍ
وصوبٍ
وحي ّْ. ـ
طرقات المدينة تلتم
في ساحة تستجيب لفقهِ التحول
نبض القيامة
تستنهض الحكمة الرافدينية
الآن تنهض عشتار من صرخات الحشود
و قداسها البابلي ْ. ـ
نحن نمضي مليا إلى الوطن المستحيل شظايا .. ـ
فإما الوصول إلى حلمنا الأزلي ّْ. ـ
أو قميص الشهادة
تلك الشهادة في ثوبها القرمزيّْ. ـ
إن قتلنا .. ـ
فنعم الشهادة فوق التراب الزكيّْ. ـ
كسر الفتية الفاتنون رهاب السكوت الطويل
انتهى زمن
وابتدا زمن
لم يعد ثم من هدنة غير أن يُحرق الصنم الخشبيْ. ـ
ليس ثمة من عاصم يعصم الفاسدين
سوى أن يثوبوا إلى رشدهم
ويعيدوا مفاتيح هذي الديار إلى أهلها
ثم ينتظروا حكم هذي الجموع من الفقراء
وليس هناك سوى الوطن السرمدي ّْ. ـ
القاهرة
يناير 2020
عودة الى الصفحة الرئيسة