في انتظار السيناريو
كرم الأعرجي
تعداها (بلند) حينما جزّ شعر القافية وسحل الكلمة من أذنيها نحو غربته التي خيم عليها (ايفل) و(الماغوط) حيثما حلّ يركل الدنيا بدمعته المتمردة، كان مصباح الكلام دليله في الثكنات، حتى (حنا مينا) تعداها وغاب في النشيد، تعداها الاساطين (العقاد)، (الجواهري) و(غوركي) ، اما هو بقيت اوراقه الثبوتية تثرثر في رأسه، يشم رائحة السباب في الشوارع، والاماسي الغنية بحرف (الدال) منهم ومن فكهم الاسفل هذا لان الاسئلة دائماً عن رقيم يخرج من حديقة (.ما.) والبطون بساتين؛ يستل من غابة الكلام عنفه حين يعلق على ما لا يفهمه الناس، جرحته مساوئ الكثيرين من الذين يسكنون في بؤرة الخلل، لم يكن الوحيد في هذا العالم يجرر امنياته بهدوء بارد، يمضي نحو لا مرافئ من ساحله، هو كما البحر لا سكون عنده في الهياج فساقته المجارف نحو ابار عتمته يجبل بأحداقه المارة راسماً له درباً يرتئيه ليفصل رأسه عن الاوراق المصيرية كما يفهمها البعض، تلك الافكار خانقة، لانه تذكر (مسحاة) والده وما ملكه من الدنيا لينعم هو (بالدلال) دون أخوانه الذين رسموا طريقهم عبر هذه المستمسكات (المقدسة)، منهم المدرس، والمدير، والمحامي، والضابط، وهو يلعن يومياته حينما لم يكن اميناً على الحياة، كان كتلة من الفوضى، طوقتها زخارف الحياة فأهمل المجهول، لا يدري من يلوم، نفسه، او عدم حرص والده على تربية روحه في التعليم.. الشقاء يبدأ من هنا حيث المعضلة التي ألمت به، فساقته، المجارف نحو هاوية البحث..، كان القيظ يحلب من الشمس حرارتها فتتوغل الحرث لتفور السخونة حتي من الاجداث.. تسحله المراثي بعد وفاة والده الذي خلف له ارثاً لائقاً يستر ما تبقي من حياته، الا انه استباح كل شيء ونأى نحو اوربا حيث المرح، وفناءات الملذات كانت مفتوحة امامه، يدري ان عالمهم مختلف ومريض وخاسر وهو باتجاه الجحيم، الا من استقام على طريقة البنى الاخلاقية للمجتمعات، اصبع الندم كان مريضاً لذا لم يعضه، حرصاً على علاقته (بزاهره) التركية الاصل والمقيمة بين غجر(بلغاريا) وهي من أحفاد المهجرين الارمن بسبب جاسوسيتهم للروس، كما تدعي... ملامحها الشرقية يطغي عليها الخجل وتمتلك من الجمال ما يوازي شط الموصل بعذوبته وأفياء الغابات المطلة على شرفات موجه الشفاف، تقول، أغلب اجدادها رحلوا نحو هذه المدينة بحثاً عن الخلاص، بكت لانها تكادُ تشك بأن جذرها الجيني سينقرض بها، لذا ارادت ان تعاشر أي شرقي من اجل انقاذ وحدتها في هذه الغربة الحافلة بالاخطاء. يتلمض القبل المشحونة بغريزة اشهى من عسل النحل، قلّب الكثير من اصنام الذكريات الواقفة عند بوابة زحام الاخيلة، ضحك وبكل تجاعيد وجهه المتوتر قلقاً من مجهولية أمانيه الخاملة في محطة الانتظار، عثر بين الاوراق على جمل اعطته بعض الامل، مؤلفاته الشائعة بين قرائه، ربما ستنثر في طريقه الزهور امام موظف فحص الاضابير المقولب على عادات محددة والصارخ بوجه الخائبين امتعاضاً، كما يروى عنه، هذا لان عقدته مذيلة بالشتائم ومحشوة بهوس أثري، يقال قبل اسابيع طليقته كانت تحتقر تصرفاته المجروشة بالكآبة، مخلفة وراءها من عقده ثلاث بنات وذكر مقبل على الفطام.. فأسفر ذلك عن انفصامه القبلي المرتبط بتقاليده الجامدة.. أثر الفراق عليه فكانت شخصيته تسبب ارباكاً للمراجعين، طابور من العاطلين يقفون امام شباكه المشبك بالامنيات، والعازل للمشتهي من المخترقين، حبس انفاسه واصطف خلفهم وفي داخله غصة العثور على عمل يلفّع ما تبقي من العمر.. استسلم لبروكه بعدما عجز عن الوقوف، فتح علبة السكائر المحشوة (بالقات) اليمني، اشعل واحدة واخرى حتي نفذ الصبر وهو غارق في التذكر. يوما في القطار النازل من بغداد الي الموصل كان فرحاًعندما خلع (البسطال) محتفلاً بتسريحه من الخدمة العسكرية ضحك لانه كتب على
اغلفة (تكة السومر) (اقفز حفريات) من جانب الرأس وقدميه التي تصدر منهما رائحة التعب، هذا لان القطار كان فيه بصيص من الضوء الخافت وتستخدم (التورجات) في ممراته آبان الحرب التي خسرها الجميع ولم يربحوا الانسان.. كان فرحاً لانه ذاب في النشوى التي حوّلته الي مدنية التعامل مع الناس، وبوكزة استنفرته بالنهوض من بروكه متقدما خطوة اخرى خلف الطابور، قطار يجر قطار..ربما برقت في سماء اللحظة علامات الوصول الي الشباك، لا يزال مخدوعاً بتاريخه الذي ربما ستخذله بعد قليل نظرة من الفاحص لاوراقه. اتاه همس بنفث مزعج -- اعطه (الاوراق) وباصبع منطلق كسهم هيا يارجل.. حدّق من تحت أبط الشاب الذي قبله، واذا بالموظف يزجر نظرته من عمق نظارته السميكة كعقب قدح بلوري تنشر من خلالها تلاطم الوجوه المحكومة بالالم.. وعاد فاحصاً اضبارته متمنياً له فرصة اخرى.. وعندما أعطاه ما استطاع جمعه من مخزونه الورقي، صبر عليه وهو يقلب بأنامله المصفرة جراحه صحيفة صحيفة ثم ينتقل ليتحدث مع زميله الذي يتذمر كثيرا من حديثه المكرر، يقلب الورقة، اما هو ينسى قلبه المريض بالاحتباس المطبق وكأنه مزود بفتيل موقوت، كانت نيته تفجير الشباك وخنق الموظف الذي لازال يتلذذ بأعصابه، يقلب الورقة ويقول- قلت لها ان لا تغادر البيت بلا أذن مني، كي لا تجبرني على رمي الطلاق بوجهها ووجه اطفالها، قلت لها ستتيه لانها بلا شهادة علمية وتسقط بأحضان الكدية بين الاقارب قلت لها كل شيء لكنها اجبرتني على ذلك، والموظف الذي بجانبه يتأفف محاولاً الغاء ثرثرته، اما هو اخذ يحثه على البحث في مجرات حياته، وبامتعاض من تقاعسه.. قال- اخي لقد سئمنا الانتظار، الى متي وانت تسرد القصص تلو القصص (فضنا). سحب نظارته بهدوء وقال بصوت فيه من المرارة ما يذكره بزوجته، خذ واذهب وهو يدرك انه سيصدم انساناً، انت بلا شهادة علمية، نعتذر لانك غير مشمول في هذه الدائرة بالتعيين، كان قصده ان يغذيه ببصيص من الامل، سحب اضبارته ونثرها في الهواء وهو يضحك ثم نظر عميقاً بعينين مفتوحتين نحو البهاء الواسع وكأن ضوءهما يشكلان فجوة في الفضاء واخذ يجوب شوارع المدينة ويهلوس بلغة لانفهمها نحن البشر...ـ
الاسماء: بصمت تاريخها بالرغم من انهم بلا شهادات علمية.. فأنصفتهم الحياة
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
اغلفة (تكة السومر) (اقفز حفريات) من جانب الرأس وقدميه التي تصدر منهما رائحة التعب، هذا لان القطار كان فيه بصيص من الضوء الخافت وتستخدم (التورجات) في ممراته آبان الحرب التي خسرها الجميع ولم يربحوا الانسان.. كان فرحاً لانه ذاب في النشوى التي حوّلته الي مدنية التعامل مع الناس، وبوكزة استنفرته بالنهوض من بروكه متقدما خطوة اخرى خلف الطابور، قطار يجر قطار..ربما برقت في سماء اللحظة علامات الوصول الي الشباك، لا يزال مخدوعاً بتاريخه الذي ربما ستخذله بعد قليل نظرة من الفاحص لاوراقه. اتاه همس بنفث مزعج -- اعطه (الاوراق) وباصبع منطلق كسهم هيا يارجل.. حدّق من تحت أبط الشاب الذي قبله، واذا بالموظف يزجر نظرته من عمق نظارته السميكة كعقب قدح بلوري تنشر من خلالها تلاطم الوجوه المحكومة بالالم.. وعاد فاحصاً اضبارته متمنياً له فرصة اخرى.. وعندما أعطاه ما استطاع جمعه من مخزونه الورقي، صبر عليه وهو يقلب بأنامله المصفرة جراحه صحيفة صحيفة ثم ينتقل ليتحدث مع زميله الذي يتذمر كثيرا من حديثه المكرر، يقلب الورقة، اما هو ينسى قلبه المريض بالاحتباس المطبق وكأنه مزود بفتيل موقوت، كانت نيته تفجير الشباك وخنق الموظف الذي لازال يتلذذ بأعصابه، يقلب الورقة ويقول- قلت لها ان لا تغادر البيت بلا أذن مني، كي لا تجبرني على رمي الطلاق بوجهها ووجه اطفالها، قلت لها ستتيه لانها بلا شهادة علمية وتسقط بأحضان الكدية بين الاقارب قلت لها كل شيء لكنها اجبرتني على ذلك، والموظف الذي بجانبه يتأفف محاولاً الغاء ثرثرته، اما هو اخذ يحثه على البحث في مجرات حياته، وبامتعاض من تقاعسه.. قال- اخي لقد سئمنا الانتظار، الى متي وانت تسرد القصص تلو القصص (فضنا). سحب نظارته بهدوء وقال بصوت فيه من المرارة ما يذكره بزوجته، خذ واذهب وهو يدرك انه سيصدم انساناً، انت بلا شهادة علمية، نعتذر لانك غير مشمول في هذه الدائرة بالتعيين، كان قصده ان يغذيه ببصيص من الامل، سحب اضبارته ونثرها في الهواء وهو يضحك ثم نظر عميقاً بعينين مفتوحتين نحو البهاء الواسع وكأن ضوءهما يشكلان فجوة في الفضاء واخذ يجوب شوارع المدينة ويهلوس بلغة لانفهمها نحن البشر...ـ
الاسماء: بصمت تاريخها بالرغم من انهم بلا شهادات علمية.. فأنصفتهم الحياة
للعودة إلى الصفحة الرئيسة