مسرحية للفتيان
ـ تَـودُّدْ ... ، الجاريـة
ـ طلال حسن
شخصيات المسرحية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ1 ـ هارون الرشيد
ـ2 ـ قمر
ـ3 ـ صفوان
ـ4 ـ تودد
ـ5ـ يحيى
ـ6 ـ الحاجب
المشهد الأول
ـ غرفة في قصر صفوان،ـ
ـ تودد تذرع الغرفة قلقة
تودد : الزمن كالأصدقاء ألا أصدقاء، لا يرحم، آه سيدي صفوان،ـ
ـ ليتك رحمت نفسك، قبل أن تنظر رحمة
ـ ــــــــــــــــا الأصدقاء "تصمت" ها هو سيدي قادم
صفوان : " يدخل متجهماً " تودد
تودد : سيدي
صفوان : لم يأتِ يحيى
تودد : سيأتي ، يا سيدي
صفوان : سيفلح يحيى هذه المرة
تودد : هذا ما أرجوه ، يا سيدي
صفوان : بالتأكيد سيفلح ، فخالد تاجر كبير،ـ
ـ وهو صديق المرحوم أبي، وصديقي أيضاً..ـ
تودد : الصديق وقت الضيق
صفوان : وطالما وقف المرحوم أبي إلى جانبه ، وقت الشدة
تودد : آمل أن يذكر هذا ، ويردّ الجميل بالجميل ، يا سيدي
صفوان : " يحدق فيها ملياً " لا يبدو أنك متفائلة ، يا تودد
تودد : لقد جربنا الكثير غيره من الأصدقاء ، يا سيدي
صفوان : خالد مختلف ، وقد جعلته ملاذي الأخير ، وإلا..ـ
تودد : سيدي...ـ
صفوان : " ينظر إليها متوجساً "...ـ
تودد : قبل قليل ، جاء رسول من صاحب الشرطة..ـ
صفوان : دائن آخر، هذه فرصتهم، ولن يسكتوا، لقد وقع الجمل
تودد : ليس دائناً هذه المرة ، إنه المرابي الذي اشترى القصر ، يا سيدي
صفوان : لكنه أمهلني حتى..ـ
تودد : لقد انتهى موعد الإمهال منذ يومين، يا سيدي
صفوان : هذا المرابي اللعين..ـ
تودد : سيأتي المرابي اليوم، ومعه الشرطة، ويتسلموا منّا القصر، يا سيدي
صفوان : اليوم ! " منفعلاً " لم يبقَ لنا سكن غير هذا القصر ، أين نذهب ؟
تودد : " تقترب منه " لا تنفعل ، يا سيدي، لا تنفعل ، صحتك ليست على ما يرام
صفوان : إلى الجحيم " بانفعال أشد " هؤلاء الأصدقاء الخونة،ـ
ـ كانوا يتبعونني كالذباب، وكالذباب أنفضوا عني
حين نفد مالي
تودد : سيدي ، إنهم ذباب .ـ
صفوان : " يتراجع " سأكون في غرفتي "يتجه إلى الخارج " ناديني إذا جاء يحيى
تودد : أمر سيدي
صفوان : " يخرج منفعلاً"...ـ
تودد : سيأتي يحيى، وكالعادة لن يأتي بما يُحيي، آه سيدي صفوان
ـ ان " تصمت سيأتي الشرطة، يأخذون القصر، يأخذون سيدي
ـ صفوان إلى السجن، وأنا لن يكون لي ملاذ سوى .. قمر الزمان
ـ يدخل يحيى حزيناً،ـ
ـ ويقترب من تودد
يحيى : " يهز رأسه بالنفي"...ـ
تودد : إنه الملاذ الأخير ، يا يحيى
يحيى : لا ملاذ ، يا بنيتي تودد
تودد : أعرف ، يا يحيى ، لكن سيدي صفوان لا يعرف
يحيى : لو كان يعرف لعرف
تودد : " تنصت باهتمام " صه ، سيدي صفوان قادم
يحيى : مثل هذه الحياة ، لا رحمة فيها للطيبين
تودد : " تنظر إليه صامتة"....ـ
ـ يدخل صفوان، ويتوقف
ـ متطلعاً إلى يحيى
يحيى : سيدي
صفوان : لا تقل لي، إن التاجر العجوز خالد، سافر للحج
يحيى : كلا يا سيدي لم يسافر إلى الحج، بل سافر إلى الموصل
ـ ، يستقبل قوافل تجارته القادمة من حلب
صفوان : لكنه مسن ومريض، فهو في عمر المرحوم أبي
يحيى : لم يمنعه سنه أو مرضه من متابعة تجارته القادمة من حلب
صفوان : يا لحظي السيىء
يحيى : " ينظر إليه صامتاً"...ـ
صفوان : " ينظر إلى تودد"...ـ
تودد : المرحوم والدك أنقذه من الإفلاس والسجن ، وجعل منه ثانية تاجراً كبيراً
صفوان : " حائراً " آه...ـ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لم يبقَ لي ملاذ...ـ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لا تقل لي ، كما يقول الآخرون، الخطأ خطأك...ـ
يحيى : عفواً سيدي ، لا فائدة من اللوم أو الندم
صفوان : قل ما يفيد إذن أو فاصمت
يحيى : عندي ما أرجو أن يفيد ، يا سيدي
صفوان : تكلم إذن
يحيى : بعني ، يا سيدي
صفوان : ماذا!ـ
يحيى : بعني ، لعل هذا يفيد
تودد : يحيى...ـ
صفوان : ماذا تقول ، يا يحيى ؟ أولاً أنت لست شاباً...ـ
يحيى : نعم ، لكني مازلتُ أقوى على العمل
صفوان : ثم أنت رجل حرّ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لقد حررك أبي في حياته ، ولا يحق لي أن أبيعك ، ولن أبيعك
ـ ، مهما كلف الأمر
يحيى : سيدي..ـ
صفوان : يحيى...ـ
تودد : اذهب ، يا يحيى ، وأعدّ طعام الغداء
يحيى : " ينظر إلى تودد"...ـ
تودد : أعرف ، ما لدينا قليل ، اذهب ، يا يحيى
يحيى : " يتململ متردداً"....ـ
صفوان : اذهب ، اذهب
يحيى : " يخرج صامتاً"...ـ
تودد : " تنظر إلى صفوان"...ـ
صفوان : أبيعه ، يا لها من فكرة " يبتسم بمرارة " ثم ماذا يساوي ، حتى لو بعته ؟
تودد : أراد، يا سيدي صفوان، أن يقدم ما يراه مفيداً
ـ ، إنه لا يملك غير نفسه، فقدمها لك
صفوان : وأنا لا أملكه ، وحتى لو كنت أملكه، فكيف أبيعه ؟
تودد : من حقك أن تبيعه ، لو كنت تملكه، فأنت في محنة شديدة..ـ
صفوان : حمداً لله أنني لا أملكه
تودد : إذا كان بيعه يحلّ محنتك ، ويجنبك الدخول إلى السجن
صفوان : لا حلّ ، يا تودد ، ما أعيشه الآن كابوس ، وأي كابوس
تودد : لابد من أن تفيق من هذا الكابوس، يا سيدي
صفوان : ليتني أستطيع
تودد : سيدي...ـ
صفوان : " ينظر إلى تودد " كنّا في حلم.... وأي حلم
تودد : ليته دام ، ذلك الحلم ، يا سيدي
صفوان : آه لم يدم للأسف...ـ
تودد : " تهز رأسها"....ـ
صفوان : كنا معاً طفلين، طفل وطفلة، في عمر واحد تقريباً، أمك كانت جارية، اشتراها أبي، وكنت رضيعة معها، تربينا معاً، رحلت أمك، وبقينا معاً طفلين
تودد : لم نعد طفلين .. يا سيدي
صفوان : للأسف
تودد : ولم نعد في حلم
صفوان : " ينظر إليها صامتاً"...ـ
تودد : نحن في كابوس ، يا سيدي، وعلينا أن نفيق
صفوان : يا لحمقي ، ورثت ثروة ضخمة من أبي، وبدل أن أنميها
ـ ، أو أحافظ عليها، أحرقتها على مذبح الأصدقاء، وأي أصدقاء....ـ
تودد : "تنظر إليه نظرة ذات معنى"...ـ
صفوان : أعرف، لقد نصحتني، حين تنطفىء الثروة، سيعم الظلام
ـ ، ولن أرى في عتمة العوز أياً من هؤلاء الأصدقاء
تودد : سيدي...ـ
صفوان : وهذا ما حدث، هنا، في هذه الظلمة
ـ ، لا أرى صديقاً إلى جانبي غير يحيى وغيرك
تودد : أنا جاريتك ، يا سيدي
صفوان : كلا
تودد : بل نعم ، يا سيدي ، جاريتك ، هذا هو الواقع
صفوان : كلّ جواريّ ، اللواتي كنّ يحببنني، بعتهن في السوق
ـ ، ولعلهن فرحنىبالابتعاد عني ، فمن الصعب أن يحيا
ـ الحب في كابوس الفقر
تودد : هذا ممكن ، يا سيدي ، إذا لم يكن الحب زائفاً
صفوان : تودد
تودد : سيدي ، لقد رعيتني شخصياً ، في حياة والدك وبعدها ، وعلمتني أفضل تعليم يمكن أن تحصل عليه جارية في بغداد ، حتى صرت ما أنا عليه الآن
صفوان : أنت تستحقين ما أنتِ عليه، فأنتِ فتاة ذكية، دؤوبة، شجاعة والحقيقة أنت ضوئي الوحيد في هذه الحياة
تودد : دعني إذن أعيد الضياء الحقيقي إليكَ
صفوان : " متوجساً " تودد...ـ
تودد : الخليفة هارون الرشيد يعتبرني كنزاً نادراً
صفوان : تودد...ـ
تودد : قدمني في أقرب فرصة ، إلى الخليفة هارون الرشيد
صفوان : " ينظر إليها صامتاً"...ـ
تودد : سأعيدك إلى الضياء ، الذي كنت فيه ، يا سيدي
صفوان : تودد...ـ
تودد : نعم ، سأعيدك إلى الضياء ، إنني أساوي عشرة آلاف دينار
صفوان : لا....ـ
تودد : دعني ، دعني للخليفة ، وعد أنت إلى الضياء
صفوان : لا ، هذا محال ، أنت ضوئي ، ولا ضياء في حياتي غير ضيائك...ـ
تودد : مولاي ، أرجوك ، لا خيار ، لابد أن تعود إلى الضياء
ـ ، وستعود إليه عن طريقي...ـ
صفوان : لا .. لا...ـ
تودد : سيدي .. إن أنا إلا جارية
صفوان : " يصيح " لا .. لا .. لا
يحيى : " يدخل " سيدي...ـ
صفوان : " يلتفت إليه"...ـ
يحيى : المرابي بالباب ، يا سيدي ، ومعه الشرطة
ـ إظلام تدريج ، صفوان
ـ وتودد يجمدان في مكانيهما
ـ إظلام
المشهد الثاني
ـ ـ جناح الجارية قمر ،ـ
ـ تودد تعزف على العود
تودد : " تعزف حزينة"...ـ
قمر : " تصغي متعاطفة"...ـ
تودد : " تتوقف عن العزف"...ـ
قمر : أظنّ أنّ هذه المعزوفة جديدة ، يا تودد
تودد : " تهز رأسها"...ـ
قمر : ويبدو أنها لم تكتمل
تودد : ليس بعد
قمر : أسْمِيها أحزان ، يا تودد
تودد : أسمَيتها دموع
قمر : دموع عينيك ، مثل دموع عينيّ، عزيزة
تودد : قلما أذرفها إلا على انفراد ، وعلى العود
قمر : ليتني أستطيع أن أذرفها ، في مستوى ذرفك لها
تودد : أنتِ أستاذتي ، يا قمر الزمان
قمر : التلميذ أحياناً يتفوق على أستاذه، يا تودد
تودد : لم أتفوق ، ولن أتفوق أبداً عليك، مهما حاولت
قمر : " تنظر إليها " تودد
تودد : سيدتي
قمر : كلما أنظر إليك، أو أسمعك تتكلمين أو تنشدين أو تغنين
ـ ، أشعر أنكِ أنا ، أنا التي كنتُها
تودد : سيدتي قمر
قمر : نعم ، أنتِ أنا ، عندما كنتُ الجارية الأولى
ـ عند مولاي هارون الرشيد ومازال لي مكانتي
ـ عند الخليفة الرشيد ، لكني لم أعد الأولى
تودد : سيدتي...ـ
قمر : إنه واقع مرّ، لكنه الواقع، وهذه سنة الحياة
ـ ، هذا ما أحاول أن أقنع نفسي به " تبتسم بحزن" أنتِ الآن قمر
تودد : أنت مثلي الأعلى، وطالما تمنيتُ أن أكون إلى جانبك
ـ ، وقد تعلمتُ منك الكثير
قمر : الصبر ، آن أن تتعلميه مني
تودد : سيدتي ، تعلمتُ الصبر مبكراً صبرت ومازلت صابرة
ـ ، لكن الصبر هنا لن يجديني
قمر : الواقع الذي عشناه ونعيشه ، يا تودد ، ليس الجنة
تودد : إنني لا أبحث عن الجنة ، يا سيدتي، إنما أريد أن
ـ أنقذ صفوان من الجحيم " بصوت مختنق " إنه الآن في السجن
قمر : " تتنهد متأثرة"....ـ
تودد : وقد يُحكم عليه لفترة طويلة، إذا لم يسدد ما تبقى عليه من ديون
ـ ، في أسرع وقت ممكن
قمر : لقد تحدثت إلى مولاي الخليفة عنك أكثر من مرة
ـ ، وسأحدثه في أقرب فرصة أيضاً
تودد : اليوم ، يا سيدتي قمر ، اليوم قبل الغد ، فغداً قد يفوت الأوان
قمر : كما تشائين ، يا تودد ، اليوم
تودد : إنني أنزف ، وسأبقى أنزف ، ما دام صفوان في السجن
الخادمة : " تدخل مسرعة " سيدتي
قمر : نعم
الخادمة : " تهمس باهتمام " مولاي الخليفة هارون الرشيد
قمر : يريدني في جناحه ؟
الخادمة : " تهمس باهتمام " لا يا سيدتي بل هو قادم إلى هنا
قمر : " تهب واقفة " أيتها البلهاء....ـ
تودد : " تقف مضطربة " مولاي!"....تتلفت مضطربة " ما العمل ؟
قمر : تعالي ، يا تودد " تمسك يدها" تعالي ، سآخذك إلى تلك الغرفة الجانبية
تودد : " مضطربة " خبئيني...ـ
الخليفة : " من الخرج " قمر
قمر : " تتوقف " فات الأوان
تودد : " تتوقف مضطربة"...ـ
الخادمة : سيدتي
قمر : اذهبي أنتِ
الخادمة : " تخرج مسرعة"....ـ
ـ يدخل الخليفة ، قمر
ـ وتودد تنحنيان له
قمر : مولاي
تودد : " تبقى مطرقة"...ـ
الخليفة : سمعتُ نغمات هي لكِ وليست لكِ يا قمر
قمر : أنت محق ، يا مولاي ، إنه عودي " تنظر إلى تودد " وكانت
ـ هي تضرب عليه
الخليفة : يا للحزن العميق " ينظر إلى تودد" لم أكن أعرف
ـ ، أن الحزن يمكن أن يكون بهذا الجمال
قمر : " مشيرة إلى تودد " هذه تودد الجارية ، يا مولاي
الخليفة : " يتأمل تودد مبتسماً"....ـ
قمر : جارية التاجر صفوان
الخليفة : سمعت نتفاً عنك ، لكن ما تراه العين يختلف ، يختلف كثيراً
قمر : التاجر صفوان في السجن الآن ، يا مولاي
الخليفة : " يبقى صامتاً"...ـ
تودد : ينتظر حكم القضاء
الخليفة : قضاؤنا عادل...ـ
قمر : في ظلك ، يا مولاي
تودد : وهذا ما أخشاه ، يا مولاي
الخليفة : " يبقى صامتاً"....ـ
قمر : " تواسيها " كلّ شدة تزول ، يا تودد
الخليفة : لننتظر أمر القضاء
تودد : " تنظر إليه في شيء من الأمل" مولاي...ـ
الخليفة : أنتِ عازفة ماهرة
قمر : ومغنية ماهرة أيضاً
الخليفة : " ينظر إلى تودد مبتسماً"....ـ
قمر : وتنشد الشعر وتقوله ، وتعرف في الطب والرياضيات والفلك و...ـ
الخليفة : وفوق ذلك فتية ، و...ـ
قمر : وقمر
الخليفة : " يبتسم " أنتِ قمر
قمر : لكن ، لم يعد فتياً ، كما كان ، يا مولاي
الخليفة : قمر...ـ
قمر : تودد هي القمر الجديد
الخليفة : " لتودد " أنتِ حقاً قمر
تودد : جاريتك ، يا مولاي
الخليفة : " ينظر إلى قمر"....ـ
قمر :هذا ما تأمله تودد ، يا مولاي
الخليفة : " ينظر إلى تودد"....ـ
تودد : أريد أن أكون جارية لك ، يا مولاي
الخليفة : جارية لي!ـ
تودد : أبيعك نفسي ، يا مولاي
الخليفة : لكنك جارية التاجر صفوان
تودد : صفوان لا يستطيع أن يبيعني الآن، إنه كما تعلم
ـ ، يا مولاي ، يقبع في السجن
الخليفة : هذا أمر غريب
تودد : اشتريني ، يا مولاي ، أرجوك
الخليفة : " ينظر باسماً إلى قمر"....ـ
قمر : حقق أملها ، يا مولاي ، تودد تستحق كلّ خير
الخليفة : " مبتسماً " حسن...ـ
تودد : أشكركَ ، أشكرك ، يا مولاي
الخليفة : " مازحاً " بكم ؟
تودد : عشرة آلاف دينار ذهباً
الخليفة : عشرة!...ـ
قمر : مولاي...ـ
الخليفة : لا توجد جارية ، على ما أعلم بهذا الثمن
قمر : تودد ذهب
الخليفة : لكن ليس عشرة آلاف
قمر : هذا الثمن يغطي ديون سيدي صفوان
الخليفة : " يهز رأسه"....ـ
تودد : مولاي...ـ
الخليفة : تودد...ـ
تودد : مولاي ، أرجوك
الخليفة : أنت ملك التاجر صفوان ، وله وحده الحق في بيعك
تودد : لا يستطيع بيعي ، يا مولاي ، إنه في السجن
الخليفة : الليلة سأستدعي صفوان إلى القصر، وبحضورك وحضور قمر
ـ ، سنعرض عليه هذا الأمر، ونرى ما يراه هو
تودد : مولاي ، صفوان لا يستحق ما هو فيه ، وما يمكن أن يصيبه
ـ ، أريد أن أنقذه
الخليفة : الليلة موعدنا " يتجه إلى الخارج" لديّ الآن مهام عاجلة
قمر : " تشيعه حتى الباب " مولاي...ـ
الخليفة : الليلة ، يا قمر
قمر : " تتوقف " عفو مولاي
الخليفة : " يخرج"...ـ
ـ ـقمر تقترب من تودد
ـ وتأخذها بين ذراعيها
ـ إظلام
ـ المشهد الثالث
ـ جناح الخليفة الرشيد، ـ
ـ يدخل الخليفة ثم الحاجب
الحاجب : مولاي...ـ
الخليفة : نعم
الحاجب : الشاعر بالباب...ـ
الخليفة : " يقاطعه " هذه الليلة للتاجر صفوان
الحاجب : هذا الشاعر جاء من اليمن ، يا مولاي
الخليفة : ليعد إلى اليمن السعيد ، إذا كان مستعجلاً
الحاجب : لقد وعدته أن تستقبله الليلة ، يا مولاي
الخليفة : " بشيء من الحزم " قل له أن يأتي ليلة الغد
الحاجب : " يتوقف"...ـ
الخليفة : اذهب
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : شاعر آخر ، هذه المرة من اليم" يتوقف " إنها ليلة القمر الجديد
ـ ، ليلة تودد
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لا تقل لي ، بالباب شاعر آخر
الحاجب : عفو مولاي ، لا شاعر بالباب وحتى شاعر اليمن ذهب ، وسيأتي غداً
الخليفة : هذا حسن
الحاجب : إنما التاجر صفوان ، يا مولاي جاء به الحرس مقيداً ، وهو الآن بالباب
الخليفة : ليدخل وحده ، بلا حرس ، ولا قيود
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : " يرفع رأسه قليلاً " تودد ، قمر الزمان الجديد
ـ لن أقول أفضل فقمر الزمان أضاءت الكثير من ليالي زمني
ـ ، وقد تضيء القمر الجديد ليال أخر من ليالي زمني الجديد
ـ يدخل الحاجب ، ويدخل
ـ معه التاجر صفوان
الحاجب : " ينحني " التاجر صفوان ، يا مولاي
الخليفة : اخرج حتى أناديك
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : " ينظر إلى صفوان".ـ
صفوان : عمت مساء ، يا مولاي
الخليفة : ارفع رأسك ، يا صفوان
صفوان : " يرفع رأسه متردداً " إنني سجين، يا مولاي
الخليفة : أنت محجوز ، فالقضاء لم يقل كلمته فيك بعد
صفوان : سيقولها غداً ، يا مولاي ، وأدخل السجن ، وأبقى فيه حتى..ـ
الخليفة : لا تقنط ، يا صفوان ، أنت شاب مجرب وذكيّ ، ومن يدري
ـ ، لعل هناك أمل
صفوان : الأمل الوحيد ، الذي أراه ، معقود بك ، يا مولاي
الخليفة : لا يا صفوان ، أنا لا أريد أن أخدعك ، أملك ليس بي
صفوان : أنت الخليفة هارون الرشيد ، يا مولاي
الخليفة : نعم أنا الخليفة ، لكني لم ولن أكون فوق القضاء
صفوان : لا أمل لي إذن ، يا مولاي ، هذا ما أراه
الخليفة : من يدري " ينظر إلى الخارج " لنرَ
صفوان : " يلوذ بالصمت"...ـ
الخليفة : " يهتف " أيها الحاجب
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لتدخلا
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : سترى الأمل ، بعد قليل ، ولك أن تقرر
ـ يدخل الحاجب ، ومعه
ـ تودد وقمر الزمان
الحاجب : " ينحني " مولاي...ـ
الخليفة : عد إلى مكانك
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي يخرج
قمر : " تنحني " مولاي
تودد : " تنحني " مولاي
صفوان : " مندهشاً " تودد!ـ
تودد : " تنظر إليه مترددة"...ـ
الخليفة : " ينظر إلى تودد " هذه هي أملك يا صفوان
صفوان : " ينظر إليه حائراً"...ـ
الخليفة : أنت ، على ما أعلم ، مدين بمبالغ كبيرة...ـ
صفوان : " يهز رأسه"....ـ
الخليفة : وعلى ما أعلم ، لم يبق عندك ما تسدد به هذه الديون...ـ
صفوان : " يهز رأسه ثانية"....ـ
الخليفة : لكن لديك أمل ، تسدد من خلاله ديونك كلها ، وتنجو من السجن...ـ
صفوان : لا أظن ، يا مولاي ، أن لدي مثل هذا الأمل
الخليفة : بل لديك ، يا صفوان " يشير إلى تودد " أنظر
صفوان : " ينظر حائراً إلى تودد"....ـ
تودد : مولاي الخليفة على حق
صفوان : لا أفهم
تودد : بعني
قمر : عشرة آلاف دينار ذهباً
تودد : بعني ، يا صفوان
الخليفة : أملك
صفوان : " ينظر إلى الخليفة"....ـ
الخليفة : القرار لك
تودد : صفوان...ـ
صفوان :هذا رأيكِ ، يا تودد
تودد : بعني .. بعني...ـ
صفوان : " يشيح عنها"....ـ
تودد : بعني ، هذا هو المخرج الوحيد أنا لا أريد لك السجن
الخليفة : إنني مع تودد ، لكن القرار لك ، يا صفوان
صفوان : مولاي ، حتى لو أردت أن أبيعها فأنا لا يحق لي ذلك
قمر : تودد جارية ، يا صفوان
الخليفة : وهي ملك لكَ
صفوان : عفواً يا مولاي ، تودد ليست ملكاً لي ، فهي ليست جارية
تودد : صفوان...ـ
صفوان : كان لي جوار ، وقد احتجت إلى مال ، فبعتهن جميعاً
قمر : صفوان...ـ
صفوان : لم أتعامل مع تودد ، طوال حياتي ولو مرة واحدة ، كجارية ، ها هي أمامكِ ـ ، اسأليها
قمر : لكنك تعرف ، أن أمها كانت جارية لأبيك
صفوان : وتوفيت في وقت مبكر ، وكانت تودد طفلة صغيرة
قمر : مهما يكن ، يا صفوان ، فإنها جارية لكم
صفوان : أمها نعم ، كانت جارية لأبي ، وقد توفيت ، أما تودد فقد تربينا
ـ معاً ودرسنا معاً ، وحتى حين كبرت ، لم أتعامل معها كجارية
ـ ، فهي لم تعن لي جارية
الخليفة : ماذا تعني لك إذن ؟
صفوان : إنها .. " حائراً " إنها .. إنها تودد .. يا مولاي
تودد : حسن ، إذا لم أكن جارية لك ، فأنا فتاة حرة
ـ ، ومن حقي أن أقرر مصيري بنفسي
صفوان : " ينظر إليها"...ـ
تودد : صفوان ، أنا لا أستطيع أن أراك تدخل السجن
صفوان : تودد...ـ
تودد : سأبيع نفسي
صفوان : كلا ، يا تودد
تودد : إنني حرة
صفوان : حسن ، افعلي ما تشائين ، أنا أيضاً حر ، سأبقى في السجن
ـ ، حتى لو بعتِ نفسك
قمر : " تنظر إلى الخليفة"....ـ
الخليفة : هذا أمر محير
تودد : مولاي...ـ
الخليفة : لننتظر كلمة القضاء
صفوان : أنا راض بحكم القضاء ، مهما كان هذا الحكم
تودد : صفوان...ـ
صفوان : " يطرق رأسه"...ـ
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : شاعر آخر ؟
الحاجب : لا يا مولاي ، بل تاجر عجوز أسمه خالد
الخليفة : " يفكر " خالد ؟
الحاجب : تاجر عجوز ، يقول إنه يعرف التاجر صفوان
الخليفة : " ينظر إلى صفوان"....ـ
صفوان : نعم ، أعرفه ، إنه هو ، كان صديقاً لأبي
الخليفة : دعه يدخل
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : لعله واحد من دائنيك ، فالدائنون كالمصائب ، لا يأتون فرادى
صفوان : مهما يكن ، فلن يغير من مصيري المحتوم
ـ الحاجب يدخل ، ومعه
ـ يدخل التاجر خالد
الحاجب : " ينحني " مولاي ، هذا هو التاجر خالد
الخليفة " يشير له أن يخرج"....ـ
الحاجب : " ينحني ثم يخرج"....ـ
خالد : " ينحني للخليفة " عمت مساء ، يا مولاي
الخليفة : أهلاً ومرحباً
خالد : عفواً يا مولاي ، لمجيئي في هذا الوقت من الليل
الخليفة : لا بأس ، عسى أن يكون الداعي خيراً
خالد : كلّ الخير ، يا مولاي ، بعون الله تعالى
الخليفة : تفضل
خالد : مولاي ، كنت تاجراً كبيراً ، وحدث أن خسرت ثروتي كلها ، ولم يقف إلى جانبي في محنتي هذه ، غير التاجر الطيب أبي صفوان ، فقد أمدني بما مكنني من تغطية ديوني ، والعودة إلى ما كنت عليه من خير وسعة
الخليفة : حسن
خالد : واليوم ، عدت مساء من الموصل ، وعلمت بما جرى
ـ لابن أخي التاجر الكبير صفوان...ـ
الخليفة : حسن
خالد : أبو صفوان ، يا مولاي ، لم يقرضني مالاً ، بل شاركني في تجارتي
صفوان : عم خالد..ـ
خالد : والآن أبو صفوان غير موجود ، لقد انتقل إلى رحمة الله
ـ ، لكن صفوان ابنه موجود ، وهو شريكي بدل أبيه
ـ ، وسأدفع غداً من حصته ما في ذمته من ديون
ـ ، ونواصل العمل كشريكين في كل شيء
صفوان : عم خالد
الخليفة : صفوان
صفوان : مولاي
الخليفة : أريد أن أشتري تودد...ـ
صفوان : مولاي...ـالخليفة : بعشرة آلاف دينار ذهباً
صفوان : لو كانت ملكي ، يا مولاي ، لما بعتها بالعالم كله
الخليفة : " لتودد " تودد ، أنتِ فتاة حرة ، ولك أن تختاري
ـ ، ما رأيك ؟ عشرة آلاف دينار ذهباً
تودد : مولاي ، أنا ملك لصفوان ، شاء أم أبى
الخليفة : " بصوت احتفالي " أنتم الليلة ضيوفي " يهتف " أيها الحاجب
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لدي ضيوف أعزاء الليلة ، فلتهيئوا أروع سفرة للطعام
الحاجب : " ينحني " أمر مولاي " يخرج مسرعاً".ـ
ـ خالد يعانق صفوان ، قمر
ـ تعانق تودد ، الجميع فرحون
ـ إظلام
ـ ستار
6 / 7 / 2013
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
ـ تَـودُّدْ ... ، الجاريـة
ـ طلال حسن
شخصيات المسرحية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـ1 ـ هارون الرشيد
ـ2 ـ قمر
ـ3 ـ صفوان
ـ4 ـ تودد
ـ5ـ يحيى
ـ6 ـ الحاجب
المشهد الأول
ـ غرفة في قصر صفوان،ـ
ـ تودد تذرع الغرفة قلقة
تودد : الزمن كالأصدقاء ألا أصدقاء، لا يرحم، آه سيدي صفوان،ـ
ـ ليتك رحمت نفسك، قبل أن تنظر رحمة
ـ ــــــــــــــــا الأصدقاء "تصمت" ها هو سيدي قادم
صفوان : " يدخل متجهماً " تودد
تودد : سيدي
صفوان : لم يأتِ يحيى
تودد : سيأتي ، يا سيدي
صفوان : سيفلح يحيى هذه المرة
تودد : هذا ما أرجوه ، يا سيدي
صفوان : بالتأكيد سيفلح ، فخالد تاجر كبير،ـ
ـ وهو صديق المرحوم أبي، وصديقي أيضاً..ـ
تودد : الصديق وقت الضيق
صفوان : وطالما وقف المرحوم أبي إلى جانبه ، وقت الشدة
تودد : آمل أن يذكر هذا ، ويردّ الجميل بالجميل ، يا سيدي
صفوان : " يحدق فيها ملياً " لا يبدو أنك متفائلة ، يا تودد
تودد : لقد جربنا الكثير غيره من الأصدقاء ، يا سيدي
صفوان : خالد مختلف ، وقد جعلته ملاذي الأخير ، وإلا..ـ
تودد : سيدي...ـ
صفوان : " ينظر إليها متوجساً "...ـ
تودد : قبل قليل ، جاء رسول من صاحب الشرطة..ـ
صفوان : دائن آخر، هذه فرصتهم، ولن يسكتوا، لقد وقع الجمل
تودد : ليس دائناً هذه المرة ، إنه المرابي الذي اشترى القصر ، يا سيدي
صفوان : لكنه أمهلني حتى..ـ
تودد : لقد انتهى موعد الإمهال منذ يومين، يا سيدي
صفوان : هذا المرابي اللعين..ـ
تودد : سيأتي المرابي اليوم، ومعه الشرطة، ويتسلموا منّا القصر، يا سيدي
صفوان : اليوم ! " منفعلاً " لم يبقَ لنا سكن غير هذا القصر ، أين نذهب ؟
تودد : " تقترب منه " لا تنفعل ، يا سيدي، لا تنفعل ، صحتك ليست على ما يرام
صفوان : إلى الجحيم " بانفعال أشد " هؤلاء الأصدقاء الخونة،ـ
ـ كانوا يتبعونني كالذباب، وكالذباب أنفضوا عني
حين نفد مالي
تودد : سيدي ، إنهم ذباب .ـ
صفوان : " يتراجع " سأكون في غرفتي "يتجه إلى الخارج " ناديني إذا جاء يحيى
تودد : أمر سيدي
صفوان : " يخرج منفعلاً"...ـ
تودد : سيأتي يحيى، وكالعادة لن يأتي بما يُحيي، آه سيدي صفوان
ـ ان " تصمت سيأتي الشرطة، يأخذون القصر، يأخذون سيدي
ـ صفوان إلى السجن، وأنا لن يكون لي ملاذ سوى .. قمر الزمان
ـ يدخل يحيى حزيناً،ـ
ـ ويقترب من تودد
يحيى : " يهز رأسه بالنفي"...ـ
تودد : إنه الملاذ الأخير ، يا يحيى
يحيى : لا ملاذ ، يا بنيتي تودد
تودد : أعرف ، يا يحيى ، لكن سيدي صفوان لا يعرف
يحيى : لو كان يعرف لعرف
تودد : " تنصت باهتمام " صه ، سيدي صفوان قادم
يحيى : مثل هذه الحياة ، لا رحمة فيها للطيبين
تودد : " تنظر إليه صامتة"....ـ
ـ يدخل صفوان، ويتوقف
ـ متطلعاً إلى يحيى
يحيى : سيدي
صفوان : لا تقل لي، إن التاجر العجوز خالد، سافر للحج
يحيى : كلا يا سيدي لم يسافر إلى الحج، بل سافر إلى الموصل
ـ ، يستقبل قوافل تجارته القادمة من حلب
صفوان : لكنه مسن ومريض، فهو في عمر المرحوم أبي
يحيى : لم يمنعه سنه أو مرضه من متابعة تجارته القادمة من حلب
صفوان : يا لحظي السيىء
يحيى : " ينظر إليه صامتاً"...ـ
صفوان : " ينظر إلى تودد"...ـ
تودد : المرحوم والدك أنقذه من الإفلاس والسجن ، وجعل منه ثانية تاجراً كبيراً
صفوان : " حائراً " آه...ـ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لم يبقَ لي ملاذ...ـ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لا تقل لي ، كما يقول الآخرون، الخطأ خطأك...ـ
يحيى : عفواً سيدي ، لا فائدة من اللوم أو الندم
صفوان : قل ما يفيد إذن أو فاصمت
يحيى : عندي ما أرجو أن يفيد ، يا سيدي
صفوان : تكلم إذن
يحيى : بعني ، يا سيدي
صفوان : ماذا!ـ
يحيى : بعني ، لعل هذا يفيد
تودد : يحيى...ـ
صفوان : ماذا تقول ، يا يحيى ؟ أولاً أنت لست شاباً...ـ
يحيى : نعم ، لكني مازلتُ أقوى على العمل
صفوان : ثم أنت رجل حرّ
يحيى : سيدي...ـ
صفوان : لقد حررك أبي في حياته ، ولا يحق لي أن أبيعك ، ولن أبيعك
ـ ، مهما كلف الأمر
يحيى : سيدي..ـ
صفوان : يحيى...ـ
تودد : اذهب ، يا يحيى ، وأعدّ طعام الغداء
يحيى : " ينظر إلى تودد"...ـ
تودد : أعرف ، ما لدينا قليل ، اذهب ، يا يحيى
يحيى : " يتململ متردداً"....ـ
صفوان : اذهب ، اذهب
يحيى : " يخرج صامتاً"...ـ
تودد : " تنظر إلى صفوان"...ـ
صفوان : أبيعه ، يا لها من فكرة " يبتسم بمرارة " ثم ماذا يساوي ، حتى لو بعته ؟
تودد : أراد، يا سيدي صفوان، أن يقدم ما يراه مفيداً
ـ ، إنه لا يملك غير نفسه، فقدمها لك
صفوان : وأنا لا أملكه ، وحتى لو كنت أملكه، فكيف أبيعه ؟
تودد : من حقك أن تبيعه ، لو كنت تملكه، فأنت في محنة شديدة..ـ
صفوان : حمداً لله أنني لا أملكه
تودد : إذا كان بيعه يحلّ محنتك ، ويجنبك الدخول إلى السجن
صفوان : لا حلّ ، يا تودد ، ما أعيشه الآن كابوس ، وأي كابوس
تودد : لابد من أن تفيق من هذا الكابوس، يا سيدي
صفوان : ليتني أستطيع
تودد : سيدي...ـ
صفوان : " ينظر إلى تودد " كنّا في حلم.... وأي حلم
تودد : ليته دام ، ذلك الحلم ، يا سيدي
صفوان : آه لم يدم للأسف...ـ
تودد : " تهز رأسها"....ـ
صفوان : كنا معاً طفلين، طفل وطفلة، في عمر واحد تقريباً، أمك كانت جارية، اشتراها أبي، وكنت رضيعة معها، تربينا معاً، رحلت أمك، وبقينا معاً طفلين
تودد : لم نعد طفلين .. يا سيدي
صفوان : للأسف
تودد : ولم نعد في حلم
صفوان : " ينظر إليها صامتاً"...ـ
تودد : نحن في كابوس ، يا سيدي، وعلينا أن نفيق
صفوان : يا لحمقي ، ورثت ثروة ضخمة من أبي، وبدل أن أنميها
ـ ، أو أحافظ عليها، أحرقتها على مذبح الأصدقاء، وأي أصدقاء....ـ
تودد : "تنظر إليه نظرة ذات معنى"...ـ
صفوان : أعرف، لقد نصحتني، حين تنطفىء الثروة، سيعم الظلام
ـ ، ولن أرى في عتمة العوز أياً من هؤلاء الأصدقاء
تودد : سيدي...ـ
صفوان : وهذا ما حدث، هنا، في هذه الظلمة
ـ ، لا أرى صديقاً إلى جانبي غير يحيى وغيرك
تودد : أنا جاريتك ، يا سيدي
صفوان : كلا
تودد : بل نعم ، يا سيدي ، جاريتك ، هذا هو الواقع
صفوان : كلّ جواريّ ، اللواتي كنّ يحببنني، بعتهن في السوق
ـ ، ولعلهن فرحنىبالابتعاد عني ، فمن الصعب أن يحيا
ـ الحب في كابوس الفقر
تودد : هذا ممكن ، يا سيدي ، إذا لم يكن الحب زائفاً
صفوان : تودد
تودد : سيدي ، لقد رعيتني شخصياً ، في حياة والدك وبعدها ، وعلمتني أفضل تعليم يمكن أن تحصل عليه جارية في بغداد ، حتى صرت ما أنا عليه الآن
صفوان : أنت تستحقين ما أنتِ عليه، فأنتِ فتاة ذكية، دؤوبة، شجاعة والحقيقة أنت ضوئي الوحيد في هذه الحياة
تودد : دعني إذن أعيد الضياء الحقيقي إليكَ
صفوان : " متوجساً " تودد...ـ
تودد : الخليفة هارون الرشيد يعتبرني كنزاً نادراً
صفوان : تودد...ـ
تودد : قدمني في أقرب فرصة ، إلى الخليفة هارون الرشيد
صفوان : " ينظر إليها صامتاً"...ـ
تودد : سأعيدك إلى الضياء ، الذي كنت فيه ، يا سيدي
صفوان : تودد...ـ
تودد : نعم ، سأعيدك إلى الضياء ، إنني أساوي عشرة آلاف دينار
صفوان : لا....ـ
تودد : دعني ، دعني للخليفة ، وعد أنت إلى الضياء
صفوان : لا ، هذا محال ، أنت ضوئي ، ولا ضياء في حياتي غير ضيائك...ـ
تودد : مولاي ، أرجوك ، لا خيار ، لابد أن تعود إلى الضياء
ـ ، وستعود إليه عن طريقي...ـ
صفوان : لا .. لا...ـ
تودد : سيدي .. إن أنا إلا جارية
صفوان : " يصيح " لا .. لا .. لا
يحيى : " يدخل " سيدي...ـ
صفوان : " يلتفت إليه"...ـ
يحيى : المرابي بالباب ، يا سيدي ، ومعه الشرطة
ـ إظلام تدريج ، صفوان
ـ وتودد يجمدان في مكانيهما
ـ إظلام
المشهد الثاني
ـ ـ جناح الجارية قمر ،ـ
ـ تودد تعزف على العود
تودد : " تعزف حزينة"...ـ
قمر : " تصغي متعاطفة"...ـ
تودد : " تتوقف عن العزف"...ـ
قمر : أظنّ أنّ هذه المعزوفة جديدة ، يا تودد
تودد : " تهز رأسها"...ـ
قمر : ويبدو أنها لم تكتمل
تودد : ليس بعد
قمر : أسْمِيها أحزان ، يا تودد
تودد : أسمَيتها دموع
قمر : دموع عينيك ، مثل دموع عينيّ، عزيزة
تودد : قلما أذرفها إلا على انفراد ، وعلى العود
قمر : ليتني أستطيع أن أذرفها ، في مستوى ذرفك لها
تودد : أنتِ أستاذتي ، يا قمر الزمان
قمر : التلميذ أحياناً يتفوق على أستاذه، يا تودد
تودد : لم أتفوق ، ولن أتفوق أبداً عليك، مهما حاولت
قمر : " تنظر إليها " تودد
تودد : سيدتي
قمر : كلما أنظر إليك، أو أسمعك تتكلمين أو تنشدين أو تغنين
ـ ، أشعر أنكِ أنا ، أنا التي كنتُها
تودد : سيدتي قمر
قمر : نعم ، أنتِ أنا ، عندما كنتُ الجارية الأولى
ـ عند مولاي هارون الرشيد ومازال لي مكانتي
ـ عند الخليفة الرشيد ، لكني لم أعد الأولى
تودد : سيدتي...ـ
قمر : إنه واقع مرّ، لكنه الواقع، وهذه سنة الحياة
ـ ، هذا ما أحاول أن أقنع نفسي به " تبتسم بحزن" أنتِ الآن قمر
تودد : أنت مثلي الأعلى، وطالما تمنيتُ أن أكون إلى جانبك
ـ ، وقد تعلمتُ منك الكثير
قمر : الصبر ، آن أن تتعلميه مني
تودد : سيدتي ، تعلمتُ الصبر مبكراً صبرت ومازلت صابرة
ـ ، لكن الصبر هنا لن يجديني
قمر : الواقع الذي عشناه ونعيشه ، يا تودد ، ليس الجنة
تودد : إنني لا أبحث عن الجنة ، يا سيدتي، إنما أريد أن
ـ أنقذ صفوان من الجحيم " بصوت مختنق " إنه الآن في السجن
قمر : " تتنهد متأثرة"....ـ
تودد : وقد يُحكم عليه لفترة طويلة، إذا لم يسدد ما تبقى عليه من ديون
ـ ، في أسرع وقت ممكن
قمر : لقد تحدثت إلى مولاي الخليفة عنك أكثر من مرة
ـ ، وسأحدثه في أقرب فرصة أيضاً
تودد : اليوم ، يا سيدتي قمر ، اليوم قبل الغد ، فغداً قد يفوت الأوان
قمر : كما تشائين ، يا تودد ، اليوم
تودد : إنني أنزف ، وسأبقى أنزف ، ما دام صفوان في السجن
الخادمة : " تدخل مسرعة " سيدتي
قمر : نعم
الخادمة : " تهمس باهتمام " مولاي الخليفة هارون الرشيد
قمر : يريدني في جناحه ؟
الخادمة : " تهمس باهتمام " لا يا سيدتي بل هو قادم إلى هنا
قمر : " تهب واقفة " أيتها البلهاء....ـ
تودد : " تقف مضطربة " مولاي!"....تتلفت مضطربة " ما العمل ؟
قمر : تعالي ، يا تودد " تمسك يدها" تعالي ، سآخذك إلى تلك الغرفة الجانبية
تودد : " مضطربة " خبئيني...ـ
الخليفة : " من الخرج " قمر
قمر : " تتوقف " فات الأوان
تودد : " تتوقف مضطربة"...ـ
الخادمة : سيدتي
قمر : اذهبي أنتِ
الخادمة : " تخرج مسرعة"....ـ
ـ يدخل الخليفة ، قمر
ـ وتودد تنحنيان له
قمر : مولاي
تودد : " تبقى مطرقة"...ـ
الخليفة : سمعتُ نغمات هي لكِ وليست لكِ يا قمر
قمر : أنت محق ، يا مولاي ، إنه عودي " تنظر إلى تودد " وكانت
ـ هي تضرب عليه
الخليفة : يا للحزن العميق " ينظر إلى تودد" لم أكن أعرف
ـ ، أن الحزن يمكن أن يكون بهذا الجمال
قمر : " مشيرة إلى تودد " هذه تودد الجارية ، يا مولاي
الخليفة : " يتأمل تودد مبتسماً"....ـ
قمر : جارية التاجر صفوان
الخليفة : سمعت نتفاً عنك ، لكن ما تراه العين يختلف ، يختلف كثيراً
قمر : التاجر صفوان في السجن الآن ، يا مولاي
الخليفة : " يبقى صامتاً"...ـ
تودد : ينتظر حكم القضاء
الخليفة : قضاؤنا عادل...ـ
قمر : في ظلك ، يا مولاي
تودد : وهذا ما أخشاه ، يا مولاي
الخليفة : " يبقى صامتاً"....ـ
قمر : " تواسيها " كلّ شدة تزول ، يا تودد
الخليفة : لننتظر أمر القضاء
تودد : " تنظر إليه في شيء من الأمل" مولاي...ـ
الخليفة : أنتِ عازفة ماهرة
قمر : ومغنية ماهرة أيضاً
الخليفة : " ينظر إلى تودد مبتسماً"....ـ
قمر : وتنشد الشعر وتقوله ، وتعرف في الطب والرياضيات والفلك و...ـ
الخليفة : وفوق ذلك فتية ، و...ـ
قمر : وقمر
الخليفة : " يبتسم " أنتِ قمر
قمر : لكن ، لم يعد فتياً ، كما كان ، يا مولاي
الخليفة : قمر...ـ
قمر : تودد هي القمر الجديد
الخليفة : " لتودد " أنتِ حقاً قمر
تودد : جاريتك ، يا مولاي
الخليفة : " ينظر إلى قمر"....ـ
قمر :هذا ما تأمله تودد ، يا مولاي
الخليفة : " ينظر إلى تودد"....ـ
تودد : أريد أن أكون جارية لك ، يا مولاي
الخليفة : جارية لي!ـ
تودد : أبيعك نفسي ، يا مولاي
الخليفة : لكنك جارية التاجر صفوان
تودد : صفوان لا يستطيع أن يبيعني الآن، إنه كما تعلم
ـ ، يا مولاي ، يقبع في السجن
الخليفة : هذا أمر غريب
تودد : اشتريني ، يا مولاي ، أرجوك
الخليفة : " ينظر باسماً إلى قمر"....ـ
قمر : حقق أملها ، يا مولاي ، تودد تستحق كلّ خير
الخليفة : " مبتسماً " حسن...ـ
تودد : أشكركَ ، أشكرك ، يا مولاي
الخليفة : " مازحاً " بكم ؟
تودد : عشرة آلاف دينار ذهباً
الخليفة : عشرة!...ـ
قمر : مولاي...ـ
الخليفة : لا توجد جارية ، على ما أعلم بهذا الثمن
قمر : تودد ذهب
الخليفة : لكن ليس عشرة آلاف
قمر : هذا الثمن يغطي ديون سيدي صفوان
الخليفة : " يهز رأسه"....ـ
تودد : مولاي...ـ
الخليفة : تودد...ـ
تودد : مولاي ، أرجوك
الخليفة : أنت ملك التاجر صفوان ، وله وحده الحق في بيعك
تودد : لا يستطيع بيعي ، يا مولاي ، إنه في السجن
الخليفة : الليلة سأستدعي صفوان إلى القصر، وبحضورك وحضور قمر
ـ ، سنعرض عليه هذا الأمر، ونرى ما يراه هو
تودد : مولاي ، صفوان لا يستحق ما هو فيه ، وما يمكن أن يصيبه
ـ ، أريد أن أنقذه
الخليفة : الليلة موعدنا " يتجه إلى الخارج" لديّ الآن مهام عاجلة
قمر : " تشيعه حتى الباب " مولاي...ـ
الخليفة : الليلة ، يا قمر
قمر : " تتوقف " عفو مولاي
الخليفة : " يخرج"...ـ
ـ ـقمر تقترب من تودد
ـ وتأخذها بين ذراعيها
ـ إظلام
ـ المشهد الثالث
ـ جناح الخليفة الرشيد، ـ
ـ يدخل الخليفة ثم الحاجب
الحاجب : مولاي...ـ
الخليفة : نعم
الحاجب : الشاعر بالباب...ـ
الخليفة : " يقاطعه " هذه الليلة للتاجر صفوان
الحاجب : هذا الشاعر جاء من اليمن ، يا مولاي
الخليفة : ليعد إلى اليمن السعيد ، إذا كان مستعجلاً
الحاجب : لقد وعدته أن تستقبله الليلة ، يا مولاي
الخليفة : " بشيء من الحزم " قل له أن يأتي ليلة الغد
الحاجب : " يتوقف"...ـ
الخليفة : اذهب
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : شاعر آخر ، هذه المرة من اليم" يتوقف " إنها ليلة القمر الجديد
ـ ، ليلة تودد
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لا تقل لي ، بالباب شاعر آخر
الحاجب : عفو مولاي ، لا شاعر بالباب وحتى شاعر اليمن ذهب ، وسيأتي غداً
الخليفة : هذا حسن
الحاجب : إنما التاجر صفوان ، يا مولاي جاء به الحرس مقيداً ، وهو الآن بالباب
الخليفة : ليدخل وحده ، بلا حرس ، ولا قيود
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : " يرفع رأسه قليلاً " تودد ، قمر الزمان الجديد
ـ لن أقول أفضل فقمر الزمان أضاءت الكثير من ليالي زمني
ـ ، وقد تضيء القمر الجديد ليال أخر من ليالي زمني الجديد
ـ يدخل الحاجب ، ويدخل
ـ معه التاجر صفوان
الحاجب : " ينحني " التاجر صفوان ، يا مولاي
الخليفة : اخرج حتى أناديك
الحاجب : " ينحني " أمرك مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : " ينظر إلى صفوان".ـ
صفوان : عمت مساء ، يا مولاي
الخليفة : ارفع رأسك ، يا صفوان
صفوان : " يرفع رأسه متردداً " إنني سجين، يا مولاي
الخليفة : أنت محجوز ، فالقضاء لم يقل كلمته فيك بعد
صفوان : سيقولها غداً ، يا مولاي ، وأدخل السجن ، وأبقى فيه حتى..ـ
الخليفة : لا تقنط ، يا صفوان ، أنت شاب مجرب وذكيّ ، ومن يدري
ـ ، لعل هناك أمل
صفوان : الأمل الوحيد ، الذي أراه ، معقود بك ، يا مولاي
الخليفة : لا يا صفوان ، أنا لا أريد أن أخدعك ، أملك ليس بي
صفوان : أنت الخليفة هارون الرشيد ، يا مولاي
الخليفة : نعم أنا الخليفة ، لكني لم ولن أكون فوق القضاء
صفوان : لا أمل لي إذن ، يا مولاي ، هذا ما أراه
الخليفة : من يدري " ينظر إلى الخارج " لنرَ
صفوان : " يلوذ بالصمت"...ـ
الخليفة : " يهتف " أيها الحاجب
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لتدخلا
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : سترى الأمل ، بعد قليل ، ولك أن تقرر
ـ يدخل الحاجب ، ومعه
ـ تودد وقمر الزمان
الحاجب : " ينحني " مولاي...ـ
الخليفة : عد إلى مكانك
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي يخرج
قمر : " تنحني " مولاي
تودد : " تنحني " مولاي
صفوان : " مندهشاً " تودد!ـ
تودد : " تنظر إليه مترددة"...ـ
الخليفة : " ينظر إلى تودد " هذه هي أملك يا صفوان
صفوان : " ينظر إليه حائراً"...ـ
الخليفة : أنت ، على ما أعلم ، مدين بمبالغ كبيرة...ـ
صفوان : " يهز رأسه"....ـ
الخليفة : وعلى ما أعلم ، لم يبق عندك ما تسدد به هذه الديون...ـ
صفوان : " يهز رأسه ثانية"....ـ
الخليفة : لكن لديك أمل ، تسدد من خلاله ديونك كلها ، وتنجو من السجن...ـ
صفوان : لا أظن ، يا مولاي ، أن لدي مثل هذا الأمل
الخليفة : بل لديك ، يا صفوان " يشير إلى تودد " أنظر
صفوان : " ينظر حائراً إلى تودد"....ـ
تودد : مولاي الخليفة على حق
صفوان : لا أفهم
تودد : بعني
قمر : عشرة آلاف دينار ذهباً
تودد : بعني ، يا صفوان
الخليفة : أملك
صفوان : " ينظر إلى الخليفة"....ـ
الخليفة : القرار لك
تودد : صفوان...ـ
صفوان :هذا رأيكِ ، يا تودد
تودد : بعني .. بعني...ـ
صفوان : " يشيح عنها"....ـ
تودد : بعني ، هذا هو المخرج الوحيد أنا لا أريد لك السجن
الخليفة : إنني مع تودد ، لكن القرار لك ، يا صفوان
صفوان : مولاي ، حتى لو أردت أن أبيعها فأنا لا يحق لي ذلك
قمر : تودد جارية ، يا صفوان
الخليفة : وهي ملك لكَ
صفوان : عفواً يا مولاي ، تودد ليست ملكاً لي ، فهي ليست جارية
تودد : صفوان...ـ
صفوان : كان لي جوار ، وقد احتجت إلى مال ، فبعتهن جميعاً
قمر : صفوان...ـ
صفوان : لم أتعامل مع تودد ، طوال حياتي ولو مرة واحدة ، كجارية ، ها هي أمامكِ ـ ، اسأليها
قمر : لكنك تعرف ، أن أمها كانت جارية لأبيك
صفوان : وتوفيت في وقت مبكر ، وكانت تودد طفلة صغيرة
قمر : مهما يكن ، يا صفوان ، فإنها جارية لكم
صفوان : أمها نعم ، كانت جارية لأبي ، وقد توفيت ، أما تودد فقد تربينا
ـ معاً ودرسنا معاً ، وحتى حين كبرت ، لم أتعامل معها كجارية
ـ ، فهي لم تعن لي جارية
الخليفة : ماذا تعني لك إذن ؟
صفوان : إنها .. " حائراً " إنها .. إنها تودد .. يا مولاي
تودد : حسن ، إذا لم أكن جارية لك ، فأنا فتاة حرة
ـ ، ومن حقي أن أقرر مصيري بنفسي
صفوان : " ينظر إليها"...ـ
تودد : صفوان ، أنا لا أستطيع أن أراك تدخل السجن
صفوان : تودد...ـ
تودد : سأبيع نفسي
صفوان : كلا ، يا تودد
تودد : إنني حرة
صفوان : حسن ، افعلي ما تشائين ، أنا أيضاً حر ، سأبقى في السجن
ـ ، حتى لو بعتِ نفسك
قمر : " تنظر إلى الخليفة"....ـ
الخليفة : هذا أمر محير
تودد : مولاي...ـ
الخليفة : لننتظر كلمة القضاء
صفوان : أنا راض بحكم القضاء ، مهما كان هذا الحكم
تودد : صفوان...ـ
صفوان : " يطرق رأسه"...ـ
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : شاعر آخر ؟
الحاجب : لا يا مولاي ، بل تاجر عجوز أسمه خالد
الخليفة : " يفكر " خالد ؟
الحاجب : تاجر عجوز ، يقول إنه يعرف التاجر صفوان
الخليفة : " ينظر إلى صفوان"....ـ
صفوان : نعم ، أعرفه ، إنه هو ، كان صديقاً لأبي
الخليفة : دعه يدخل
الحاجب : " ينحني " أمرك يا مولاي " يخرج".ـ
الخليفة : لعله واحد من دائنيك ، فالدائنون كالمصائب ، لا يأتون فرادى
صفوان : مهما يكن ، فلن يغير من مصيري المحتوم
ـ الحاجب يدخل ، ومعه
ـ يدخل التاجر خالد
الحاجب : " ينحني " مولاي ، هذا هو التاجر خالد
الخليفة " يشير له أن يخرج"....ـ
الحاجب : " ينحني ثم يخرج"....ـ
خالد : " ينحني للخليفة " عمت مساء ، يا مولاي
الخليفة : أهلاً ومرحباً
خالد : عفواً يا مولاي ، لمجيئي في هذا الوقت من الليل
الخليفة : لا بأس ، عسى أن يكون الداعي خيراً
خالد : كلّ الخير ، يا مولاي ، بعون الله تعالى
الخليفة : تفضل
خالد : مولاي ، كنت تاجراً كبيراً ، وحدث أن خسرت ثروتي كلها ، ولم يقف إلى جانبي في محنتي هذه ، غير التاجر الطيب أبي صفوان ، فقد أمدني بما مكنني من تغطية ديوني ، والعودة إلى ما كنت عليه من خير وسعة
الخليفة : حسن
خالد : واليوم ، عدت مساء من الموصل ، وعلمت بما جرى
ـ لابن أخي التاجر الكبير صفوان...ـ
الخليفة : حسن
خالد : أبو صفوان ، يا مولاي ، لم يقرضني مالاً ، بل شاركني في تجارتي
صفوان : عم خالد..ـ
خالد : والآن أبو صفوان غير موجود ، لقد انتقل إلى رحمة الله
ـ ، لكن صفوان ابنه موجود ، وهو شريكي بدل أبيه
ـ ، وسأدفع غداً من حصته ما في ذمته من ديون
ـ ، ونواصل العمل كشريكين في كل شيء
صفوان : عم خالد
الخليفة : صفوان
صفوان : مولاي
الخليفة : أريد أن أشتري تودد...ـ
صفوان : مولاي...ـالخليفة : بعشرة آلاف دينار ذهباً
صفوان : لو كانت ملكي ، يا مولاي ، لما بعتها بالعالم كله
الخليفة : " لتودد " تودد ، أنتِ فتاة حرة ، ولك أن تختاري
ـ ، ما رأيك ؟ عشرة آلاف دينار ذهباً
تودد : مولاي ، أنا ملك لصفوان ، شاء أم أبى
الخليفة : " بصوت احتفالي " أنتم الليلة ضيوفي " يهتف " أيها الحاجب
الحاجب : " يدخل وينحني " مولاي
الخليفة : لدي ضيوف أعزاء الليلة ، فلتهيئوا أروع سفرة للطعام
الحاجب : " ينحني " أمر مولاي " يخرج مسرعاً".ـ
ـ خالد يعانق صفوان ، قمر
ـ تعانق تودد ، الجميع فرحون
ـ إظلام
ـ ستار
6 / 7 / 2013
للعودة إلى الصفحة الرئيسة