العراق على حافة التقسيم
عماد علو
المصدر : موقع الزمان
بتاريخ 21 /1/2014 قرر مجلس الوزراء العراقي تحويل أربعة أقضية عراقية الى محافظات ، وهي أقضية الفلوجة وتلعفر و سهل نينوى و طوزخرماتو . وقد تباينت ردود الفعل في الاوسط السياسية والشعبية والسياسية والعشائرية ، على هذا القرار الذي يغير بشكل كبير خارطة العراق التي عهدها العراقيون والعالم منذ نشوء الدولة العراقية في عام 1921، وقد سبق أن صدر قانون بتاريخ 31/12/2013 قرار باستحداث محافظة حلبجة في اقليم كردستان ، وبهذه القرارات فان العراق سيصبح 23 محافظة بعد ان كان يضم 18 محافظة . وهو امر لن يغير الخارطة الادارية للعراق بل سيغير بشكل كبير التركيبة الديموغرافية للمجتمع العراقي ، وسيضيف ازمة جديدة للمشهد العراقي الزاخر بالأزمات السياسية والاجتماعية والامنية والادارية والاقتصادية ، حيث جاء هذا القرار في ظروف غاية في التأزم والتعقيد يشهدها العراق خصوصا” في محافظة الانبار التي تشهد قتالا” ضاريا” بين الجيش العراقي وعناصر ارهابية من تنظيم القاعدة المسمى بـ(داعش) ومسلحين عشائريين يقاتلون من اجل تلبية مطالب سبق أن طرحوها على الحكومة العراقية .. وقد شهد العراق تدهورا” أمنيا” كبيرا” ومتسارعا” منذ الانسحاب الأمريكي في كانون الاول 2011 ، وان المراقب للأحداث في العراق يلمس بشكل واضح تسارعا” في سعي اطراف سياسية واجتماعية لتحقيق الهدف الستراتيجي الأساسي للاحتلال ألا وهو تقسيم العراق إلى عدة كانتونات على اساس عرقي وطائفي ! ومن الجدير بالذكر أن سبق وأن شرعت الإدارة الأمريكية في عام1991 بدعم تشكيل كيان كردي شبه مستقل في شمال العراق وتقسيم أجوائه إلى ثلاث مناطق حظر كبداية لمشروعها في تقسيم العراق الذي يعتقد بعض المراقبين أنها أجلته بسبب عدم تقبل البيئة الإقليمية والدولية المتحالفة مع الولايات المتحدة في حربها على العراق لفكرة التقسيم وعدم نضوج البيئة الداخلية في العراق لتقبل هذه الفكرة في تلك المرحلة الأمر الذي كان سيؤثر على النتائج الايجابية التي حققتها الإدارة الأمريكية من حربها ضد العراق منذ عام 1991 واحتلاله لاحقا” في العام 2003 وصولا” الى رغبتها الجامحة في تحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه من أهدافها الكامنة وراء احتلالها للعراق ! و مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 30 نيسان 2014 ، سارع العديد من الاحزاب والكتل والتيارات السياسية الى تصعيد الاستقطاب الطائفي والمذهبي والعرقي لأغراض وأهداف انتخابية من خلال الدعوة لتفعيل الأقلمة والفدرلة على حساب الوحدة الوطنية العراقية ، التي باتت مهددة اليوم أكثر من أي يوم مضى لتقترب شيئا” فشيئا” من المخططات والدعوات الصهيونية والامريكية لتقسيم وتجزئة العراق على اسس عرقية وطائفية ومذهبية ! والتي سبق ان تم طرحها في الاروقة الصهيونية في إطار الدعوة إلي (سايكس بيكو) جديدة في منطقة الشرق الأوسط إلا أن العراق اخذ الأسبقية الأولي في هذه الطروحات ، ففي مقال مطول عنوانه (إستراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات ) نشر عام 1980 لمستشار مناحيم بيغن حينما كان رئيسا لوزراء إسرائيل (عوديد ينون) ، دعا فيه إلي تقسيم الوطن العربي قطرا قطرا ، من موريتانيا حتي عمان في أقصي الخليج العربي ، علي أسس عرقية وطائفية يكون للعراق الأسبقية في التقسيم وسوغ ينون ذلك بقوله إن العراق هو العدو الأكبر لإسرائيل لذا يجب تقسيمه إلي ثلاث دول ، دولة كردية في شمال العراق وأخري شيعية في الجنوب وثالثة سنية في الوسط !. وفي ذلك المقال يحث ينون حكومة بيغن علي دعم إيران خميني من اجل الإسراع بتقسيم العراق علي اعتبار أن الحرب بين العراق وإيران في ذلك الوقت ستكون نهايتها سقوط الدولة العراقية. وان دعم ومساعدة إيران يأتي في سياق تطبيق خلاق لنظرية ( شد الأطراف ) ، والتي تعني أن على إسرائيل تعميق صلاتها مع الدول غير العربية المحيطة بالأقطار العربية ودفعها لاستنزاف العرب وإشغالهم وخدمة المخطط الإسرائيلي ، ويسمي إيران وتركيا وأوغندا وإثيوبيا وغيرها.
وفي عام 1983 تناقلت الصحف المصرية تقارير عن خارطة قدمت للكونغرس الأمريكي تشتمل علي خطة لتقسيم الوطن العربي، هذه الخارطة قدمها برنارد لويس الصهيوني البريطاني واقترح تحويل البلاد العربية إلي دويلات طائفية وعرقية صغيرة بلا حكومات فاعلة ومن ثم استباحة الشعب العربي وثرواته وتحويلها إلي المجتمع الغربي لتتحقق له الرفاهية. واقترح برنارد لويس أن يقسم العراق إلي ثلاث دويلات: دولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط ودولة كردية في الشمال العراقي والشمال الشرقي من إيران وغرب سوريا وجنوب تركيا… كما لم يعد سرا أن الحرب الأمريكية علي العراق منذ عام 1991 شنت من اجل ضمان الأمن الإسرائيلي كواحد من أهم الأهداف الإستراتيجية التي شنت الحرب من اجلها وهو ما جاء على لسان أكثر من مسؤول أمريكي وإسرائيلي بدءا”من الجنرال (شوارتزكوف) وانتهاء” بالرئيس الأمريكي السابق (بوش الابن). كما أن إسرائيل واللوبي الصهيوني في الكونغرس الأمريكي ، كانا وراء دعم المحافظين الجدد لصقور الحزب الجمهوري وتشجيعهم على غزو العراق وهو ما ذكره أكثر من مسؤول أمريكي من المحسوبين علي المحافظين الجدد من أمثال ريتشارد بيرل الملقب بـ(أمير الظلام) العقل المدبر لغزو العراق .وعندما شعرت إسرائيل أن الجيش الأمريكي لم يتمكن من السيطرة بشكل تام علي العراق بعد نيسان 2003 يقول (باترك كلاوسن) نائب مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمقرب من البيت الأبيض في عام 2004 (…في نهاية العام الماضي وصلت إسرائيل إلي استنتاج بان إدارة بوش لا يمكنها جلب الاستقرار والديمقراطية للعراق وان إسرائيل تريد خيارا أخر. وقد أخبرت بان: بان إدارة شارون قد وضحت بان من اجل التقليل من الخسائر التي منيت بها الخطط الستراتيجية الإسرائيلية من جراء الحرب…الخ ) إلا أن كلاوسن لم يشر بالتحديد إلي ماهية الخطط الإستراتيجية الإسرائيلية ؟؟ ولكن (جاي باخور) الباحث في (مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات الإسرائيلي ) قال في ندوة إذاعية بثتها الإذاعة إلاسرائيلية :انه في حال لم يسفر الاحتلال الأمريكي عن تقسيم العراق فانه يمكن عد الحرب الأمريكية عليه فاشلة من أساسها ولم تحقق أهدافها .! وعد( باخور) علي وفق وكالة الأنباء الألمانية (انه يتوجب القضاء علي الوحدة الجغرافية للعراق و تسهيل إقامة دويلات طائفية في البلد .!!) (انظر جريدة الزمان العدد 2545 في 14/11/2006).
إذن يمكننا القول أن الخطط الستراتيجية والأهداف الكبرى التي من اجل تحقيقها عبرت الجيوش والطائرات والبوارج الأمريكية المحيطات لغزو العراق وتدميره(لا تحريره ؟؟) كان لغرض تقسيمه إلي عدة دويلات طائفية وعرقية هزيلة .! تحقيقا لأهداف الخطط الإستراتيجية الإسرائيلية وهو ما يؤكده قول الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية (عاموس ملكا) (إن غياب العراق عن خريطة المنطقة بمساحته الحالية ووحدة أقاليمه سيكون احد العوامل المهمة في تقليص المخاطر الستراتيجية علي إسرائيل) . مضيفا (أن تقسيم العراق يقلص من الطاقات البشرية والمادية التي يتمتع بها هذا البلد وأن العالم العربي بدون العراق الموحد هو أفضل لإسرائيل من العالم العربي بوجود العراق الموحد). (انظر جريدة الزمان العدد 2545 في 14/11/2006).
واليوم يبدو أن عدداً من السياسيين و الاحزاب والكتل السياسية العراقية متورطة بتحمس للمشاركة في مشروع تقسيم العراق واستبداله بدويلات كانتونية هزيلة بحسب ما تم رسمه وتخطيطه من قبل الادارة الامريكية وهو امر يؤكده (بيتر جالبريث) في كتابه الذي صدر في نيويورك والموسوم (نهاية العراق) (بأن ما كان يعرف بالعراق الموحد ذهب إلي غير رجعة بتفكيك مؤسساته الأساسية ، وأن الإدارة الأمريكية كتبت شهادة وفاة العراق، وعليها الآن الاعتراف بخطيئتها الكبرى واستخراج شهادات ميلاد للدويلات الثلاث المستقلة !!) . ولذلك فان الابقاء على عراق موحد سيعد هزيمة نكراء للولايات المتحدة والخطط الإستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة في الوقت نفسه سيعد هذا الامر انتصارا كبيرا للشعب العراقي على نتائج الاحتلال الأمريكي البغيض والذي تسعى اليوم القاعدة ممثلة بـ(داعش) للنيل من هذا الانتصار ودق اسفين طائفي في المجتمع العراقي بغية تنفيذ الاهداف الصهيونية والامريكية في تقسيم العراق وتجزئته تحت غطاء ديني مذهبي ظلامي متخلف .
وعليه فانه مما لاشك فيه أن التسرع بالذهاب الى تحويل اقضية الى محافظات ومحافظات الى اقاليم دون الشروع بحوار وطني موسع وبناء يستهدف مراجعة مسيرة العملية السياسية وما أفرزته من سلبيات وايجابيات سيكون عاملا” من عوامل الحاق الاذى بالشعب العراقي و عاملا” من عوامل اعداد البيئة الملائمة لتقسيم العراق ! من هنا فإننا ندعو لكل ما من شأنه تعزيز وحدة وتلاحم العراق والعراقيين بمختلف مكوناتهم و انتماءاتهم بوجه الارهاب التكفيري المجرم ، وتدخلات دول الجوار، والتحديات الاقتــــصادية والامنية والاجتماعية.
عماد علو
المصدر : موقع الزمان
بتاريخ 21 /1/2014 قرر مجلس الوزراء العراقي تحويل أربعة أقضية عراقية الى محافظات ، وهي أقضية الفلوجة وتلعفر و سهل نينوى و طوزخرماتو . وقد تباينت ردود الفعل في الاوسط السياسية والشعبية والسياسية والعشائرية ، على هذا القرار الذي يغير بشكل كبير خارطة العراق التي عهدها العراقيون والعالم منذ نشوء الدولة العراقية في عام 1921، وقد سبق أن صدر قانون بتاريخ 31/12/2013 قرار باستحداث محافظة حلبجة في اقليم كردستان ، وبهذه القرارات فان العراق سيصبح 23 محافظة بعد ان كان يضم 18 محافظة . وهو امر لن يغير الخارطة الادارية للعراق بل سيغير بشكل كبير التركيبة الديموغرافية للمجتمع العراقي ، وسيضيف ازمة جديدة للمشهد العراقي الزاخر بالأزمات السياسية والاجتماعية والامنية والادارية والاقتصادية ، حيث جاء هذا القرار في ظروف غاية في التأزم والتعقيد يشهدها العراق خصوصا” في محافظة الانبار التي تشهد قتالا” ضاريا” بين الجيش العراقي وعناصر ارهابية من تنظيم القاعدة المسمى بـ(داعش) ومسلحين عشائريين يقاتلون من اجل تلبية مطالب سبق أن طرحوها على الحكومة العراقية .. وقد شهد العراق تدهورا” أمنيا” كبيرا” ومتسارعا” منذ الانسحاب الأمريكي في كانون الاول 2011 ، وان المراقب للأحداث في العراق يلمس بشكل واضح تسارعا” في سعي اطراف سياسية واجتماعية لتحقيق الهدف الستراتيجي الأساسي للاحتلال ألا وهو تقسيم العراق إلى عدة كانتونات على اساس عرقي وطائفي ! ومن الجدير بالذكر أن سبق وأن شرعت الإدارة الأمريكية في عام1991 بدعم تشكيل كيان كردي شبه مستقل في شمال العراق وتقسيم أجوائه إلى ثلاث مناطق حظر كبداية لمشروعها في تقسيم العراق الذي يعتقد بعض المراقبين أنها أجلته بسبب عدم تقبل البيئة الإقليمية والدولية المتحالفة مع الولايات المتحدة في حربها على العراق لفكرة التقسيم وعدم نضوج البيئة الداخلية في العراق لتقبل هذه الفكرة في تلك المرحلة الأمر الذي كان سيؤثر على النتائج الايجابية التي حققتها الإدارة الأمريكية من حربها ضد العراق منذ عام 1991 واحتلاله لاحقا” في العام 2003 وصولا” الى رغبتها الجامحة في تحقيق ما لم تتمكن من تحقيقه من أهدافها الكامنة وراء احتلالها للعراق ! و مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية في 30 نيسان 2014 ، سارع العديد من الاحزاب والكتل والتيارات السياسية الى تصعيد الاستقطاب الطائفي والمذهبي والعرقي لأغراض وأهداف انتخابية من خلال الدعوة لتفعيل الأقلمة والفدرلة على حساب الوحدة الوطنية العراقية ، التي باتت مهددة اليوم أكثر من أي يوم مضى لتقترب شيئا” فشيئا” من المخططات والدعوات الصهيونية والامريكية لتقسيم وتجزئة العراق على اسس عرقية وطائفية ومذهبية ! والتي سبق ان تم طرحها في الاروقة الصهيونية في إطار الدعوة إلي (سايكس بيكو) جديدة في منطقة الشرق الأوسط إلا أن العراق اخذ الأسبقية الأولي في هذه الطروحات ، ففي مقال مطول عنوانه (إستراتيجية لإسرائيل في الثمانينيات ) نشر عام 1980 لمستشار مناحيم بيغن حينما كان رئيسا لوزراء إسرائيل (عوديد ينون) ، دعا فيه إلي تقسيم الوطن العربي قطرا قطرا ، من موريتانيا حتي عمان في أقصي الخليج العربي ، علي أسس عرقية وطائفية يكون للعراق الأسبقية في التقسيم وسوغ ينون ذلك بقوله إن العراق هو العدو الأكبر لإسرائيل لذا يجب تقسيمه إلي ثلاث دول ، دولة كردية في شمال العراق وأخري شيعية في الجنوب وثالثة سنية في الوسط !. وفي ذلك المقال يحث ينون حكومة بيغن علي دعم إيران خميني من اجل الإسراع بتقسيم العراق علي اعتبار أن الحرب بين العراق وإيران في ذلك الوقت ستكون نهايتها سقوط الدولة العراقية. وان دعم ومساعدة إيران يأتي في سياق تطبيق خلاق لنظرية ( شد الأطراف ) ، والتي تعني أن على إسرائيل تعميق صلاتها مع الدول غير العربية المحيطة بالأقطار العربية ودفعها لاستنزاف العرب وإشغالهم وخدمة المخطط الإسرائيلي ، ويسمي إيران وتركيا وأوغندا وإثيوبيا وغيرها.
وفي عام 1983 تناقلت الصحف المصرية تقارير عن خارطة قدمت للكونغرس الأمريكي تشتمل علي خطة لتقسيم الوطن العربي، هذه الخارطة قدمها برنارد لويس الصهيوني البريطاني واقترح تحويل البلاد العربية إلي دويلات طائفية وعرقية صغيرة بلا حكومات فاعلة ومن ثم استباحة الشعب العربي وثرواته وتحويلها إلي المجتمع الغربي لتتحقق له الرفاهية. واقترح برنارد لويس أن يقسم العراق إلي ثلاث دويلات: دولة شيعية في الجنوب ودولة سنية في الوسط ودولة كردية في الشمال العراقي والشمال الشرقي من إيران وغرب سوريا وجنوب تركيا… كما لم يعد سرا أن الحرب الأمريكية علي العراق منذ عام 1991 شنت من اجل ضمان الأمن الإسرائيلي كواحد من أهم الأهداف الإستراتيجية التي شنت الحرب من اجلها وهو ما جاء على لسان أكثر من مسؤول أمريكي وإسرائيلي بدءا”من الجنرال (شوارتزكوف) وانتهاء” بالرئيس الأمريكي السابق (بوش الابن). كما أن إسرائيل واللوبي الصهيوني في الكونغرس الأمريكي ، كانا وراء دعم المحافظين الجدد لصقور الحزب الجمهوري وتشجيعهم على غزو العراق وهو ما ذكره أكثر من مسؤول أمريكي من المحسوبين علي المحافظين الجدد من أمثال ريتشارد بيرل الملقب بـ(أمير الظلام) العقل المدبر لغزو العراق .وعندما شعرت إسرائيل أن الجيش الأمريكي لم يتمكن من السيطرة بشكل تام علي العراق بعد نيسان 2003 يقول (باترك كلاوسن) نائب مدير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى والمقرب من البيت الأبيض في عام 2004 (…في نهاية العام الماضي وصلت إسرائيل إلي استنتاج بان إدارة بوش لا يمكنها جلب الاستقرار والديمقراطية للعراق وان إسرائيل تريد خيارا أخر. وقد أخبرت بان: بان إدارة شارون قد وضحت بان من اجل التقليل من الخسائر التي منيت بها الخطط الستراتيجية الإسرائيلية من جراء الحرب…الخ ) إلا أن كلاوسن لم يشر بالتحديد إلي ماهية الخطط الإستراتيجية الإسرائيلية ؟؟ ولكن (جاي باخور) الباحث في (مركز هرتسليا متعدد الاتجاهات الإسرائيلي ) قال في ندوة إذاعية بثتها الإذاعة إلاسرائيلية :انه في حال لم يسفر الاحتلال الأمريكي عن تقسيم العراق فانه يمكن عد الحرب الأمريكية عليه فاشلة من أساسها ولم تحقق أهدافها .! وعد( باخور) علي وفق وكالة الأنباء الألمانية (انه يتوجب القضاء علي الوحدة الجغرافية للعراق و تسهيل إقامة دويلات طائفية في البلد .!!) (انظر جريدة الزمان العدد 2545 في 14/11/2006).
إذن يمكننا القول أن الخطط الستراتيجية والأهداف الكبرى التي من اجل تحقيقها عبرت الجيوش والطائرات والبوارج الأمريكية المحيطات لغزو العراق وتدميره(لا تحريره ؟؟) كان لغرض تقسيمه إلي عدة دويلات طائفية وعرقية هزيلة .! تحقيقا لأهداف الخطط الإستراتيجية الإسرائيلية وهو ما يؤكده قول الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات الإسرائيلية (عاموس ملكا) (إن غياب العراق عن خريطة المنطقة بمساحته الحالية ووحدة أقاليمه سيكون احد العوامل المهمة في تقليص المخاطر الستراتيجية علي إسرائيل) . مضيفا (أن تقسيم العراق يقلص من الطاقات البشرية والمادية التي يتمتع بها هذا البلد وأن العالم العربي بدون العراق الموحد هو أفضل لإسرائيل من العالم العربي بوجود العراق الموحد). (انظر جريدة الزمان العدد 2545 في 14/11/2006).
واليوم يبدو أن عدداً من السياسيين و الاحزاب والكتل السياسية العراقية متورطة بتحمس للمشاركة في مشروع تقسيم العراق واستبداله بدويلات كانتونية هزيلة بحسب ما تم رسمه وتخطيطه من قبل الادارة الامريكية وهو امر يؤكده (بيتر جالبريث) في كتابه الذي صدر في نيويورك والموسوم (نهاية العراق) (بأن ما كان يعرف بالعراق الموحد ذهب إلي غير رجعة بتفكيك مؤسساته الأساسية ، وأن الإدارة الأمريكية كتبت شهادة وفاة العراق، وعليها الآن الاعتراف بخطيئتها الكبرى واستخراج شهادات ميلاد للدويلات الثلاث المستقلة !!) . ولذلك فان الابقاء على عراق موحد سيعد هزيمة نكراء للولايات المتحدة والخطط الإستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة في الوقت نفسه سيعد هذا الامر انتصارا كبيرا للشعب العراقي على نتائج الاحتلال الأمريكي البغيض والذي تسعى اليوم القاعدة ممثلة بـ(داعش) للنيل من هذا الانتصار ودق اسفين طائفي في المجتمع العراقي بغية تنفيذ الاهداف الصهيونية والامريكية في تقسيم العراق وتجزئته تحت غطاء ديني مذهبي ظلامي متخلف .
وعليه فانه مما لاشك فيه أن التسرع بالذهاب الى تحويل اقضية الى محافظات ومحافظات الى اقاليم دون الشروع بحوار وطني موسع وبناء يستهدف مراجعة مسيرة العملية السياسية وما أفرزته من سلبيات وايجابيات سيكون عاملا” من عوامل الحاق الاذى بالشعب العراقي و عاملا” من عوامل اعداد البيئة الملائمة لتقسيم العراق ! من هنا فإننا ندعو لكل ما من شأنه تعزيز وحدة وتلاحم العراق والعراقيين بمختلف مكوناتهم و انتماءاتهم بوجه الارهاب التكفيري المجرم ، وتدخلات دول الجوار، والتحديات الاقتــــصادية والامنية والاجتماعية.