ـ الشخصية المتغطرسة
بقلم الدكتور حكمت الحلو
الإختيال والتفاخر وتصعير الخد للناس والتكبر والتغطرس صفات متشابهة الى حد كبير لكننا يمكن ان نوجد بينها بعض الاختلاف ، فالمختال هو الذي يتيه بنفسه على الآخرين بالمباهاة الفارغة والسلوك التمثيلي الذي لا يتطابق مع حقيقته وجوهره ، والمتفاخر هو الذي يدّعي ماليس فيه وينسج حول نفسه قصصاً وبطولات وهمية لا اساس لها من الصحة محاولاً بها إقناع الآخرين كيما يرفعوا من شأنه لإحساسه الداخلي بالضآلة والدونية ووضاعة الذات ، أما المصعّر خده للناس فهو الذي يرى في نفسه أنه المثال ، وأنه الأرفع والأسمى ، وأن الآخرين أدنى منه مرتبة ومنزلة لذلك فهو يأنف منهم ومن سلوكهم ، أما المتكبر فهو الذي يرى نفسه فوق الآخرين في كل شئ وأنهم أدنى منه مرتبة فيضفي على نفسه إحساساً بالتعاظم ويحاول إقناع نفسه بأنه مختلف تماماً عن البشر لذلك فإن عليه أن لايكون مثلهم ؛ أما المتغطرس فهو الذي لا يكتفي بالنظر الى الناس على انهم أقل شأناً منه بل يراهم تافهون لا يساوون شيئاً وبذلك فان الغطرسة اخطر من التكبر من الناحية السلوكية لأن المتغطرس يسعى لإكتساح الاخرين لشعوره الموهوم بضآلتهم وحقارتهم ودونيتهم ، فيشرع بإعلان الحرب عليهم وينعتهم بعدم الاستحقاق بالبقاء وأن عليهم أن يتلاشوا عندما يكون حاضراً ويتركوا له المجال فهو أجدر منهم ، وقبل أن يبدأ بهجومه على الاخرين فإنه يقوم بعملية تبخيس وانتقاص وتحقير لهم بإبراز عيوبهم الجسمية والخَلقِية والسلوكية مستخدماً بذلك أدوات التهكم والازدراء والاستهزاء وتضخيم العيوب وتلفيق القصص والمواقف التي لا اساس لها من الصحة كنوع من الحرب النفسية التي تسبق الهجوم ، وربما يستخدم لهذا الغرض بعض الأدعياء والوصوليين لتنفيذ مآربه من خلال هيمنته عليهم بالمال او بتحقيق بعض المنافع لهم ، أو باي اسلوب آخر ، ولا ينسَ المتغطرس وهو يقوم بحملته الدعائية او الهجومية هذه نفسه ، ففي الوقت الذي يوجه فيه طعناته الى الآخر فإنه يقوم ببث دعاية لصالحه تقوم على تضخيم
ـ (بطولاته وأمجاده المزعومة)ـ ، والمتغطرس إنسان مبتلى بداء العظمة (البارانويا
Paranoia
ذلك أنه يرى في نفسه مؤهلات ومميزات وهمية غير موجودة لدى غيره ، وما دام هو كذلك فإن الأولى به ـ كما يعتقد ـ أن يتربع على عرش السمو والعظمة وما على الآخرين الا الخضوع ( لسموّه وعظمته وإرادته ).ـ
وتسألني : لماذا هذا السلوك ؟ فأجيبك بإختصار إنه ردة فعل لعقدة النقص في داخل هذا الانسان والتي تلح فتنغص عليه حياته فيعمد الى تغطيتها وتغليفها بسلوك لا واعٍ ذلك هو الغطرسة التي تشعره بالزهو والإنتشاء وهو يُبخّس الآخر ويُحقّره ، أما إذا رافق هذا السلوك تأييد وممالئة من بعض المنافقين المحيطين بالمتغطرس فإن عقدة التعاظم لديه سيزداد فعلها ووقعها اكثر ، مع أن الشعور الداخلي بالضعة والدونية والنقص تبقى هي المسيطرة فيزداد الحاحها عليه فيوغل في ممارسة المزيد من غطرسته وكبرياءه وطيشه ، ويبقى هذا الانسان رهين ازدواجية مقلقة في شخصيته طيلة حياته بين شخصية الانسان المقهور والمهزوم في داخله وشخصية الانسان الذي يتصنع التفوق والسيطرة والانتصار ، إنه مريض الغطرسة الفارغة وقاكم الله شرها.ـ
عودة الى الصفحة الرئيسة
بقلم الدكتور حكمت الحلو
الإختيال والتفاخر وتصعير الخد للناس والتكبر والتغطرس صفات متشابهة الى حد كبير لكننا يمكن ان نوجد بينها بعض الاختلاف ، فالمختال هو الذي يتيه بنفسه على الآخرين بالمباهاة الفارغة والسلوك التمثيلي الذي لا يتطابق مع حقيقته وجوهره ، والمتفاخر هو الذي يدّعي ماليس فيه وينسج حول نفسه قصصاً وبطولات وهمية لا اساس لها من الصحة محاولاً بها إقناع الآخرين كيما يرفعوا من شأنه لإحساسه الداخلي بالضآلة والدونية ووضاعة الذات ، أما المصعّر خده للناس فهو الذي يرى في نفسه أنه المثال ، وأنه الأرفع والأسمى ، وأن الآخرين أدنى منه مرتبة ومنزلة لذلك فهو يأنف منهم ومن سلوكهم ، أما المتكبر فهو الذي يرى نفسه فوق الآخرين في كل شئ وأنهم أدنى منه مرتبة فيضفي على نفسه إحساساً بالتعاظم ويحاول إقناع نفسه بأنه مختلف تماماً عن البشر لذلك فإن عليه أن لايكون مثلهم ؛ أما المتغطرس فهو الذي لا يكتفي بالنظر الى الناس على انهم أقل شأناً منه بل يراهم تافهون لا يساوون شيئاً وبذلك فان الغطرسة اخطر من التكبر من الناحية السلوكية لأن المتغطرس يسعى لإكتساح الاخرين لشعوره الموهوم بضآلتهم وحقارتهم ودونيتهم ، فيشرع بإعلان الحرب عليهم وينعتهم بعدم الاستحقاق بالبقاء وأن عليهم أن يتلاشوا عندما يكون حاضراً ويتركوا له المجال فهو أجدر منهم ، وقبل أن يبدأ بهجومه على الاخرين فإنه يقوم بعملية تبخيس وانتقاص وتحقير لهم بإبراز عيوبهم الجسمية والخَلقِية والسلوكية مستخدماً بذلك أدوات التهكم والازدراء والاستهزاء وتضخيم العيوب وتلفيق القصص والمواقف التي لا اساس لها من الصحة كنوع من الحرب النفسية التي تسبق الهجوم ، وربما يستخدم لهذا الغرض بعض الأدعياء والوصوليين لتنفيذ مآربه من خلال هيمنته عليهم بالمال او بتحقيق بعض المنافع لهم ، أو باي اسلوب آخر ، ولا ينسَ المتغطرس وهو يقوم بحملته الدعائية او الهجومية هذه نفسه ، ففي الوقت الذي يوجه فيه طعناته الى الآخر فإنه يقوم ببث دعاية لصالحه تقوم على تضخيم
ـ (بطولاته وأمجاده المزعومة)ـ ، والمتغطرس إنسان مبتلى بداء العظمة (البارانويا
Paranoia
ذلك أنه يرى في نفسه مؤهلات ومميزات وهمية غير موجودة لدى غيره ، وما دام هو كذلك فإن الأولى به ـ كما يعتقد ـ أن يتربع على عرش السمو والعظمة وما على الآخرين الا الخضوع ( لسموّه وعظمته وإرادته ).ـ
وتسألني : لماذا هذا السلوك ؟ فأجيبك بإختصار إنه ردة فعل لعقدة النقص في داخل هذا الانسان والتي تلح فتنغص عليه حياته فيعمد الى تغطيتها وتغليفها بسلوك لا واعٍ ذلك هو الغطرسة التي تشعره بالزهو والإنتشاء وهو يُبخّس الآخر ويُحقّره ، أما إذا رافق هذا السلوك تأييد وممالئة من بعض المنافقين المحيطين بالمتغطرس فإن عقدة التعاظم لديه سيزداد فعلها ووقعها اكثر ، مع أن الشعور الداخلي بالضعة والدونية والنقص تبقى هي المسيطرة فيزداد الحاحها عليه فيوغل في ممارسة المزيد من غطرسته وكبرياءه وطيشه ، ويبقى هذا الانسان رهين ازدواجية مقلقة في شخصيته طيلة حياته بين شخصية الانسان المقهور والمهزوم في داخله وشخصية الانسان الذي يتصنع التفوق والسيطرة والانتصار ، إنه مريض الغطرسة الفارغة وقاكم الله شرها.ـ
عودة الى الصفحة الرئيسة