الشاعر والمؤلف المسرحي معد الجبوري
ينتظر صدور ثلاثة كتب جديدة
صبحي صبري
دون موعد مسبق زرنا الشاعر المعروف ورائد المسرح الشعري معد الجبوري، في بيته وبعد أن تبادلنا أطراف الحديث في شؤون الحياة والثقافة، سألناه عما يشغله هذه الأيام، فأجاب قائلا:
- أنتظر صدور ثلاثة كتب لي، هي : (مِن أوراق الضفة الثالثة – لقطات من الذاكرة) عن رئاسة جامعة الموصل .. و( وقت لحرائق الكلمات)مجموعة شعرية جديدة تصدر عن الهيئة العامة للكتاب في القاهرة.. و ( فضاء بين جمرتين – أربع مسرحيات شعرية) يصدر عن دار السياب ..
* وماذا عن كتابك الأخير .. ؟
- يضم الكتاب، كما جاء في عنوانه، أربع مسرحيات شعرية ، هي حصيلة نتاجي الدرامي الشعري الذي يعد النمط الصعب والنادر من التـأليف المسرحي.
وأولى هذه المسرحيات ( آدابا ) كتبتها عام 1971 وشهدت أول عرض لها في الموصل عام 1972، فيما ترجمت في العام نفسه إلى الأسبانية بعد أن نشرت في مجلة الأقلام العراقية، ونشر النص الاسباني بمجلة المنارة التي كانت تصدر في مدريد، ثم ترجمت إلى الألمانية والإيطالية والانكليزية والتركية والكردية. وقد جاء في أرشيف المسرح العراقي أن نص مسرحية آدابا يقع في المرتبة الأولى في كثرة تقديمه على خشبة المسرح ففي
اربعينات القرن الماضي شهدت ( آدابا) أكثر من ثلاثين عرضا مسرحيا في العراق وخارجه، وقد تناول نصها العديد من المخرجين، منهم : محمد نوري طبو، جلال جميل، حسين الأنصاري، صبحي الخزعلي، الفنان الكردي أحمد سالار، مهدي الساعدي، وسواهم.
أما المسرحية الشعرية الثانية فهي ( شموكين ) كتبها عام 1979 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل في العام نفسه الفنان الراحل الكبير شفاء العمري رحمه الله، وافتُتِحَ بها المهرجان القطري لدائرة السينما والمسرح ببغداد مطلع عام 1980. وقد أخرجها لفرقة بابل للتمثيل في العام نفسه الفنان فيصل مبارك، فيما نُشِر نص هذه المسرحية، كملحق لمجلة ( فنون ) العراقية العدد 74 في 4-2- 1980
والمسرحية الشعرية الثالثة التي ضمها هذا الكتاب، هي ( الشرارة ) التي
كتبتها مطلع عام 1981 وأخرجها لفرقة نينوى للتمثيل الفنان شفاء العمري في العام نفسه. وأخرجها لفرقة البصرة للتمثيل الفنان نصير عودة، وقدمتْ في كل من محافظتَي البصرة وميسان عام 1981 كما أخرجها الفنان فيصل مبارك لفرقة بابل للتمثيل وقُدِّمت في الحلة، ثم افتتحَتْ بها فرقةُ بابل قاعةَ المسرح الوطني ببغداد في العام نفسه. وصدرت(الشرارة) في كتاب عن دار الشؤون الثقافية ، بوزارة الثقافة والإعلام عام 1986
أما المسرحية الشعرية الرابعة، فهي (السيف والطبل) التي كتبتها عام 1986
وأخرجها للفرقة القومية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح الفنان وجدي العاني
وقُدِّمتْ على مسرح الرشيد ببغداد في أيلول عام 1988 ثم صدرت في كتاب عن وزارة
الثقافة الإعلام، دائرة الشؤون الثقافية العامة عام 1994
وهنا نقول: إن من الجدير بالذكر أن عشرات الكتاب والنقاد والصحفيين قد تناولوا هذه المسرحيات بمقالاتهم ودراساتهم، فيما أدرج الشاعر معد الجبوري مؤلفها في مناهج الدراسة في المدارس الثانوية في العراق في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي.
ومن المعروف أن المبدع معد الجبوري شاعر كبير مجدد، يُعدُّ من أبرز الشعراء العراقيين والعرب الذين تواصَلَ إبداعُهم على مدى أكثر من أربعين عاماً، بدأها بإصدار مجموعته الشعرية ( اعترافات المتهم الغائب ) عام 1971 وممَّا يميزه عن أقرانه من الشعراء، تواصلُ حضوره المبدع في واجهة المشهد الثقافي العراقي والعربي، فضلا عن بصمات صوته المتفرد الخاص. وتكنيكه المحكم الذي يُعنى بالإيصال، عبر أسلوب يجنح إلى الإيحاء والترميز الأخّاذ، والتعبير بالصورة والمفردات التي تتناغم فيها الأصالة والابتكار وتسري في أوصالها سلاسةُ التدفق العفوي الحار.
وعن مسرحه الشعري، يقول:
- إن الشعرية التي اشتغلتْ عليها نصوصي المسرحية، هي النسغ الذي يَنْبثُّ في خلايا النسيج الدرامي.. هي المناخ الذي تتشرَّبُ فيه بنيةُ الدراما أنفاسَ الشعر وطاقاته الخلاّقة تشرُّباً لا يمكن معه فَكُّ اللُّحمة بين مستويَي الأداء، دون أن يُشير أحدُهُما إلى الآخر.. فالمهم قي الدراما الشعرية أَلاَّ يتخلخل الإيقاع العام ، فيطغى النثر، أو يسود الشعر فيخفت الفعل .. التناغم والتشابك والاندغام بين الشعر والمسرح هو جوهر الدراما الشعرية. وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن المسرحية الشعرية الناجحة هي التي تنطوي على أكبر قدر من عناق الشعر والدراما، وليس كافياً لمن يتصدى لهذا الجنس من الإبداع أن يكون شاعراً
مقتدراً فحسب .. بل ينبغي في الوقت نفسه أن يتمتع بقدرة درامية فائقة.
وسألنا الشاعر معد الجبوري: تُرى لماذا مرت فترة طويلة لم تؤلف فيها نصا مسرحيا؟
- أنا لا أكتب النص المسرحي كنص أدبي للقراءة فقط، بل أنجزه ليسعى على خشبة المسرح، ولأني بعيد عن هذه الخشبة منذ سنين لأسباب تتعلق بها، ولم تعتمل في داخلي رغبةٌ لكتابة نص جديد، ظلت مسألة خوضي تجربةً مسرحية جديدة مؤجلةً إلى حين.. وحتى يحين المخاض، يبقى الشعر وحده يسكنني، وأبقى أكتوي بجمرته المُتَّقِدة.
وفي ختام زيارتنا للشاعر معد الجبوري رائد المسرح الشعري، تمنينا أن يحين المخاض ليتحفنا بنص مسرحي شعري جديد يضيف ويتجاوز.
للرجوع الى الصفحة الاولى