هَمَساتٌ في عَوجاتِ وأزقةِ المَوصل القديمة سالم الحسُّـو الى كل مغتربٍ يحبُّ الوطنَ والأرضَ التي رعَتْه قرأت القصيدة الرائعة لشاعر الموصل الكبير معد الجبوري بعنوان: بوسي و شَمِّي ، باللهجة الموصلية المهداة الى اخينا العزيز مشتاق الدليمي الذي يعشق الموصل و يحن اليها .. وجاءت كلمات القصيدة لتعصف بقلوب المغتربين الذين يشاركون العم مشتاق حُبَّه العارم للموصل و أهلها ، وانا واحد منهم .. ، قرأت القصيدة عدة مرات فأعادتني ابياتها الى الموصل أيامَ الطفولة في شهرسوق و الثلمي و باب الجديد ، وذكرياتها الجميلة التي لا تزال تبعث البهجة والبسمة في اعماقي وانا أرقبُ سِنيَّ عمري تتسارع أمامي . تذكرت ان لدي لقطات فيديو كنت قد صورتها في الموصل قبل تسعة اعوام اثناء زيارتي لمدينتي الحبيبة بعد غيابٍ عنها لأكثر من ربع قرن من الزمن، وأنا اتجول بين عوجات وأزقة الموصل القديمة و القريبة من دارنا في شهرسوق .. ، فقمت بتجميع الفلم واعداده للنشر ، لما فيه من تسجيل تاريخي لعالم قد مضى زمَنُه .. يحكي حزن الأزقة التي تبدو رغم جمالها ، كئيبة تئن من الأهمال والوحشة ... ، هي وحيطان بيوتها المُتعبةِ السمراء . أردت ان أسجل بكامرتي همساتِ كلِّ ركنٍ صامتٍ وكلِّ حَجرٍ ساكنٍ في جدرانها .. فتتابعت بيوتٌ أمامي وتمايلت أركانها.. لتحملني على جناحَي طائر خَفيٍّ بينَ حناياها .. أُقبِّلُ بعدستي كلَّ قطعةِ طينٍ و مرمر وأنسابُ عبرَ لفّاتها و ثناياها لألمسَ روعةَ المكانِ و رِقَّتَه ...، ثم أضفتُ عزفَ ناي حزين اخترته للفنان الايراني محمد اقبال فامتزجت نغَمَاتُه بآهاتِ الأزقةِ وحُزنها المرسومِ على كلِّ جدار وبينَ دفّات كلِّ باب ، ولم أكن لأنسى أخي و صديقي فنان الموصل الراحل طلال عبدالرحمن رحمه الله ، وانا في رحلةٍ روحيةٍ بينَ عوالمِ الفنِّ ومشاعر الروحِ المشتاقةِ لأرضِ موطنها .. فأضفتُ شيئا من تسجيلاته ليغني لنا ابياتاً من قصيدة حنينٍ الى الموصل نظَمها السَرِيُّ الرَفَّاءْ الشاعر الموصلي الشهير ، ليتفاعلَ النغمُ والشعرُ مع الرحلةِ القصيرة بين مَحَلّات و أزقة الموصلِ القديمة .. التي تعيدنا في النهاية الى قصيدة شاعرنا الكبير معد الجبوري : بوسي و شمِّي .. لنحتفل معاً بهذا الحُبِّ الساكنِ ابداً قلوبنا.. لأرضنا و مدينتنا و أهلنا هناك .. ولنجدد الدعاءَ بعودة يومٍ مشرقٍ ساطعٍ قريبْ. أتمنى ان ينقلكم الفلم الى أجواء الموصل على أجنحة الشوق والحنين ويواسي من اغترب منكم وطالَ به البعدُ عن الأهل والأحباب. اطلالة من سفح فالق المشراق ... الى حاوي المخلط ايام الربيع شكرا للاستاذ نايف عبوش لارسال هذه الصورة الرائعة جَمالُ بلادي و هل رأيتم عيوناً أجملُ من عيون بلادي ؟ سالم الحسو أين مني مجلسٌ هناك على حافَّةِ النهرِ .. ـ بين الشقائق والورودِ المتدفقةِ سحراً يملكُ القلبَ... ـ و يثيرُ الشوقَ والحنين ... ، ـ وهذه الدمعةُ تنسابُ فَرحاً .. وحزناً لاغترابي .. ـ أنا تائهٌ بزرقةِ نهرِ الزابِ المتمايلِ بين الخضرةِ والرملِ والصَخَر .. ـ ونسيمٍ عليلٍ يترنَّمُ بعطرِ أزهارِ الربيعِ ...ـ ورِقَّةِ مياه النهر صافيةً تجري بهدوءٍ تزينهُ زُرقةٌ صامتةٌ كعينَيّ حسناء تتهادى بين الورود ـ وأستيقظُ فجأة من هذا الحلم الجميل على دَويٍّ صاخبٍ غاضبٍ يثير الرعبَ و الموتَ والدمار في ميادين بغداد والموصل والنجف والبصرة و كركوك و كل أرجاء الوطن الجريح .. فيملؤني الحزن واليأس من جديد و تتلاشى الزهورُ و يتوقف النهر عن الجريان ...ـ وتتراءى امامي صور الشوارع و الازقةِ المحطمةِ الباكيةِ على من استشهد او جُرح من أهلنا هناك..ـ أهكذا نستقبل العيد كل عام ؟ .. من يزرع الموت كل يوم ؟ .. متى يتوقف الجنون والهذيان ؟ .. من أجازَ رُسُلَ التخريب والتحريف أن يعيثوا في البلاد فسادا ودمارا؟ متى تعود الطيور المهاجرة لتنعم بجمال الربيع وسحر الزاب و حنان دجلةَ وكبرياء الفرات ..؟ ،ـ اسئلة على لسان كل من أحب وطنه وسعى لخيره و خَلاصِهِ من دوامة الرعب المحيطة به .. ، لعل النجاة قريبة و لعل ايام الأمان على الابواب ما دام في القلب حُبٌّ لا يطفئهُ دمارٌ و إن طالْ .. ،ـ وليسمح لي شاعرنا الكبير معد الجبوري ان اختتم خاطرتي باقتباس أبياتٍ من من قصيدته الرائعة ولا يكتسحُ اليباب سواه
محتويات مدونة المهندس سالم عبدالله الحسُّــو ـ 8 جمالُ بلادي 8-10-2013 ـ 7 بحيرة و غابات 21-8-2013 ـ 6 الآثاري هرمز رسام 19-8-2013 ـ 5 لقاء مع الفنان راكان دبدوب 8-8-2013 ـ 4 سـِـرُّ جنائن بابل المعلقة 24-6-2013 ـ 3 رسالة شوق و حنين 30-5-2013 ـ 2 عودة مغترب الى العراق 30-5-2013 ـ 1 ملاعب الطفولة 30-5-2013 |
المهندس سالم الحَسُّـو Archives
June 2020
Categories
All
|