اجرى الحوار: عبد الجبار الجبوري
يعد الفنان التشكيلي الموصلي طارق عتو من جيل الرواد في الموصل، تتلمذ على يد الفنان الكبير نجيب يونس وتاثر به، وسار على خطاه الانطباعية، وقد ذابت روحه في الفن الانطباعي منذ صغره وخاصة الطبيعة، فرسم طارق عتو كل ما وقعت عيناه عليها، من رموز اثارية وتراثية وفنية ، رسم حارات الموصل وازقتها وملابسها التقليدية التراثية، ورسم عادات اهلها في الاعراس والطهور وغسل الصوف، ابواب ازقتها واقواسها وشناشيلها ، نهرها الحزين في عين كبريت ، غاباتها الخضراء طول ايام السنة ، اثارها الاشورية المليئة بالاسرار الدفينة، ومنذ ولادته فيها عام 1937 لم يغادرها، فقد انطبعت في روحه وانصهرت فيها، كيف لا ونينوى خزائن التاريخ والفن والادب والبطولة والمجد الحضاري، ملهمة العصور وسيدة التاريخ ، ومنهل الحضارات، باب المسقى، دور شروكين ، بوابة نركال، مدينة الحضر وكالح وقلعة الشرقاط، كل هذا الارث الحضاري، يفجر المواهب ويصقلها، وطارق عتو فنان مخلص لفنه عبر خمسة عقود كاملة دون ان يهجر فنه ولو لحظه، فولده الفنان التشكيلي المعروف عضيد طارق مدير النشاط المدرسي بالموصل واحد رموزها التشكيليين....:-
سألت الفنان طارق عتو عن بداياته وبمن تاثر وكيف صقل موهبته ومن احتضنه وماهي المعارض الفنية التي شارك فيها فقال..:-
:في عام 1944 دخلت المدرسة الابتدائية وهي عبارة عن مسجد اسمه مسجد شيخ كعوب وصار بعد ذلك مدرسة باب النبي، وقد احتضنني معلم ومديرها يوسف كنعان رحمه الله والاستاذ نجيب الوكيل واحمد الجليلي ، وقد اهدوا لي اقلام ملونة ورحت ارسم كل ما يقع امام ناظري من اشجار ومناظر طبيعية ، واخذني اخي الكبير (غائب) الى منارة الحدباء التي كنت اعيش حواليها في محلة جامع بكر افندي ، وقمت برسم منارة الحدباء والمحلات والبيوت المحيطة بها ، وفي المتوسطة رعاني الاستاذ صبيح نعامة وكان معي في المدرسة الفنان التشكيلي الكبير راكان دبدوب والاديب الكبير سالم الدباغ، وبعدها تخرجت من المتوسطة تعرفت على الاستاذ نجيب يونس الذي تعلمت منه فن الاسلوب الانطباعي والواقعي، ونصحني ان ادخل الى معهد الفنون الجميلة وهكذا تقدمت الى المعهد ولم يظهر اسمي في القبول رغم المقابلة والنجاح فيها واشادة الفنان الراحل فرج عبو بموهبتي، وذهبت الى دار المعلمين مع الفنان نجيب يونس واقمنا عدة معارض في المجموعة الثقافية وهكذا تخرجت من المعهد فنانا معروفا في المدينة ..وبعدها اقمت معارض كثيرة في الموصل باسلوب انطباعي واقعي الذي كان سائدا في ذلك الوقت وظهرت في اعمال نجيب يونس وبشير طه وراكان دبدوب وفرج عبو ونوري الراوي وغيرهم ...
-ماهي المعارض التي ساهمت فيها والجهود الفنية التي قدمتها للمدينة انت وبقية الفنانين الرواد في نينوى...
-شاركت في العام 1962 بتشكيل وتاسيس نادي الفنون التشكيلي جماعة نينوى ، انا والفنان نجيب يونس وضرار القدو وبشير طه وعبد الحميد الحيالي وافتتحنا ايضا بيت الفن في الدواسة ، وقد شاركت في معارض فنية كثيرة جدا منها (معرض وسائل الايضاح ومعرض كنيسة الساعة ومعرض مؤتمر البحوث القطري للفنون ومعارض مهرجانات الربيع في الموصل ومعارضها كلها ،ومعارض نقابة الفنانين فرع نينوى التشكيلية .....
-ما هي الطريقة الفنية التي تفضلها في اللوحة التشكيلية ولماذا ؟
-انا مسكون بالطبيعة والتراث والتاريخ والحضارة والاثار القديمة ارسمها واعيد لها بهاءها برؤية عصرية ،فانا انتمي لمدرسة نجيب يونس الانطباعية ،وقد حققت هذا الانتماء في لوحاتي التي اتخذت منحى الواقعية في رسم التراث القديم للمدينة واحيائها القديمة وابوابها ومقرنصاتها واقواس بيوتها ،وازقتها المميزة ،انا لاارسم من الخيال انا انقل الماضي الى الحاضر في استجلاب رؤية الحضارة ومنجزها الفني والتراثي وهكذا ...
-ما هو رأيك في الفنون الحديثة ومدارسها .؟
-هناك نظريتان في الفن التشكيلي تقولان، هل الفن التشكيلي للفن، ام الفن التشكيلي للشعب او المجتمع، اقول ان اعمالي الفنية جميعها هي على النظرية التي تقول ان الفن للشعب، لانني اعيش مع ارهاصات الشعب واماله وتراثه وتقاليده وافكاره وتاريخه الموغل في القدم، وهناك من يقول في زمن الحداثة ان الواقعية عجزت عن مواكبة وموائمة الحاضر ومجاراته، وهذا افتراء مفضوح لان الفن التشكيلي العراقي الواقعي قد انجز محطة مهمة في سفر تاريخ العراق الفني وترك بصمته الواضحة عربيا وعالميا ، وهناك لوحات عراقية وفنانون اوصلوا اللوحة الى العالمية ، ومنهم نوري الراوي ونجيب يونس وكاظم حيدر وفرج عبو وليلى العطار ومخلد المختار وشاكر حسن ال سعيد وعامر العبيدي ورافع الناصري وراكان دبدوب، هذه المدارس المتعددة والمتنوعة هي نتاج فني عراقي متقدم ، وانت ترى الفن العراقي المهاجر قدم نموذجا رائعا للفن العراقي مثل سعاد العطار ومحمد الصكار وضياء العزاوي وغيرهم ...تجاربهم الفنية قد عززت فكرة ان العراق يمتلك خزينا من الطاقات التشكيلية وهي امتداد للفن العراقي الاشوري والسومري والاكدي ...
-وكيف تنظر الى مسيرة الفن التشكيلي في نينوى ؟
-هي تبشر بخير فهناك طاقات ومواهب فنية كبيرة شابة مؤكد سيكون لها شان في رحلة الفن التشكيلي العراقي والعربي، هناك جمعية يتراسها فنان كبير هو الدكتور والفنان التشكيلي المعروف خليف محمود اجزم انها ترعى المواهب وتنميها بالمزيد من المعارض، ويقوم معهد الفنون مهرجانا فنيا سنويا يكاد يكون ظاهرة فنية، ومؤخرا برزت اسماء كبيرة في نينوى مثل ليث عقراوي ولوثر ايشو وشاهين وعضيد طارق وخليف محمود وسعد نجم الدليمي وجبار الشعباني وغيرهم من الذين نتوسم فيهم ترك بصمتهم المميزة في الفن التشكيلي العراقي............
للعودة إلى الصفحة الرئيسة