يوميات في شوارع المدينة
محمد صالح يا سين الجبوري
انطلقت سيارة الأجرة من المرآب (الكراج) متوجهة إلى منطقة سكني التي لا تبعد سوى 50كم عن مركز المدينة، أشعل احد الركاب سيكارته وأخذ ينفث دخانها بدون استئذان من الركاب، مظهرهُ يوحي أنه تجاوز الخمسين، ضعيف البنية شاحب الوجه أشيب الرأس، سقيم يعاني من شظف العيش، أنهك الزمن قوته. السائق شاب فارع الطول مفتول العضلات، عريض المنكبين، يتمتع بصحة جيدة، متوتر الأعصاب، يريد أن يثبت أنه سائق من الدرجة الأولى، ويفهم قوانين المرور، الشارع مزدحم بالسيارات التي تسير ببطيء، لكنه يريد أن يتجاوز الازدحام، يطلق كلمات لا تليق، وتارة يستخدم جواله للحديث مع الأصدقاء، رحلة بين بطولات السائق ودخان السكائر، طلبنا من المدخن أن يكف عن التدخين، رفض الطلب مبرراً ذلك بأن التدخين حرية شخصية، وأنّهُ يفضل التدخين على الأكل وهو مهدئ للأعصاب، (كنت في أحدى الدوائر الحكومية والموظف عرقل معاملتي بلا سبب، ولولا التدخين لحصل أمرٌ لا يحمد عقباه).
تركنا الحديث مع المدخن لأن ضرره أقل والحديث معه لا ينفع. العودة إلى السائق الذي انطلق بسرعة غير اعتيادية، رغم أن الطريق للذهاب والإياب تسلكه الشاحنات الكبيرة، والحوادث مرتفعة والاجتياز صعب في أماكن حددها المرور، مع العلم أن السائق مهما بذل من جهد وساق بسرعة عالية، فالفرق لا يتجاوز سوى (10) دقائق، بفضل السيطرات والحواجز الكونكريتية التي تجعل الجميع يصلون في وقت واحد. فجأة توقف السير، وعند الاستفسار، قالوا : ( وصلتنا أوامر بإيقاف السير)، وذهبت جهود السائق أدراج الرياح، وخيمت علينا الكآبة، أشعل المدخن سيكارته وهو يقول لنا : وكيف لا أدخن في هذه الظروف.
وانتظرنا أكثر من ساعة حتى انطلاق السيارات مرة أخرى، ويبدو أن السائق لم يقرأ العبارة (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة )، وكذلك المدخن لم يقرأ (التدخين مضر بالصحة)، ولولا فضل الله ولطفه في ذلك اليوم، لدخلنا في مخاطر بسبب رعونة السائق الذي حصلت منه أخطاء أثناء السير لكن انتباه السواق الآخرين حال دون وقوعها.
هذه الحالة تتكرر يومياً، كم اتمنى على سواق الأجرة أن يدركوا أنهم يحملون أرواحاً ، وان عليهم ان يلتزموا بالسرعة وقواعد المرور، وان يكون تعاملهم جيداً مع الركاب.
ان ظاهرة تزايد أعداد المدخنين من المراهقين تتفاقم، ونحن بحاجة إلى تظافر الجهود للحد منها فهي خطر كبير على الإنسان كما انها تساهم في تلوث البيئة. كانت سفرة تَحُفُّهَا المخاطر بين دخان السكائر ورعونة السائق.
حمدا لله على لطفه ورعايته لنا .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
محمد صالح يا سين الجبوري
انطلقت سيارة الأجرة من المرآب (الكراج) متوجهة إلى منطقة سكني التي لا تبعد سوى 50كم عن مركز المدينة، أشعل احد الركاب سيكارته وأخذ ينفث دخانها بدون استئذان من الركاب، مظهرهُ يوحي أنه تجاوز الخمسين، ضعيف البنية شاحب الوجه أشيب الرأس، سقيم يعاني من شظف العيش، أنهك الزمن قوته. السائق شاب فارع الطول مفتول العضلات، عريض المنكبين، يتمتع بصحة جيدة، متوتر الأعصاب، يريد أن يثبت أنه سائق من الدرجة الأولى، ويفهم قوانين المرور، الشارع مزدحم بالسيارات التي تسير ببطيء، لكنه يريد أن يتجاوز الازدحام، يطلق كلمات لا تليق، وتارة يستخدم جواله للحديث مع الأصدقاء، رحلة بين بطولات السائق ودخان السكائر، طلبنا من المدخن أن يكف عن التدخين، رفض الطلب مبرراً ذلك بأن التدخين حرية شخصية، وأنّهُ يفضل التدخين على الأكل وهو مهدئ للأعصاب، (كنت في أحدى الدوائر الحكومية والموظف عرقل معاملتي بلا سبب، ولولا التدخين لحصل أمرٌ لا يحمد عقباه).
تركنا الحديث مع المدخن لأن ضرره أقل والحديث معه لا ينفع. العودة إلى السائق الذي انطلق بسرعة غير اعتيادية، رغم أن الطريق للذهاب والإياب تسلكه الشاحنات الكبيرة، والحوادث مرتفعة والاجتياز صعب في أماكن حددها المرور، مع العلم أن السائق مهما بذل من جهد وساق بسرعة عالية، فالفرق لا يتجاوز سوى (10) دقائق، بفضل السيطرات والحواجز الكونكريتية التي تجعل الجميع يصلون في وقت واحد. فجأة توقف السير، وعند الاستفسار، قالوا : ( وصلتنا أوامر بإيقاف السير)، وذهبت جهود السائق أدراج الرياح، وخيمت علينا الكآبة، أشعل المدخن سيكارته وهو يقول لنا : وكيف لا أدخن في هذه الظروف.
وانتظرنا أكثر من ساعة حتى انطلاق السيارات مرة أخرى، ويبدو أن السائق لم يقرأ العبارة (في التأني السلامة وفي العجلة الندامة )، وكذلك المدخن لم يقرأ (التدخين مضر بالصحة)، ولولا فضل الله ولطفه في ذلك اليوم، لدخلنا في مخاطر بسبب رعونة السائق الذي حصلت منه أخطاء أثناء السير لكن انتباه السواق الآخرين حال دون وقوعها.
هذه الحالة تتكرر يومياً، كم اتمنى على سواق الأجرة أن يدركوا أنهم يحملون أرواحاً ، وان عليهم ان يلتزموا بالسرعة وقواعد المرور، وان يكون تعاملهم جيداً مع الركاب.
ان ظاهرة تزايد أعداد المدخنين من المراهقين تتفاقم، ونحن بحاجة إلى تظافر الجهود للحد منها فهي خطر كبير على الإنسان كما انها تساهم في تلوث البيئة. كانت سفرة تَحُفُّهَا المخاطر بين دخان السكائر ورعونة السائق.
حمدا لله على لطفه ورعايته لنا .
للعودة إلى الصفحة الرئيسة