قبل نصف قرن ..!ـ
ذكريات عن رمضان في الموصل
ذكريات عن رمضان في الموصل
ماجد عزيزة
بين عامي 1955 – 1960 كان ملعب الطفولة هو ( عوجات الساعة) ، ومنها كنا نحن اولاد المحلة ، نلاعب اولاد ( شارع الفاروق وعوجات مسكنته وخزرج ) ، حين يقبل شهر رمضان الكريم علينا كان جيراننا ( بيت ام برهان) يبداون بالاستعداد له ، فكنا نرى رب البيت يدخل محملا باكياس التسوق من المواد الجافة التي تستعمل يوميا في الفطور والسحور ( قيسي زبيب قصب - تمر جاف- رز ...) ، كانت محلتنا ( عوجة الساعة ) تصمت كبقية المحلات حين يقترب ضرب مدفع الافطار ، وكنا ( نحن الاولاد ) نقف جميعا في ( راس العوجة) ننتظر صوت المدفع ( لنصرخ - هييييييييي حين يضرب )، واصوات الامهات يصرخن على اولادهن من اصدقائنا ( المسلمين ) للدخول الى البيت للمشاركة في الافطار المشترك . كان صديقي برهان لا يابه لصوت والدته ، ويرفض الدخول الا ان كنت معه ، وكانت والدتي تنهرني عن فعل ذلك ( من العيب) كما كانت تعتقد ، لكن اصرار برهان ووالدته يضعاني مرات عديدة على مائدة افطار جيراننا المسلمين لاشاركهم هذا الطقس المقدس ، وتضطر والدتي ازاء ذلك ، ان ترسل معي صحنا من اليبرغ ( الدولمة ) او اي شيء آخر لانها كانت تقول ( عيب تفوت عليهم بيد فارغة ). وحين ياتي عيد الفطر المبارك نكون انا وصديقي برهان ومعنا عدد من اصدقاء المحلة في راس شارع نينوى عند محلتنا نتفرج على ما وضعه ( حنون البقال واولاده رحمهم الله ) في واجهة دكانه من الحلويات الملونة والماكولات اللذيذة التي تخص العيد ، ومنه يشتري ( برهان) ما لذ وطاب منها ( من عيديته) ويوزع علينا الحلوى والشرابت وغيرها ، وكانت العملية تنعكس تماما حين يحل عيد الميلاد او القيامة المجيدين ، حيث نقوم نحن اولاد المحلة المسيحيين بتوزيع الحلوى على اصدقائنا من المسلمين وخاصة صديق العمر ( برهان )! في بغداد ، كنا نسكن محلة المنصور ، كنت في عمر الفتوة منتصف الستينات ، وكان لنا جيران من اهل الموصل ( بيت سيد عزيز الحصيرجي ) وكان يعمل رحمه الله ( تيتي في قطار الموصل – بغداد) ، وما ان يحل شهر رمضان المبارك ، حتى تبدا طقوس المحبة والجيرة الحقة بيننا ، فكان الابن الاكبر ( هاشم رحمه الله) يصرخ لمناداة والدي لتناول الافطار معهم ، وكنت اصحبه في لمّة والفة عراقية موصلية ما زالت ذكرياتها تدور في راسي حتى اللحظة ، ومن شدة التماسك العائلي بين عائلتينا ، بات شهر رمضان مشتركا بيننا وبينهم ، حيت كان على والدتي ان تنظم مائدة افطار رمضانية لبيت سيد عزيز ليتناولوا افطارهم في بيتنا مرة واحدة او مرتين خلال الشهر الفضيل .. كانت اياما جميلة .ـ
اعود للموصل ، ففي تلك الفترة الجميلة بين عامي 1955 – 1960 ، كان جدي يعمل في مصبغة
ـ ( لصبغ الملابس ) وكان دكانه ( مصبغته ) في ( سوق العتمي ) ، كان ينهض في الصباح الباكر ويتناول فطوره ويرتدي ( زبونه وطربوشه الاحمر ) ويغادر الى العمل ، اذكر انه في اول يوم من شهر رمضان من احدى السنوات ، اكمل فطوره وارتداء ملابسه وحين هم بالمغادره صرخ على
ـ(جدتي و والدتي ) قائلا : هاليوم لا تطبخون طعاما تفوح رائحته ، لان الجيران اليوم صايمين رمضان) عيب ان ( يشتمّوا رائحة الاكل ) ، هم صائمين واحنا ناكل ..!!!ـ
رحم الله جدي الذي علمني محبة الجار .. ورحم الله ايام زمان .. ايام المحبة والالفة والتماسك العراقي الاصيل.ـ
عودة الى الصفحة الرئيسـة
بين عامي 1955 – 1960 كان ملعب الطفولة هو ( عوجات الساعة) ، ومنها كنا نحن اولاد المحلة ، نلاعب اولاد ( شارع الفاروق وعوجات مسكنته وخزرج ) ، حين يقبل شهر رمضان الكريم علينا كان جيراننا ( بيت ام برهان) يبداون بالاستعداد له ، فكنا نرى رب البيت يدخل محملا باكياس التسوق من المواد الجافة التي تستعمل يوميا في الفطور والسحور ( قيسي زبيب قصب - تمر جاف- رز ...) ، كانت محلتنا ( عوجة الساعة ) تصمت كبقية المحلات حين يقترب ضرب مدفع الافطار ، وكنا ( نحن الاولاد ) نقف جميعا في ( راس العوجة) ننتظر صوت المدفع ( لنصرخ - هييييييييي حين يضرب )، واصوات الامهات يصرخن على اولادهن من اصدقائنا ( المسلمين ) للدخول الى البيت للمشاركة في الافطار المشترك . كان صديقي برهان لا يابه لصوت والدته ، ويرفض الدخول الا ان كنت معه ، وكانت والدتي تنهرني عن فعل ذلك ( من العيب) كما كانت تعتقد ، لكن اصرار برهان ووالدته يضعاني مرات عديدة على مائدة افطار جيراننا المسلمين لاشاركهم هذا الطقس المقدس ، وتضطر والدتي ازاء ذلك ، ان ترسل معي صحنا من اليبرغ ( الدولمة ) او اي شيء آخر لانها كانت تقول ( عيب تفوت عليهم بيد فارغة ). وحين ياتي عيد الفطر المبارك نكون انا وصديقي برهان ومعنا عدد من اصدقاء المحلة في راس شارع نينوى عند محلتنا نتفرج على ما وضعه ( حنون البقال واولاده رحمهم الله ) في واجهة دكانه من الحلويات الملونة والماكولات اللذيذة التي تخص العيد ، ومنه يشتري ( برهان) ما لذ وطاب منها ( من عيديته) ويوزع علينا الحلوى والشرابت وغيرها ، وكانت العملية تنعكس تماما حين يحل عيد الميلاد او القيامة المجيدين ، حيث نقوم نحن اولاد المحلة المسيحيين بتوزيع الحلوى على اصدقائنا من المسلمين وخاصة صديق العمر ( برهان )! في بغداد ، كنا نسكن محلة المنصور ، كنت في عمر الفتوة منتصف الستينات ، وكان لنا جيران من اهل الموصل ( بيت سيد عزيز الحصيرجي ) وكان يعمل رحمه الله ( تيتي في قطار الموصل – بغداد) ، وما ان يحل شهر رمضان المبارك ، حتى تبدا طقوس المحبة والجيرة الحقة بيننا ، فكان الابن الاكبر ( هاشم رحمه الله) يصرخ لمناداة والدي لتناول الافطار معهم ، وكنت اصحبه في لمّة والفة عراقية موصلية ما زالت ذكرياتها تدور في راسي حتى اللحظة ، ومن شدة التماسك العائلي بين عائلتينا ، بات شهر رمضان مشتركا بيننا وبينهم ، حيت كان على والدتي ان تنظم مائدة افطار رمضانية لبيت سيد عزيز ليتناولوا افطارهم في بيتنا مرة واحدة او مرتين خلال الشهر الفضيل .. كانت اياما جميلة .ـ
اعود للموصل ، ففي تلك الفترة الجميلة بين عامي 1955 – 1960 ، كان جدي يعمل في مصبغة
ـ ( لصبغ الملابس ) وكان دكانه ( مصبغته ) في ( سوق العتمي ) ، كان ينهض في الصباح الباكر ويتناول فطوره ويرتدي ( زبونه وطربوشه الاحمر ) ويغادر الى العمل ، اذكر انه في اول يوم من شهر رمضان من احدى السنوات ، اكمل فطوره وارتداء ملابسه وحين هم بالمغادره صرخ على
ـ(جدتي و والدتي ) قائلا : هاليوم لا تطبخون طعاما تفوح رائحته ، لان الجيران اليوم صايمين رمضان) عيب ان ( يشتمّوا رائحة الاكل ) ، هم صائمين واحنا ناكل ..!!!ـ
رحم الله جدي الذي علمني محبة الجار .. ورحم الله ايام زمان .. ايام المحبة والالفة والتماسك العراقي الاصيل.ـ
عودة الى الصفحة الرئيسـة