الطب البديل
قضايا و اراء
بقلم: د. سعيد عبد الحليم
أستاذ الفارماكولجي بكلية الطب - جامعة طنطا- مصر
المصدر: الاهرام العدد 127 بتاريخ 24-7-2003
في الآونة الأخيرة زاد الجدل والنقاش حول الطب البديل بين مؤيد ورافض.. ويظن البعض خطأ أن الطب البديل هو اتجاه جديد في الطب.. ولكن في الواقع هو يشمل فروعا عديدة من علوم مختلفة بعضها قديم وبعضها مستحدث تهدف جميعها الي الوصول الي صحة المريض بأقل قدر من الاضرار وبدرجة عالية من الكفاءة.
فبرغم التقدم العلمي غير المسبوق الذي شهده العالم في العقود الأخيرة في فروع الطب الحديث فإن المرضي والأطباء رصدوا العديد من السلبيات علي الطب الحديث أهمها:
أولا: الاضرار الجانبية للأدوية
ثانيا: التكاليف الباهظة للأدوية والعلاج.
ثالثا: أن التداوي بالأدوية هو علاج ولا يصل للمريض بالشفاء التام في أغلب الأمراض المزمنة هذا كله أدي الي ما قد يشبه الانتفاضة والاهتمام بعودة البحث عن الفنون القديمة للتداوي.. واعادة صقلها في معظم, أن لم يكن كل, البلاد الغربية وهذه الصحوة سميت خطأ بالطب البديل. إن هذه الصحوة لاتدعو الي استبدال الطب الحديث بفنون العلاج القديمة ولكنها تدعو الي اعادة الاختيار لما هو انسب لكل مريض حسب حالته.
وفي الواقع أن فروع الطب البديل كثيرة ومتباينة بعضها نتائجه محسوسة ويشعر بها المريض والمعالج لكن من الصعب قياسها بالمنهج العلمي التقليدي مما أدي الي تأخير الاعتراف بها طبيا.
وهذه الفروع تعتمد علي تنشيط الطاقة الروحية عند المريض مثل اليوجا والتأمل تاي تشي والعلاج بالموسيقي والألوان والروائح العطرية.
ولكن هناك العديد من الفروع الأخري ذات نتائج ملموسة وممكن تقديرها وتقييمها بالمنهج العلمي وهي التي تتعامل مع الطاقة الحيوية او مساراتها في الجسم مثل الأعشاب الطبية والوخز بالأبر الصينية والهميوباثي رفيلك سولوجي وشياتسو والاروماثبربي والزيوت والماكروبايوتك فدعا الكثير من الدول الغربية الي استعمالها وتطبيقها والاستفادة من ايجابياتها.
فمثلا: استعمال الابر الصينية في علاج آلام الاسنان وآلام المفاصل هو فعال وأمن ـ وكذلك استعمال الهميوباثي في علاج الحساسية الموسمية والربو وأيضا.. استعمال بعض الأعشاب لعلاج مشاكل سن اليأس لتحل محل الهرمونات الطبية ذات الآثار الجانبية المعروفة علي صحة المريض.
في هذه الحالات هذا الأسلوب آمن ويوصي المسئولون بالأخذ به.
وهناك أمثلة عديدة يكون فيها العلاج فعالا ولكنه ليس آمنا مثل استعمال العديد من الأعشاب فهنا قد يختار الطبيب استعمالها لكن تحت رقابة طبية دقيقة..
وبعد تجاهل طويل فإن العديد من دول الغرب قد سمحت بانشاء العديد من المراكز البحثية والعلاجية والمستشفيات التي تقوم بدراسة مثل هذه الفروع وتشجيع ما هو آمن وفعال.. والتحذير مما هو غير آمن وقليل الفاعلية وتأكيدا لأهمية هذه الفروع كمعاون للعلاج الطبي التقليدي في بعض الحالات فقد تم تغيير مصطلح الطب البديل عالميا
Aalternative medicine
في المراكز البحثية والعلاجية الي مصطلح الطب التكميلي
complementary alternative medicineS(CAM)
وذلك لتوضيح ان هذه العلوم ليست بديلا ولكنها اختيار تفضيلي..
وبالرغم من أن ظهور فروع العلم البديل في مصر لم يتعد خمسة عشر عاما.. إلا أن هذه السنوات اتسمت بدايتها بالتخبط والخطأ في الفهم والتقييم بين التطرف في القبول او التطرف في الرفض مع انها علوم لها ايجابياتها وسلبياتها مثل علوم الطب التقليدي.
ومن اسباب هذا التخبط أن مثل هذه العلوم عادة ما يقوم بدراستها او تدريسها مراكز بحثية غير تقليدية خارج نطاق الكليات والمعاهد الطبية.. فأصبحت لأزمنه طويلة
محل تجاهل او جدل من جانب الجهات الطبية التقليدية.
وعندما تنبهت حكومات العديد من الدول الغربية الي إيجابيات هذه العلوم فقد حسمت هذا التجاهل وبدأت في دراسة هذه الفروع من الطب البديل لصالح المرضي.. وذلك عن طريق السماح بممارسة الايجابي منها داخل المراكز الطبية الحكومية وتحت اشراف أطباء ومتخصصين ومتابعة كفاءة الممارسين.. ونظمت أيضا انتاج وتصنيع المواد المستعملة مثل الأعشاب والزيوت الطبية والمستخلصات العلاجية الطبية, وأيضا الاشراف علي مراكز التعليم وتخريج الممارسين الأكفاء.
والجدير بالذكر, أنه لضمان كفاءة الممارسة نجد بعض التخصصات التي تحتاج الي دراسة متعمقة عالية المستوي مثل الهميوباثي, نجد بعض الدول قررت أن تكون الممارسة فقط للأطباء مثل فرنسا واسبانيا.. في حين أن بعض الدول الاخري مثل انجلترا وامريكا وايطاليا والنمسا والمانيا تترك الفرصة او المجال لغير الأطباء علي أن يكون الممارس حاصلا علي دراسة وافية من إحدي الكليات المتخصصة.
ولا أحد يستطيع أن يتجاهل ان السنوات الأخيرة في مصر اتسمت ببعض البوادر الايجابية البعيدة عن التخبط او التطرف في الرفض او القبول.. مثل قيام بعض الجمعيات العلمية المهتمة بدراسة وتقييم بعض هذه الفروع مثل الجمعية المصرية العلمية للهميوباثي وجمعية الوخز بالابر وعلاج الألم والجمعيات المختلفة لدراسة الأعشاب المصرية وقيام بعض كليات الطب ومراكز البحوث بتقييم ودراسة العلاج لمثل هذه الفروع من الطب البديل واتاحة العديد من المواد الطبيعية التي تتوافر فيها الكفاءة وقلة الاضرار الجانبية وبعض الأعشاب التي تزيد من مناعة الجسم.. وعلاج بعض المشاكل النفسية البسيطة.. واهتمام بعض شركات الدواء المصرية بتقديم العديد من الأعشاب المدروسة كبدائل للدواء لتجنب أثاره الجانبية..
هذا كله بوادر مبشرة لسلامة تطبيق هذه الفروع من الطب البديل بواسطة المتخصصين والدارسين وعدم تركها للهواة.
عودة الى الصفحة الرئيســة
قضايا و اراء
بقلم: د. سعيد عبد الحليم
أستاذ الفارماكولجي بكلية الطب - جامعة طنطا- مصر
المصدر: الاهرام العدد 127 بتاريخ 24-7-2003
في الآونة الأخيرة زاد الجدل والنقاش حول الطب البديل بين مؤيد ورافض.. ويظن البعض خطأ أن الطب البديل هو اتجاه جديد في الطب.. ولكن في الواقع هو يشمل فروعا عديدة من علوم مختلفة بعضها قديم وبعضها مستحدث تهدف جميعها الي الوصول الي صحة المريض بأقل قدر من الاضرار وبدرجة عالية من الكفاءة.
فبرغم التقدم العلمي غير المسبوق الذي شهده العالم في العقود الأخيرة في فروع الطب الحديث فإن المرضي والأطباء رصدوا العديد من السلبيات علي الطب الحديث أهمها:
أولا: الاضرار الجانبية للأدوية
ثانيا: التكاليف الباهظة للأدوية والعلاج.
ثالثا: أن التداوي بالأدوية هو علاج ولا يصل للمريض بالشفاء التام في أغلب الأمراض المزمنة هذا كله أدي الي ما قد يشبه الانتفاضة والاهتمام بعودة البحث عن الفنون القديمة للتداوي.. واعادة صقلها في معظم, أن لم يكن كل, البلاد الغربية وهذه الصحوة سميت خطأ بالطب البديل. إن هذه الصحوة لاتدعو الي استبدال الطب الحديث بفنون العلاج القديمة ولكنها تدعو الي اعادة الاختيار لما هو انسب لكل مريض حسب حالته.
وفي الواقع أن فروع الطب البديل كثيرة ومتباينة بعضها نتائجه محسوسة ويشعر بها المريض والمعالج لكن من الصعب قياسها بالمنهج العلمي التقليدي مما أدي الي تأخير الاعتراف بها طبيا.
وهذه الفروع تعتمد علي تنشيط الطاقة الروحية عند المريض مثل اليوجا والتأمل تاي تشي والعلاج بالموسيقي والألوان والروائح العطرية.
ولكن هناك العديد من الفروع الأخري ذات نتائج ملموسة وممكن تقديرها وتقييمها بالمنهج العلمي وهي التي تتعامل مع الطاقة الحيوية او مساراتها في الجسم مثل الأعشاب الطبية والوخز بالأبر الصينية والهميوباثي رفيلك سولوجي وشياتسو والاروماثبربي والزيوت والماكروبايوتك فدعا الكثير من الدول الغربية الي استعمالها وتطبيقها والاستفادة من ايجابياتها.
فمثلا: استعمال الابر الصينية في علاج آلام الاسنان وآلام المفاصل هو فعال وأمن ـ وكذلك استعمال الهميوباثي في علاج الحساسية الموسمية والربو وأيضا.. استعمال بعض الأعشاب لعلاج مشاكل سن اليأس لتحل محل الهرمونات الطبية ذات الآثار الجانبية المعروفة علي صحة المريض.
في هذه الحالات هذا الأسلوب آمن ويوصي المسئولون بالأخذ به.
وهناك أمثلة عديدة يكون فيها العلاج فعالا ولكنه ليس آمنا مثل استعمال العديد من الأعشاب فهنا قد يختار الطبيب استعمالها لكن تحت رقابة طبية دقيقة..
وبعد تجاهل طويل فإن العديد من دول الغرب قد سمحت بانشاء العديد من المراكز البحثية والعلاجية والمستشفيات التي تقوم بدراسة مثل هذه الفروع وتشجيع ما هو آمن وفعال.. والتحذير مما هو غير آمن وقليل الفاعلية وتأكيدا لأهمية هذه الفروع كمعاون للعلاج الطبي التقليدي في بعض الحالات فقد تم تغيير مصطلح الطب البديل عالميا
Aalternative medicine
في المراكز البحثية والعلاجية الي مصطلح الطب التكميلي
complementary alternative medicineS(CAM)
وذلك لتوضيح ان هذه العلوم ليست بديلا ولكنها اختيار تفضيلي..
وبالرغم من أن ظهور فروع العلم البديل في مصر لم يتعد خمسة عشر عاما.. إلا أن هذه السنوات اتسمت بدايتها بالتخبط والخطأ في الفهم والتقييم بين التطرف في القبول او التطرف في الرفض مع انها علوم لها ايجابياتها وسلبياتها مثل علوم الطب التقليدي.
ومن اسباب هذا التخبط أن مثل هذه العلوم عادة ما يقوم بدراستها او تدريسها مراكز بحثية غير تقليدية خارج نطاق الكليات والمعاهد الطبية.. فأصبحت لأزمنه طويلة
محل تجاهل او جدل من جانب الجهات الطبية التقليدية.
وعندما تنبهت حكومات العديد من الدول الغربية الي إيجابيات هذه العلوم فقد حسمت هذا التجاهل وبدأت في دراسة هذه الفروع من الطب البديل لصالح المرضي.. وذلك عن طريق السماح بممارسة الايجابي منها داخل المراكز الطبية الحكومية وتحت اشراف أطباء ومتخصصين ومتابعة كفاءة الممارسين.. ونظمت أيضا انتاج وتصنيع المواد المستعملة مثل الأعشاب والزيوت الطبية والمستخلصات العلاجية الطبية, وأيضا الاشراف علي مراكز التعليم وتخريج الممارسين الأكفاء.
والجدير بالذكر, أنه لضمان كفاءة الممارسة نجد بعض التخصصات التي تحتاج الي دراسة متعمقة عالية المستوي مثل الهميوباثي, نجد بعض الدول قررت أن تكون الممارسة فقط للأطباء مثل فرنسا واسبانيا.. في حين أن بعض الدول الاخري مثل انجلترا وامريكا وايطاليا والنمسا والمانيا تترك الفرصة او المجال لغير الأطباء علي أن يكون الممارس حاصلا علي دراسة وافية من إحدي الكليات المتخصصة.
ولا أحد يستطيع أن يتجاهل ان السنوات الأخيرة في مصر اتسمت ببعض البوادر الايجابية البعيدة عن التخبط او التطرف في الرفض او القبول.. مثل قيام بعض الجمعيات العلمية المهتمة بدراسة وتقييم بعض هذه الفروع مثل الجمعية المصرية العلمية للهميوباثي وجمعية الوخز بالابر وعلاج الألم والجمعيات المختلفة لدراسة الأعشاب المصرية وقيام بعض كليات الطب ومراكز البحوث بتقييم ودراسة العلاج لمثل هذه الفروع من الطب البديل واتاحة العديد من المواد الطبيعية التي تتوافر فيها الكفاءة وقلة الاضرار الجانبية وبعض الأعشاب التي تزيد من مناعة الجسم.. وعلاج بعض المشاكل النفسية البسيطة.. واهتمام بعض شركات الدواء المصرية بتقديم العديد من الأعشاب المدروسة كبدائل للدواء لتجنب أثاره الجانبية..
هذا كله بوادر مبشرة لسلامة تطبيق هذه الفروع من الطب البديل بواسطة المتخصصين والدارسين وعدم تركها للهواة.
عودة الى الصفحة الرئيســة