الأمل والرصاصة
نصار النعيمي
ركب السيارة بكل هدوء مع صديق عمره وانطلقا بكل آطمئنان وتحدثا بكل أمل عن حياة بسيطة وتعالت احلامهما تضحك وتأمل ان تنعم بالحرية في بلد يدعي انه بلد ديمقراطي .
و فجأة توقف كل شيء ؟
توقف كل شيء برصاص محتوم ليأخذهما الى مكانهما المحتوم وينهي قصة أمل ورحلة احلام لما تزل في بداياتها
لم يكن يدرك بدر ذو الثلاثة وعشرين ربيعا انها القبلة الاخيرة لابنته (ملك) عند خروجه من المنزل وهي تتشبث به وتقول له بابا ارجع بسرعة ولا تنسى الشكولاته .
ولم يكن ابوه يدرك انها النظرة الاخيرة لخيرة اولاده ولم يكن يدرك بدر ان ابنه الذي عقد العزم على طهوره بعد يومين ودفع فاتورة المستشفى انه لن يحضر احتفاله هذا، ولم يكن جَدُّه يدرك ان الوليمة الكبيرة التي عقد العزم على اقامتها بمناسبة طهور حفيده الذي سمي باسمه، سيقيمها على روح ولده ، ولم تكن تدرك زوجته انها تلبسه سترته للمرة الاخيرة في حياتها .
وسط جو يشوبه الموت عند باب مستشفى الطب العدلي حيث يتجمع الناس للتأكد من رحيل اولادهم وفلذات اكبادهم وليتسلموا جثثهم التي تعودوا ان يتسلموها مشوهة او ناقصة الاطراف او مخترقة بالرصاص .
اسماعيل كاتب شهادات الوفاة في مستشفى النهايات نسيت انامله ان يكتب ما يدعى عادة انه اسباب الوفاة ، جراء هرم وشيخوخة او توقف للقلب بل جرى قلمه بعبارات اشهرها (من جراء طلق ناري نافذ في الرأس او البطن او الصدر او الى اخ......).
عاد محمولا على الاكتاف باكفان ملائكية
.... لم يصدق ابوه ابدا ان الروح قد فارقت الجسد .
تلك الروح التي تعود ان يراها ضاحكة مستبشرة....صوت الاب يتعالى: لم تركتني يابدر ومن سيعينني على عَوَقي ومن يسندني على عكازتي.
....الجار يتألم ايما ألم على جار خيرونخوة ... انه يتذكر كم اعانه على حوائج الدنيا فبكاه بصراخ وعويل .
رجل الدين قال: اشهد انه ممن كان يصلي بخشوع وانه كان من اصحاب النخوة والايمان .
زميله في العمل قال: اشهد انه من المخلصين ومن اصحاب الحق واليقين .
رب العمل قال: اشهد انه من الملتزمين ومن أصحاب الغيرة والحرص على حقوق الاخرين.
صديقه قال: اشهد انه كان من المصلين وممن يعطفون على المساكين ويساعدون المحتاجين .
ملك ابنته ، ذات الربيعين تضحك في مأتم والدها وتلهو مع الاطفال وتقول :والدها سيعود اليها محملا بشوكلاته جميلة .
جو مشحون بحزن عميق تكاد تتلمس نهاية العالم فيه...
انفاس ثقيلة تخرج من أجساد مضطربة ودموع غزيرة شبيهة بامطار كانون، ودماء مبعثرة هنا وهناك في بلد فارقته الحياة وغاب عنه الفرح ولازمته الاحزان والآلام على ارواح تتصاعد الى عنان السماء ساعة بعد اخرى في ليل او نهار
اننا نعيش في نفق ودون بصيص أمل ،
الحزن ليس له نهاية
لقصص الموت حكاية: امل يذوي ورصاصة تأبى الا ان توغر في قلوبنا نهرا من الحزن لا حدود له.
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
نصار النعيمي
ركب السيارة بكل هدوء مع صديق عمره وانطلقا بكل آطمئنان وتحدثا بكل أمل عن حياة بسيطة وتعالت احلامهما تضحك وتأمل ان تنعم بالحرية في بلد يدعي انه بلد ديمقراطي .
و فجأة توقف كل شيء ؟
توقف كل شيء برصاص محتوم ليأخذهما الى مكانهما المحتوم وينهي قصة أمل ورحلة احلام لما تزل في بداياتها
لم يكن يدرك بدر ذو الثلاثة وعشرين ربيعا انها القبلة الاخيرة لابنته (ملك) عند خروجه من المنزل وهي تتشبث به وتقول له بابا ارجع بسرعة ولا تنسى الشكولاته .
ولم يكن ابوه يدرك انها النظرة الاخيرة لخيرة اولاده ولم يكن يدرك بدر ان ابنه الذي عقد العزم على طهوره بعد يومين ودفع فاتورة المستشفى انه لن يحضر احتفاله هذا، ولم يكن جَدُّه يدرك ان الوليمة الكبيرة التي عقد العزم على اقامتها بمناسبة طهور حفيده الذي سمي باسمه، سيقيمها على روح ولده ، ولم تكن تدرك زوجته انها تلبسه سترته للمرة الاخيرة في حياتها .
وسط جو يشوبه الموت عند باب مستشفى الطب العدلي حيث يتجمع الناس للتأكد من رحيل اولادهم وفلذات اكبادهم وليتسلموا جثثهم التي تعودوا ان يتسلموها مشوهة او ناقصة الاطراف او مخترقة بالرصاص .
اسماعيل كاتب شهادات الوفاة في مستشفى النهايات نسيت انامله ان يكتب ما يدعى عادة انه اسباب الوفاة ، جراء هرم وشيخوخة او توقف للقلب بل جرى قلمه بعبارات اشهرها (من جراء طلق ناري نافذ في الرأس او البطن او الصدر او الى اخ......).
عاد محمولا على الاكتاف باكفان ملائكية
.... لم يصدق ابوه ابدا ان الروح قد فارقت الجسد .
تلك الروح التي تعود ان يراها ضاحكة مستبشرة....صوت الاب يتعالى: لم تركتني يابدر ومن سيعينني على عَوَقي ومن يسندني على عكازتي.
....الجار يتألم ايما ألم على جار خيرونخوة ... انه يتذكر كم اعانه على حوائج الدنيا فبكاه بصراخ وعويل .
رجل الدين قال: اشهد انه ممن كان يصلي بخشوع وانه كان من اصحاب النخوة والايمان .
زميله في العمل قال: اشهد انه من المخلصين ومن اصحاب الحق واليقين .
رب العمل قال: اشهد انه من الملتزمين ومن أصحاب الغيرة والحرص على حقوق الاخرين.
صديقه قال: اشهد انه كان من المصلين وممن يعطفون على المساكين ويساعدون المحتاجين .
ملك ابنته ، ذات الربيعين تضحك في مأتم والدها وتلهو مع الاطفال وتقول :والدها سيعود اليها محملا بشوكلاته جميلة .
جو مشحون بحزن عميق تكاد تتلمس نهاية العالم فيه...
انفاس ثقيلة تخرج من أجساد مضطربة ودموع غزيرة شبيهة بامطار كانون، ودماء مبعثرة هنا وهناك في بلد فارقته الحياة وغاب عنه الفرح ولازمته الاحزان والآلام على ارواح تتصاعد الى عنان السماء ساعة بعد اخرى في ليل او نهار
اننا نعيش في نفق ودون بصيص أمل ،
الحزن ليس له نهاية
لقصص الموت حكاية: امل يذوي ورصاصة تأبى الا ان توغر في قلوبنا نهرا من الحزن لا حدود له.
للعودة إلى الصفحة الرئيسة