حسن علي الذنون والمدرسة القانونية العراقية
بقلم ا.د. ابراهيم خليل العلاف
المصدر: الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - :08
اكثر من مرة ، واثناء استذكارنا انا والصديق العزيز الاستاذ احمد سامي الجلبي رئيس تحرير جريدة فتى العراق الغراء(رحمه الله ) ، للشخصيات التي أسهمت في بناء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية العراقية خلال الـ (100) سنة الماضية ، كنا نتفق على ان ثمة اساتذة روادا لم ينالوا حظا وافرا من الاهتمام ، ولعل من هؤلاء الاساتذ الدكتور حسن علي الذنون ، وقد اكد الاستاذ الجلبي ان الذنون كان من اوائل الذين كتبوا في جريدة فتى العراق ، وله مقالات ادبية وتاريخية ، ومن حسن الحظ ان الاستاذ رزاق ابراهيم حسن سبق له ان اجرى مع الاستاذ الدكتور الذنون حوارا نشر في مجلة الحكمة (البغدادية) ، العدد 30 (تشرين الاول 2002) لمناسبة تكريمه من قبل مؤسسة بيت الحكمة العراقية سنة 2001 مع نخبة من علماء العراق اشار فيه الى ان الذنون بدأ حياته مهتما بالادب والتاريخ ، ومن ثم تخصص بالقانون وسنحاول في هذا الحيز المقتضب ان نلقي بعض الاضواء على سيرة الاستاذ الدكتور حسن علي الذنون ومؤلفاته ورؤاه .
ولد حسن علي الذنون في الموصل سنة 1911 وفيها اكمل دراسته الاولى ، وقد مارس التعليم فترة من الزمن وقد افرد له صديقنا الاستاذ حميد المطبعي قرابة (20) سطرا في الجزء الثالث من موسوعته الشهيرة (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) ومما قاله ان الاستاذ الدكتور الذنون تخرج في كلية القانون لكن الاستاذ رزاق ابراهيم حسن يقول نقلا عن الذنون نفسه انه خلال عمله معلما في المدارس الابتدائية في الموصل والبصرة وسوق
الشيوخ كان يتطلع الى دراسة القانون ويطمح الى التخصص فيه ، وذلك ما فعله اذ التحق
بكلية الحقوق عام 1936 وما ان امضى السنة الاولى في الكلية حتى تم اختياره مع اخرين
في بعثة دراسية للحصول على الليسانس والماجستير من مصر والدكتوراه من فرنسا وقد
حصل على الليسانس في الحقوق من الجامعة المصرية في الوقت الذي كانت فيه الحرب
العالمية الثانية قائمة ، لذلك تعذر عليه الذهاب الى فرنسا وقد عاد الى العراق لاكمل خدمة الاحتياط ضابطا في الجيش . ومن الطريف انه استدعي لاكمال الدكتوراه عام 1941 في مصر ، وقد حصل عليها عام 1946 عن أطروحته الموسومة : ((الفسخ في القانون
والفقه)) عاد الى العراق وعين مدرسا في كلية الحقوق وحصل على الاستاذية وشغل منصب عميد الكلية عدة مرات (1949 ، 1951، 1957،1958) وفي عام 1951 انتدب لاشغال منصب مدير عام الحقوق في مجلس الاعمار ، وبين سنتي 1964 – 1965 عين مستشارا لمجلس التخطيط وعاد بعدها استاذا في كلية الحقوق وظل كذلك حتى سنة 1971 حين احيل على التقاعد لمرضه لكن هذا لم يمنعه من القاء المحاضرات والاشراف على طلبة الدراسات العليا .
من مؤلفاته : ((النظرية العامة للفسخ المقارن)) و((مصادر الالتزام)) و((احكام الالتزام)) 1947 و((النظرية العامة للالتزام)) 1949 و((الاشتراط لمصلحة الاخرين)) 1951 و((عقد البيع)) 1953 ، ((العقود الناقلة للملكية)) 1954 و((الحقوق العينية الاصلية)) 1954 و((اثر العوامل الاقتصادية في العقد)) 1964 و((فلسفة القانون)) 1975 و((المبسوط في مسؤولية المدينة)) بخمسة اجزاء 1990 . وله كتب مترجمة منها : (سياسة الحكم) تاليف أوستن رني بجزاين 1964 – 1966 . هذا فضلا عن دراسات
وابحاث ومقالات اكاديمية عديدة منشورة في مجالات عراقية وعربية . وقال عنه الاستاذ
حميد المطبعي ان الدكتور الذنون (حجة في القانون) . وقد اسهم في تأليف جمعية
المؤلفين والكتاب العراقيين في مطلع الستينات من القرن الماضي، وكانت جمعية علمية
ذات توجه وطني وقومي عربي كان الدكتور الذنون يعتقد بأن (من لا يخلص لوطنه لا يخلص في عمله، ومن لا يخلص في عمله لا يخلص لوطنه ، فالعلاقة بين العمل والوطن ديناميكية اساسية وتنطوي على منظومة من القيم السامية) والدكتور الذنون هو شقيق المربي الفاضل المرحوم الاستاذ يحيى نزهت علي والذي كان في الثلاثينات من القرن الماضي مديرا للمدرسة الخزرجية في الموصل . وفيما يتعلق باسهاماته في رفد المدرسة القانونية العراقية بالكثير من الرؤى والاجتهادات والتفسيرات نقول انه كان يعتقد بوجود ارتباط وثيق بين علمي القانون والاخلاق ، فالمختص بالقانون ينبغي ان يعزز ثقافته الخاصة بثقافة عامة وان على رجل القانون ان يمتلك آراء ومواقف خاصة في عمله ، وان الضرورة تقتضي دراسة الفقه الاسلامي الى جانب القوانين الغربية ولكن لا بد من اعطاء
القوانين العربية خصائصها، وان (قواعد القانون المدني العراقي) لا يمكن فهمها الا من خلال فهم فقه الشريعة الاسلامية وهذه ميزة اساسية له .
كان للاستاذ الدكتور الذنون صلات بعمالقة القانون المدني العربي وفي مقدمتهم الاستاذ المرحوم الدكتور عبد الرزاق السنهوري والذي كان يحب الذنون كأحد أولاده حتى انه اختاره ليعمل معه استاذا في معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية .
من حق الدكتور الذنون علينا ان نفخر به ونتذكر جهده القانوني واسهاماته الفاعلة في مجال تعميق الثقافة الحقوقية في العراق .
ه
بقلم ا.د. ابراهيم خليل العلاف
المصدر: الحوار المتمدن-العدد: 2578 - 2009 / 3 / 7 - :08
اكثر من مرة ، واثناء استذكارنا انا والصديق العزيز الاستاذ احمد سامي الجلبي رئيس تحرير جريدة فتى العراق الغراء(رحمه الله ) ، للشخصيات التي أسهمت في بناء المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية العراقية خلال الـ (100) سنة الماضية ، كنا نتفق على ان ثمة اساتذة روادا لم ينالوا حظا وافرا من الاهتمام ، ولعل من هؤلاء الاساتذ الدكتور حسن علي الذنون ، وقد اكد الاستاذ الجلبي ان الذنون كان من اوائل الذين كتبوا في جريدة فتى العراق ، وله مقالات ادبية وتاريخية ، ومن حسن الحظ ان الاستاذ رزاق ابراهيم حسن سبق له ان اجرى مع الاستاذ الدكتور الذنون حوارا نشر في مجلة الحكمة (البغدادية) ، العدد 30 (تشرين الاول 2002) لمناسبة تكريمه من قبل مؤسسة بيت الحكمة العراقية سنة 2001 مع نخبة من علماء العراق اشار فيه الى ان الذنون بدأ حياته مهتما بالادب والتاريخ ، ومن ثم تخصص بالقانون وسنحاول في هذا الحيز المقتضب ان نلقي بعض الاضواء على سيرة الاستاذ الدكتور حسن علي الذنون ومؤلفاته ورؤاه .
ولد حسن علي الذنون في الموصل سنة 1911 وفيها اكمل دراسته الاولى ، وقد مارس التعليم فترة من الزمن وقد افرد له صديقنا الاستاذ حميد المطبعي قرابة (20) سطرا في الجزء الثالث من موسوعته الشهيرة (موسوعة اعلام العراق في القرن العشرين) ومما قاله ان الاستاذ الدكتور الذنون تخرج في كلية القانون لكن الاستاذ رزاق ابراهيم حسن يقول نقلا عن الذنون نفسه انه خلال عمله معلما في المدارس الابتدائية في الموصل والبصرة وسوق
الشيوخ كان يتطلع الى دراسة القانون ويطمح الى التخصص فيه ، وذلك ما فعله اذ التحق
بكلية الحقوق عام 1936 وما ان امضى السنة الاولى في الكلية حتى تم اختياره مع اخرين
في بعثة دراسية للحصول على الليسانس والماجستير من مصر والدكتوراه من فرنسا وقد
حصل على الليسانس في الحقوق من الجامعة المصرية في الوقت الذي كانت فيه الحرب
العالمية الثانية قائمة ، لذلك تعذر عليه الذهاب الى فرنسا وقد عاد الى العراق لاكمل خدمة الاحتياط ضابطا في الجيش . ومن الطريف انه استدعي لاكمال الدكتوراه عام 1941 في مصر ، وقد حصل عليها عام 1946 عن أطروحته الموسومة : ((الفسخ في القانون
والفقه)) عاد الى العراق وعين مدرسا في كلية الحقوق وحصل على الاستاذية وشغل منصب عميد الكلية عدة مرات (1949 ، 1951، 1957،1958) وفي عام 1951 انتدب لاشغال منصب مدير عام الحقوق في مجلس الاعمار ، وبين سنتي 1964 – 1965 عين مستشارا لمجلس التخطيط وعاد بعدها استاذا في كلية الحقوق وظل كذلك حتى سنة 1971 حين احيل على التقاعد لمرضه لكن هذا لم يمنعه من القاء المحاضرات والاشراف على طلبة الدراسات العليا .
من مؤلفاته : ((النظرية العامة للفسخ المقارن)) و((مصادر الالتزام)) و((احكام الالتزام)) 1947 و((النظرية العامة للالتزام)) 1949 و((الاشتراط لمصلحة الاخرين)) 1951 و((عقد البيع)) 1953 ، ((العقود الناقلة للملكية)) 1954 و((الحقوق العينية الاصلية)) 1954 و((اثر العوامل الاقتصادية في العقد)) 1964 و((فلسفة القانون)) 1975 و((المبسوط في مسؤولية المدينة)) بخمسة اجزاء 1990 . وله كتب مترجمة منها : (سياسة الحكم) تاليف أوستن رني بجزاين 1964 – 1966 . هذا فضلا عن دراسات
وابحاث ومقالات اكاديمية عديدة منشورة في مجالات عراقية وعربية . وقال عنه الاستاذ
حميد المطبعي ان الدكتور الذنون (حجة في القانون) . وقد اسهم في تأليف جمعية
المؤلفين والكتاب العراقيين في مطلع الستينات من القرن الماضي، وكانت جمعية علمية
ذات توجه وطني وقومي عربي كان الدكتور الذنون يعتقد بأن (من لا يخلص لوطنه لا يخلص في عمله، ومن لا يخلص في عمله لا يخلص لوطنه ، فالعلاقة بين العمل والوطن ديناميكية اساسية وتنطوي على منظومة من القيم السامية) والدكتور الذنون هو شقيق المربي الفاضل المرحوم الاستاذ يحيى نزهت علي والذي كان في الثلاثينات من القرن الماضي مديرا للمدرسة الخزرجية في الموصل . وفيما يتعلق باسهاماته في رفد المدرسة القانونية العراقية بالكثير من الرؤى والاجتهادات والتفسيرات نقول انه كان يعتقد بوجود ارتباط وثيق بين علمي القانون والاخلاق ، فالمختص بالقانون ينبغي ان يعزز ثقافته الخاصة بثقافة عامة وان على رجل القانون ان يمتلك آراء ومواقف خاصة في عمله ، وان الضرورة تقتضي دراسة الفقه الاسلامي الى جانب القوانين الغربية ولكن لا بد من اعطاء
القوانين العربية خصائصها، وان (قواعد القانون المدني العراقي) لا يمكن فهمها الا من خلال فهم فقه الشريعة الاسلامية وهذه ميزة اساسية له .
كان للاستاذ الدكتور الذنون صلات بعمالقة القانون المدني العربي وفي مقدمتهم الاستاذ المرحوم الدكتور عبد الرزاق السنهوري والذي كان يحب الذنون كأحد أولاده حتى انه اختاره ليعمل معه استاذا في معهد الدراسات العربية العالية التابع لجامعة الدول العربية .
من حق الدكتور الذنون علينا ان نفخر به ونتذكر جهده القانوني واسهاماته الفاعلة في مجال تعميق الثقافة الحقوقية في العراق .
ه