اطلالة على الحياة الثقافية
الحلقة الثانية
احمد الحسو
كيف ولدت لوحة خريطة العراق
للخطاطة المبدعة جنة عدنان احمد عزت
الحلقة الثانية
احمد الحسو
كيف ولدت لوحة خريطة العراق
للخطاطة المبدعة جنة عدنان احمد عزت
في اطلالتي على جوانب من الحياة الثقافية خلال الايام المنصرمة ،لم يأسرني شيء كما أسرني ابداع انامل ابنة الموصل الخطاطة العراقية جنة عدنان احمد عزت ، وهي تقدم لنا خريطة العراق ، مستوحية فيها آية كريمة انطلقت في تكوينها لها من واقع عراقي مرير . كلما تأملت في الخريطة احسست ان خطوطها المتناغمة تصطرخ :
أن يا ايها القوم... إِنَّ حروفي لا تقبل القسمة .
لقد نجحت الخطاطة المبدعة في تجسيد الضمير العراقي في لوحتها هذه وكان اختيارها للقلب فيها ذا نكهة خاصة ، فهي ترمز الى بغداد ؛ حبنا الذي لا ينتهي، وعشقنا الذي لا يقف عند ضفة او شاطئ ..اما اختيار اللون الاحمر لها ، فهو اختيار في محله لانه يعكس واقعَ حزنٍ مُضْنٍ ومُعَمَّقٍ، ولكنه مع ذلك يحمل املا، ويمتلك قدرة ان يتحول يوما ما الى قوس قزح .. والان دعوني اتساءل معكم : ترى كيف ولدت هذه التحفة وهي تحمل كل هذه الدلالات الخالدة ؟ ومن ثم انقل لكم تفصيلات ذلك على لسان الخطاطة البارعة نفسها في جوابها على تساؤل للسيد خليل الجنابي . قالت السيدة جنة :
(عندما اخذت مشورة كل اصدقائي في اعطائي نصوصا لكي ادرسها واختار منها ولهم مني جزيل الشكر وماقصرتم ابدا. وحالما بدأت النصوص تتزايد بدأ عقلي الباطني بالتفكير في صياغة اللوحة (الخريطة).
كان عقلي يتخيل دائما ان تتربع البسملة اعلى الخريطة وهذا بحد ذاته ايحاء لي ان النص يحبذ ان يكون من كلام الله ، مما جعلني اميل اكثر الى ان اختار نصوصا من كلام الله . واستخرت ربي ان يهديني الى الصواب في الاختيار توكلت في بداية الامر ودعيت وصليت واستغفرت كثيرا وطلبت الالهام من الله ، فوجدت نفسي اقول مع نفسي (رب اني مسني الضر وانت ارحم الراحمين) .
بكوني خطاطة منذ زمن بعيد يحصل عندي في كل لوحاتي تفكير باطني قبل مسك قلم الرصاص ،يقوم دماغي بتخيل طريقة كتابتها ومواقع كلماتها داخل الشكل المطلوب (سواء خريطة ام اي شكل كنت قد قررت عمله) .
رسمت اللوحة في دماغي كاملة دون نقص وحفظت في ذاكرتي ،وثاني يوم أمسكت قلم الرصاص ورسمت خريطة العراق أولا ،ثم قامت يدي اليسرى (انا يسراوية الاصل) بترجمة او نقل الصورة التي رسمها عقلي الباطني الى الورق (أي كوبي من الدماغ وبيست الى الورق) او نسخ من الدماغ ولصق على الورق. وفي غضون دقائق اكتملت مسودة الخريطة الاولية ومواقع كلماتها. فهي بدأت في التفكير قبل التنفيذ على الورق. فكان التفكير كما يلي: اتخيل اول كلمة وثاني كلمة (رب اني) انها يجب ان تتربع فوق ،ومن ثم اخر كلمة (الراحمين يجب ان تكون تحت) وحالما تثبت هذه الثلاث كلمات يقوم تفكيري يتوزيع الكلمات الباقية بشكل انسيابي حسب تسلسل القراءة ليكتمل الشكل. وحالما ترجمت الى الورق ،اقوم بعمل تعديلات اكثر دقة . في معظم الاحيان تصادفني صدف رائعة وانا متأكدة انها مساعدة من جنود الله لي لم ارهم ،مثل النقطة الحمراء كان مكانها خال، وانظر اليها ثم اكتشف ان هذا المكان هو مكان بغداد ،قلت لنفسي: يا الهي اشكر واحمدك ، ومن ثم من باب الفضول ذهبت للاطلس لارى مواقع مدينة الموصل والبصرة فوجدت ان نقطة حرب الباء في كلمة ( رب ) انها بالظبط مدينة الموصل !! وان مدينة البصرة ايضا لها مكان . فكرت مرارا ان اضع الموصل والبصرة ايضا ولكني لم افعل وذلك احتراما لبقية المحافظات . فقررت ان اكتفي بنقطة حمراء وهي العاصمة والتي تمثل كل مدن العراق . وقبل ان احبر المسودة الاولية ،ارسلتها الى ابن خالي الشيخ امين ليث الياور وهو أول من اطلع عليها ودمعت عيناه ،سألته عن صحة النص لانه في البداية كان توجد كلمة (قد) رب اني قد مسني الضر ،، فقال لي من الناحية الدينية لاغبار على النص وتوكلي باذنه تعالى وايضا قال لي : يفضل ان تحذفي كلمة قد . وبعدها اخذت مشورة اختي الدكتورة عزة فهي دكتوراه في اللغة العربية وبالاخص لغة القرآن فقالت لي ان ارفع كلمة قد وقالت لي : توكلي. فتوكلت وغيرت وعملت تعديلات وحذفت كلمة قد مما دعا الامر الى ان اعيد صياغتها من جديد وفعلا اعدت صياغتها خلال سويعات ،ومن ثم حبرتها وتركتها لليوم الثاني ،تمعنت بها كثيرا ولم اجد اي تعديل ممكن عمله وقررت ان اتوكل واعمل المبيضة والتي هي بين ايديكم الان
***
صورة جنة مع الخطاط الكبير حامد الأمدي وكان عمرها 16 سنة
حيث كان الأمدي رحمه الله يرقد في خستخانة في اسطنبول وحضيت برؤيته قبل وفاته بأيام وكتب لها اسمها وهو على السرير
*
شكرا للخطاطة البارعة على ما اتحفتنا به مع تمنياتنا لها باطراد التقدم ومزيد العطاء
للاطلاع على مزيد من المعلومات عنها ،انظر المقابلة التالية معها
موقع النور: شخصيات نسائية متفردة - 2 الخطاطة الفنانة المبدعة ( جنة عدنان عزت ) - بقلم د. ناهدة محمد علي
***
حيث كان الأمدي رحمه الله يرقد في خستخانة في اسطنبول وحضيت برؤيته قبل وفاته بأيام وكتب لها اسمها وهو على السرير
*
شكرا للخطاطة البارعة على ما اتحفتنا به مع تمنياتنا لها باطراد التقدم ومزيد العطاء
للاطلاع على مزيد من المعلومات عنها ،انظر المقابلة التالية معها
موقع النور: شخصيات نسائية متفردة - 2 الخطاطة الفنانة المبدعة ( جنة عدنان عزت ) - بقلم د. ناهدة محمد علي
***