مشاهد معاصرة من البيئة العمرانية للمدن العربية
مدينة الموصل مثالا
الدكتور عماد هاني اسماعيل العلاف
مدينة الموصل مثالا
الدكتور عماد هاني اسماعيل العلاف
تتطلب إجراءات عملية تحسين البيئة العمرانية ضمن القطاعات المختلفة والمناطق المأهولة في المدن الحديثة وضع تصاميم وحلول معمارية مناسبة للبيئة الحضرية المتضمنة عادة مجموعة من العناصر المتعددة والمختلفة والمجمعة في وقت ومكان معينين بالتزامن مع فهم واحترام خصائص السياقات الثقافية الاجتماعية لشاغلي المنطقة والسياقات المادية الفيزياوية للبيئة العمرانية. وتؤكد استراتيجيات تصميم العمارة الحضرية على دمج العمل التصميمي مع سياقه العمراني معتمدا على عدد من العناصر والتي تشمل:
• حضور الميدان الحضري، وعلاقة الكتلة والفضاء
• فهم النسيج الحضري وخصائص المباني والمناطق المجاورة
• تصميم الفضاءات الخارجية (Landscape)
• البنية التحتية وشبكة النقل والوصولية إلى الموقع
• تحليل الجوانب الاجتماعية والثقافية والتاريخية للمدينة وغيرها
• مهارة المعماريين والمصممين الحضريين وخلفياتهم الثقافية وخبراتهم السابقة
• حضور الميدان الحضري، وعلاقة الكتلة والفضاء
• فهم النسيج الحضري وخصائص المباني والمناطق المجاورة
• تصميم الفضاءات الخارجية (Landscape)
• البنية التحتية وشبكة النقل والوصولية إلى الموقع
• تحليل الجوانب الاجتماعية والثقافية والتاريخية للمدينة وغيرها
• مهارة المعماريين والمصممين الحضريين وخلفياتهم الثقافية وخبراتهم السابقة
وبالرغم من ذلك، فان عددا من المشاهد الحضرية في النسيج العمراني للكثير من المدن العربية تتضمن مجموعة من التجاوزات البنائية غير المدروسة أو تفتقر إلى المعايير التي تعمل على تحسين صورتها الحضرية والبيئية. ومن خلال تحليل أجزاء كبيرة من هذه المدن يمكن تحديد جملة من المشاهد المتكررة التي يمكن تسليط الضوء عليها لغرض محاولة وضع الحلول لها وتجاوزها. وبتبني مدينة الموصل مثالا، يمكن استعراض مجموعة من هذه المشاهد في السطور التالية:
انعدام الهوية المحلية ضمن النسيج الحضري لأغلب شوارع المدينة... والتجاوزات على الرصيف
انعدام الهوية المحلية ضمن النسيج الحضري لأغلب شوارع المدينة... والتجاوزات على الرصيف
تجاوزات المستخدمين بعناصر إنشائية على المباني تعمل على تشويه الصورة العمرانية للنسيج الحضري
غياب القوانين والتشريعات الملائمة والمتابعة القانونية للجهات المختصة لأعمال البناء
غياب الصورة الحضرية المتناغمة بين المباني فيما بينها والسياق المحيط ....ونشوء التشويه البصري
استخدام مواد إنهاء الواجهات غير الملائمة مع المناخ المحلي ...وعملية التقليد الأعمى
إهمال ضفاف نهر دجلة وخلوه من المشاريع الحضرية وتصاميم الفضاءات الخارجية
التجاوز على الأرصفة من خلال العناصر البنائية كالأرضيات ، والأثاث ومعروضات المتاجر...والتشويه البصري
الاستخدام غير المناسب للفضاءات الحضرية... فمثلا جانب من كورنيش النهر في مركز المدينة يستخدم كموقف للسيارات بدلا من تفعيله كمساحات خضراء مصممة تخدم المجتمع الموصلي
استخدام المواد الهجينة في تغليف الواجهات والمبالغة فيها...وانعدام القوانين والتشريعات الملائمة التي تنظم عملية الإنشاء
اللامبالاة والإهمال وانخفاض مستوى الوعي العام للمجتمع وأثره على المباني
التنافر والتعارض وعدم الانسجام بين العناصر البنائية للنسيج الحضري لغياب القانون والمراقبة
التجاوز على الرصيف.... لانعدام المراقبة وعدم توفر فضاءات البيع المتجول أو المتنقل ...والمجدول ضمن قطاعات خاصة وبأوقات محددة
عدم الانسجام بين المباني لغياب التشريعات والمتابعة...والتشويه البصري جراء لوحات الإعلانات غير المدروسة
استخدام الألوان غير المناسبة وغير المتوافقة في البيئة التراثية والتشويه البصري والتجاوز على هوية المدينة القديمة
مثال على العمل المعماري المناسب وأثره في تحسين المشهد البصري من خلال التوافق بين المبنى وخصائص المكان والمجاورات
مما سبق يمكن القول بضرورة الأخذ بنظر الاعتبار الجوانب التالية:
· التشريعات التخطيطية والقوانين البنائية
تلعب التشريعات التخطيطية والقوانين البنائية دوراً كبيرا في بناء وتطوير المدن الحديثة، وعليه، يستوجب مراجعة كافة القوانين والتشريعات القديمة مع استبعاد أي قانون يؤثر في عملية الحفاظ على مميزات المدينة وهويتها. كما تفتقر مدينة الموصل حالياً إلى الضوابط والقوانين التخطيطية والعمرانية التفصيلية الملائمة مع التكوين الحضري المميز للمدينة بحيث تكون واضحة وملزمة ولتصبح هي الأساس لأي عملية تطويرية مقترحة.
· خصائص الهوية المحلية
ضرورة الاهتمام بإعداد مشاريع متكاملة على مستوى التصميم الحضري للمناطق الجديدة في مدينة الموصل، تراعى فيها القيم الحضارية والسياقية للمدينة وتستبعد ظهور تصاميم هجينة لا تنتمي إلى حضارة وهوية مدينة الموصل المميزة. فيما يمكن تعيين واقع حال المصممين الشباب وحالة الانبهار الملازم لهم لكل جديد نابذين ورائهم كل ما يتعلق بالماضي تحت وطأة حمى اللحاق بالعولمة وما يترتب على هذا من ضياع للهوية المحلية.
· ذاتية المعمار والمخطط
تعتمد معظم المباني المنفذة حالياً في مدينة الموصل إلى حد كبير على ذاتية المصمم أو رغبات المستثمر، مما يفقد المدينة طابعها المميز ووحدة تكوينها الذي يتطلب وجود سيطرة مركزية على هذه التصاميم من قبل دوائر البلدية وبالتعاون مع الجهات الأكاديمية المتخصصة لتعمل على تكامل هذه التصاميم مع المنظور العام للمدينة. مع ضرورة عدم القيام بأية مشاريع ذات طابع حضري تصميمي أو تخطيطي قبل عملية التهيئة لها من خلال دراسات متخصصة ومستفيضة ومن خلال الاستعانة بالملاكات العلمية المهنية والأكاديمية لذوي الاختصاصات والكفاءات والخبرة الطويلة.
· الظروف الأمنية والاقتصادية لمدينة الموصل
كان للوضع الأمني والاقتصادي المتردي والقصور الحاد في أداء البنية التحتية في السنوات السابقة الأثر الأكبر في نتاج المعمار والمصمم الحضري والذي يتطلب تصدي النخبة الراعية وخصوصا الأكاديمية منها للوضع الراهن وإفرازاته السلبية على العمارة العراقية عموماً والموصلية خصوصاً.
· انخفاض مستوى الوعي الجمعي
إن تكرار القيم الوضعية الجديدة لمدينة الموصل وفرضها أو إقحامها على المجتمع أدى إلى إجباره على تقبلها بدون استيعابها مما أدى إلى حدوث فجوة معرفية كبيرة وتكوين مجمعات عمرانية فاقدة لحس الانتماء المكاني ومن الصعب دخولها إلى الذاكرة الجمعية لأهالي المدينة وبالتالي تداعي الهوية المعمارية عموماً. يتطلب هذا الجانب -وكما ذكر سابقا-تشكيل لجنة عليا استشارية من المتخصصين في مجال العمارة تعرض عليها المشاريع التصميمية قبل الشروع في تنفيذها، مع تشديد الرقابة من قبل الجهات المعنية في مدينة الموصل على نتاجات شركات المقاولات والمكاتب الهندسية لتحديد عملية اختيار تصاميم وواجهات المبنى وموادها أو أية أعمال إضافة جديدة عليه، بالإضافة إلى الحاجة إلى مواكبة دور الإعلام في تثقيف المجتمع على أهمية العمارة وميدانها الحضري، كونها انعكاس لفكر وحضارة المجتمع وديمومة قيمه المادية والمعنوية
· الفضاءات الخارجية والعمارة الخضراء
زيادة الاهتمام والتنبه إلى انخفاض مستوى الوعي التخطيطي لأهمية المناطق الخضراء داخل مدينة الموصل وسوء توزيع الفضاءات المفتوحة داخل المدينة والذي أدى إلى حرمان عدد كبير من المحلات السكنية من المساحات الخضراء والتي تعد من الخدمات الأساسية للمدينة، فضلاً عن أن الكثير من الأراضي الزراعية قد تم التجاوز عليها بتغييرها إلى استعمالات أخرى.
المصادر:
د. عماد هاني العلاف و د.محمد منهل عبد الغني الكرجيه، العمارة الحضرية في مدينة الموصل، ورقة بحثية مقدمة في ندوة "مدينة الموصل عمرانا"، أقامتها بلدية الموصل بالتعاون مع قسم الهندسة المعمارية، نقابة المهندسين العراقيين، الموصل ، 2013
للعودة إلى الصفحة الرئيسة