الدكتور المهندس عدنان بشير إبراهيم
في ذمة الله
بقلم: أ.د. محمد زكي محمد خضر
في ذمة الله
بقلم: أ.د. محمد زكي محمد خضر
ليس باليسير أن ينعى المرء أخًا عزيزًا أو صديقًا عرفه من سنوات، لكن أن ينعى المرء صديقًا وفيًا وأخًا مثل أبي عمر ، فذلك أمر عسير. ولقد زاد في حزني سماع نبأ وفاته ،أن أكون في عمان بعيدًا عن وداعه إلى مثواه الأخير.
عرفت أبا عمر منذ نصف قرن حين كنا طلبة في كلية الهندسة بجامعة بغداد ولم أكن أعرفه في الموصل قبل ذلك فقد أنهى دراسته الثانوية في الاعدادية الشرقية بينما كنت في الإعدادية المركزية. عشنا أيامًا سعيدة في دار الطلبة في بغداد ، بل في غرفة واحدة ، فكان نعم الأخ في الوفاء لمن يعرف. وبعد تخرجه التحق بالعمل في كلية الهندسة بجامعة الموصل حيث سبقته بالعمل فيها بضعة أشهر وحين سافرت لدراسة الدكتوراه في جامعة شفيلد ببريطانيا التحق هو أيضا بعد سفري ببضعة أشهر للدراسة في الجامعة نفسها، وعشنا ثلاث سنوات في دار واحدة كان يعيش مع عائلته في الشقة التي في الطابق الثاني وكنت أعيش مع عائلتي في الطابق الأول.
رحمك الله يا أبا عمر ..
لقد عملت جهدك في وقت فراغك من دراستك من خلال العمل في الجمعية الإسلامية في جامعة شفيلد وجمعية الطلبة المسلمين في المملكة المتحدة وايرلندا، وفي إصدار مجلة "الغرباء" التي كانت تصدر عن تلك الجمعية ، وفي تقديم العون للمسلمين في مدينة شفيلد في تدريس أبنائهم، وفي مساعدة الجالية المسلمة من خلال المجلس الإسلامي في شفيلد ... وأذكر لك حادثة في عام 1970 عند انفصال بنغلاديش (التي كانت تدعى باكستان الشرقية) عن باكستان (التي كانت تدعى باكستان الغربية) حصلت مشاحنات شديدة بين أفراد الجالية المسلمة من الجنسيتين ،ووصل الأمر إلى تكفير بعضهم لبعض ،وخصام بعضهم لبعض خصامًا شديدًا ولم يكن هناك من يصلح بينهم سوى العدد القليل من الطلبة العرب المستمسكين بدينهم ،وكان أبو عمر واحدًا منهم فقد وقف موقفًا صلبًا أدعو الله أن يضعه في ميزان حسناته.
وبعد انتهاء دراسته عاد ليلتحق كمدرس في قسم الهندسة المدنية بجامعة الموصل حيث قدم جهدًا مشكورًا في تدريس طلبته لغاية عام 1981 حين نقل ونقلت أنا أيضا مع ثلة من خيرة أساتذة الجامعة إلى جهات أخرى حيث عمل في مشروع ري الجزيرة بالموصل وعملت أنا في المؤسسة العامة للسمنت بالموصل.
وقد أدى واجبه في أي مكان عمل فيه وكان يلقى المديح ممن عمل معه على حسن خلقه وحسن تعامله مع زملائه ومن يعرفه وكان يقضي الوقت الطويل في مساعدة من يعرفه وحتى من لا يعرفه بتقديم المشورة مجانًا في بناء مساكنهم وهو المهندس القدير الناصح.
وبعد عام 1992 وحين غادرت العراق للعمل في الجامعة الأردنية سافر هو للعمل في السودان حيث بذل هناك كل جهد ممكن لمساعدة هذا البلد الشقيق في الانشاءات وفي تعبيد الطرق وغيرها من أعمال الهندسة المدنية. وكنا نلتقي أثناء سفره بين العراق والسودان وفي إحدى السفرات حضر مع ابنته التي كانت تشكو من فشل الكليتين فتبرع لها بكليته وعاشت بعد ذلك سنوات ثم توفيت رحمها الله.
والآن بعد هذه المسيرة الطويلة من الجهد والعمل يفارقنا أبو عمر ..
لقد كان نعم الأخ ونعم الرجل الصالح التقي ..
رحمك الله يا أبا عمر وأحسن مثواك وحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا وأحسن الله عزاء أهله وأولاده وإخوانه وأقربائه وعظم الله أجرهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أ.د. محمد زكي محمد خضر
عمان – الأردن 15/12/2013
للعودة إلى الصفحة الرئيسة
عرفت أبا عمر منذ نصف قرن حين كنا طلبة في كلية الهندسة بجامعة بغداد ولم أكن أعرفه في الموصل قبل ذلك فقد أنهى دراسته الثانوية في الاعدادية الشرقية بينما كنت في الإعدادية المركزية. عشنا أيامًا سعيدة في دار الطلبة في بغداد ، بل في غرفة واحدة ، فكان نعم الأخ في الوفاء لمن يعرف. وبعد تخرجه التحق بالعمل في كلية الهندسة بجامعة الموصل حيث سبقته بالعمل فيها بضعة أشهر وحين سافرت لدراسة الدكتوراه في جامعة شفيلد ببريطانيا التحق هو أيضا بعد سفري ببضعة أشهر للدراسة في الجامعة نفسها، وعشنا ثلاث سنوات في دار واحدة كان يعيش مع عائلته في الشقة التي في الطابق الثاني وكنت أعيش مع عائلتي في الطابق الأول.
رحمك الله يا أبا عمر ..
لقد عملت جهدك في وقت فراغك من دراستك من خلال العمل في الجمعية الإسلامية في جامعة شفيلد وجمعية الطلبة المسلمين في المملكة المتحدة وايرلندا، وفي إصدار مجلة "الغرباء" التي كانت تصدر عن تلك الجمعية ، وفي تقديم العون للمسلمين في مدينة شفيلد في تدريس أبنائهم، وفي مساعدة الجالية المسلمة من خلال المجلس الإسلامي في شفيلد ... وأذكر لك حادثة في عام 1970 عند انفصال بنغلاديش (التي كانت تدعى باكستان الشرقية) عن باكستان (التي كانت تدعى باكستان الغربية) حصلت مشاحنات شديدة بين أفراد الجالية المسلمة من الجنسيتين ،ووصل الأمر إلى تكفير بعضهم لبعض ،وخصام بعضهم لبعض خصامًا شديدًا ولم يكن هناك من يصلح بينهم سوى العدد القليل من الطلبة العرب المستمسكين بدينهم ،وكان أبو عمر واحدًا منهم فقد وقف موقفًا صلبًا أدعو الله أن يضعه في ميزان حسناته.
وبعد انتهاء دراسته عاد ليلتحق كمدرس في قسم الهندسة المدنية بجامعة الموصل حيث قدم جهدًا مشكورًا في تدريس طلبته لغاية عام 1981 حين نقل ونقلت أنا أيضا مع ثلة من خيرة أساتذة الجامعة إلى جهات أخرى حيث عمل في مشروع ري الجزيرة بالموصل وعملت أنا في المؤسسة العامة للسمنت بالموصل.
وقد أدى واجبه في أي مكان عمل فيه وكان يلقى المديح ممن عمل معه على حسن خلقه وحسن تعامله مع زملائه ومن يعرفه وكان يقضي الوقت الطويل في مساعدة من يعرفه وحتى من لا يعرفه بتقديم المشورة مجانًا في بناء مساكنهم وهو المهندس القدير الناصح.
وبعد عام 1992 وحين غادرت العراق للعمل في الجامعة الأردنية سافر هو للعمل في السودان حيث بذل هناك كل جهد ممكن لمساعدة هذا البلد الشقيق في الانشاءات وفي تعبيد الطرق وغيرها من أعمال الهندسة المدنية. وكنا نلتقي أثناء سفره بين العراق والسودان وفي إحدى السفرات حضر مع ابنته التي كانت تشكو من فشل الكليتين فتبرع لها بكليته وعاشت بعد ذلك سنوات ثم توفيت رحمها الله.
والآن بعد هذه المسيرة الطويلة من الجهد والعمل يفارقنا أبو عمر ..
لقد كان نعم الأخ ونعم الرجل الصالح التقي ..
رحمك الله يا أبا عمر وأحسن مثواك وحشرك مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحَسُنَ أولئك رفيقًا وأحسن الله عزاء أهله وأولاده وإخوانه وأقربائه وعظم الله أجرهم، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
أ.د. محمد زكي محمد خضر
عمان – الأردن 15/12/2013
للعودة إلى الصفحة الرئيسة