هذا...او الطوفان
بقلم : المحرر الاعلامي - بيت الموصل
لو اردنا ان نؤدي واجب الشكر لأحد في المشهد العراقي عبر السنوات العجاف قبيل سنة 2003 م وبعدها حتى يومنا هذا ، لكان ذلك الأحد هو الشعب.
ان عملية احصائية بسيطة لما نشرته المؤسسات وقاله المفكرون والكتاب والشعراء وما صدحت به صفحات التواصل الاجتماعي تضعنا امام غالبية عراقية تطمح الى حياة حرة كريمة في ظل دولة مدنية يتساوى في منظورها الجميع كمواطنين عراقيين يتمتعون بحقوق مساواة مطلقة في الشأن العام امام قانون عادل يشرف عليه حكام و قضاة سيمتهم النزاهة وغايتهم العدل بين الناس لضمان الحرية الدينية والاجتماعية والتاريخية لكل فئة و جماعة في ممارسة شعائرها و تقاليدها باسلوب لا يثير او يؤذي فئة اخرى.
ان تحقيق هذه الاهداف يتطلب نضوجا ثقافيا وادراكا انسانيا عميقا بضرورة احترام الآخر و تفهم الحاجة الماسة للتسامح والتعاطف بين الافراد والجماعات الاساسية في المجتمع العراقي. أن محاولة تطبيق الاساليب الديمقراطية المبنية على حكم الاغلبية تحتاج الى مرحلة تحضيرية او انتقالية لتشخيص العلات والمصاعب المتأصلة في واقع المجتمع و عقول ابنائه والعمل على معالجتها شيئا فشيئا بالتركيز على برامج توعية ثقافية تبث بين ابناء الشعب مفاهيم التسامح و التعايش السلمي المتبادل و المبني على اسس انسانية بعيدة عن التعصب و التشنج و الطائفية المقيتة.
أن ما نعيشه اليوم من شتات و تفكك اجتماعي و مدني ما هو الا النتيجة المحتومة لعدم تمكننا من بناء هيكل الحُكم النزيه و المسؤول لايصال العراق الى شاطئ النجاة عبر مراحل تدريجية و باسلوب علمي واضح.
الطريق الى هذا الشاطئ طويل و شاق وهو لا يلتقي مع قيام قلة من الناس ركبت موجة الطائفية المقيتة وامتطت نهج الانتقام التاريخي وتعالت على غيرها من ابناء جلدتها في كل انحاء العراق ؛ جنوبا وشمالا ، شرقا وغربا، بالأستئثار بالحكم وتسليم مقاليد البلد للغرباء
ونهب ثرواته وإِفقار ابنائه.
في ظل حكم كهذا اغتيل علماء العراق ،وفي ظله عَمَّتْ الجهالة وعلا شأن الشهادات المزيفة وتَحَكَّمَ في رقاب الناس من لا يملك كفاءة ولا نهجا ولا رؤية واضحة تشمل المكونات الوطنية بأجمعها على حد سواء.
الشعب في غالبيته العظمى بكل الشرائح القومية والإِثنية والدينية والمذهبية التي وضعت في غير موضعها وأُثير بعضها على بعض، يتطلع الى حياة آمنة سالمة متفائلة بما سيأتي ليعيش حياة سعيدة على ارض تزدهر يوما بعد يوم تجسد بحق مفهوم الانتماء لوطن يعيش في قلوب تحرص على عزِّه الدائم ووحدته الشاملة.
الشعب الطيب بربيعيه ونهريه ، وبقِمَّتِهِ عند زاخو، وبملتقاه عند القرنة ،وبتناغمه شمالا وجنوبا ، شرقا وغربا، وبصرخاته في النجف والموصل والفلوجة والبصرة وكردستان، وفي كل مدينة وقرية في العراق يستنكر السلوك الطائفي المقيت وهدر كرامة العراق وجيشه العظيم. انه الشعب الصابر المبتلى ، وهو وحده من يجب ان يوجه اليه الشكر وهو من يجب ان يصغى اليه ويستمع الى صوته في ان يعيش حريته وكرامته وانسانيته دونما تفريق وتمييز ودونما ظلم وطغيان.
ان الطائفية لا توفر كرامة، ولا تطعم جائعا ،ولا تخلق مواطنا.
انها حركة معاكسة لحركة التاريخ.
****
ترى هل يستطيع من هو ممسك بعجلة الحكم
من طرفها الاعوج في كثير من الاحيان ، ان يعتذر للشعب ويعترف بالآخر ويصلح المسار في وقت بلغت فيه القلوبُ الحناجرَ و السَيْلُ الزُبَى...
ايها القوم ..
سجلوا لانفسكم موقفا واحدا تحمدون عليه، عليكم بلم الشمل وجمع الكلمة .. و لن تفعلوا هذا الا بالاعتراف بالأخطاء اولا والعمل على تصحيحها بوضع العدالة النزيهة في قلوبكم و الاخلاص الحقيقي للعراق .. هذا الوطن الذي يشكو الى الله آلام اهله وويلاتٍ زرعت الفتنة و الشقاق في صفوفه.
فهذا... او الطوفان
*
عودة الى الصفحة الرئيسة