قصة سَعْدْ
لوحة سوداء في تاريخ الطغاة
بقلم : احمد عبد الله الحسو
لوحة سوداء في تاريخ الطغاة
بقلم : احمد عبد الله الحسو
في يوم غزير المطر من شهر شباط او قُبَيْلَهُ من سنة 1991 ،اطلقت طائرة الشبح جام غضبها على الاحياء السكنية، وكاد ملجأ دارنا في حي الكفاءات الاولى بمدينة الموصل ان يتطاير بمن فيه ... هرعت مسرعا للاطمئنان على من حولنا من البيوت، فاذا طفل في العاشرة من العمر يسألني عن صيدلية قريبة لشراء دواء لأخيه الصغير، ثم مضى عل عُجَالة لعله يجد ضالته في تلك الأَجواء المكفهرة .. واخذت انا اسير ادراجي نحو حَي قريب هو حي الكفاءات الثانية ، وعندها امتلات السماء رعودا، وانهمرت طائرات اخرى للغزاة من كل جانب لترمي اثقالها وتزرع حقدها ، ولم تلبث ان غابت، بيد انها تركت بعضا من بيوت الحي ركاما .. تقدمت فاذا انا امام بيت سُوّيَ مع الارض ...لم يبق منه الا عمود واحد كأنه شاهد على ظلم الانسان للانسان ..كان الناس حول الركام تأكلهم احزانهم ، وكانت السماء تشاركهم فتنهمر مطرا رتيبا ثقيلا قاتما ..قال احدهم : لقد اخرج طفل رضيع اشلاء من بين الانقاض .
مع هذا الموقف الرهيب شغلني حزنان ، حزن على آمال غُيِّبَت كانت تحلم بكل ما يحلم به، و فيه ،خلق الله في هذا العالم من عيش آمن مسالم ، وحزن لست قادرا على وصفه عندما رأيت نفسي وجها لوجه قُبَالَة الطفل ذي السنوات العشر الذي اشرت اليه في اول كلمتي هذه ، وهو يحمل الدواء يَغُذُّ السيرللوصول الى اخيه الرضيع دون ان يعلم انه لن يجده ابدا، فهو وكل الاسرة وغرف الدار غدوا مجرد اشلاء وركام.
ظل هذا الحدث يرافقني ويذكرني بكل كهوف الموت التي زرعها طغاة هذا العالم
في ارضنا الطيبة..
صار الطفل الرضيع الذي اسميته : سعد جزءا من ذاكرتي، ورمزا لكل طفل غادر
أو سيغادر الحياة قبل اوانه ...
سعد اخذ زاوية حزينة في دفتر مذكراتي التي جاء فيها :
***********
يا ايها الغضب المنهمر من كل صوب
على رِسْلِك ...
لقد نُسف بيت جاري...
تمزق الطفل الرضيع
تمزق سعد اشلاءً
أخرجوه من بين الانقاض إربا إربا
لم يفرقوا بين اجزاء جسده الغض
لقد اختلطت بالسواعد التي كانت تحمله
تناثرت هي الاخرى
لم يبق من البيت الا واحد من اعمدته
ركام ودخان
ومطر غزير
وصفارة انذار
ولافتة تنعي سبعة
ممن كانوا قبل لحظات يحيون
كما يحيا كثيرون في هذا العالم الرحب الوسيع في سلم وامان
كثيرون هم الذين انتزع الرصاص ارواحهم من قبل ومن بعد
كان موت سعد ـ كما هم ـ يتفجر تساؤلا
لماذا؟
لماذا يموت الناس؟
وكنت انا اغرق في تساؤلاتي
لم اجد جوابا
بل لقد وجدته
طائرات العدوان تمعن في حصد المارة في شوارع المدينة
الناس يركضون ...
يختبئون ...
ويسقطون ...
اما انا فقد واصلت طريقي وانا اردد:
يا قاتلا ضحكات سعد
نكون اولا نكون
وجودنا هو العراق
وجودنا هو العراق
***
عودة الى الصفحة الرئيسة
مع هذا الموقف الرهيب شغلني حزنان ، حزن على آمال غُيِّبَت كانت تحلم بكل ما يحلم به، و فيه ،خلق الله في هذا العالم من عيش آمن مسالم ، وحزن لست قادرا على وصفه عندما رأيت نفسي وجها لوجه قُبَالَة الطفل ذي السنوات العشر الذي اشرت اليه في اول كلمتي هذه ، وهو يحمل الدواء يَغُذُّ السيرللوصول الى اخيه الرضيع دون ان يعلم انه لن يجده ابدا، فهو وكل الاسرة وغرف الدار غدوا مجرد اشلاء وركام.
ظل هذا الحدث يرافقني ويذكرني بكل كهوف الموت التي زرعها طغاة هذا العالم
في ارضنا الطيبة..
صار الطفل الرضيع الذي اسميته : سعد جزءا من ذاكرتي، ورمزا لكل طفل غادر
أو سيغادر الحياة قبل اوانه ...
سعد اخذ زاوية حزينة في دفتر مذكراتي التي جاء فيها :
***********
يا ايها الغضب المنهمر من كل صوب
على رِسْلِك ...
لقد نُسف بيت جاري...
تمزق الطفل الرضيع
تمزق سعد اشلاءً
أخرجوه من بين الانقاض إربا إربا
لم يفرقوا بين اجزاء جسده الغض
لقد اختلطت بالسواعد التي كانت تحمله
تناثرت هي الاخرى
لم يبق من البيت الا واحد من اعمدته
ركام ودخان
ومطر غزير
وصفارة انذار
ولافتة تنعي سبعة
ممن كانوا قبل لحظات يحيون
كما يحيا كثيرون في هذا العالم الرحب الوسيع في سلم وامان
كثيرون هم الذين انتزع الرصاص ارواحهم من قبل ومن بعد
كان موت سعد ـ كما هم ـ يتفجر تساؤلا
لماذا؟
لماذا يموت الناس؟
وكنت انا اغرق في تساؤلاتي
لم اجد جوابا
بل لقد وجدته
طائرات العدوان تمعن في حصد المارة في شوارع المدينة
الناس يركضون ...
يختبئون ...
ويسقطون ...
اما انا فقد واصلت طريقي وانا اردد:
يا قاتلا ضحكات سعد
نكون اولا نكون
وجودنا هو العراق
وجودنا هو العراق
***
عودة الى الصفحة الرئيسة