كاظم فنجان الحمامي
من المفارقات التاريخية العجيبة أن اليونان باشرت بحفر قناة كورنث الملاحية في العام الذي فكرنا فيه بحفر قناة الروكا في مدخل شط العرب, وفي العام الذي فكرنا فيه بتوسيع الممر الملاحي لخور عبد الله. وأن اليونان باشرت عام 1981 بحفر قناتها الملاحية المستقيمة بين الصخور, وكانت بطول (6.4) كيلومتراً, وعرض (21.3) متراً, وعمق ثمانية أمتار, في ممر ضيق تحتجزه جدران ملساء بارتفاع (90) متراً, في حين حفرنا نحن قناة الروكا بطول (59) كيلومتراُ تقريباً, وعرض (200) متراً, وعمق عشرة أمتار, في ممر متعرج يشق طريقه وسط الكثبان الرملية المتراكمة في منطقة المصب, وحفرنا ممرنا الملاحي الآخر في خور عبد الله بطول (111) كيلومتراً, وعرض (400) متراً, وعمق (12) متراً.
لقد اكتملت عمليات الحفر في اليونان عام 1893, لكنها لم تكتمل عندنا حتى يومنا هذا, فالترسبات الطينية هنا لا تنتهي, ولا تنقطع, ولا تتوقف . ورفعت اليونان كميات من الصخور تقدر بعشرات الآلاف من الأمتار المكعبة, بينما رفعنا نحن مئات المليارات من الأمتار المكعبة, وبلغت تكاليف الممر اليونان (30) مليون فرنك فقط, بينما بلغت تكاليف الممرات الملاحية العراقية بلايين الدولارات, ولا توجد لدينا إحصائية موثقة عن حجم الأموال الهائلة المصروفة على عمليات الحفر والتعميق والتوسيع والتهذيب, وخير مثال على ذلك أننا اشترينا في العام الماضي ثلاث سفن من سفن الحفر, هي: (أم قصر), و(دهوك), و(كربلاء) بمبالغ أجمالية تقدر بنحو (155) مليون دولار, وهي من أكفأ وأحدث السفن, ناهيك عن أسطولنا الكبير, الذي يضم عشرات السفن المتخصصة بالحفر البحري.
للعودة إلى الصفحة الرئيسة