الأستاذ غانم العـنّـاز
شاعـر ومؤلف وخـبـيـر نـفـط
بقلم الدكتور فاضل علي القاضلي
السيرة الذاتية:ـ
يعتبر الاستاذ غانم عبد خليل العناز من الاعلام الذين ابدعو في مجالي الهندسة والادب.ـ
فهو صديق عمري المولود في محلة المشاهدة في مدينة الموصل سنة 1937.ـ
تعود صداقتنا الى الطفولة في مدرسة الحدباء الابتدائية في أوائل أربعينيات القرن الماضي الواقعة في اقصى الجهة الغربية من المدينة باتجاه باب سنجار لتستمر الى هذا اليوم.ـ
أنتقلنا بعد انهائنا الدراسة الابتدائية الى مدرسة المتوسطة الغربية الواقعة في منطقة باب سنجار ومنها الى الاعدادية الواقعة في وسط المدينة حيث كنا نجلس في نفس الصف خلال تلك الفترة.ـ
جلسنا لأداء الامتحان الوزاري للبكلوريا في صيف 1954 لنكون من الاوائل بحصولنا على درجات عالية اهلتنا للحصول على مقاعد في بعثة النفط لدراسة الهندسة المدنية.ـ
سافرنا بعدها على نفس الطائرة الى بيروت ومنها الى لندن في اواخر صيف 1954 لنفترق بعدها لأول مرة للحصول على الشهادة البريطانية العامة في سنة 1956. التحق غانم بعدها بجامعة شفيلد والتحقت انا بجامعة ليفربول لنحصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة المدنية سنة 1959 . لقد كنا على اتصال دائم خلال فترة دراستنا في بريطانيا تتخللها لقاءات بين الحين والآخر.ـ
رجعنا الى العراق في خريف 1959 ليلتحق غانم بشركة نفط الموصل في عين زالة ليقضي هناك فترة قصيرة قبل ان يلتحق بعدها بكلية الضباط الاحتياط في ربيع 1960. وتشاء الاقدار ان نلتقي من جديد في كلية الضباط الاحتياط لنتخرج برتبة ملازم ثاني احتياط في 14 تموز 1960. وهنا يحالفنا الحظ مرة اخرى لنلتقى معا حيث نسبنا للعمل في مديرية الاشغال العسكرية العامة في مقرها بوزارة الدفاع اولا ثم نقلنا الى الكلية العسكرية في الرستمية كمدرسين حيث كان غانم يدرس الرياضيات وكنت ادرس اللغة الانكليزية والفيزياء للصفوف المستجدة والمتوسطة والمنتهية لنرى طلبتنا فيما بعد يحملون رتبهم العالية في الجيش العراقي بفخر واعتزاز.ـ
انتهت امتحانات الكلية العسكرية في تموز 1961 ليعود غانم بعدها الى مجال عمله ويلتحق بشركة نفط العراق في كركوك والتحقت انا بمصفى الدورة في بغداد لنفترق من جديد.ـ
********************
خبـيـر الـنـفـط:ـ
عمل غانم خلال السنوات الثلاث الاولى في مجال اعمال الهندسة المدنية ليلتحق بعدها في سنة 1964 بدائرة هندسة التصاميم. لقد كان معظم المهندسين العاملين في الشركة في تلك الفترة من الاجانب وكانت وزارة النفط قد تبنت سياسة التعريق لاستبدالهم بمهندسين عراقين خصوصا خريجي بعثات الوزارة وذلك حسب برنامج زمني محدد.ـ
يقول الاستاذ غانم في كتابه (العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين) لقد كان من واجبات هندسة التصاميم في كركوك اعداد التصاميم والخرائط اللازمة لمشاريع الشركة المحلية والصغيرة نسبيا. أما التصاميم والخرائط للمشاريع العملاقة فقد كانت تعد في مركز الشركة في لندن وترسل نسخا منها الى دائرة هندسة التصاميم في كركوك للاطلاع عليها والتنسيق مع مركز الشركة في لندن لمتابعة تنفيذها.ـ
لقد تمكن خلال السنوات القصيرة من عمله في هذه الدائرة من اكتساب خبرة واسعة ومتنوعة ليس فقط في مجال اعماال الهندسة المدنية وحسب بل ليكتسب خبرة مماثلة في اعمال الهندسة الميكانيكية والكهربائية ومد انابيب النفط والغاز ومعالجة النفط وتركيزه الى غير ذلك من الاعمال الهندسية في كافة مناطق ومنشآت الشركة الواسعة من محطات عزل الغاز ومجمع تركيز النفط وخزانات تصدير النفط العملاقة اضافة الى محطات ضخ النفط وكبس الغازالرئيسية لغاية الحدود السورية وبكل ما يتعلق بالاعمال الهندسية لانتاج ومعالجة وتصدير النفط والغاز.ـ
تدرج خلال هذه الفترة من مهندس الى رئيس مهندسين ليستلم مهام رئآسة الدائرة في سنة 1969 بعد فترة قصيرة نسبيا لا تتجاوز الخمس سنوات بدلا من رئيسها البريطاني الجنسية ليستمر في منصبه ذلك الى ما بعد تأميم شركة نفط العراق في 1 حزيران 1972.ـ
لقد كانت الطاقة الانتاجية لشركة نفط العراق وقت التأميم تقدر بمليون برميل من النفط الخام يوميا. وفي سنة 1974 تقرر رفع تلك الطاقة بمعدل 200,000 برميل باليوم لغاية 1,2 مليون برميل باليوم. وبالنظر لعدم وجود دائرة مشاريع في الشركة لتقوم بهذه المهمة فقد تقرر انشاء دائرة جديدة للمشاريع وعين غانم رئيسا لها مع نخبة من خيرة مهندسي الشركة لمساعدته في تنفيذ المشروع.
ما ان تم تنفيذ ذلك المشروع بنجاح في سنة 1975 حتئ تقرر رفع الطاقة الانتاجية لحقول كركوك مرة ثانية بمعدل 200,000 برميل باليوم اضافية لتبلغ 1,4 مليون برمل باليوم وعهدت مهام التنفيذ الى دائرة المشاريع برآسة غانم بمساعدة النخبة من المهندسين.
لقد كان ذلك المشروع عملاقا بكل معنى الكلمة حيث اشتمل على انشاء محطتين جديدتين لعزل الغاز، معمل تركيز للنفط بطاقة مليون برميل باليوم، محطة لكبس الغاز، محطة لضخ النفط، مد مئآت الكيلومترات من الانابيب باقطار مختلفة يصل بعضها الى متر، انشاء العديد من الخزانات باحجام مختلفة وما يتبع ذلك من الاعمال الكهربائية والميكانيكية المختلفة الاخرى. انجز المشروع في الموعد المحدد في سنة 1979 وبكلفة تقارب المليار دولاربموجب الاسعار السائدة في حينه والذي تقدر كلفته باضعاف ذلك بالأسعار السائدة في الوقت الحاضر.ـ
ما ان عاد غانم بعد ذلك الى دائرة هندسة التصاميم حتى عهدت اليه فور بداية الحرب العراقية الايرانية في سنة 1980 مهام حماية المنشآت النفطية بالتنسيق مع الجيش، القوة الجوية، الشرطة ومحطات الاطفاء الخاصة بالشركة ومدينة كركوك اضافة الى اعبائه كرئيس لدائرة هندسة التصاميم.ـ
ترك العراق في عام 1984 الى بريطانيا ليذهب بعدها الى الامارات العربية المتحدة في منتصف عام 1985 ليلتحق بعدها بشركة الشارقة للتسييل الغاز(شالكو) كمديرها الفني في بداية كانون الثاني 1986. فقد كانت شركة (اموكو) الامريكية قد اكتشفت حقل الصجعة الغازي في امارة الشارقة وما ان بدأت بالانتاج الا وتقرر على اثر ذلك تشكيل شركة اخرى لاستخلاص وتسييل غازي البروبان والبيتان اضافة الى بقية السوائل البترولية الاخرى بهدف تصديرها. تتكون منشآت شالكو من مصنع لتسييل الغاز بطاقة قدرها 440 مليون قدم مكعب باليوم من الغازات اضافة الى مرفأ للتصدير. كانت الاعمال الانشائية عند التحاقه بشالكو قد وصلت الى مراحل متقدمة وتم اكمال المشروع وتشغيله بنجاح في شهر تموز من ذلك العام.ـ
عين غانم على اثر ذلك سكرتيرا لمجلس ادارة الشركة ليطلع ويساهم في ادارتها على اعلى المستويات ليكتسب خبرات اضافية.ـ
وبناء على نجاح الشركة فقد تقرر في عام 1993 زيادة طاقتها الانتاجية بنسبة 70 % الى 750 مليون قدم مكعب باليوم ليتم انجاز المشروع بنجاح في عام 1994.
استمر غانم بالعمل في شالكو لمدة تزيد على 21 عاما ليترك العمل في سنة 2007 ويتفرغ للتأليف.
********************
المـؤلـف:ــ
يقول في كتابه (العراق وصناعة النفط والغاز في القرن العشرين) الصادر بالغة الانكليزية عن دار نشر جامعة نوتنكهام البريطانية في شهر ايار 2012 بأن العديد من اصدقائه العاملين في كافة مجالات الصناعة النفطية في كافة انحاء العراق قد حصلوا على خبرات كبيرة مشابهة لخبرته , كل في مجال اختصاصه , مما ساعد على ازدهار الصناعة النفطية خلال فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي. الا انه بالرغم من ان واردات النفط الهائلة الناتجة عن ذالك الازدهار والتي كانت تمثل شريان الحياة الرئيسي بالنسبة للعراق فان العاملين في تلك الصناعة قدهمشوا بسبب الثورات والانقلابات وعدم الاستقرار السياسي من قبل السياسين المغامرين ذوي الخبرات المحدودة.ـ
قد بدت الحاجة واضحة وملحة للاعتراف بالجهود الكبيرة والمخلصة التي بذلت من قبل العاملين في تلك الصناعة وعلى كافة المستويات الا ان الفرصة لم تسنح الا مؤخرا حيث قرر تأليف كتابه بتشجيع ومساعدة العديد من اصدقائه من خبراء النفط المخضرمين ليعيد الاعتبار والتقدير الى تلك النخبة التي ازدهرت على ايديها صناعة النفط والغاز في العراق.ـ
ملاحظة : بالامكان الاطلاع على ديوانه ومقالاته الاخرى على مواقع الانترنت التالية :ـ
موقع غانم العناز
موقع تراث الموصل
للعودة الى الصفحة الرئيسة